الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيري والقابضون على الريح بقلم: تيسير الزيري

صريح العبارة

2017-01-04 08:55:23 AM
كيري والقابضون على الريح بقلم: تيسير الزيري

اثارت الرؤيا التي قدمها وزير الخارجية الامريكية "كيري" وجهات نظر متعددة؛ يجمعها جامع واحد وعنوانه إنه خطاب الوداع لإدارة قد ورثها أناس من لون آخر وتصريحات أخرى؛ والمقصود بذلك إدارة "ترامب" التي لم تنتظر مراسيم الإستلام والتسليم بعد اسابيع من خطاب "كيري" وهي – أي الإدارة القادمة– لا تخفي نواياها التحالفية مع حكومة نتنياهو، كما لا تخفي استعدادها لتقديم رؤية أخرى معادية للحقوق الفلسطينية، وما صرح به "ترامب" بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص إدانة الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية دليل على نوايا مبيتة ضد الحقوق الفلسطينية.

 

"ترامب" يهدد بالقول" انتظروني بعد العشرين من كانون ثاني " !

من الزاوية التاريخية فإن خطاب "كيري" وما سمي بالرؤيا؛ فهو خطاب من شخص ذاهب إلى بيته؛ وهو بمثابة اعتذار للفلسطينيين على الفشل الذي منيت به السياسة الإمريكية تجاه حل الصراع الشرق أوسطي وبالقلب منه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؛ وهو تكرار لما سبق وقاله الرئيس الإمريكي "اوباما" في خطابه الشهير في جامعة القاهرة بعد ولايته الأولى للرئاسة الامريكية (حيث أدان الاستيطان ووعد بحل الصراع على اساس الإقرار بالدولة الفلسطينية – أي الإقرار بحل الدولتين- )، لكنه سرعان ما نسي كلامه وادخل المنطقة بزيارات ومحادثات غير مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية انتهت إلى فشل ذريع!

 

الخطاب الذي القاه كيري هو أدنى بكثير من مستوى قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2334 بخصوص إدانة الاستيطان؛ ذلك أن خطاب "كيري" قد اشار طوال عرضه الممل والإعتذاري إلى ضرورة الغاء البؤر الاستيطانية (وهي بؤر ما زالت إسرائيل لم تمنحها الترخيص حتى الآن) كيرى لم يتطرق إلى الكتل الاستيطانية الكبرى؛ وهي التي تبتلع الجزء الأكبر من الأرض الفلسطينية وهو بطريقة أخرى مع احنفاظ إسرائيل بها تحت تبني مفهوم التبادلية؛ ومن الملاحظ أن المذكور عندما طالب بالغاء البؤر الاستيطانية فإنه أبدى تعاطفا مع جيش الاحتلال الذي يجد صعوبة في الدفاع وحماية هذه البؤر! لم يفت على المغادر "كيري" أن يحذر من اقامة دولة إسرائيل بضم الضفة الغربية؛ ذلك أنها تدمر فكرة "يهودية الدولة"؛ كما لم يفت عليه أن يعلن عن حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين بالتعويض دون العودة إلى أراضي الدولة الفلسطينية (الضفة الغربية وغزة)؛ وذلك عندما قال بإن حل مسألة اللاجئين لا يجب أن يؤثر على حل الدولتين.!!

 

الكثيرين من بين صفوفنا اعتمدوا في موقفهم المرحب بالخطاب على غباء الموقف الرسمي الإسرائيلي وبالذات على تصريحات نتنياهو – بينيت وغيرهم من غلاة التطرف في رفض ما جاء "برؤية كيري"؛ وهم الفاقدين لاعصابهم في اعقاب صدور قرار مجلس الأمن رقم 2334، ولكن بعض الصحف الإسرائيلية مثل "هآرتس" استهجنت مواقف الإدانة من غلاة التطرف الإسرائيلي، ووضعت اصبعها على الجوهري في الرؤية المذكورة؛ وهو ما اشرنا له في النقاط الحساسة التي اغفلها كيري وهي التي لا تصب في خدمة أي حل عادل للصراع.

 

اللغة الإعتذارية والنفاق الذي قدمه "كيري" لدولة الاحتلال لم يغفر له عند أركان "حكومة المستوطنين"  ورهانهم في تل ابيب على الرئيس الامريكي القادم في استكمال هدم كل الأسس التي يقوم عليها السلام الحقيقي المنشود، والمهم أن نستعد للقادم من الأيام القادمة، وأن نتخلى عن الوهم أو التعلق بقبض الريح!!