يقدم قروضاً طويلة الأجل لأغراض تنموية صناعية أو زراعية بفوائد منخفضة لمشاريع مرتفعة المخاطرة
خاص الحدث
في خطوة غير مسبوقة يتشارك القطاعان العام والخاص مناصفة في مشروع تمويلي استثماري من نوع خاص، بإنشاء صندوق إجمالي قيمة محفظته الاستثماري 250 مليون دولار، هدفه تمويل مشاريع استراتيجية وريادية قادرة على إحداث نمو اقتصادي حقيقي وتشغيل أيدٍ عاملة.
ولكن الشركاء، وبالذات القطاع الخاص، يخشون من ألا يختلف مصير مشروع الصندوق عن غيره من الصناديق المالية والمؤسسات التمويلية القائمة التي تركز على تغطية الاحتياجات الاستهلاكية، كما يخشون من سيطرة واستئثار الحكومة على مقدراته وتوجهاته وإدارته وقراراته، وهو ما يمكن أن يعبر عنه تباطؤ وتلكؤ القطاع الخاص في إنجاز ما أوكل إليه من إعداد الدراسات اللازمة والجدوى الاقتصادية والأهداف.
تشكيك في نجاح فكرة الصندوق
ففي حين يرى رجل الأعمال محمد المسروجي، أن المشاريع التي يتحدثون عنها لا يمكن أن تتم بهذا الأسلوب، فهي تحتاج إلى جدوى وأشخاص من نوع خاص لتبنيها ودعمها.
ويشكك المسروجي، في نجاح مشروع الصندوق نظراً لأنه شبه قطاع عام، لكنه قال: (إنه من الممكن تطوير المشروع بحيث يكون هناك شراكات بمشاريع محددة، وأن يكون هناك هيئة حكومية تدعو القطاع الخاص إلى تأسيس مشروع مشترك برأس مال معين، ولا يتم ذلك عن طريق إنشاء صناديق أو تأسيس صناديق لدعم مشاريع لا يستطيع المساهم فيها إبداء رأيه فيها، إلا إذا كان عضواً في مجلس إدارة).
الحكومة على استعداد للعمل على تنمية حقيقية
ولكن بسام ولويل أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص، رئيس الاتحاد العام للصناعة الفلسطينية، يوضح أن هذه الفكرة جاءت من خلال الحوار مع الحكومة، وكانت مبادرة من رئيس الوزراء أن الحكومة على استعداد من أجل العمل على تنمية حقيقية في هذا البلد، وتعزيزا للصناعة وللخدمات وكل جوانب التنمية الاقتصادية الفلسطينية.
وقال: (من أجل أن نعمل بهذا الاتجاه، فمن خلال هذا الحوار طرح موضوع تأسيس الصندوق ليكون مناصفة بين القطاع الخاص وبين الحكومة برأس مال 250 مليون دولار. فنحن بحاجة إلى أي صناديق استثمارية في البلد، ولكن نريد لهذه الصناديق أو لهذا الصندوق أن يرى النور قريباً، وأن يتم توجيهه باتجاه تنمية حقيقية في المشاريع التي يمكن أن تكون مخاطرتها عالية، سواء كانت في الزراعة تحديداً، والتصنيع الزراعي والصناعة، وفي مجالات السياحة وفي مجالات مبادرات الشباب المتعددة أيضاً).
ولأن 93% من المشاريع هي صغيرة ومتوسطة، قال ولويل: (إننا نتطلع لأن يركز مشروع الصندوق على جوانب التنمية الحقيقية، وهو ما تم التوافق عليه في عديد الجلسات النقاشية مع الحكومة، ويعكف الفريق الوطني للتنمية الاقتصادية على دراسته حالياً).
ويختلف ولويل مع المسروجي حول دور الحكومة، عندما وصف مشروع الصندوق بالخطوة المتقدمة من الحكومة، وتبين، كما قال ولويل: (أن الحكومة لا تصدر وعودات أو أي كلام، وإنما هي تدعو القطاع الخاص مبدية استعدادها أن تنشئ صندوقاً للاستثمار في فلسطين، قيمته 250 مليون دولار، وهذه أعتقد أنها خطوة إيجابية، وتعزز الشراكة والعلاقة الحقيقية).
تبديد مخاوف بعض أوساط القطاع الخاص
ويبدد ولويل، مخاوف بعض أوساط القطاع الخاص حينما استدرك وقال: (هذا لا يعني أن الحكومة تتطلع لعمل احتكارات، فقد ولى زمن الاحتكارات، ولم يعد هناك احتكار في فلسطين، والسوق مفتوح للجميع في كافة الاستثمارات التي يرغبون بها، وبالتالي الهدف هو أن نعزز وأن نحفز القطاع الخاص الفلسطيني على الاستثمار من خلال هذا الصندوق، وأعتقد أننا، كقطاع خاص، ندعم هذا التوجه، وأنا كأمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص أدعم هذه الخطوة وأتمنى أن ترى النور قريباً).
ويؤكد ولويل، أن الحديث حالياً في المشروع يتم من خلال الفريق الوطني والحوار المستمر مع الحكومة من أجل الانتهاء من إعداد الدراسات اللازمة حوله، تمهيداً للإعلان عنه رسمياً، إذاً فهنالك ورشة عمل حقيقية تستجيب للتطلعات إلى الأفضل، بالاستناد إلى أجندة السياسات الوطنية التي توجت باتفاق القطاعين الحكومي والخاص ومعهما مكونات المجتمع المدني، والتي نادراً ما تجدها في دول متقدمة.
بلورة واعداد آليات متفق عليها بشأن الصندوق واجندة السياسات الوطنية وتنفيذها
ولكن ولويل شدد على أهمية بلورة وإعداد آليات متفق عليها بشأن الصندوق وأجندة السياسات الوطنية وتنفيذها، وقال: (وعد رئيس الوزراء أن تكون هناك آليات من أجل الرقابة على تنفيذ أجندة السياسات الوطنية، وهي شاملة كل شيء لمدة 5 سنوات، ولكن العبرة أننا نريد أن نعمل خطة استراتيجية للصناعة وتحديث القوانين، لتحقيق أمرين يضمنان التقدم في التنمية يتمثلان في: إنهاء الإجراءات البيروقراطية الحكومية في وزاراتها المختلفة، والعمل على قاعدة (يسّروا ولا تعسّروا)، من خلال تبسيط الإجراءات في عملية التراخيص، وهو شيء مهم وأساسي يجب التركيز عليه، إلى جانب التركيز على التصدير، لأن كل 20 ألف دولار نصدرها تخلق فرصة عمل، والتركيز على الإنتاج التصديري، إلى جانب تغطية احتياجات الاستهلاك المحلي، فإن أحللنا المنتج الوطني محل المستورد وصدرنا فسنحقق التنمية، وبالتالي نحتاج إلى إرادة وتصميم ومتابعة).
ويؤكد ولويل، وجود بعض التقدم في الناتج قومي الذي نما من 6 مليار دولار إلى 12 ملياراً، بينما ارتفعت قيمة الصادرات من 800 مليون دولار إلى 1,5 مليار، لكنها ليست كافية، حيث يتطلع إلى أن تصل قيمة الصادرات 20 ملياراً، وبالتالي: (نريد أن نعمل، وهذا ما نخاطب به الوزارات وخاصة وزارة المالية، فإن أردتم إيرادات أكثر علينا جميعاً العمل على تحفيز الاقتصاد والناتج القومي ليصبح بدلاً من 12 مليار دولار، 25 ملياراً، ما يضاعف خزينة الدولة).
الحكومة جدية أكثر من القطاع الخاص
بينما خليل رزق، رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية، يرى أن المسألة لا تقاس بمدى استعداد القطاع الخاص في الاشتراك بالصندوق ودفع ما عليه من مبالغ مالية، وقال: (ولكن رئيس الوزراء عندما اقترح المشروع طرحه بمصداقية بالدعوة لإنشاء مشاريع مشتركة ما بين الحكومة والقطاع الخاص، ونحن سنقدم مبادرة بإنشاء صندوق بـ 250 مليون دولار 125 مليون من الحكومة ومثلها من القطاع الخاص، بشراكة حقيقية فيما بين المؤسسة العامة ورجال الأعمال).
ويؤكد رزق، أنه تم تكليف سمير حليله، الرئيس التنفيذي لشركة باديكو القابضة، مهمة وضع خطة خاصة بهذا الصندوق، لكنه حتى الآن لم ينجزها، وقال: (أعتقد أن الحكومة الآن جدية أكثر من القطاع الخاص في هذا الموضوع).
ويبين رزق، أن الصندوق يستهدف إنشاء مشاريع مشتركة استثمارية لها علاقة بالربح والتشغيل وإقامة مصانع في فلسطين وبالحفاظ على الأرض، حيث تم طرح المشاريع الزراعية، وبالتالي: (أرى أنه توجد هناك فعلاً مصداقية من الحكومة، وحتى الان تباطؤ من القطاع الخاص بالسير قدماً في إنجاز هذا الصندوق).
ويؤكد رزق، أن الصندوق المقترح، لا يشبه باقي الصناديق التمويلية، وإنما قال عنه: (هو صندوق ربحي وليس دعم مشاريع لإنشاء شركات، جزء منها حكومي وجزء آخر قطاع خاص للقيام بدور له علاقة بالاستثمار الربحي والتنموي في الكثير من القطاعات كالزراعة والصناعة والتجارة، القطاعات المتاحة امام هذا الصندوق، ولا نريد تكرار أو تقليد مشاريع قائمة ونؤثر سلباً على ما هو موجود في القطاع الخاص، وإنما نتطلع لإنشاء مشاريع تطويرية استراتيجية والانتقال إلى مراحل أفضل سيكون دور كبير جداً للزراعة والصناعة).
هدفه هو أن يجعل الحكومة لاعباً رئيسياً وفاعلاً مهماً في النمو الاقتصادي
وإن كان سمير حليله، الرئيس التنفيذي لشركة باديكو القابضة، يتفق مع الآخرين بأن هذا الاقتراح قدمه رئيس الوزراء، لكنه أكد أن هدفه هو أن يجعل الحكومة لاعباً رئيسياً وفاعلاً مهماً في النمو الاقتصادي وفي محاولة لإيجاد أداة تمويلية جديدة لدفع الاقتصاد إلى الأمام، حيث تفاعل القطاع الخاص مع المقترح.
ويختلف حليلة مع رزق في جانب أن المشروع الآن في مرحلة إعداد الدراسة الخاصة حول آليات التدخل المقترحة: (لأننا نعتقد أن الصندوق لا يحتاج إلى أموال إضافية موجودة في البنوك، ولكن هناك نوعاً من الأموال غير متوفرة في البنوك، هي ما تحتاجها التنمية).
لذلك قال حليلة: (توجد إعادة نظر أو فحص للدور الذي سيلعبه هذا الصندوق، بحيث لا يكون فقط مجرد صندوق تمويلي عادي، وإنما ليمنح أدواراً أوسع وأكبر تجعل له دوراً مهماً في تحقيق النمو الاقتصادي، وسيعقد قريباً اجتماع لإلقاء الضوء على المشروع وبحث الرؤى والأفكار المتعلقة به، حيث تم تكليف معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، لتنظيم ورشة مصغرة خلال الأيام القادمة لنقاش تفاصيل هذا الصندوق).
يقدم قروضاً طويلة الأجل بفوائد منخفضة لمشاريع مرتفعة المخاطرة
وتعقيباً على ما إذا سيكون الصندوق إضافة نوعية أم يكرر نفس تجربة الصناديق والمؤسسات والتمويلية الأخرى، قال حليلة: (لدينا بنوك تجارية ومؤسسات مالية تقدم أموالاً تجارية بفوائد معروفة، ولكن لا يوجد طرف يقدم قروضاً طويلة الأجل غير "الإسكان"، لأغراض تنموية للصناعة أو الزراعة لمدة 15 سنة، ولا توجد جهات تعطي قروضاً بفوائد منخفضة لمشاريع مرتفعة المخاطرة، في ظل عدم توفر ضمانات كافية لقروض ضد المخاطر التجارية أو السياسية).
ويعتقد حليلة أنه يوجد نقص في الأدوات داخل السوق، وقال: (سوقنا تجاري فقط، ويخدم الاستهلاك في المجتمع، وكما يبدو لا يهدف إلى مساعدة العملية الإنتاجية، والدليل أن أغلب التمويل الموجود من خلال البنوك التجارية ينفق على الاستهلاك وليس للإنتاج).
بينما سيركز تمويل الصندوق، حسب حليلة، على البنية التحتية، وعلى المشاريع العامة، مثل صوامع القمح ومشاريع استراتيجة أخرى، ومناطق صناعية تعاني بعضها من مشاكل، مشدداً على أنه من الضروري أن يحدد الفحص الذي سيتم أولويات صرف الصندوق بما يخدم ويتكامل مع الدور الذي تلعبه البنوك التجارية.
وقال حليلة: (نحن كقطاع خاص ليس من حيث المبدأ ندعمه، وإنما نريد شيئاً فعلياً بمقدوره أن يعمل ويقدم خدمة إضافية جديدة مهمة، لذلك نتفاعل إيجاباً مع المقترح ونبحث عن أطر للحلول منها: أولويات المشاريع والطريقة والأدوات التمويلية، وأحد أهم أجزاء المشكلة، الإطار القانوني الذي سينظم الصندوق، فالسلطة لديها صندوق استثمار، فماذا يعني للحكومة ويتبع لمن؟ ولأي وزارة ستكون مرجعيته؟ أم أنه سيتبع رئاسة الوزراء؟ أسئلة كثيرة وهي جزء من الدراسة التي ستتم).
وقال: (إنه مشروع شراكة، والشراكة لها أسس ومعايير، ويمكن أن يصدر فيها قانون خاص، ونحن معنيون بالاستماع إلى الحكومة ونناقش معها ونبحث معها عن أفضل وسيلة لوضع 250 مليون في السوق الفلسطيني مناصفة بين الحكومة والقطاع الخاص).
صاحب المبادرة رئيس الوزراء وتحتاج إلى الكثير من البحث
الدكتور نبيل قسيس، مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، بين أن رئيس الوزراء طرح في أكثر من مناسبة فكرة إنشاء صندوق يمول نصفه من الحكومة ونصفه الآخر من القطاع الخاص، والهدف منه دعم النمو الاقتصادي من خلال دعم الإنتاج.
لكن د.قسيس يؤكد أن هذا الموضوع يحتاج إلى الكثير من البحث، متوقعاً أن يعقد معهد (ماس) طاولة مستديرة يجمع جميع الأطراف المعنية في القطاع الخاص والحكومة لبحث كيفية استخدام الصندوق، لأن موضوع الصندوق طرح في اجتماعات الفريق الوطني الذي تشكل بعد مؤتمر (ماس) بصفته منسق الفريق الذي يرأسه رئيس الوزراء.
وجدد قسيس التأكيد على أن هذا التدخل هو أحد التدخلات الرئيسية التي يجب إعطائها أولوية، وقال: (فرزنا بعض التدخلات الملحة ومجموعها نحو 300 تدخل، لكننا ركزنا على 40 تدخل من بينها إنشاء هذا الصندوق، ولكن بمناقشته تبين أنه يحتاج إلى المزيد من البحث لبلورة المفهوم حول ما نريد عمله في مثل هكذا صندوق، فهل سيركز على دعم المشاريع الكبيرة أم الصغيرة؟ أم أنه ربحي أو إقراض أو معونات؟ وسنتدارس كل البدائل، وذلك من خلال لقاء طاولة مستديرة لنخرج بصيغة حول المفهوم، ومن ثم ننطلق من هناك، الكل تشجع للفكرة والقطاع الخاص طرحها بقوة في أكثر من مناسبة، لذا يجب أن يكون هناك فهماً موحداً لإدارة هذا الصندوق لغرض دعم النمو الاقتصادي من خلال دعم الإنتاج).
تخمة في الصناديق التمويلية وكأن الإعلان عنها هو "الهدف"
ويعقب نصر عبد الكريم، الخبير الاقتصادي، على فكرة إنشاء الصندوق بقوله: (في الحالة الفلسطينية توجد تخمة صناديق، وكأن إنشاءها أو الإعلان عنها هو هدف بحد ذاته، فالمشكلة ليست بالمسميات ولا بالصناديق نفسها إن تأسست أم لا، أظن أن المشكلة في وضع الشروط والأسس السليمة لشراكة ما بين القطاع الخاص والحكومة، والأصل أن يدخل القطاع الخاص في شراكات مع الهيئات المحلية، وليس مع الحكومة بالضرورة، فلدينا هيئات محلية ليس لديها موارد مالية وتعاني نقصاً في المال، ولكنها تملك سلطة قانونية ومعنوية، وتوفر حوافز وحقوق امتياز لشركات القطاع الخاص لتقوم بإنتاج سلعة أو تقديم خدمة من خلال شراكة، بينما يملك القطاع الخاص خبرة ومعرفة بالاساليب التقنية ورأس المال، في حين تملك الهيئات المحلية الحيز الجغرافي والسلطة القانونية والشرعية، ويمكنها أن تخول ضمن هذه السلطة والصلاحيات للقطاع الخاص وفق أسس ومعايير).
ولكن هل نحن بحاجة إلى صندوق؟ وهنا لا يظن د. عبد الكريم، أنه يجب أن يتم عبر دراسة الحالة ويترك هامشاً للقطاع الخاص أو القطاع العام والتقرير بشأن كل حالة بالشراكة وشروطها والقطاع الذي ستعمل فيه.
أسئلة وعناوين عريضة وشعارات كبيرة تحدث وتثير مخاوفاً
ويتابع عبد الكريم: (يراد من القطاع الخاص ضخ 125 مليون دولار، لكنه تساءل: هل المساهمة فيه ستكون طوعية أم إجبارية؟ ولمن سيبيع حصصه؟ والذي سيساهم في الصندوق هل سيدخل في شراكات؟ ومن سيدير الصندوق؟ ومن هي المشاريع الحيوية الاستراتيجية التي سيدخل فيها؟ ومن الذي سيتحمل المخاطر؟).
ويضيف: (الحكومة طرف، تريد أن تساهم في تحمل مخاطر رأس المال والاستثمار في مشاريع استراتيجية حيوية لتشغل عمال، وبالتالي هي طرف، لكن القطاع الخاص هل هو شريك وطرف؟ وهل سيفتح الاكتتاب في الصندوق كأن تبيع حصصاً وكأنه صندوق استثماري يبيع وحدات تمويلية؟ ومن هو الذي له الحق في إدارة هذا الصندوق؟ هل يريد قانون وسيكون شخصية اعتبارية مستقلة أم أنه سيتبع لوزارة ما؟ وهل القطاع الخاص سيكون شريكاً في إدارته؟ طبعاً سيكون لأنه شريك في التمويل. لذا يجب الإجابة على هذه الاسئلة؟).
ويعتقد د. عبد الكريم، أن هذا الصندوق لو تأسس ربما تواجه الجهات التي تقترحه أو الحكومة مشكلة في الدفع، بسبب الصعوبات المالية التي تمر بها، والقطاع الخاص ربما أيضاً لا يجد في هذا الصندوق جاذبية جذابة، وبالتالي قد لا يستيطع أن يدفع هذه المبالغ، وقال: (إن العناوين العريضة والشعارات الكبيرة تحدث وتثير مخاوفاً).
وبالاطلاع على تجارب الصناديق التي تم تأسيسها وقرأ د. عبد الكريم تجاربها، قال: (ستجد أن كل صندوق لديه مشاكله، ولذلك بعض الصناديق حتى لم تقلع، ولذلك الذي أقلع منها قادر أن يوفر موارد مالية، ولذلك الكثير من الصناديق في الحالة الفلسطينية موجودة، ولكن هذا الصندوق مشكلته الإضافية أنه يريد أن يخلق حالة شراكة ما بين قطاع خاص له أولوية بأهدافه، وبين قطاع عام له أولويات، ولذلك هذه إشكالية تعقيدية إضافية).
ويرى عبد الكريم، أن الأصل والأصح من هذه الصيغة، أن تبادر الحكومة مع وزارة الحكم المحلي لأنها هي المعنية بالدرجة الأولى أن تعد ورقة مرجعية مبسطة وسهلة تبين فيها الشراكات وأسسها التي تريدها، من حيث التمويل والمخاطر والإدارة وبأي مناطق توزع جغرافياً، ومن ثم يتم مناقشة هذه الأسس المرجعية مع الهيئات المحلية، والتي ستتولى مع القطاع الخاص مسؤولية متابعة تنفيذ هذه الشراكات، أو الإشراف عليها، ومن المفترض أن تقدم للقطاع الخاص مبادرات وفرص شراكات ما بين القطاعين العام والخاص، وبعد بلورة الوثيقة والأسس والمرجعية القانونية والإدارية عندها يصبح الاساس هو الذي يحكم لاحقاً، وعندها يتم تطويرها من خلال البلديات منفردة أو في لقاءات مع رجال الأعمال أو القطاع الخاص عبر ورشات عمل ومؤتمرات صغيرة، أو عبر النقاشات الفردية ما بين رجال أعمال مهتمين أو شركات تعمل في نفس القطاع).
ويحذر د. عبد الكريم، الحكومة والقطاع الخاص من الوقوع فريسة لما يسمى بالتوقعات الكبيرة، والتي غالباً بعض الإعلانات تأتي لرفع هذه التوقعات، وتخلق آمالاً وطموحات وأهدافاً كثيرة، لكنها في النهاية عند العمل على الأرض تصطدم بأسئلة أساسية يجب الإجابة عليها، وبمشاكل فنية وإدارية تخيب الآمال والتوقعات، لذا فإنه يرى أنه يجب الانتهاء من الوثيقة، ومن ثم مناقشة المبادرات والشراكات، كل حالة وحدها، وليس من خلال صندوق فيه مشاكل وتواجهه ربما صعوبات وتحديات كثيرة.