الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع 78| الدخان والتمباك يهرب عبر أجساد النساء... ولا رقابة فلسطينية على شارع 90

2017-01-24 05:36:21 PM
ع 78| الدخان والتمباك يهرب عبر أجساد النساء... ولا رقابة فلسطينية على شارع 90
تصوير الحدث

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

"السلطة الفلسطينية يلقبوننا بالمهربين، أما الجانب الإسرائيلي فيعتبرنا تجارا، أما الأردنيون فيصفوننا بالرحالة، ونحن نعتبر أنفسنا تجارا ولسنا مهربون " هكذا بدأت احدى النساء (30 عاماً) اللواتي يصنفن رسميا بـ (تجار الشنطة)، الحديث عن فعل يرافق "المهنة" وبه الربح الكبير.

 

كيف لا، ومحفظتها تنشغل شهرياً بحيازة 4000 شيقل، وهذا المبلغ يدخل إلى رصيد التاجر أو "المهرب" حسب ما يصفه البعض، خلال 4 جولات أو" نقلات" للبضائع المهربة من الاردن إلى الأراضي الفلسطينية وعبر المعبر.

 

يتقنون فن "التهريب" فمنهم من يتشري كميات اضافية من علب الدخان "الكروز" من سوق الحرة وعلى الجانب الأردني، ويضعونها متفرقة داخل الحقائب، والمعظم قد يثقل كاهل مسافر آخر جالسا بقربه، حينها يوجه له عدة أسئلة متتالية :"معك علب دخان؟ فهذا السؤال الأول افتراضي، فإن أجبت بـ لا أو حتى نعم، وبطبيعة الحال لا يستمع للاجابة، لينتقل التاجر مكملاً العرض رغم الرفض، وحينها يقول لك: هل يمكنك أن تحتفظ بـهذا الظرف الذي يحتوي على 4 علب من الدخان "الكروز"، وسأبحث عنك عندما نصل إلى استراحة أريحا، لأحصل عليه.. وقد تجذبك لهفتة الجامحة بالاقناع، ولكنك تقول "المسموح به 2 كروز دخان.. اعتذر".

 

وهل سيقنعه اسلوبك بالرفض، سيحاول تكرار الأمر، وان مل من كثرة الأعذار ينتقل إلى مسافر آخر.

 

 

العلاقة بين المهرب والجمارك : "توم وجيري"

لم يكتف البعض بتكرار المحاولات مع المسافرين، وهنا قد يلجأون إلى طرق جديدة، وحسب ما ذكر لـ " الحدث" مدير دائرة المكافحة والتفتيش في الضابطة الجمركية لطفي حسين، فإن العلاقة ما بين الجمارك والمهرب، هي أشبه بمسلسل كرتوني مثل "توم وجيري"، فالمهرب دائما يسبق رجل الجمارك بخطوة واحدة، وكلما تم اكتشاف طريقته في تهريب البضائع، ابتكر طريقة اخرى.

 

التمباك يهرب داخل أجساد النساء

وفي ذات السياق، ذكرت المرأة (30) عاماً التاجرة التي رفضت ذكر اسمها لـ "الحدث": "هناك عدة طرق متبعة للتهريب، والبعض يقوم بتهريب الدخان داخل أرغفة الخبز العادي وخبز (الحمام)، ولا يقتصر الأمر على الدخان وإنما يتم تهريب الورق الفرنسي (التمباك) وهي المادة التي يصنع منها المعسل وبذات الطريقة".

 

وأضافت : "النساء والرجال يهربون الورق الفرنسي ( لتمباك) بواسطة أجسادهم، ويخبؤن بعض الكميات في أيديهم وأرجلهم، غير أن بعض تجار (التمباك) يلجأون إلى استئجار( عتال) ومن هم من كبار السن، أو من النساء الجميلات صغيرات السن، وهذه الفئات قادرة على أن تزيل الشك من حولها، وقد تمنع المفتش من اكتشاف أمر تهريب البضاعة من الأردن إلى فلسطين، وهم بذلك ينجحون بتهريب التمباك وبكمية قد تصل إلى أكثر من 50 كيلو".

 

وفي الحديث عن بيع (التمباك) قالت المرأة : "كنا نشتري كيلو التمباك من الأسواق الأردنية بـ 10 دنانير، وبالمقابل نبيعه في الأراضي الفلسطينية بـ 370 شيقل، وكنا نعمل على توزيع التمباك بشكل مباشر على المقاهي".

 

هل التمباك ممنوع؟

وقال أحد التجار أو "مهربي التمباك" لـ "الحدث" : "في البداية، كان يسمح لنا بادخال 2 كيلو من التمباك، وكنا نحصل عليه من سوق الحرة وقبل الدخول للجانب الإسرائيلي، ولكن وقبل  3 أشهر تقريباً اتبع نظام جديد من الجانب الأردني، وبضغط من جهة رسمية فلسطينية، بتشديد الاجراءات على بيع التمباك، فلم نعد نشتريه من سوق الحرة، وإنما نحصل عليه من الأسواق الأردنية، غير أنه  الآن وضمن الاجراءات المشددة، حتى الكيلو و 40 غرام من التمباك يتم مصادرتها".

 

وفي ذات السياق أكد مدير دائرة المكافحة والتفتيش في الضابطة الجمركية لطفي حسين بأنه يحق لكل مواطن فلسطيني أن يحتفظ خلال سفره من الأردن إلى فلسطين بكمية تعادل 2 كيلو من (التمباك) ومجمرك، ولم يمنع بذلك ادخال التمباك إلى الأراضي الفلسطينية، ولكن ما يدخل إلى السوق هو (تمباك) مهرب وغير مجمرك.

 

ويذكر أنه خلال الثلاث الأشهر السابقة، تم ضبط طن واحد من التمباك المهرب في كل من مدينة أريحا، وبيت لحم، ورام الله، وهذا ما أكده التقرير الصادر عن الضابطة الجمركية.

 

وأضاف حسين: "قيمة الضريبة الجمركية الموضوعة على التمباك هي أعلى من سعره الحقيقي، فإن الجمرك الموضوع لكيلو التمباك يعادل 2060 شيقل، بينما يمكن شراء كيلو التمباك بما يقارب 10 دنانير".

 

وقد يلاحظ بأن معظم التجار أو "المهربين" حسب ما ذكر مصدر خاص، يهربون كميات من ألواح (التمباك) وبطرق غير قانونية وغير معروفة، حيث يسارعون إلى اضافة المنكهات للتمباك وبيعها للزبائن، على هيئة معسل وذات جودة عالية، لاسيما وأن العبوة المصنعة قد تحمل اسماً لصنف عالمي وغير محلي.

 

وأضاف المصدر: "يتم تهريب كميات كبيرة من التمباك وبضائع أخرى وبواسطة سيارات تحمل لوحات إسرائيلية من داخل الجسر، ومروراً إلى شارع 90، وهو الشارع القريب من مدينة أريحا، حيث يخضع هذا الشارع للسيطرة الإسرائيلية".

 

شارع 90

طريق قديم يشطر الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب على طول غور الأردن، حيث تبدأ هذه الطريق من بيسان إلى الشمال من الخط الأخضر مروراً بمنطقة غور الأردن أريحا ويستمر جنوباً حتى عين جدي على البحر الميت، ويستمر في الامتداد على طول الحدود الشرقية لفلسطين وحتى مدينة إيلات.

 

ويقع معظم هذا الشارع داخل المنطقة "ج" الخالية من التجمعات السكانية تقريباً، ويخدم هذا الطريق عدداً كبيراً من المستوطنات، وقد سهل هذا الشارع آلية الاتصال والتنقل ما بين المناطق المحتلة إسرائيلياً، وهو بالتالي يخضع لسيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي.

 

إذا كيف للسلطة الفلسطينية أن تفرض رقابة على المهربين من تجار الشنطة وعلى شارع 90؟

 

السيارات الخاصة لا رقابة عليها

"بشكل رسمي ليس لدينا سيطرة على السيارات التي تحمل لوحات إسرائيلية، والتي تقوم بتهريب البضائع بواسطتها وعلى شارع 90". هذا ما أكده لـ"الحدث " مدير دائرة المكافحة والتفتيش في الضابطة الجمركية لطفي حسين.

 

وأضاف: "الجانب الإسرائيلي هو معني جدا بهذه الفوضى التي تحصل على شارع 90، حيث يعلم بخروج المهربين من الجسر الإسرائيلي، ليركبوا باصات شاهين، وهم يحملون البضائع المهربة، حيث يجمعونها في حقيبة واحدة أو أكثر، ويهربونها عبر تكاسي خاصة وتحمل لوحات إسرائيلية".

 

وحسب ما ذكرت المرأة التاجرة ( 30 ) عاماً، فإن هذه التكاسي الخاصة تحصل على مبلغ يتراوح ما بين (500-700) شيقل من أجل نقل البضائع إلى مناطق في القدس أو أنحاء الضفة الغربية، وهذا ما أكده أيضاً لطفي حسين.

 

وأشار حسين في حديثه بأنه و في بعض الاحيان يجلس صاحب البضاعة بجانب سائق التكسي الخاص حتى يضمن وصول بضاعته".

 

وعن الدور الرقابي الذي تلعبه الضابطة الجمركية على شارع 90، قال حسين لـ "الحدث" : " لدينا طاقم يرتدي اللباس المدني وبدوره يراقب السيارات التي تهرب البضائع، ويبدأ الدور الرقابي من الجسر الإسرائيلي، مروراً بالبوابة التي تؤدي إلى شارع 90، حيث تم توظيف المندوبين والتجار أنفسهم لكشف ألاعيب التهريب التي تتم بواسطة التكسي الخاص والذي يحمل لوحة إسرائيلية".

 

وأضاف: "وبذلك تتم ملاحقة السيارة، حتى تصل إلى منطقة تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، وقد تم ملاحقة أحد المهربين حتى وصل إلى أبعد نقطة وهي مدينة العبيدية، وتم ضبط ما بحوزته ومصادرة البضائع".

 

وقد لقي الدور الرقابي الذي تلعبه الضابطة الجمركية وعلى شارع 90 الذي يخضع للسيطرة الإسرائيلية، احتجاجا من قبل دولة الاحتلال حسب ما ذكر حسين لـ "الحدث".

 

30% من المسافرين " تجار شنطة"

" قبل عدة أيام كان يضم باص شاهين 47 تاجر، و 3 مسافرين فقط" هذا ما أكدته المرأة التاجرة ( 30 عاما) في اتصال هاتفي لـ " الحدث".

 

وقال أحد سائقي السيارات الخاصة والتي تعمل على نقل الركاب على شارع 90:  "30% من المسافرين عبر الجسر من الأردن إلى فلسطين هم من تجار الشنطة أي مهربي البضائع" هذا ما أكده أحد السائقين.

 

وذكر السائق الذي رفض ذكر اسمه لـ "الحدث": "انا كسائق لا أملك الصلاحية في تفتيش ما يحمله الركاب، ومن بين 100 راكب قد نجد مهربا واحد، وقد حصلت عدة مشادات ومشاكل ما بين السائقين والركاب نتيجة التفتيش".

 

وأضاف: "احياناً نجد ركاباً جددا، لذا قد نشعر بالشك حينها، وقد يكون بذات الوقت مهرباً للبضائع، لذلك نمنعه من الركوب، ولكن قد حدثت بعض المواقف التي قام بها بعض السائقين بتحميل البضائع وتهريبها سواء إلى القدس أو مناطق من الضفة الغربية، وقد حصل السائق على مبلغ نقدي نتيجة هذا الفعل".

 

وأشار السائق خلال حديثه إلى حادثة قد حصلت بشكل فعلي على شارع 90، حيث قامت الضابطة الجمركية بضبط حالة تهريب لكميات من الدخان، والتي كان من الممكن تهريبها من خلال سائق لسيارة خاصة تحمل لوحة إسرائيلية، وقد تم ايقاف السيارة، ومصادرة البضاعة المهربة.

 

واستكمل حديثه : "من الصعب علينا كسائقين أن نميز التاجر أي المهرب من المواطن العادي، والمعظم نساء، والمعظم أيضا يتعاملون في التهريب مع الجانب الإسرائيلي، وقد قدمت شكوى بحق أحد السائقين لأنه قام بتفتيش البضاعة المهربة، وتم محاسبته من قبل الجانب الإسرائيلي".

 

إذا قد يتفق على تسميتهم بـ "تجار الشنطة" أو المهربين، ولكن قد لا يتفق البعض على آلية التهريب ذاتها، فكلما تطورت هذه " لمهنة" حسب ما يصفها التجار، زادت وتطورت طرقهم في التهريب. ولكن السؤال كيف يهربون البضائع وبمرمى من أعين المفتيشن على المعابر الإسرائيلية والفلسطينية؟ وكيف تسمح الأسواق الحرة على المعابر أن تبيع هذه الكميات من الدخان والمعسل تحديداً؟  ولماذا لا توضح لائحة وقوانين ظاهرة للمسافر الفلسطيني عند استراحة أريحا؟