الثلاثاء  14 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما بين حلب والقاهرة هل نحن بمأمن؟ بقلم: د. غسان طوباسي

بقلم: د. غسان طوباسي

2016-12-14 04:10:54 PM
ما بين حلب والقاهرة هل نحن بمأمن؟ بقلم: د. غسان طوباسي
د. غسان طوباسي

 

 

حدثان في منتهى الأهمية حدثا هذا الأسبوع ولربما سيتركان خلفهما تأثيرات مفصلية على مُستقبل المنطقة خاصة والعالم عامة، الحدث الأول تحرير حلب وإخراج فلول المجموعات الإرهابية منها كمقدمة لحسم المعركة الدائرة في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات. والحدث الثاني هو تفجير الكاثيدرائية البطرسية في القاهرة، من خلال عملية انتحارية مجرمة نفذها أحد عناصر داعش التي أعلنت مسؤوليتها عن العملية فيما بعد.

 

    و للأسف الشديد ورغم أهمية الحدثين الاّ أنهُ لم يتم التعامل معهما لا رسمياً ولا شعبياً على مستوى الجدية والخطورة، فلا الإعلام الرسمي أو المستقل تعامل مع هذين الحدثين بالحد الأدنى المطلوب والسؤال المهم هنا هل هذه الأحداث تدور في قارة أخرى أو حتى كواكب أخرى؟

 

هل وصلنا الى هذه الدرجة من التبعية بحيث نتجنب الخوض في أمور قد تؤثر على الموازنة الشهرية للسلطة أو المعارضة؟

 

من لا يرى خطورة حادث التفجير الانتحاري في الكنيسة بالقاهرة عملاً بربرياً ارهابياً يضرب النسيج المجتمعي للشعب المصري و يُهدد الوحدة الوطنية لأم الدنيا فهو إما أعمى أو جاهل أو شريك، إن هذا الحادث الذي أودى بحياة أبرياء مصلين في أحد بيوت الله فقط لكونهم نصارى يستدعي الوقوف عندهُ بجدية ومسؤولية. فإذا كانت داعش مجموعه إرهابية خارجة عن الدين الإسلامي وتمارس هكذا أساليب وحشية تُسيء الى الدين الحنيف فهل يمكن السكوت عن داعمها وحاضنها ألم يعد واضحاً ما يجري بالوطن العربي أنه إيقاظ لفتن طائفية مختلفة في كل المواقع خدمة لأهداف لا تخدم بالنهاية الا أعداء الأمة العربية ومن يسعى إلى بقاءها في جهلها وتخلفها وبؤسها.

 

وأما ما يجري في سوريا الآن فهو حسم للصراع الدائر هناك فلم يعد من مجالٍ للشك أن الفرحة بتحرير حلب من الإرهابين لا يعني أبداً الرقص على دماء الأطفال والأبرياء ولا يعني أبداً دفاعاً عن نظام أو شخص بعينه مارس القمع لسنوات طويلة اتجاه شعبه. ولكني على ثقة مُطلقه أن هذا الشعب السوري العظيم لن يقبل العودة الى الوراء بعد كل هذه التضحيات والمعاناة والذي هزم المُتأمرين والداعمين الهمجين لن يرضى بالذل مرة أخرى. وستعود سوريا موحدة عروبية ديمقراطية ومن لا يريد أن يرى من الشعب الفلسطيني خاصة بعقل وقلب مفتوح أن ما يجري في سوريا الان لم يعد حرباً ضد نظام أو فرد بل من أجل تقسيم وتفتيت عرين العروبة أي الدولة السورية وتقسيمها وإذلال شعبها خدمة لمشاريع سعت عبر التاريخ لهذا الغرض. وأصبح واضحاُ أن ما جرى في القاهرة كان أحد ارتدادات الهزيمة الداعشية في سوريا والعراق وهذه الارتدادات حتماً ستُصيبنا كوننا نعيش بالجوار فهل نحن محصنين ومحاطين.

 

اعتقد جازماُ لا، لأننا لا نتعلم بالعادة إلا بعد أن يقع الفأس بالرأس كما حصل بالقاهرة.

 

ومن أهم إجراءات الوقاية وباختصار "مدنية الدولة"، أي التحول إلى دولة قانون فيها فصل كامل ما بين الدين والدولة وتطوير المناهج بشكل جذري والاعتراف قولاً وفعلاً بثنائية الهوية الفلسطينية ، واطلاق الحريات التي لا تسعى الى تغير هوية الوطن الوطنية الى دينية ومراقبة الخطاب الديني وأخذ الاجراءات ضد المحرضين ومثيري الفتن.

 

هذه بعض الاجراءات الجوهرية و التي من واجب كافة الاطراف الرسمية و المدنية و الشعبية العمل على معالجتها قبل فوات الاوان عملاً بالقول الشهير " اذا اردت أن تقضي على البعوض عليك بتجفيف المستنقعات أولا ".