الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قمة العقبة السرية/ بقلم: نبيل عمرو

2017-02-21 11:29:34 AM
قمة العقبة السرية/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

هذا هو الوصف الذي فضلته الصحافة الإسرائيلية للقاء الذي التأم في مدينة العقبة الأردنية، بمبادرة من وزير الخارجية الأمريكي.

 

لاحظت وجود مفارقة تلفت الانتباه، وهي ان الاجتماع كان سريا بالفعل، إلا ان كل ما نشر عنه كان علنيا بل أكثر من علني، ولأن الذي صار يتحكم بعقولنا وتحليلاتنا وحتى نفسياتنا، هو الإعلام الإسرائيلي المبادر، فإن الرواية والحالة هذه لن تكون محايدة، ولن تكون موضوعية، بل تصدّر لنا جدلا حاداً نغرق فيه، وربما نتبادل الاتهامات والإدانة، ويصبح كل شيء في حياتنا متوقفا على ما تقول إسرائيل وما لا تقول.

 

سؤالي الأول ... لماذا كان سرياً، ولماذا التكتم على عقده؟

 

العلاقة بين الأطراف التي اجتمعت في القمة السرية، علاقة رسمية وعلنية، والزيارات المتبادلة بين السياسيين، والاتصالات الهاتفية لا تتوقف، فلم السرية اذن؟ فعند إسرائيل يظل الأمر سرياً اذا ما كان في مصلحتها، ويصبح علنيا بل وفاقعا، حين تقرر ذلك وفقا لمصلحتها أيضا، وهذه قاعدة تطبقها إسرائيل بوسائل متعددة، كالتسريب المباشر أو اللجوء الى طرف ثالث ليعلن ما تحب إعلانه، ونادراً ما كان العرب يبادرون في الحديث عن لقاءاتهم مع اسرائيل رغم ان عندها سفارات وممثلين وزوارا وسياسيين وصحفيين ورجال اعمال يجوبون البلدان طولا وعرضا وبصورة علنية للغاية.

 

 حين قرأت الكثير الذي نشر في إسرائيل عن اللقاء السري، لم أجد بنداً واحداً لم نسمع به من قبل، ولم يناقش لمئات الساعات على وسائل الاعلام وخصوصا الإسرائيلية منها، لم أجد شيئا مختلفاً عما قاله نتنياهو في مؤتمره الصحفي، الذي عقده في احتفاله الزاهر بشرب نخب ترامب في البيت الأبيض، وما عرض من قبل الوزير كيري في الاجتماع السري، كان قد بشر به في العديد من المؤتمرات الصحفية والندوات، سوى انه في اللقاء السري سمى أفكاره بالمبادرة المتكاملة.

 

لقد استعنت بمجهر مكبر وانا ابحث عن معنى كلمتين ... الأولى مبادرة، والثانية متكاملة، كل ما توصلت اليه مما قرأت عن كيري، هي عناوين عامة يحتاج كل عنوان منها الى سنوات من التفاوض على كيفية تجسيدها وتطبيقها.

 

 ما يُفهم من التسريب الإسرائيلي وتوسيع مجال النقاش في ما عرض على مائدة القمة السرية  أنّ جميع الأطراف بما في ذلك الإسرائيلي والامريكي، يشعرون بضرورة ملء الفراغ المدمر الذي انتجه الاغلاق الكامل للمسار الفلسطيني الإسرائيلي، وهذا الفراغ يكون فيه الصدى اقوى من الصوت، وصدى القمة السرية وقع على سطح الرتابة والجمود، وقع الزلزال.

 

لقد صار هذا اللقاء الذي لم يُسفر عن شيء لدى كثيرين بمثابة عنوان لمرحلة سياسية تُقرأ بالاستنتاجات والتوقعات، بعيداً كل البعد عن الأفعال والاليات، فإسرائيل المولعة بالنقاش حول أي شيء، وجدت ما يملأ شارعها السياسي من بضائع مستهلكة او متجددة، والفلسطينيون الذين كان دورهم في الحكاية كلها مجرد أخذ العلم، فقد امتلأت صدورهم وعقولهم بالشكوك والهواجس، اما المصريون والاردنيون الذين لا يُشك باخلاصهم لعملية سلام متوازنة لهم مصلحة أساسية فيها، فقد سارعوا الى التوضيح ويُنتظر منهم ان لا يكتفوا بذلك، وان يفعلوا مثلما فعلت إسرائيل بل وزيادة عليها، كأن ينشروا كل ما تم ولا شك انهم صاروا في حلٍ من أي تفاهم على الكتمان، فما فعلته هآرتس يمكن ان تفعله الاهرام القاهرية والرأي او الدستور الأردنية.

 

بالنسبة لي لم احصل على جديد فيما قرأت، سوى انني شعرت بقلق ليس جديدا على أي حال اصوغه بسؤال: إلى إلى متى تظل الصحافة الإسرائيلية هي ضابط إيقاع وعينا ومعرفتنا، والمصدر الرئيسي لمعلوماتنا وخلاصاتنا، فمن يحتكر المعلومة ويحتكر التصرف بها يكون بأقل جهد يذكر سيد اللعبة والمتحكم بها.