السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صريح العبارة... " ترامب " والدفع باتجاه المجهول/ بقلم: تيسير الزّبري

2017-02-07 09:21:24 AM
صريح العبارة...
تيسير الزّبري

 

العالم، وكأنه مسرح اللامعقول أمام رئيس الولايات المتحدة الجديد "ترامب". هذا الرئيس يفاجئ العالم كل يوم بموقف درامي جديد، والهذر يذهب بكل الاتجاهات لدرجة تثير الدهشة! نتناول الحديث عن رئيس ليس كمثله أحد، فلو كنا أمام رئيس دولة من جمهوريات الموز، لكان الأمر هيناً أو مثيراً للضحك، ولكننا نتحدث عن رئيس أقوى دولة في العالم حتى الآن، وأخطرها فيما لو انزلقت إلى مواقع يصعب إصلاحها، فلديها اقتصاد متين رغم العجز بعدة تريليونات! ودولة نووية تمتلك ترسانة رهيبة من الأسلحة الفتاكة، إضافة إلى موقعها في هيئة الأمم المتحدة وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وهي ومن أكثر الدول تمويلاً للمنظمة الدولية حتى الآن.


بالنسبة لنا في فلسطين، وفي مركز الصراع الإقليمي، فقد رمى حجراً في مياه الشرق الحارة حين أعلن عن نيته في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكان من الممكن تنفيذ ذلك فور تنصيبه قبل حوالي أسبوعين لولا بعض النصائح بتأجيل القرار، وهو يدافع عن إسرائيل في عدوانها المتواصل ببناء المستوطنات على حساب الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين، ومن أجل إظهار دعمه للاستيطان قام بدعوة ثلاثة مستوطنين إلى حفل تنصيبه، وذلك بإظهار تحديه للفلسطينيين وللموقف الدولي المعلن بقرارات صادرة عن العالم، سواء بخصوص القدس أو المستوطنات. انحياز واضح ووقح للموقف العدواني الإسرائيلي! 


لقد أضاف إلى موقفه العدواني ضد الفلسطينيين موقفاً أكثر عنصرية وفجاجة حين أغلق الأبواب أمام رعايا سبع دول عربية وإسلامية ومنعهم من دخول الولايات المتحدة بقرار استفزازي للعالم وللأمريكيين أنفسهم وداخل مطاراتهم، الأمر الذي دفع بجهات قضائية للصدام مع القرار الرئاسي العنصري ومواجهة هذا القرار.


لم تتوقف قرارات "ترامب" العنصرية عند حدودنا (فنحن أصبحنا العنزة العرجاء بسبب واقعنا الفلسطيني والعربي!) ولكن امتدادات المواقف الغريبة والدراماتيكية الخطرة تتمدد باتجاهات عدة بدءاً من الحدود المكسيكية ومحاولة الاستفادة من التجربة الإسرائيلية في إقامة الجدران الإسمنتية، والعودة إلى بناء القلاع بدلاً من العلاقات الدولية السليمة، وفوق هذا "الإبداع" من حلفائه في إسرائيل، فهو يريد من المكسيكيين أن يقوموا بأنفسهم وعلى حسابهم ببناء الجدران! ولم يتوقف الأمر عند هذا، بل تجري الآن عملية تسخين للصراع مع الجمهورية الإيرانية، متذرعاً بتجربة صاروخية لا علاقة لها بالاتفاق النووي بين الدول وبين إيران تنفيذاً لوعد انتخابي سابق بنقض الاتفاق الدولي مع إيران، وترامب لا يتردد في إدانة علنية للرئيس الأمريكي السابق بسبب "تساهله" مع جمهورية إيران.


بكل الاتجاهات يرمي "ترامب" قذائفه العدائية، لم يسلم من ذلك حلفاء أمريكا الأوروبيون وبشكل خاص الألمان والفرنسيون، كما لم يسلم من قذائفه هذه حلفاؤه الاستراليون، لا لشيء سوى أنهم أرادوا تنفيذ اتفاق سابق مع إدارة الرئيس "أوباما" باستقبال عدة مئات من اللاجئين إلى الولايات المتحدة، كما أن ترامب قام بإلغاء اتفاقات تجارية مع دول المحيط الهادئ، وبالتراجع عن اتفاقية حماية البيئة في فرنسا.


ولا يمكن أن ننسى ادعاءات الرئيس الجديد (جداً) حول محاربة الإرهاب في سوريا والعراق، الا انه تذكر بعد تنصيبه نصيحة "هيلاري" منافسته على الرئاسة بإقامة ما يسمى بالمناطق الآمنة في مناطق سورية، سرعان ما تناساها بعد أن سمع موقفاً قاطعاً من الزعماء الروس!


"ترامب" ليس زعيم العالم وليس مؤهلاً لذلك، لكن المثل القائل (يا فرعون مين فرعنك...) ينطبق عليه، وتحديداً في منطقتنا، حيث سياسة اللين والاستجداء هي السائدة، وإذا ما أراد الزعماء العرب ردع هذه السياسات الاستعلائية والعنصرية فعليهم رسم سياسات أخرى، فنحن لسنا عاجزين عن الرد، ولنتعلم من جيراننا قوة الرد والإيمان بسلامة الموقف والثقة بالنفس وبالحلفاء، وهم الآن في كل بقاع الأرض في الوقت الذي يدفع فيه الرئيس الأمريكي الجديد بلاده إلى العزلة والخراب!