الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحدث الاقتصادي | الحجر الفلسطيني يجول 80 دولة في العالم

2016-12-18 06:45:16 AM
الحدث الاقتصادي | الحجر الفلسطيني يجول 80 دولة في العالم
حجارة فلسطين (تصوير: الحدث 2016)

 

الحدث- محمد سامي علوان

 

يحكى أن راعياً من الخليل، عاش فقيرا ينتظر موسم الربيع في كل مدينة ليجد بعضا من حشائش الأرض التي تنفع أنامه، كان يندب حظه دائما فأبناء عمومته يشقون الأرض ويخرجون الحجر الفلسطيني الذي يصدر إلى مدن العالم، بينما هو يشق الارض بحثا عن كلأ أغنامه، وفي يوم قدم إلى أحد جبال عقابا في جنين "معزباً" برؤوس أغنامه فوجد قطعة من الحجر تدل على كنز مختزن في جوف الجبل.

 

 بقي الراعي مع أغنامه واتصل بابناء عمومته فوجودوا الجبل مليئاً بكمية من الحجر "الشايش، صافي الجودة، غالي الثمن، وكميته تكفيك ان تطعم احفادك لوزا وعسلا على مدار سنوات، شقوا الارض فجف العشب ورحل الراعي بأغنامه وبقوا هم مع آلاتهم التي تستخرج حجرا فلسطينيا اصيلا.

 

الحقيقة من الخيال

 

هذه احدى القصص التي تمتزج بين الحقيقة والكذب، فعلى يسار الداخل إلى مدينة جنين يوجد مقلع لاستخراج الشايش الفلسطيني، وجده راعي الاغنام وعمل به ابناء عمومته، فرحلة البحث عن الحجر بحاجة إلى العلم والفطنة في آن واحد، تنتهي إما بمعالق من ذهب او بخيبة وتكاليف باهظة دون اي جدوى.

 

حجر الخليل

 

يشتهر حجر الخليل الفلسطيني بجودته ووفرته و"شطارة" تجاره الخليليين في تصديره إلى الخارج، بالغالب ورثوا هذه الصناعة عن ذويهم، ولكن تغييرات جذرية حدثت على مستويي العائد المادي وعلى المستوى التقني في استخراج هذا الحجر.

 

" انا عندي محجر ومنشار ورثته عن والدي، نعتمد في ايجاد جبل جديد على الخبرة ومن النظر بأعيننا، بالاعتماد على درجة استواء الحجر، الجبل المليء بالبروز قد يحوي بعض الحجار ولكنها تكون غير مجدية لفتحها كمحجر"، يقول صاحب احد محاجر الخليل أمجد حلايقة.

 

ويضيف حلايقة:" لم يعد العمل مجديا في قطاع الحجر كما كان سابقا بسبب كثرة العرض وقلة الطلب، والتصدير للخارج يلاقي الكثير من الصعوبات، ولكنه على الرغم من هذا في تطور مستمر، في بادئ الأمر، وتطور المعدات التي بدأت بحجر "الطُبزة" وهو حجر البناء القديم، ثم الحفار، فالجرافة، وبعدها ترقى العمل فوصل الى الديناميت، بحيث كنا ناخذ تصريحا من الاسرائيليين الذين يجلبون الديناميت لنا ونقوم بتقجير الصخر وتفتيته، كانت تستغرق العملية يوما باكمله اليوم ينتهي كل شيء بيوم واحد وبكميات كبيرة".

 

القطاع الأول والأعلى عائدا

 

ويعتبر هذا القطاع الاول والاعلى من حيث عائد تصديره، فالحجر الفلسطيني يُصدر إلى اكثر ‏من 80 دولة حول العالم، وأخذ المرتبة 13 من حيث جودة الحجر عالميا، فيما يعتبر الاول ‏من حيث التصدير، وتصل نسبة المبيعات في القطاع الانشائي المحلي إلى 30% على الاقل.‏

 

‏"نظرا لهذه القيم، أعطت الحكومة هذا القطاع الأولوية ويعتبر على رأس قائمة النجاح، اخذ ‏صناعة الحجر المرتبة الاولى في العام 2014 من حيث التصدير  بقيمة 176 مليون دولار، ‏علما ان التصدير كله في فلسطين يبلغ تقريبا 900 مليون دولار اي نسبة عالية جدا، يشكل من ‏الناتج الاجمالي 4.5% من ناتج المحلي الاجمالي، ويساهم في تشغيل  15600 يد عاملة"، ‏هذا ما تقوله مدير التنمية الصناعية في وزارة الاقتصاد المهندسة منال فرحات.‏

 

وتضيف فرحات: "استخراج الحجر في فلسطين اكتشف منذ سنوات طويلة، تحول اليوم لواحد من اعمدة الاقتصاد ‏الفلسطيني، وتقسم هذه الصناعة الى شكلين رئيسيين الاول وهو استخراج الحجر، والاخر ‏تحويله الى اشكال متعددة، ووصل عدد المحاجر في فلسطين إلى 2240 منشأة وتزداد شهريا".

 

زيادة اعداد المنشآت وجودة الحجر غير المستخرج بعد وحلم الوارثين لهذه الصنعة والطامحين إلى العمل بها لم يكن بلا داعي، فقيمة الاستثمار وصلت إلى 600 مليون دولار امريكي فيه، ويفوق عدد العمال في مجال ‏الحجر 15000 عامل مقسمين إلى عدد شرائح وما زال هنالك حاجة للمزيد منهم، ففي فلسطين ما قيمته 30 مليار دولار ‏من الحجر لم يستخرج نصفه بعد من الأرض، لان معظمها في المناطق "جيم" ولا يمكن الاستفادة منها بسبب هيمنة الاحتلال على هذه الاراضي.‏

 

وبسبب استنزاف الوقت لاكتشاف الحجر والاعتماد على الحظ فان استخراج الحجر يستغرق وقتا ‏قد يصل الى عام بحيث تزال الاتربة والصخور عن وجه الجبال، للتاكد ان كان هنالك صخر ‏يصلح للوصول إلى حجر يعود على صاحبه باي عائد.‏

 

وزارة الاقتصاد الوطني قامت بالتعاون مع اتحاد الحجر والرخام و جامعة البوليتيكنيك بفتح مختبر  ‏خاص في جامعة البوليتكنيك وُجهز بأفضل الاجهزة لفحص الحجر والرخام موجودة في الشرق ‏الاوسط، وذلك لفحص الجبال قبل بدء العمل بها، واخذ عينة بحفار يصل الى عمف الارض ‏لفحص جودة الحجر الموجود ونوعه، الطالب في هذا القسم يحصل على دبلوم تعليم الحجر ‏والرخام.‏

 

وعملت وزارة الاقتصاد على زيادة  الماكينات الموجودة داخل المختبر، وبدأت الوزارة بدراسات ‏اكثر تعمقا للاستفادة من كل ما يخرج من الجبل، كما عملت الوزارة على البدء ببحوث لمعالجة ‏المياه لان نسبة استهلاك المياه في هذا القطاع عالية جدا. ‏

 

وبدأ تلوين المباني الجديدة في الاونة الاخيرة بالوان مختلفة من الحجارة، هذه الحجار كلها اما ‏مستخرجة على هذه الهيئة كالحجر الذهبي المستخرج من تفوح في الخليل، أو انه مصنع بايدي ‏الفلسطنينين ايضا، بحيث لم يسجل استيراد اي قطعة حجر من خارج فلسطين، وكل ما هو ‏مستخدم مستخرج خالص من جبال فلسطينية.‏