الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| الرواية التاريخية الفلسطينية تتمزّق.. من شومر وحتى سبسطية (1)

2017-03-28 04:06:44 PM
خاص
أحد الأماكن الأثرية في سبسطية (تصوير الحدث)

 

الحدث- علاء صبيحات

 

تتلفت عند قيادة مركبتك أو عند مشيك في أرجاء الوطن المتاح يمنة ويسرى، فتكتشف ببساطة أن كل متر من أصقاع أرض فلسطين التاريخية ينطق به الحصى والتراب وحتى الجبَل برواية تاريخية عن قوم عاشوا هنا وبنوا الحضارات والمدن وكتبوا ما لم يُقرأ حتى اليوم بصيغته الحقيقية.

 

يتعثّر الباحث عن تاريخه سهوا بمدينة تاريخية لم يعلم عنها شيئا سوى شارع الأعمدة، إنها "سَبَسطية" المدينة التي تسردُ تاريخا متأصّلا في القدم وتُبرهن على كمّ الصراعات التي جرت في تلك الحقبة.

 

يروي الباحث صهيب الحواري، أن مدينة سَبسطية سكنها العرب الكنعانيون، ومن ثم تعاقبت عليها الحضارات اليونانية والرومانية والبيزنطية والاسلامية وصولا إلى الفترة العثمانية التي شكلت المدن التاريخية الفلسطينية الحالية مثل القدس ونابلس ويافا وبُنيت هذه المدينة منذ ما قبل الميلاد، عندما بناها في القرن التاسع قبل الميلاد الملك الكنعاني عمري آخاب واسماها شامر".

 

وأضاف الحوّاري لـ"الحدث" ، أن كل الحضارات التي سكنت فلسطين عاشت في سبسطية، إلا أنها صارت مهملة على المستويين السياحي والسياسي.

 

 

في وصف القرية

 

هي قرية لها ثلاثة مداخل الأول بجانب مستوطنة "شافي شومرون"، وهو ليس إسما عبثيا كما يقول الباحث الحواري فإسم المستوطنة يعني بالعربية "عائدون الى شومرون".

ويذكر الحواري أن اليهود يعتبرون سَبسطية الحالية هي عاصمة مملكة اليهود الشمالية في القرن السابع قبل الميلاد.

 

المدخل الثاني بحسب الباحث التاريخي مليء بالإحباط، أما الثالث فيقودك لشارع الأعمدة مباشرة، فترى أولى التحصينات، وهي عبارة عن "جدار الدفاع الهيرودي" فيه تقوسات جميلة فنيا مجدية دفاعيا هدفها حماية المدينة الأولى، التي بُنيت في أعلى التل للسيطرة على الطرق التجارية.

 

وفي وصفه للمدينة، قال الباحث التاريخي صهيب الحواري إن في المدينة بالإضافة لشارع الأعمدة، مقام ومسجد النبي يحيى، بالإضافة لأسقفية رومانية و أبواب وأسوار وأبراج ومعابد ضخمة ومسارح أثرية، ومحكمة رومانية ومدرج روماني ومقبرة القبة (المقبرة الملكية) تعود للفترة الرومانية، غالبيتها معرّضة للنهب والسلب وتأثيرات العوامل الجوية التي ستدمر المدينة إن لم يتم ترميمها بشكل سريع.

 

وتابع الحواري، أن الملك الروماني هيرودوس عاد وبنى المدينة من جديد وأسماها سبسطا، وعندما اعترفت الإمبراطورية الرومانية بالديانة المسيحية في أوائل القرن الرابع الميلادي أصبحت مركزا للأسقفية.

 

يقول مفتش آثار سبسطية جهاد شحادة، في مقال اطلعت عليه "الحدث" على الموقع الإلكتروني الرسمي لبلدية سبسطية، إن المدينة القديمة كانت مشيَّدة بشكل شبه دائري طول قطرها من الشرق إلى الغرب كيلو متر واحد، ومدخلها الرسمي محاط ببرجين دائريين قطر كل منهما 14م يعود تاريخ تشييدها إلى فترة هيرودس، ولا زالا قائمين على ارتفاع من 8-11م.

 

أما السور- كما يقول الحواري- فتاريخ بنائ السور يعود إلى بداية الفترة الهيرودية وهو سور مدعم بعدد كبير من الأبراج.

 

المخاطر

 

وبالعودة إلى الباحث صهيب الحواري قال إن سبسطية تواجه هذه الأيام ثلاثة مخاطر، أولا الإهمال على مستوى الترميم، وقلّة وعي المجتمع الفلسطيني بأهمية المدينة مقارنة  برواية الاحتلال الصهيوني.

 

الخطورة الثانية بحسب الحواري، هي لصوص الآثار الذين نهبوا قسما كبيرا منها وباعوه في الغالب لصالح أشخاص مجهولي الهوية، وثالثا تهويد الآثار ومنع ترميمها لأنها وضعت ضمن مناطق (C)، التي يحظر على الفلسطينيين العمل بها دون موافقة الاحتلال، الذي يرفض مراراً قيام الفلسطينيين بعمليات البناء والترميم.

 

الاحتلال والتدمير

 

يقول الحواري إن السياح كانوا أول فترات الاحتلال منبهرين بالرواية الإسرائيلية ولا يعلمون القصة الحقيقية لاحتلال الأرض الفلسطينية وتشريد سكانها.

 

ويضيف الحواري بأن الإحتلال الإسرائيلي حال دون وصول السياح الى المناطق المأهولة بالعرب في البلدة حتى لا يتسنى لأحد معاينة المعاناة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني وكان ذلك من خلال محاولة نقل موقع أثري ثابت (مقبرة القبة) من وسط البلدة الى المنطقة الغربية غير المأهولة.

 

وشرح الحواري لمراسل "الحدث" خلال جولة في أرجاء المدينة، أنه وفي فترة ما بدأ السيّاح بإعلان رغباتهم برؤية مقبرة القُبة، أو التي تسمى بالمقبرة الملكية، وهنا يرتسم دور الاحتلال بما أقدم على فعله بالتحديد في تلك المقبرة.

 

الحواري تحدث بكلام ملؤه المَقت، أن "الاحتلال نصب عوارض خشبية ورافعات فوق المقبرة لنقلها إلى أعلى التل".

 

وأكد الحواري، أن الدمار الذي لحق بالمقبرة في سبسطية هو من فترة نصب العوارض الخشبية، التي انتهى عملهم فيها دون نقل للقبور الحجرية.

 

 ولكن ما تحويه القبور من أثاث جنائزي ولقى أثرية، كما يقول الحواري هي على الأغلب ملك للمتحف الفلسطيني في القدس.

 

وأضاف، أن المقبرة أصبحت الآن كومة أحجار تشير أنها في وقت مضى كانت أثرا لأقوام سلفوا بسبب ما تعرضت له المدينة بالكامل من إهمال.