السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لا عرس... ولا ديمقراطي بقلم: تيسير الزّبري

صريح العبارة

2017-04-17 09:37:45 PM
لا عرس... ولا ديمقراطي
بقلم: تيسير الزّبري
تيسر الزّبري

أرجو ألا يتسرع البعض في وصف الانتخابات المحلية في شهر أيار القادم، وبدون مشاركة المحافظات الجنوبية في قطاع غزة، بأنها عرس ديمقراطي، فهذا الوصف سوف يكون بعيداً عن الواقع، بل إنه يتعاكس مع رغبة ومزاج القسم الأكبر من فلسطينيي الضفة والقطاع.

 

لم يكن الحال كما هو الآن في تشرين الأول من العام الماضي، وهي الأيام التي سبقت إلغاء العملية الانتخابية في آخر أسابيعها من قبل الحكومة الفلسطينية (وبناء على قرار محكمة العدل العليا).

 

في ذلك الوقت، وقبل القرار بالتأجيل، كان الجميع متحمساً لإجراء انتخابات المجالس المحلية، سواء في المحافظات الشمالية أو المحافظات الجنوبية، باستثناء قلة وجدت في بعض التعقيدات الانتخابية، وتحديداً في مرحلة التسجيل في بعض مراكز القطاع، ما يدفعها لمطالبة مراكز القرار بوقف العملية الانتخابية، على عكس الرأي العام الذي نظر للانتخابات بأنها خطوة على طريق إنهاء الانقسام ومن أجل تقديم الخدمات الحياتية الممكنة للمواطنين.

 

لا رغبة في نبش الماضي القريب ولكن هناك رأياً واسعاً في المجتمع الفلسطيني لم يجد في إلغاء العملية إلا تكريساً لمنهج التفرد والمزيد من إهمال الرأي العام الفلسطيني، واستغفاله في نفس الوقت، خاصة وأن الإلغاء، آنذاك، قد ترافق مع محاولات للتراجع عن قانون الانتخاب الحالي من حيث النظام الانتخابي (التمثيل النسبي) أو من حيث العودة إلى إجراء الانتخابات على مراحل!

 

العودة عن قرار الإلغاء وفتح الأبواب أمام عودة الانتخابات المحلية ترافقت مع الاستجابة إلى مطلب وطني بتشكيل محكمة انتخابات مختصة للبت في الطعون الانتخابية، وهذا شكل مكسباً وحامياً لأي انتخابات من عملية التعسف في البت بالمنازعات الانتخابية، وهي التي تحصل في كل انتخابات، خاصة إذا أحيلت المنازعات إلى محكمة غير مختصة.

 

لقد رفضت إحدى القوى السياسية، وأعني بذلك حركة حماس، المشاركة في الانتخابات، واعتبرت أن تشكيل المحكمة المختصة بدون مشاورتها سبب في رفض المشاركة، علماً بأن مطلب تشكيل المحكمة المختصة بالمنازعات الانتخابية كان مطلباً للجميع بمن فيهم حركة حماس!

 

موقف القوى السياسية الفلسطينية الأخرى لم يكن أقل أذى من موقف المقاطعة الحمساوية، إذ أن الجبهة الشعبية قررت المقاطعة (بعد أن كانت قد أعلنت مشاركتها) والأسباب للتراجع كانت غير مفهومة حتى اللحظة، ما أربك الوضع الفلسطيني الداخلي وأضعف من إمكانية إيجاد قطب انتخابي يساري– ديمقراطي، وأعاد للانتخابات البلدية والقروية أشكالاً من التحالف العشائري، ومن إيجاد كتل توافقية سياسية ضعيفة ومن انقسامات انتخابية حتى بين أبناء التنظيم الواحد، وهذا أمر متوقع وواقعي في ظل طغيان النزعة العشائرية والجهوية بدلاً من الكتل الوطنية ذات اللون السياسي.

 

اللوحة الانتخابية الراهنة لا تسر البال، وتفتقر إلى الحيوية والرغبة في المشاركة مما يترك آثاره على نسبة المشاركين في الذهاب إلى صناديق الاقتراع في الضفة الغربية، ومما يزيد الأمر سوءاً أن حركة حماس لم تكتف بمقاطعة الانتخابات، بل أنها قررت منع أبناء القطاع من ممارسة حقهم الانتخابي في اختيار مجالسهم، علماً بأن مدينة غزة لم تجر انتخاباتها البلدية من ما يزيد عن خمسين عاماً!!

 

مظاهر عدم الرغبة تظهر في شواهد عدة، منها أن الكثير من المجالس (حوالي سبعين مجلساً) لم تتقدم بتشكيل أي كتل فيها مما يضعها أمام القرارات الإدارية في التعيين، وانتشار ظاهرة المجالس الفائزة بالتزكية وعددها يقارب المائة والسبعين مجلساً، وهي ظواهر ليست في صالح التنافس الديمقراطي واختيار الأفضل، والأكثر أذى من كل ما سبق أن انتخابات أيار القادم سوف توسع من حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وهو الخطر الكبير على المشروع الوطني الفلسطيني في ظل ظروف سياسية خطيرة تحيط بنا وبالمنطقة والعالم عموماً!!