الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الصراع الطبقي ومخبأ الحرية/ بقلم: أحمد زكارنة

2016-11-08 09:33:45 AM
الصراع الطبقي ومخبأ الحرية/ بقلم: أحمد زكارنة
أحمد زكارنة

 

تقول الحكمة: "كل عثرة تزيد الإنسان فطنة"، ولكن السؤال الأبرز هو: أين نحن من الفطنة وقد مررنا بالكثير من العثرات؟ سؤال يبدو إشكاليًّا في ظل الصراع الطبقي الذي بات يحكم العلاقة بين أفراد المجتمع الفلسطيني بعضه البعض من جهة، وبينه بوصفة الشريحة الأوسع، والحديث هنا عن الطبقة الوسطى، والقيادة السياسية بوصفها النخبة المتحكمة في كافة القضايا الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية من جهة أخرى.

 

هذا الصراع الذي لم يكن وليد الصدفة، كما أنه ليس وليد الحاضر بكل تداعياته، اتسعت دائرة مواجهاته مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، لتتسع معه مفاهيم التمايز في الهوية الاجتماعية والاقتصادية تحديداً، حيث ذهب بعيداً ليشمل كافة شرائح المجتمع في حلبة صراع خلق حالة من حالات الخواء الثقافي أحياناً، والنفاق الاجتماعي والسياسي أحياناً أخرى.

 

وبمعزل عن الصراع الحزبي الدائر طوال الوقت، فإن هذا الصراع المحتدم على غير هدى، وبمساهمة فاعلة من المستفيدين، شوه صورة المجتمع وتاريخه النضالي، فبات تسليع العمل الوطني، عاملا أساسيًّا في مواجهات هذه الطبقة المستفيدة مع الطبقات الوسطى التي من المفترض أن تكون عامل التوازن الأساسيّ لأي مجتمع يبحث عن البناء والاستقرار.

 

هذه العبثية أدت بشكل واضح ومباشر إلى تراجع ملحوظ في تأثير الطبقة الوسطى على الحياة السياسية والاجتماعية، مما أدى إلى شكل من أشكال التباس الأولويات، بين أولوية فردية أو أسرية، وأخرى مجتمعية وطنية.

 

كل ذلك لا يلغي ضرورة المراجعة الفكرية والسياسية التي تتحكم في هذه البلاد، ليس فقط لإحداث حالة من التوزان بين الطبقات المتصارعة، ولكن أيضا للحفاظ على مكتسبات العملية السياسية، إن صحت تسمية "المؤسسات الاجتماعية، الصحة والتعليم والزراعة وغيرها" مكتسبات تحققت بفعل قيام السلطة الوطنية على الجزء المتاح من الأرض الفلسطينية بحسب الاتفاقيات الموقعة مع المحتل.

 

هذا المحتل الذي ساهم بشكل مباشر في مثل هذه الفوضى، كان معنيًّا وما زال في إضعاف الحالة الفلسطينية الداخلية، عبر إثارة المشاكل هنا وهناك لتعويم الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وخاصة في موضوعي القدس واللاجئين.

 

الأمر يبدو معقدًا إلى حد بعيد، ولكنه ليس مستحيلًا بأيّة حال من الأحوال، تحديدًا ونحن نشهد عثرات المحيط الإقليمي على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدرجات متفاوتة ونتائج واحدة، ما يفرض على القوى السياسية، وبمنأى عن طبيعة صراعاتها الحزبية، أن تثبت لنفسها ولقواعدها أولاً مدى صلاحية استمرارها في العمل الوطني، ولكي يصبح القول أكثر وضوحًا: على كلّ هذه القوى أن ترى فلسطين أولًا وثانيًا وعاشرًا، قبل أن تنظر إلى مصالحها الحزبية الضيقة وارتباطاتها الإقليمية والدولية، في سياق ضرورة الخروج من صيغ الاستقطاب المقيتة لصالح الصيغ الوطنية الوحدوية في اتجاه محاولاتنا المستمرة والدؤوبة للبحث عن مخبأ الحرية التائهين عن طريقه حتى اللحظة.