الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

منزل بابا نويل المهجور بقلم: طارق عسراوي

2017-01-02 06:05:05 PM
منزل بابا نويل المهجور بقلم: طارق عسراوي
طارق عسراوي

بتأنٍ كانت تُعلق زينة شجرة الميلاد في صالة المنزل، وكلّما علّقت نجمةً أو طابة حمراء تراجعت خطوتين لتعاين الشجرة فتعدِّل ما تراهُ غير متناسقٍ من زينةٍ وأضواء.

 

كُنْتُ أراقب اهتمامها جالسا في ركن الصالةِ أبدي لها رأيي بالشجرة حين تطلب مني ذلك.

 

حدّثتني وهي منهمكة في شأن الشجرة عن بيت قديمٍ مهجور كان في حيّهم بالشام.  قالت: حين كُنْتُ فتاة صغيرة، كان في حيّنا قُربَ ملعب العبّاسيين بيتٌ قديم لا يسكنه أحد، وكانت خالتي تقول لي هنا يسكن بابا نويل، فصرتُ لسنوات أتلصص على البيت كلّما مررت بالقرب منه علّني أرى ماذا يفعل بابا نويل في يومه وما هي عاداته! وفي عصر أحد أيام الرابع والعشرين من كانون الأول لم أحتمل فضولي تجاه ما سيحمله لي الجد العجوز من هدايا، فتسللت من غرفتي إلى بيته أحاول النظر من النوافذ إلى داخل المنزل علّني أرى ما فيه من هدايا الميلاد، سرت حول المنزل أفتّش عن عربته وغزلانه التي كانت ترعى في سهول خيالي وأمنياتي الطرية. ولمّا تملّكني اليأس من مشاهدته عدت إلى غرفتي خائبة  حزينة، الا ان السؤال الذي كان يشغل بالي هو حول اختفائه، كُنْتُ قلقة عليه.. خائفة على مصير أولاده الصغار وغزلانه، ففزعت لوالدتي يومها بصوت دامع : بابا نويل لم يعد إلى منزله منذ زارنا في العام الماضي ! أنا قلقة عليه جدا!

 

مما دفعها لإحتضاني والتأكيد لي أنه سوف يزورنا الليلة، يحمل لي هداياه التي أنتظر، وحين أخبرتها بشأن منزله المهجور أكّدت لي أنه يسكن في كل البيوت الدافئة بالخير والمحبة، وأنه لا يتخلّف عن موعده مع الأحياء التي يتبادل فيها الجيران الحلوى والمودة.

 

وبينما كنت أستطلع قدومه من نوافذ منزلنا رأيت زيّه الأحمر ولحيته البيضاء معلّقين في غرفة والديّ، وصرتُ أتفقدها كل حين حتى رأيتُ خالي يرتديها ويخرج إلى الصالة يوزّع علينا هدايا عيد الميلاد!

ليلتها عُدتُ إلى غرفتي مذهولة مما رأيت، فقد تحول خالي إلى بابا نويل !!

 

منذ ليلة الميلاد تلك وبابا نويل يتنقل بين خالي ووالدي وجارنا ولم يتخلّف عن الحضور إلى أن كبرت وأدركت حقيقة الفكرة الطفولية الدافئة.

 

أتظنه سيزور تلك الأحياء الليلة، بعد ما شهدته من فرقة وفتنة وحرائق دامية؟! وأيّ هدايا سوف يحمل للشام وقد تناثر ياسمينها بعد أن خصفته يد النزاع الآثمة!