الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غزة: قرار منع استيراد المخراز بين حاجة المواطن ومصلحة الاقتصاد

2017-01-28 03:11:26 PM
غزة: قرار منع استيراد المخراز بين حاجة المواطن ومصلحة الاقتصاد

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

مع تزايد نسب الفقر لدى الأسر الفلسطينية في قطاع غزة؛ برز "المخراز" كخيار أولِّي يلبي حاجة المواطن بسعر أقل وجودة أعلى مقارنة بالمستورد الجديد، والناظر لحال الأسواق يجد أن انتشار "المخراز" لا يقتصر على الأجهزة الكهربائية بل تعداه إلى الملابس والأحذية وحتى ألعاب الأطفال ويجد أيضًا أن الإقبال متزايد بسبب الأسعار الجيدة مقارنة بجودتها العالية.

ويرى مواطنون أن تلك الأجهزة رغم أنها مستخدمة إلا أن جودتها عالية وأدائها مميز ويدوم لسنوات طوال دون الحاجة إلى صيانة بعكس الأجهزة الحديثة التي تحتاج إلى صيانة دورية، وقال أولئك في أحاديث منفصلة مع "الحدث" أن الجودة والسعر المنخفض سر إقبالهم الكبير على "المخراز" مُبدين تذمرًا وامتعاضًا من قرار وزارة الاقتصاد الأخير بمنع استيرادها مؤكدين أنهم سيضطرون لشراء المستورد باهظ الثمن – وفق تعبيرهم-.

وكانت وزارة الاقتصاد الوطني بمدينة غزة أصدر مؤخرًا قرارًا بمنع استيراد أجهزة المخراز الكهربائية إلى غزة من الجانب الإسرائيلي باستثناء الثلاجات اعتبارًا من تاريخ 1-2-2017

وقوبل هذا القرار بوابل من الانتقاد من المواطنين الذين رأوا أنه يخدم مصالح الحكومة واستثماراتها الخفية، بينما اختلف خبراء على الآثار الاقتصادية للقرار على المواطن الذي وجد سلواه في "المخراز" بسبب ارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية الجديدة المستوردة مقارنة مع جودتها المتوسطة.

ويؤكد المواطن حسين فارس 45 عامًا، أن قرار المنع لا يعدو كونه صراعات اقتصادية وجشع وطمع لدى الكثيرون، لافتًا أن الأجهزة المستوردة والتي تكون أسعارها مقاربة للمخراز المستورد من إسرائيل رديئة وتحتاج إلى صيانة دورية وبالتالي يكون المخراز أفضل منها لحالة المواطن الاقتصادية فهي لن تتطلب صيانة دائمة ناهيك عن أن قطع غيارها متوفرة بعكس المستورد الجديد من تركيا أو مصر أو الصين.

وفي ذات السياق يقول أبو طارق القيسي الذي يملك متجرًا لبيع الأجهزة الكهربائية "المخراز" أن الطلب في سنوات الحصار العشر الماضية تضاعف على الأجهزة التي يستوردها كالغسالات والثلاجات مؤكدًا أن أسعار الثلاجات من نوع أمكور الإسرائيلي تتراوح من 800-1500 شيكل لافتًا أن هذا السعر ثُلث سعر الثلاجة المستوردة الجديدة والتي يتراوح سعرها بين 4500-5000 شيكل، فيما يتراوح سعر الغسالات بين 300-800 وفقًا لنوعها وحالتها مقارنة مع أسعار الحديثة التي تبدأ من 1000 شيكل وتصل إلى 2500 شيكل وفقًا للنوع والحجم وأضاف أن الفرق في الأسعار يدفع المواطن للإقبال على المخراز أكثر خاصة وأن هذا النوع معروف بجودته العالية.

وينتقد "القيسي" قرار منع المخراز مؤكدًا أنه يضر بالطبقة المتوسطة والتي تحتاج إلى تلك الأجهزة كونها تتلاءم وقدرتها المالية.

 

قرار صائب وجاء متأخرًا

"محمد أبو جيّاب" المُختص الاقتصادي أكد أنه مع القرار ووصفه بـ"الصائب" نافيًا أن يُهدد الطبقة الفقيرة، وقال: "إن القرار يختص بـالبضائع التي تُشحن من إسرائيل لغزة كالأجهزة الكهربائية القديمة التي تُجلب من مراكز الصيانة والخردة في إسرائيل ومنها الثلاجات والغسالات والمكيفات والتوستر وأجهزة التسخين الحراري"، مؤكدًا أنه رغم قدم هذه الأجهزة إلا أنها تُباع بأسعار مرتفعة مقارنة بالحالة الاقتصادية للمواطن الغزي الذي يُعاني الفقر ما يُشير إلى عدم استفادته منها.

وتابع بالقول: "إن القرار جاء متأخرًا وكان المطلوب من الوزارة ألا تسمح بدخول تلك الأجهزة من البداية"، وبيّن أن من الاعتقاد بأن القرار جاء لإنقاذ بعض الشركات أو المستوردين للأجهزة الحديثة "مُخطئ".

ويُشير "أبو جيّاب" إلى أن رفضه لاستيراد المخراز وتأييده لقرار الوزارة الذي جاء متأخرًا – حسب تقديره- لا يعدو قناعته بأن المخراز يضر بقطاع الكهرباء وأنه أحد أهم مسببات الضغط على الشبكات نظرًا لاستهلاكها العالي للطاقة، وأضاف: "أن ما يزيد رفضه لها عدم تحقيقها فوائد اقتصادية خاصة على محدودي الدخل" لافتًا إلى أن أسعارها متقاربة مع أسعار الأجهزة الجديدة فسعر غسالة فل أوتوماتيك 6 كيلو جرام حديثة يتراوح بين 600-800 شيكل وهو قريب جدًا من سعر المخراز الذي يتراوح بين 400-500 شيكل، واستكمل بالقول: "أسعار الأجهزة الكهربائية الآن أصبحت في متناول الجميع".

 

قرار غير مسئول

فيما يرى "حسن الرضيع" الباحث في الشأن الاقتصادي، أن قرار وزارة الاقتصاد في غزة بمنع استيراد الأجهزة الكهربائية "المخراز" قرار "غير مسئول" قائلًا: "إن الهدف منه زيادة أعباء الأسر الفقيرة ماليًا لدفعها بشكل غير مباشر لعدة مستوردين لها"، لافتًا أن من يسن القرار والقاضي بمنع الاستيراد لا يعي تمامًا ماهية "الاقتصاد السياسي للأجهزة والملابس المستخدمة".

وبخصوص الأثر الاقتصادي للقرار فأكد أنه لن يعدو تعميم الخسائر لدى محدودي الدخل واستنزاف أموالهم لصالح تخصيص منافع لعشرات التُجار، وقال: "إن أي سياسات اقتصادية مُستحدثة لا تضع ضمن أولوياتها أهداف النمو المستدام وتنشيط جيوب أصحاب الميل الحديّ الأعلى للاستهلاك، لا قيمة لها"، داعيًا إلى إعادة النظر في كل ما يُقر من قوانين وسياسات اقتصادية بما يتوافق مع حاجة المواطن ومصلحته بالدرجة الأولى.