الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حول المقاطعه و التطبيع ما الذي نريد؟ بقلم- د. غسان طوباسي

2017-04-15 05:06:34 PM
حول المقاطعه و التطبيع ما الذي نريد؟ بقلم- د. غسان طوباسي
د. غسان طوباسي

 

بقلم- د. غسان طوباسي

 

من أكثر الأمور غرابة في الصراع الفلسطيني الأسرائيلي ، أننا كشعب فلسطيني غير متفقين على رواية واحدة للصراع ، و هذا بدوره يجعلنا في خلاف جذري في تبعات القضية مثل طبيعة الصراع ،معسكر الأعداء والأصدقاء،  الهدف الذي نريد الوصول له . فقبل انطلاق الثورة الوطنية الحديثة عام 1965م . لم تكن هناك قد تشكلت شخصية وطنية مستقلة ، وكانت الحركات والقوى الفاعلة في صفوف الشعب الفلسطيني أما قومية عربية أو شيوعية أممية أو اسلامية دينية، ولكن وبعد تشكل حركة التحرر الوطني الفلسطيني وبعدها منظمة التحرير أصبحت البوصلة واضحة اصبحنا نتحدث عن قضية وطنية تحريرية، قضية شعب طرد وشرد من ارضه في مواجهة استعمار صهيوني كولونيا لي.

 

و بعدها أصبحت قضيتنا قضية تحررية تحظى بدعم أغلب شعوب الكرة الأرضية ، وقد ترجم ذلك في أروقة الأمم المتحدة و كافة المحافل و الساحات الدولية.

 

و لكن و بعد تعاظم التيار الديني في البلاد العربية و في بلادنا برزت الرواية الدينية على حساب الرواية الوطنية الأنسانية و هذا بدوره افقدنا الكثير من الدعم و التأييد و هنا كانت الخطيئة التي انسحبت عليها العديد من مظاهر الأسلمة على حساب الهوية الفلسطينية.

 

ان المقاطعة و هي بلا شك اذا كانت سليمة و واضحة سلاح يخدم قضيتنا و يزيد في عزلة الاحتلال و لكن اذا اصبحنا نمارس الشوفينية و العنصرية تحت شعار المقاطعه و التطبيع فذلك خطر و لابد من التوقف عنده و الأتفاق على الحد الأدنى من مضمونه و اهدافه.

ان هذه الأرض الفلسطينية لم تكن يوماً ملكاً لدين معين فلا هي وقف يهودي أو نصراني أو اسلامي و على هذه الأرض مرت و سكنت العديد من الشعوب و الديانات ، فاليهودي ليس عدوا ، و الأسرائيلي الذي في حيفا أو القدس ليس ذنبة  انه ولد في هذه البلد و ليس منطقا أن تطلب منه العودة الى البلاد التي جاء منها اجداده.

 

نحن نأخذ موقف من البشر بناء على موقفهم و سلوكهم و تصرفاتهم و ليس بناء على عرقهم أو دينهم أو مذهبهم و الا لافرق بيننا و بين داعش أو عصابات المستوطنين الصهاينة أو جماعة كوكلاس كلاون المسيحية العنصرية ، ففي النهاية كل هذه الافكار العنصرية و الأقصائية المتطرفة نلتقي في معاداة السلام و التعايش و الاذهار و الحرية و التقدم و البناء لأنها أفكار منعزلة رجعية لا تريد للتاريخ أن يتقدم.

 

ان ما حصل قبل عدة أيام في حفل تأبين المناضل الوطني تيسير العاروري من قبل مجموعه من شباب جامعة بير زيت تدعي اليسار بمحاولة منعهم دخول محمد بركة و عادل عامر تحت شعار انهم مطبعين شيء محزن و يدعوا للاشمئزاز و بحاجة الى محاسبة و وقفة مسؤولة . لست في مجال اعطاء شهادة وطنية لمن هم أكثر مني وطنية  فهم، من صمدوا في الوطن وهم من يحمل الهم على راحتيه و هم من يواجه الموت و القهر و الاذلال و والتميز العنصري.

 

انا لا استغرب وجود مجموعات عنصرية أو جاهلة في أي مجتمع و لكن ليس مقبولا في ظل وجود سلطة و نظام ان نسمح لكائن من كان تحت شعار الحريات ان يسيء لشرفاء شعبنا واصدقاءنا، ولأننا لم نعالج موضوع منع اميره هاس من دخول الجامعه يوما تمادى البعض و سمح لنفسه بتكرار المحاولة مع من هم أكثر صدقا قولا وعملا منه.

 

ان المقاطعه لا تعني و لا بأي شكل معاداة الاخر لأنها ستخدم الفكرة اللاسامية العنصرية الشوفينية ، المقاطعه هي للاحتلال و تبعاته و ليس لأشخاص ولدوا يهودا يناصرون نضال شعبنا العادل و يلعبوم دورا هاما في تجنيد الدعم الشعبي و الدولي لقضيتنا ، ولا تكون المقاطعة لأبناء شعبنا الذي صمد وبقي بارضة. فكما أن التفجير الأرهابي الذي حصل في مصر بحق الأقباط المصريين فقط لانهم ليسوا مسلمين، كذلك نتشابه عندما نعادي الاخر لانهم ليسوا فلسطينين او عربا او مسلمين.

 

ان قواعد المقاطعة و مناهضة التطبيع يجب أن تكون لها قوانين و أسس متفق عليها من مكونات الشعب الفلسطيني و لايجوز أن تترك سائبة  وبدون  ضوابط والاستجلب لنا المزيد من الفوضى و التخبط و الخسائر.