الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إخراج غزة من معادلة الصراع/ بقلم: نهاد أبو غوش

2017-03-22 01:36:01 PM
إخراج غزة من معادلة الصراع/ بقلم: نهاد أبو غوش
نهاد أبو غوش

 

تخرج يوميا تصريحات متناقضة عن قادة حماس، بعضها يؤكد على المصالحة ويعترف بحكومة الوفاق، وبعضها الآخر يدعو لردم المقاطعة على رؤوس من فيها. قادة يعلنون اعترافهم بمنظمة التحرير وببرنامج الدولة في حدود العام 67، وغيرهم يعيد اكتشاف الماء كل يوم، ويروّج للبديل، لكن هذه المواقف المتناقضة التي تدير رؤوس المتابعين والمحللين يجب ألا تعمينا عن رؤية ما يجري ويتشكل على أرض الواقع، لا في الفضاء الإلكتروني المضلّل، ولا على شاشات التلفزيون.

 

الواقع هو أن الانقسام يتكرس ويتمأسس، من رفض المشاركة في الانتخابات المحلية، وصولا إلى تشكيل " لجنة إدارة قطاع غزة" التي هي في الحقيقة حكومة بصلاحيات كاملة باستثناء فخامة الاسم. سبق ذلك سلسلة من المواقف الغريبة التي يجب تذكُّرها والتقاطها من سيل التصريحات، وربطها بالسياق العملي الذي يجري على الأرض، ومن بينها دعوة الدكتور محمود الزهار، وهو شخصية مركزية في حماس، أثناء عهد الرئيس محمد مرسي إلى ضم قطاع غزة لمصر، وتبعه بعد فترة الدكتور عزيز الدويك فقال إن الجهاد في سوريا أولى من الجهاد في فلسطين، وأكملها موسى أبو مرزوق بدعوته الشهيرة للكونفدرالية بين الضفة وغزة.

 

هذه الشواهد، ومعها طريقة إدارة حماس لمفاوضات التهدئة إبّان الحرب الأخيرة على القطاع، علاوة على تورطها في الحرب السورية وزج المخيمات في لهيبها، تؤكد أن "الوطنية الفلسطينية" في فكر حماس وسلوكها السياسي أمر عارض، قد يكون مفيدا لها في دعايتها المحلية، ولكنه ليس جوهريا. أما الشيء الجوهري فهو انتماء حماس لأمة الإسلام وجماعة الإخوان وحساباتها الإقليمية والدولية.

 

كان يمكن استنتاج هذه النتيجة المروّعة من مجرد حصول الانقلاب والانقسام، واستمراره حتى اليوم، وبما هو تغليب لخلاف ثانوي على تناقض رئيس مع الاحتلال. لكن حماس كانت تجد دائما ما يغذّي ميلها الانقسامي من أداء السلطة والقيادة الشرعية سواء على الصعيد السياسي الوطني أو في إدارة الشأن الداخلي.

 

الآن يجري الترويج لمشروع جديد، ميناء ومطار على جزيرة صناعية قبالة غزة، بتمويل قطري ومساعدة تركية، ورقابة أمنية إسرائيلية أو أميركية. وفي هذا المشروع تتحقق الفوائد لكل الأطراف فتتخلص إسرائيل من عبء غزة ويرتاح ضميرها من سجن وحصار مليوني فلسطيني، وتعزز قطر وتركيا مكانتهما الإقليمية والدولية، وتنفرج أزمة حماس وتتعزز سيطرتها على الإمارة، لكن الثمن سيكون باهظا جدا على قضية الشعب الفلسطيني لأنه يعني من دون مواربة إخراج غزة بثقلها السكاني، ولاجئيها، ومقاومتها، وكونها جزءا لا يتجزأ من الوحدة الجغرافية والسياسية للشعب الفلسطيني، من معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ثم اختزال الشعب الفلسطيني إلى سكان معازل الضفة مع التصفية التدريجية لقضية اللاجئين.

 

كان لغزة ميناء نشط منذ ثلاثة آلاف عام توقف عمله عام 1967، ولها مطار بني في عهد السلطة ودمرته إسرائيل بعد الانتفاضة الثانية، ولنا أيضا مطار في قلنديا لمن نسي ذلك. وغزة وفق القانون الدولي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولها عدة معابر ينبغي المطالبة بفتحها على الضفة، ولها انتماء لا يخالطه الشك قدمت من أجله أغلى التضحيات في سبيل حرية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، فبأي حق، ولأي مصلحة زائلة يجري الزج بمصالح الشعب الفلسطيني وتوظيفها لحسابات إقليمية لا تعنينا، وتحقيق حلم رابين ومن بعده شارون في أن يبتلع البحر غزة، أو فك ارتباطها بالضفة وإلقائها في حضن العرب والمسلمين؟!