الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 75| هل انتهى مؤتمر حركة فتح السابع بمبايعة الرئيس من اللحظة الأولى؟!

2016-12-06 08:37:18 AM
العدد 75| هل انتهى مؤتمر حركة فتح السابع بمبايعة الرئيس من اللحظة الأولى؟!
الرئيس محمود عباس أثناء المشاركة في مؤتمر فتح السابع

 

شدد على أهمية إنجاز برنامج البناء الوطني وعقد المجلس الوطني خلال فترة ثلاثة أشهر والتصدي للانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية

انتهاكات كبيرة وعديدة تمس بالشرعية وتنتقص منها لكن لا يمكن إسقاط الشرعية تماما عنهم

الانتخابات ليست المدخل للمصالحة وإذا تمت بدون إنهاء الانقسام سيحدث مثلما حدث في عام 2006 ولربما أسوأ

الكشف عن مخطط للرباعية العربية يقضي أولا بإدخال دحلان إلى فتح

وثانيا يقوم دحلان بانقلاب ناعم على أبو مازن

 وثالثا إسقاط حماس في قطاع غزة

 

الحدث/خاص:

يختلف المراقبون ممثلو القوى والأحزاب الوطنية والخبراء والمحللين السياسيين حول صحة وسلامة الإجراءات الإدارية والتنظيمية للمؤتمر السابع لحركة (فتح) وما سبقها وتلاها من مواقف وقرارات وتحالفات وكولسات قد تكون مست الكثير من مواد النظام الداخلي لحرمة فتح، وخاصة فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية، وتراتبية جداول أعمال المؤتمر وفق الأصول فمنهم من اعتبرها خروجا على أسس ومبادىء العملية الديمقراطية، ومنهم من أكد على نزاهتها وشفافيتها وعدالتها، وبعضهم اعتبرها عرسا وطنيا غير مسبوق، والبعض آثر الصمت ورفض التعليق.

 

وفي كل الأحوال فإن المؤتمر السابع لحركة فتح أفرز قيادة فتحاوية جديدة راعى فيها تغذية عضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري بالقيادات الشابة، وحفظ التوازنات بما يرضي مراكز القوى وأقطابها داخل صفوف الحركة.

 

أهم قرارات المؤتمر

ومع أن المؤتمر شدد على أهمية إنجاز برنامج البناء الوطني المرتكز على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة المشروعة من أجل إنهاء الاحتلال، وتقرير مصيره، وممارسة سيادته على أرضه في دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

 

فإننا نلحظ تراجعه عن حق العودة اللاجئين الفلسطينيين، واستبدالها بالتعبير (ويحقق حلا عادلا ومتفقا عليه لقضية اللاجئين)، والتي جاءت بهذا النص (وأكد المؤتمر استراتيجية "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية في توسيع قنوات الحوار والتواصل مع مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي، بما يخدم مشروعنا للتحرر الوطني، ويعزز فرص تحقيق السلام العادل المستند إلى الشرعية الدولية، ويحقق حلا عادلا ومتفقا عليه لقضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194 وكما ورد في مبادرة السلام العربية).

 

وأكد المؤتمر، في بيانه الختامي الذي تلاه الناطق باسم المؤتمر محمود أبو الهيجا، على وجوب عقد المجلس الوطني الفلسطيني خلال فترة ثلاثة أشهر، من أجل تفعيل دوائر منظمة التحرير الفلسطينية، والحفاظ عليها كبيت سياسي ومعنوي لأبناء الشعب الفلسطيني كافة في الوطن والشتات.

 

وأكد أيضا على ضرورة التصدي للانقسام البغيض وإنهائه؛ لإنجاز المصالحة الوطنية، وبهدف تعزيز الوحدة الوطنية. وشدد على أنه لا دولة دون غزة، وضرورة مواصلة حشد الدعم العربي والدولي لتمكين حكومة الوفاق الوطني من استكمال برامج إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في حروبه العدوانية على قطاع غزة.

 

وجدد المؤتمر، التزامه بمبادئ العمل السياسية على الصعيد العربي، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، مع الرفض الحازم والصارم لأي تدخل في شؤوننا الداخلية، والتأكيد على الحفاظ على قرارنا الوطني المستقل.

 

شفافية وديمقراطية في العملية الانتخابية

وبينما يعتقد الدكتور واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن المؤتمر اتسم بالشفافية والديمقراطية في العملية الانتخابية التي جرت، وما أفرزته من قيادة جديدة سواء على صعيد اللجنة المركزية أو المجلس الثوري لحركة فتح، مؤكدا التزامه بالعملية الديمقراطية، وبشفافية عملية الانتخابات التي جرت، وبالتالي فإنه يقول: "دائما الاحتكام إلى صندوق الانتخاب هو فيصل العملية الانتخابية في الإشكالات، أو الخلافات، أو من سيتبوأ المناصب القيادية، أو غيرها".

 

 لكن أبو يوسف، يرى أنها خسارة على صعيد عدم انتخاب وجوه وطنية لها باع كبير في النضال الوطني، وأيضا على صعيد علاقتها بالتجديد، مؤكدا جدية المحاولات لرفد الحركة بدماء شابة في عملية التغيير التي جرت، وقال: "إذا ما أخذنا بالاعتبار قراءة متمعنة فيما جرى بانتخابات اللجنة المركزية، أو المجلس الثوري نجد أن هناك خطوات جادة فيما يتعلق ببث هذه الروح والدماء الشابة، وبقضايا المرأة والشباب، وأن هذا الأمر كان مهما في عملية الانتخابات".

 

ويرى هاني المصري، مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية - مسارات، في نتائج المؤتمر "الاستمرارية" بدون تغيير لا في البرنامج ولا في الأشخاص، معللا ذلك بأن الناس الجدد الذين أتوا لا يختلفون على الأقل في غالبيتهم عن اللذين سقطوا، فلم تأتي مجموعة جديدة لها آراء جديدة، أو شباب، أو أعضاء يدعون للتغيير والتجديد.

 

ويقول المصري: "أكد الرئيس زعامته وسيطرته منذ الجلسة الأولى للمؤتمر، عندما تمت مبايعته بالتصفيق خلافا للمنطق الذي يقول أن القيادة تقدم كشف حساب ويجري تقييمها، ومن ثم تقدم خطة للمرحلة القادمة وعلى ضوء ذلك يتم انتخابها أو عدم انتخابها".

 

ويؤكد المصري أن المبايعة في الجلسة الأولى حددت نتيجة المؤتمر، وأكدت بالتصديق على خطابه السياسي، باعتباره البرنامج السياسي، والذي أكد فيه نفس النهج الذي نعيشه، وهو نفسه كان يتحدث بأنه سيقوم بمراجعته، وأننا لا نقدر على الاستمرارية بالأمر الواقع وكان يهدد.

 

ويبين المصري، أن المؤتمر هو مؤتمر تنظيمي انتخابي، وهو مؤتمر موظفين، فغالبية أعضائه من الموظفين في السلطة والأجهزة الأمنية، وأعتقد أن نسبتهم تفوق 90%، وفي المجلس الثوري تفوق حتما 90%، لكن الشعب الفلسطيني ليس موظفا بغالبيته، لذا فليس من الممكن أن يكون أعضاء المؤتمر والقيادة كلهم من الموظفين، فأين باقي قطاعات الشعب والشتات؟ هذه مشكلة كبيرة، ولكن ضمن التوقعات لأن معظم أعضاء المؤتمر معينون.

 

ويرى المصري أن مبايعة الرئيس من الجلسة الأولى ليست مخالفة للنظام الداخلي، وإنما لأبسط قواعد الديمقراطية، وما حصل لم يكن انتخابا وإنما مبايعة، حتى لو كان بتوصية من اللجنة المركزية، أو المؤسسين، ويفترض أن لا يتم في الجلسة الأولى، فهذا مخالف لكل منطق، وثانيا بعد كشف الحساب يفتح باب الترشح وإبراء الذمة فهذه أصول الانتخابات، لذلك كتبت انتهى المؤتمر بمبايعة الرئيس من اللحظة الأولى.

 

وفي نهاية المطاف يعتبر خليل شاهين الكاتب الصحافي والمحلل السياسي، هذا المؤتمر بأنه مؤتمر انتخابي بامتياز، هدفه الأساسي إعادة ترتيب موازين القوى الداخلية أولا في حركة فتح، ويعتقد أن انتخابات اللجنة المركزية، والمجلس الثوري تشير إلى إعادة اصطفافات وتوازنات في داخل هيئات الحركة، وهذا أمر سيكون له أيضا تأثيرات على إعادة توزيع مواقع القوة والنفوذ في داخل السلطة، وفي منظمة التحرير لاحقا، في ضوء الخطوات التي ينوي الرئيس اتخاذها.

 

ويعتقد شاهين أننا قد نشهد أيضا على مستوى السلطة إعادة ترتيب لبعض الوظائف العليا في المؤسسات المدنية والأمنية، بما يعزز بقاء الرئيس ممسكا بزمام الأمور، وثانيا بالتأكيد فهذه النتائج سوف تنتقل إلى منظمة التحرير؛ لأن الرئيس يعتزم التحضير لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني يترتب عليها إعادة انتخاب اللجنة التنفيذية، ولربما نشهد تغييرات في اللجنة التنفيذية، لذلك الموضوع لا يتوقف على مؤتمر حركة فتح بل يمس أيضا السلطة كما يمس كذلك المجلس الوطني وفي نهاية المطاف فهو يؤثر على موضوع إعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني المنقسم. في النهاية بتقديري يمكن القول بأن ما أراده الرئيس من المؤتمر حصل عليه في النصف ساعة الأولى من انعقاده.

 

ويكمل: "بالتأكيد إن هذا المؤتمر كان انتخابيا، وأعتقد أنه تم تفصيل العضوية بشكل دقيق وواضح، ورغم ما شهدناه من نتائج انتخابية قد تشير إلى اختراقات قد حدثت في عضوية المجلس الثوري واللجنة المركزية بشكل خاص، إلا أن النتائج لا تؤثر بشكل كبير على المنحى الذي يريده الرئيس محمود عباس حتى الآن".

 

ويرى شاهين، أن الرئيس سوف يحظى بالأكثرية الكبيرة في اللجنة المركزية والمجلس الثوري التي تسمح له بتمرير السياسات التي يريدها، وقال: "من ينتخب رئيسا للحركة بالتصفيق لا أعتقد أنه سوف يكون قادرا على معارضة أية خطوات لاحقة يمكن أن يقدم عليها الرئيس بشكل جدي على الأقل، كما أن هذه العضوية في المؤتمر تعني أن ارتباط مصالح العديد من كوادر حركة فتح ممن سينتخبونه بشكل خاص بالمجلس الثوري ببقاء السلطة وباستمرار تلقي الراتب من السلطة، تعني أنه سوف يبقى إلى حد بعيد طبعا في يد الشخص الاكثر قدرة على إبقائه في منصبه أو إبقاء راتبه أو قطعه.

 

وأكد شاهين أن هناك خروقات للعملية الديمقراطية، وليس فقط للنظام الداخلي، ويقول: "بالرغم من الحديث عن المؤتمر باعتباره عرسا ديمقراطيا فإن المشهد الأول الذي رآه الجميع كان يشير إلى أننا لسنا أمام عرس ديمقراطي بمعنى التقاليد الديمقراطية، بما في ذلك تلك التي يمكن أن تدافع عنها حركة فتح، وتلتزم بنظامها الداخلي، فعمليا لم تجر انتخابات لرئيس الحركة، ولم يفسح المجال لأي شخص لترشيح نفسه في مواجهة الرئيس عباس، وهذا أعتقد أنه خرق للعملية الانتخابية، فلا يمكن أن نقول أن ما جرى هو انتخابات لرئيس الحركة، فقد كانت هناك تزكية للرئيس دون إفساح المجال للمنافسة، صحيح أنه كان من الصعب أن نجد من يمكن أن يرشح نفسه في مواجهة الرئيس عباس، ولكن التقاليد الديمقراطية تقتضي الإعلان عن الانتخابات في موعدها، وليس في النصف الساعة الأولى من الافتتاح، وقبل أن يقدم الرئيس برنامجه الذي يفترض أنه سوف ينتخب على أساسه، وبالتالي فتح المجال للترشيح وإذا لم يكن هناك ترشيح فكان الرئيس سيفوز بالتزكية، والتي تعني إجماعا، ولذلك بتقديري أن الرئيس لم يكن بحاجة إلى هذا الأمر، كان يمكن له أن يحقق الغاية التي يريد دون اللجوء إلى هذه الطريقة، أو طرق أخرى".

 

وقال شاهين: "في كل الأحوال فان الرئيس يبدو أنه كان بحاجة للتأثير في مجريات المؤتمر بالمعنى السياسي لاحقا، لذلك فهو يريد منذ اللحظة الأولى تجديد البيعة والشرعية له، لأن هذا الأمر من شأنه أن يمرر البرنامج السياسي الخاص به في المؤتمر دون نقاش فعلي وهذا هو ما حدث، فلا يمكن التصويت للرئيس بالتصفيق والإجماع ومن ثم معارضة السياسات التي يريد للحركة أن تتبناها".

 

نسبة التجديد تعبر عن اتجاه صحي وصحيح

وبرأي الدكتور أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن العملية الديمقراطية التي شهدها مؤتمر (فتح) السابع كانت عملية شفافة وأديرت إلى حد كبير بنزاهة، وهو الأمر الذي وصفه بالطبيعي بصرف النظر عن أن كل عملية انتخابات تحدث فيها تحالفات وتقاطعات وتكتلات، وقال: "هذا الأمر الطبيعي في أي مؤتمر وفي أي عملية انتخابية، لكن بدون شك وبصرف النظر عن من نجح وعن من لم يحالفه الحظ بالنجاح، لكن نسبة التجديد العالية في اللجنة المركزية أنا أعتقد هي تعبر عن اتجاه صحي وصحيح في الحركة".

 

الأمر الآخر الذي أشاد به د. مجدلاني، ماحدث من تعديلات هامة في النظام الداخلي وفي أنظمة الحركة تماشيا مع التطورات القائمة، وتطورات الحياة التي تتعامل مع التنظيم ككائن اجتماعي مثله مثل أي كائنات أخرى يتطور وينمو، وأيضا له متطلبات ويعتقد أن هذه كانت مهمة.

 

وهنا يؤكد بسام ولويل عضو المجلس الثوري لحركة فتح المنتخب، بأنه لا توجد تغييرات في البرنامج السياسي، وقال: "لم يسبق أن رأيت شيئا تم عمله بهذا الترتيب من الناحيتين الإدارية والفنية، وحقيقة فإن القائمين والمشرفين عليه مبدعون، وخرصوا على توفير كل شيء فيه، وأخذو كل شيء في الاعتبار، ولا توجد أية مشاكل في الترتيبات، حتى قاعة الانتخابات كانت فيها إجراءات تضمن الشفافية الكاملة، وكانت مريحة جدا، ويوجد ارتياح عام من أعضاء المؤتمر في كل هذه الجوانب".

 

ويؤكد ولويل أن لا أحد يستطيع إلا أن يحترم هذه العملية الانتخابية الديمقراطية الشفافة والتي أجريت أمام الجميع، فعملية الفرز تشاهد من الجميع. واعتقد أن أسس قوية جدا توفرت لعملية ديمقراطية كاملة من أول المؤتمر حتى آخره.

 

ولكن المصري يقول: "إن معظم أعضاء اللجنة المركزية السابقين نجحوا، والجدد لا يطرحون أفكارا جديدة، لذلك لا يوجد تجديد، وإنما استمرارية، ومن الملاحظ أن من لهم خلفية أمنية أو تأثير على السلطة هم الفائزون بأعلى الأصوات باستثناء النائب الأسير مروان البرغوثي لأسباب معروفة، والرئيس أبو مازن عزز سيطرته أكثر على فتح، وموضوع الخليفة غير مطروح الآن بوجود "أبو مازن"، وهذا لا يعني أنه لن يعين نائبا للرئيس".

 

البرنامج السياسي والتوجهات الوطنية

ويرى د. واصل أبو يوسف الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، أن المخاطر والتحديات كبيرة جدا لذلك فإنه يشدد على ضرورة الالتزام بالبرنامج السياسي الذي أقرته حركة فتح، وقال: "في حال الأخذ بالاعتبار ما جاء به على صعيد استمرار النضال الوطني بمقاومة الاحتلال والالتزام بالثوابت الوطنية، أعتقد أنه سينعكس إيجابا على حركة فتح والعمل الوطني برمته لما لفتح من ثقل على هذا الصعيد".

 

ولكن أبو يوسف، يؤكد على ضرورة الفصل ما بين السلطة الوطنية وما بين حركة فتح كحركة تحرر وطني، وبما لها من باع طويل على صعيد المقاومة، الأمر الذي يتطلب من قيادتها الجديدة الاستمرار في هذا الطريق من أجل الوصول إلى حرية شعبنا، ونيل استقلالنا وتحقيق الثوابت الوطنية.

 

في حين يقول د. مجدلاني الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني: "إن اختزال مؤتمر حركة فتح باعتباره فقط عملية انتخابية كانت من حيث الأساس منطق خاطىء وغير دقيق، مؤتمر فتح، له أهمية سياسية بالغة بإقرار التوجهات السياسية العامة والتي هي توجهات وطنية والتي سيكون لها انعكاس كبير على برنامج منظمة التحرير باعتبار أن حركة فتح تمثل الاتجاه المركزي العام في منظمة التحرير الفلسطينية، ولذلك الأهم كان بالنسبة لنا هو البرنامج السياسي الذي نعتقد أن الرئيس في كلمته أمام المؤتمر حدد الخطوات العامة والملامح الرئيسية له على الصعيد المستقبلي، والتي تشكل كلمته قواسم مشتركة عظمى لمختلف القوى السياسية".

 

ويعتقد مجدلاني، أن الرئيس رسم في خطابه ملامح البرنامج السياسي القادمة بخطوطه العامة والذي بحاجة إلى وضع مجموعة من التفصيلات، وأكمل: "لكن ربما فيما يتصل بمواجهة انسداد أفق العملية السياسية وفي مواجهة الصراع مع إسرائيل وتحقيق الحقوق الوطنية لشعبنا بإنهاء الاحتلال وإقامة دولته، وهناك أيضا المهمات والإجراءات القادمة فيما يتصل بطبيعة ودور الحركة التي تقود النظام السياسي في المنظمة والسلطة، وبالتالي لا يكفي فقط أن يكون هناك موقف سياسي محدد، ولكن أيضا يجب أن يراعي هذا الموقف السياسي جانبين، الأول المتصل بالربط المحكم ما بين استكمال مهام التحرر الوطني من جهة وما بين مهمات البناء المؤسساتي للدولة والبناء الديمقراطي، وأعتقد أن الرئيس تحدث عن الجوانب المختلفة فيها وأنها ستكون منعكسة في البرنامج، أما فيما يتصل بالوحدة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية وفي موضوع إنهاء الانقسام، أعتقد ان هذا الموقف كان واضحا".

 

وبالنسبة للبرامج فإن ولويل، يؤكد أن كل اللجان اجتمعت بما فيها اللجنة السياسية وناقشت البرنامج السياسي وعرضا للمؤتمر، ولا يوجد هناك تغييرات كبيرة عليه. فكانت كلمة الرئيس والبرنامج الذي طرحه كله وافيا، كان فيه الشقين السياسي والاقتصادي.

 

ويقول المصري: "إن خطاب الرئيس، أكد على استمرار نهج أوسلو، نهج المفاوضات والمقاومة الهادئة جدا، ولكن أين القضية الفلسطينية في هذا المؤتمر؟ وأين البرامج؟ وأين مراجعة التجربة؟ كل هذه المواضيع سلقت في أقل من يوم، وكان يجب أن تكون هي محور المؤتمر ومحور التحضير له، ففي المؤتمرات يتم مناقشة الوضع السياسي، وعلى ضوء ذلك يتم اختيار القيادة المناسبة لما تقرره فيما يخص الوضع السياسي، فإن أرادت المقاومة تختار مقاومين، وإن أرادت التفاوض تختار مفاوضين".

 

وبتقدير المحلل السياسي شاهين فإن تركيبة وعضوية المؤتمر كان لها تأثير على عدم إحداث اي تغيير يذكر في البرنامج السياسي، حيث أن البرنامج الذي قدم من قبل اللجنة السياسية التي صاغت البرنامج إلى المؤتمر لم يقدم شيئا جديدا، اللهم إلا فيما يتعلق بقضية المفاوضات التي جرت الإشارة لها بضرورة التحول نحو "تدويل" القضية الفلسطينية، أي السعي من أجل عقد مؤتمر دولي وفق المرجعيات المحددة، ولكن بالرغم من كل ذلك فإن الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمود عباس هبط بسقف البرنامج السياسي، وقدم الرئيس رؤية ذات طابع انتقائي، فاختار من البرنامج السياسي ما ينسجم أكثر مع توجهاته وسياساته سواء فيما يتعلق باستمرار العملية السياسية والرهان على العامل الخارجي بشكل أساسي، أي الرهان على حراك فرنسي أو أمريكي أو عربي، والرهان على التحرك الدبلوماسي في إطار الأمم المتحدة وإهمال العوامل الداخلية، ورغم التأكيد على موضوع المقاومة الشعبية حتى في حديث الرئيس، إلا أن هذا الأمر لم يقترن بإجراءات وخطوات عملية تشير إلى تبني وتوسيع وتأطير المقاومة حتى في طابعها الشعبي، لهذا أستطيع أن أقول أننا لم نشهد أي تغيير يذكر يقوم على أساس مراجعة التجربة السابقة، بالرغم من أن قادة أساسيين في حركة فتح ممن ساهموا في صنع المسار السياسي الراهن باتوا يعتبرون أن اتفاق أوسلو ألغته إسرائيل بخطواتها المتتالية، وثمة ضرورة لإعادة مراجعة هذا الاتفاق والخروج التدريجي من الالتزامات المجحفة لاتفاق أوسلوا بالمعنى السياسي والأمني والاقتصادي كذلك".

 

العضوية أمر مبالغ فيها

ويرى د. مجدلاني أن اعتبار المؤتمر بالإقصائي، وتنقية العضوية من المعارضين لساسة ومواقف الرئيس أمر مبالغ فيه، وقال: "نحن نتحدث كمراقبين من الخارج، شركاء وطنيون لحركة فتح، ولسنا طرفا داخليا في الحركة، أعتقد أن هذا الأمر فيه مبالغة، طبعا مفهوم أن طرفا تم إقصاؤه وأنه خرج عن المعادلة الداخلية الفتحاوية، فأعتقد أن هذا الطرف هو الذي وضع نفسه خارج أطر الحركة، وخارج إطار الفعل السياسي الوطني".

 

بينما يقول ولويل: "المؤتمر تشكل وهو مؤتمر تمثيلي لمكونات الحركة في الداخل والخارج، هناك العديد من الكوادر الذين لم يشاركوا فيه، ونحن نتفهم مشاعرهم ونضالاتهم الكبيرة في الحركة، ولكن المؤتمر التمثيلي يمثل مؤسسات داخل هذه الحركة، والموجود من المفترض ان يمثل الجميع، فهذه الحركة للجميع والمهم أن تنجح وتكبر، فمكانة وقوة الحركة تعززان مشروعنا الوطني والسياسي على مستوى العالم".

 

أما بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني في قائمة "البديل"، فيرى أن العضوية، والإقصاء، والعملية الديمقراطية في المؤتمر لها شأن خاص في حركة فتح، ويقول: "في رأيي نريد لحركة فتح أن تكون قوية، وأن تلعب دورها بشكل منفتح مع كافة القوى من أجل تعزيز الحقوق الوطنية والاجتماعية".

 

ولكن المصري يؤكد، أن المؤتمر أدى إلى إبعاد دحلان إلى إشعار آخر، وهذا من أهم الإنجازات، ويعني تمديد شرعية الرئيس وبقاءه في الحكم، وبالتالي موضوع الخلافة غير مطروح الآن، وأكمل: "لا أستبعد أن يتم انتخاب نائب للرئيس في اول اجتماع لللجنة المركزية، ولكن لا يوجد نائب رئيس للسلطة، ولا لرئيس منظمة التحرير؛ لأن اللجنة التنفيذية هي التي تنتخب، وفي فتح من الممكن أن يكون أمين السر هو نفسه نائب الرئيس، او يتم الفصل ما بين أمين السر ونائب الرئيس. والنتيجة أن المؤتمر قام بتجديد وتمديد شرعية الرئيس، وعزز سيطرته على فتح بشكل أكبر من السابق، وكرس إبعاد دحلان بشكل كبير، ووجه ضربة قوية لدحلان؛ لأن المؤتمر نجح، وآخر رهان كان لدى دحلان أن يفشل المؤتمر، أو أن يؤدي إلى تداعيات خطيرة".

 

ويكمل المصري: "إنه مؤتمر عضوية وتوزيع حصص وصراعات على مصالح وليس على برامج، فعن أي عملية ديمقراطية يتحدثون؟ فمعظم أعضاء المؤتمر تم تعيينهم، جزء منهم كفاءات، وجزء ثاني عسكر، وآخرون سفراء، أو في مكتب الرئيس، وبالتالي هذا يحكم النتائج، لو كان المعظم منتخبين لاختلفت النتائج، أيضا توجد مخالفات فظيعة في أعضاء المجلس الثوري؛ لأن أي عضو في المجلس الثوري هو عضو في المؤتمر، ولكن تم استبعادهم، وهناك أعضاء مؤتمر منتخبون من أقاليم تم استبعادهم، وهذا يخرق الديمقراطية والشفافية بشكل كبير، ولا أقدر أن أنفي كليا وجود الديمقراطية، ولكن في النهاية فمن تم تعيينهم أو انتخباهم يمثلون شرعية ما، ولا أستطيع القول أنهم غير شرعيين مثلما يتحدث أنصار دحلان، فاللجنة المركزية والمجلس الثوري المنتخبين من قبل المؤتمر السادس أكدوا على هذه القرارات وأيدوها، ولكن بالتأكيد توجد انتهاكات كبيرة وعديدة تمس بالشرعية وتنتقص منها لكن لا نستطيع أن نسحب الشرعية تماما عنهم".

 

أما الكاتب شاهين فيقول: "إذا استمرت سياسة الإقصاء واستبعاد الكادر الفتحاوي سيجدون نفسهم مضطرين للعمل في مواجهة اللجنة المركزية الجديدة، والأمر الآخر كيف ستتصرف جماعة دحلان؟ هل ستبقى تعارض وتطرح وجهات نظرها وهي جزء من الجسم الفتحاوي؟ أم أنها ستقدم على خطوات انشقاقية والتحول باتجاه خارطة سياسية جديدة؟ هذه القضايا سوف تتضح خلال الفترة القريبة المقبلة، لا سيما إذا عرفنا ما هي الخطوة التالية لجماعة دحلان. هذا الموضوع ما يزال غامضا ولم تتضح بعد الأسباب التي ادت إلى تأجيل فتح هذا الملف في داخل المؤتمر، وإن كانت بعض التصريحات أشارت إلى أنه لايوجد جديد في التقرير الذي كان يفترض تقديمه داخل المؤتمر".

 

وبتقدير شاهين، فإن نتائج المؤتمر بالمعنى السياسي بمعنى إعادة تشكيل الهيئات الأساسية للحركة يجب أن تأخذ بالاعتبار السياق الذي جرى فيه عقد المؤتمر، وهذا السياق هو سياق الصراعات الداخلية، واعتبر شاهين المؤتمر مؤتمرا لحسم صراع داخلي؛ ولذلك فإن هذا الأمر هو الذي حدد إلى حد بعيد طبيعة العضوية فيه على قاعدة استبعاد المناوئين للرئيس عباس وبخاصة المحسوبين على محمد دحلان، ولذلك فإن الرئيس حقق نجاحا على هذا الصعيد، وإن كان بالمعنى التكتيكي على الأقل باستبعاد تيار دحلان، وتوجيه ضربة قوية لهذا التيار في المدى المنظور، ولكن أيضا علينا أن نلاحظ بأن مجمل التطورات السابقة سواء فيما يتعلق باستمرار تماهي حركة فتح مع السلطة الفلسطينية أضفى بظلال ثقيلة على طبيعة العضوية في المؤتمر، حيث جاء معظمهم من الموظفين في داخل السلطة، وهو الأمر الذي له أبعاد سياسية لا يمكن تجاهلها، فوجود عدد كبير من موظفي السلطة من مدنيين وأمنيين في المؤتمر، يعني أن لدى هؤلاء مصلحة في بقاء الوضع القائم على حاله، بما في ذلك بقاء السلطة ومهماتها ووظائفها على ما هي عليه.

 

مشاريع اقتصادية فتحاوبة

وشارك ولويل في اللجنة الاقتصادية، وقال: "تم وضع ورقة مهمة عن السياسات المالية والاقتصادية والنقدية في البلد، وتشير ملامح الورقة إلى أن القطاع الخاص يلعب دورا كبيرا في هذا الموضوع، وطالبنا بإنجاز منظومة القوانين وبعض المؤسسات التي تتعلق بالاقتصاد، وأيضا هناك شق يتعلق بالمشاريع التي بمقدور حركة فتح القيام بها لتمكن نفسها كحركة رائدة من ناحية اقتصادية، وطالبنا بضرورة أن يكون لدى (فتح) صندوق من أجل دعم وتعزيز الأفكار الريادية للشباب في فلسطين، وصندوق تطوير إعمار، وصندوق للريادة وللرياديين، وتحدثنا عن المستثمرين وتشجيع الاستثمار في الوطن".

 

وأكمل ولويل: "أكدنا في اللجنة الاقتصادية على أن على فتح أن تستثمر في الصناعة والزراعة، ودعونا إلى تأسيس شركة تسويق وتصدير وامور اقتصادية  أخرى تنسجم مع السياسات الاقتصادية والمالية الحكومية الحالية وتعززها. لا سيما أن (فتح ) لها دور واضح في هذا المجال، ويجب أن تكون استثمارات الحركة منسجمة مع كل خطط التنمية الموجودة في البلد".

 

المؤتمر ومشروع إنهاء الانقسام

يقول ولويل: "إذا كانت الوفود الأجنبية التي شاركت، طالبت بإنهاء الانقسام لأنه ليس من مصلحة القضية الفلسطينية على مستوى العالم أن يبقى هذا الانقسام، وبالتالي فإن كل من تحدث من المشاركين الداخليين، أكد على ضرورة إنهاء الانقسام، والمؤتمر يوصي بإنهاء هذا الانقسام، ونأمل في المستقبل القريب ترجمة قرارات المؤتمر بإنهاء هذا الانقسام، وحتى الرئيس رحب في كلمته "بكلمة خالد مشعل والجميع رحب فيها"، ونحن لا نريد كلاما وإنما نتطلع إلى شيء على أرض الواقع، ونريد ترجمة هذا الكلام لواقع، ومنذ فترة ندعو إلى اللجوء لصندوق الاقتراع والانتخابات التشريعية والرئاسية لإنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع فصائل العمل الفلسطيني، تكون مهمتها الرئيسية هي التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية تنهي الانقسام، ونأمل أن يلاقي هذا تجاوب من حركة حماس في القريب العاجل ونطوي هذا الملف".

 

وعلق الصالحي على هذه القضية قائلا: "إن المؤتمر جزء من الأولويات الخاصة بحركة فتح، وإن كانت تؤثر بشكل مباشر على مفاصل العمل الوطني، ونتمنى أن يقود ذلك إلى تعزيز دور الحركة، وأن يؤدي أيضا إلى تعزيز العلاقات الوطنية بما يقود إلى تفعيل دور منظمة التحرير، وفي إنهاء الانقسام، وفي السعي بشكل جماعي من أجل تحقيق حقوق شعبنا وفي مقدمتها انهاء الاحتلال".

 

وهنا يؤكد المصري بقوله: "لن نشهد مصالحة، بحسب ما رأينا وشاهدنا، وأنا شخصيا أتابع ملف المصالحة بالتفصيل، الرئيس لم يقل أي شيء جديد، سوى الحديث عن الذهاب إلى انتخابات، ولكن نحن في حالة انقسام فكيف لنا أن نذهب لانتخابات؟ فواقع الانقسام يجب أن يعالج قبل التوجه للانتخابات، فالانتخابات ليست المدخل للمصالحة، وإذا أعادوا مسألة إجراء الانتخابات بدون إنهاء الانقسام سيحدث مثلما حدث، ولربما أسوأ مما حدث في عام 2006، فلو فازت حماس في الانتخابات فهل إسرائيل ستمكنها من القيادة، فضلا عن أصحاب المصالح، الذين لن يمكنوها، إذن الانتخابات ليست حلا لوحدها؛ لذلك نقول أولا الاتفاق على البرامج والقواسم المشتركة وتوحيد المؤسسات خاصة الأجهزة الاأنية وثانيا انتخابات".

 

ويرى المصري، أن الحضور الحمساوي في المؤتمر أعطى مؤشرا لنقطة التقاء مهمة وهي ضد دحلان وجماعته، لأن حماس تعرف ان مخطط الرباعية العربية كان أولا إدخال دحلان إلى فتح، وثانيا يقوم دحلان بإنقلاب ناعم على أبو مازن، وثالثا إسقاط حماس في قطاع غزة. لذلك يؤكد المصري ويقول: "لن تتحالف حماس مع دحلان، وإن كانهناك فرق في استخدامها لدحلان لإدخال أموال وفتح المعبر، ولكنها تعرف بأن دحلان يرتبط بمصر والأردن والسعودية والإمارات، والتي هي ضد الإخوان المسلمين وحماس. ولو أن مصر فتحت طريقها لحماس قبل المؤتمر، وتحالفت مع دحلان لكان الرئيس لن يتمكن من عقد المؤتمر".