الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عدد 83 | القدس القديمة في غزة.. فضائية الأقصى تُنشئ أول مدينة إنتاج إعلامي تُحاكي وجع القدس (صور)

2017-04-04 05:50:46 AM
عدد 83 | القدس القديمة في غزة.. فضائية الأقصى تُنشئ أول مدينة إنتاج إعلامي تُحاكي وجع القدس (صور)
مشهد من داخل مدينة الانتاج الإعلامي في غزة (تصوير: الحدث)

 

محمد ثريا: المدينة سبيل عملي لدعم المدينة المُقدسة على المستوى الإعلامي

زهير الإفرنجي: المدينة خطوة أولى على طريق صناعة الدراما الفلسطينية بإمكانات محدودة

 

غزة- محاسن أُصرف

 

على مساحة خمسة آلاف دونم في أراضي المحررات غربي مدينة خان يونس الواقعة جنوب قطاع غزة، ترسو بعض حارات القدس العتيقة بطابعها المعماري في أول مدينة إنتاج إعلامي تتبع لشبكة الأقصى الفضائية.

 

 هناك ما إن ترى لوحة مكتوبٌ عليها "باب السلسلة" حتى يُؤسر لُبك وتزداد خفقات قلبك وكأنك للتو وطأت بقدميك المدينة الممنوع عليك زيارتها، ويزداد شغفك باكتشاف كل ما تحويه من بيوت وطرقات مُشيدة من حجارة القدس لا تُشبهها حجار في أي مكان وخاصة غزة المتخمة بآلام الحصار، يصدمك رؤية المنزل الذي احتله شارون في الحارة، ويجذبك مقهى السلام بحكايا زبائنه النابضة بالوجع على وقع ممارسات الاحتلال وتستهويك أيضاً الحوانيت المُكتظة بالنثريات والهدايا الأثرية المُقدسية، وتتمنى واقعاً لو تشتري منها شيئاً على سبيل دعم أهلها لكنك لا تستطيع، فالمدينة وفقاً للقائمين عليها بُنيت على أرض غزة بدافع وطني لكشف ما يتعرض له أهل "باب السلسلة" الحارة المتاخمة للمسجد الأقصى من انتهاكات يومية بشكل درامي سيخترق فضاء الشاشة الفضية في رمضان القادم تحت عنوان "بوابة السماء"

 

"الحدث" في سياق السطور التالية ترصد فكرة المدينة الإعلامية وهدفها وتتحدث بشكلٍ أوفي عما واجهته من عقبات وكيف استطاع القائمون عليها تذليلها لتُحاكي شكلاً ومضموناً حارات القدس.

 

على مدار السنوات الماضية أبدعت شبكة الأقصى الفضائية في دعم دراما المُقاومة عبر إنتاج مسلسل "الفدائي" بجزأيه الأول والثاني، والذي لاقى انتشاراً كبيراً على المستوى المحلي وعلى المستوى الإسرائيلي إذ اتُهمت الشبكة بسبب من قبل إسرائيل بالتحريض على الإرهاب، لكن ذلك لم يُنهها عن استكمال الطريق بتقديم دراما عميقة وفي إطار ذلك اتخذت مؤخراً خطوة أكثر جرأة وتحدياً بإنشاء أول مدينة إنتاج إعلامي في قطاع غزة المحاصر تُحاكي مدينة القدس وتحديداً حارة باب السلسة المُتاخمة للمسجد الأقصى وتنقل للعالم وجع أهلها وتحضهم على دعمها.

اول مدينة انتاج اعلامي فضائية الاقصى حماس غزة سلسلة بوابة السماء رمضان

 

لمحاكاة وجع القدس

 

"محمد ثريا" مدير قناة الأقصى الفضائية، يؤكد أنّه روعيَّ في تأسيس المدينة الإعلامية حضور الطابع المعماري لمدينة القدس من حيث البناء وجملة المرافق الأثرية خاصة في حارة باب السلسلة ابتداءً من السوق والأزقة والحوانيت وليس انتهاءً بالسباط والبيت الذي احتله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "آرييل شارون" لتكون شاهدة على ما تُقاسيه المدينة من عمليات تهويد وإجراءات استيطانية تبتلع جوهر حضارتها ومهد تاريخها.

 

وأشار في مقابلة مع "الحدث" أن المدينة كانت بمثابة تحدي للاحتلال الذي يفرض حصاراً لا متناهي على قطاع غزة منذ عام 2007، موضحاً أنهم استطاعوا أن يُنشئوا المدينة على مساحة خمسة دونمات من أراضي المحررات غرب خان يونس جنوب قطاع غزة، بأقل الإمكانيات المتاحة في ظل نقص الخامات ومواد البناء، مُستدركاً: أنّها بدت طبيعية نابضة بتفاصيل حياة المقدسيين".

 

وبحسب "ثريا" فإن المدينة التي أقامتها سواعد فلسطينية خالصة من حيث التصميم والتنفيذ داخل قطاع غزة المحاصر تُعد سبيلاً عملياً لدعم المدينة المُقدسة على المستوى الإعلامي، خاصة في ظل رؤيتها القائمة على تعريف النشء الفلسطيني في قطاع غزة والعالم العربي بمدينة القدس المُتخمة بالآلام، باعتبار أن الغالبية منهم محرومون من زيارة القدس وممنوعٌ عليهم الوصول إليها إلا عبر فضاء الشاشة الفضية.

 

وتعمل قناة الأقصى الفضائية على تصوير مسلسل "بوابة السماء" الذي تعتزم عرضه خلال شهر رمضان المقبل، وبمزيد من التفصيل يُحدثنا "ثريا" أنّ المسلسل يُحاكي الهّم المقدسي ويُؤصل لرسالة واضحة للعالمين العربي والإسلامي مفادها أن "القدس في خطر" وبحاجة ماسة لمن يُضمد جراحها النازفة.

 

وفيما يتعلق بما تحتويه مشاهد المسلسل أكد "ثريا" أنها تُسلط الضوء على العمل المُقاوم وما يُعانيه أهل القدس من معاناة مقابل إصرارهم على مقاومة المحتل بأبسط الطرق، كما ويفضح ما يتعرضون له على يد جنود الاحتلال من أساليب تعذيب أثناء الاعتقال بالشبح والضرب، كما يُعرج على ممارسات السرقة للوثائق وعمليات التزوير للحقائق التي ينتهجها الاحتلال من أجل إقناع العالم بروايته المغلوطة حول المدينة وتاريخها المُزيف، يقول: "نحاول كشف كل الافتراءات ودحض كافة أكاذيب الاحتلال بما يخدم إيجاد حالة من التضامن والتعاطف مع القدس وأهلها ويؤسس لخطوات عملية في نصرتها سواء من العرب والمسلمين أو من أهل فلسطين في الداخل والخارج".

 

ويطمح القائمون على المدينة التي تُعد الأولى من نوعها على مستوى الإنتاج الفني، بالاستمرار في تعمير ها وإضافة العديد من المرافق الأثرية التي تُمثل هويتها العربية والإسلامية كـ إنشاء باحات المسجد الأقصى والدرج والقبة والمصلى المراوني وغيرها.

فضائية الأقصى تطلق اول مدينة انتاج اعلامي في غزة في فلسطين مسلسل بوابة السماء رمضان

بوابة السماء

 

لم تكن تسمية المسلسل المزمع عرضه خلال رمضان المُقبل بـ "بوابة السماء" من سبيل المُصادفة بل كما يقول زهير الإفرنجي مدير دائرة الإنتاج في فضائية الأقصى: "لما لها من مكانة مُقدسة وارتباط تأصيلي بالسماء" في إشارة منه لمعجزة الإسراء والمعراج التي خُص بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتابع: كان لا بد أن تُربط المدينة بسلسلة مع السماء لتكون شاهدة القيود التي يضعها أفراد الشرطة الإسرائيلية وقُطعان المستوطنين على أهل المدينة ومرابطيها لترتد إليهم نوراً يعكس مكانتها الدينية الرفيعة التي لا تقبل الزيف أو التحريف بل تدحضه.

 

وفي تفاصيل المسلسل الذي تُصور مشاهده في أول مدينة إنتاج إعلامي تُضاهي العمران المقدسي في الشكل والمضمون لتُخرجه مُنّكهاً بصبغة المقدسيين، يُؤكد "الإفرنجي" أنه يدور في إطار تعرية صراع أهل المدينة مع المحتل الذي يُريد أن يُفرغهم منها ليُنفذ مخططاته بالتهويد والضم الاستيطاني، ويُضيف في مقابلة خاصة مع "الحدث" أن العمل يكشف عن بعض الأساليب الخبيثة التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي في إحكام سيطرته على المدينة وتغيير هويتها الإسلامية وتاريخها وحضارتها الإنسانية منها الملاحقات اليومية بالضرائب والمنع من الوصول إلى المسجد الأقصى سواء من سكان البلدة القديمة أو الفلسطينيين عموماً من الضفة المحتلة أو أراضي الـ 48، ناهيك عن "السماسرة" وهم أخطر الوسائل التي تُغرر بالمقدسيين وتحملهم على بيع بيوتهم لعرب في الخارج يكتشفون تالياً أنهم يبيعوها بدورهم للمستوطنين بغية التكسب المادي على حساب تاريخ المدينة وحضارتها.

 

ولفت إلى أن مدينة الإنتاج الإعلامي التي وُضعت لبنتها الأولى لتسهيل تنفيذ المسلسل، كانت خطوة أولى على طريق صناعة الدراما وشكلت تحدياً كبيراً لإجراءات الحصار المفروض على القطاع منذ عشر ة أعوام سابقة، وبيّن أن الجديد في المسلسل فكرته وقصته التي يتم تناولها للمرة الأولى على مستوى الدراما المحلية أو العربية بالإضافة إلى العديد من الأحداث التي ستُشكل عنصر مفاجأة للمشاهد.

 

وفي معرض حديثه معنا يُؤكد "الإفرنجي" أن العمل في المقابل ينتصر العمل لخيار المقاومة عبر تبني شخصيات المسلسل لها في وجه الهجمات الإسرائيلية المستعرة بالتهويد، قائلاً ": لا يُمكن التعرض لحالة المعاناة فقط، بل من الجدير أيضاً أن حجم ثبات وشموخ المواطن المقدسي وتبنيه لخيار المقاومة".

 

العقبات

 

ويتفق "الإفرنجي" مع "ثريا" على جملة المعيقات التي عطلت مسيرة العمل في مدينة الإنتاج الإعلامي لفتراتٍ متباعدة حتى تم الانتهاء منها هذا العام بعد تجهيز دام ثلاث سنوات تقريباً، ويقول ثريا:" إن الحصار وعدم إدخال المواد الخام اللازمة للبناء الذي يتناغم وطبيعة العمران في القدس كان التحدي الأكبر" لافتاً إلى أنهم استطاعوا تطوعيه بالإمكانيات المتاحة.

 

ومن جهته شدد "الإفرنجي" على أن كل جزئية في بناء المدينة كانت محاطة بالعقبات المادية، مؤكداً أنه في كثير من الأحيان كان يتعذر إدخال المعدات اللازمة بسبب إغلاق المعابر نتيجة للحصار الإسرائيلي، وشدد "الإفرنجي" على أن العقبة الأضخم لدى العمل تكمن في عدم التسويق في الشرق الأوسط والسبب وفق ما أُخبر به من قبل شركات إنتاج عربية أن نهج العمل الدرامي لا يتناسب مع سياسة الشرق الأوسط، يصمت قليلاً ثم يُتابع بإصرار "رغم ذلك نطمح لأن نخترق جبهات عربية من خلال جودة العمل مقارنة بالإمكانيات المتاحة لحملها دعمه وترويجه كونه يخدم صمود أهل القدس ويدعم ثباتهم. وفي المجال ذاته نوه "الإفرنجي" إلى عقبات أخرى كـ الحرمان من الوصول إلى القدس والتصوير في أحيائها نتيجة السيطرة الإسرائيلية عليها وكذلك حرمان طواقم العمل سواء فنيين أو ممثلين من الاقتران بالتجارب الخارجية في الوطن العربي للارتقاء بأدائهم، وبيّن أنهم في دائرة الإنتاج عمدوا إلى التغلب على ذلك بتكوين لجنة استشارية للعمل الدرامي تضم أسرى محررين من القدس مُبعدين إلى قطاع غزة، وأدباء وفنانين من القدس والداخل المحتل، مؤكداً أنهم بتوجيهاتها نجحوا في إخراج العمل وكأنه في عمق المدينة المقدسة.

فضائية الأقصى تطلق اول مدينة انتاج اعلامي في غزة في فلسطين مسلسل بوابة السماء رمضان