الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص الحدث| جائزة العالم الموحَّد ستعزِّز المقاومة الفلسطينية الخضراء

2017-04-18 02:42:40 PM
خاص الحدث| جائزة العالم الموحَّد ستعزِّز المقاومة الفلسطينية الخضراء
زيتون، (ارشيف الحدث)

 

الحدث- علاء صبيحات

 

فلسطين رُشّحت مع المئات من المرشحين لجائزة العالم الموحد، لتصبح من المرشحين الخمس النهائيين، جائزة مرّ الترشُّح لها مرور الكرام أمام أعين الإعلام المحلي، فيما اهتم بها الإعلام والمجتمع الدولي، جائزة تتنافس فيها فلسطين ذات العمر القليل في الزراعة العضوية مع كبريات المزارع والشركات العالمية المختصّة بالزراعة العضوية.

 

One World Award أو جائزة العالم الواحد يُعرِّفها الدكتور سامر جّرار مدير مركز (CORE) للأبحاث في الزراعة العضوية على أنها جائزة تقدهما المنظمة العالمية للزراعة العضوية، وهي جائزة لها من الأهمية ما لجائزة الأوسكار الفنية مثلاً من أهمية، بل وأكثر على أرض الواقع.

 

لا بدّ من التوضيح

مركز (CORE) وهو اختصار لـ Canaan Center for Organic Research and Extension  وترجمته بالعربية هي مركز كنعان للبحث والإرشاد في الزراعة العضوية، هو مختَص بالأبحاث الزراعية العضوية، ولا تقف جهوده على تقديم البحوث النمطية كما يقول الدكتور ليث صبيحات وهو مدير دائرة الأبحاث في المركز.

 

ويوضح ذلك د.جرّار بحيث يقول إن المركز يعالج المشاكل الزراعية بطريقة صديقة للبيئة (عضوية) في فلسطين، من خلال أبحاث لطلبة ماجستير فلسطينيين في أوروبا.

 

أما د.صبيحات فيضيف أن أحد طرق حل المشكلات الزراعية بطريقة عضوية هي بتطبيق تجارب علمية في المزارع النموذجية التي يمتلكون إحداها في قرية الزبابدة جنوب مدينة جنين وهم بصدد إقامة أخرى في قرية برقين غرب جنين.

 

المركز كما يقول جرّار إنه الوحيد في الشرق الأوسط كاملاً، وله شركاء أوروبيون وآسيويون، لكن جميع موظفيه فلسطينيين، ويمثل فلسطين فقط، وهو بالتعاون مع جمعية فلسطين للتجارة العادلة وشركة كنعان للتصدير يمثلون نقاط الوصل في الترشِّح لجائزة العالم الواحد.

 

ما هي تلك الجائزة

هي جائزة عالمية وتَقدَّم لها المئات لكن المجموعة الفلسطينية، بأجزائها الثلاثة التي تتكون أولاً من شركة كنعان لتصدير المنتجات العضوية للسوق الأوروبية والأمريكية كما يقول د. جرّار.

 

وثانياً من جمعية فلسطين للتجارة العادلة التي تقدّم الدعم وتجدول المزارعين العضويين الذين ينتمون لها وتقدم الدعم لهم من خلال تأمين بيع منتجاتهم بالسعر الأفضل.

 

ومركز كور لأبحاث الزراعة العضوية والذي يعتبر الأهم في هذه السلسلة كونه العنصر الأهم في هذه السلسلة.

 

 قيمة الجائزة بنظر مؤسس المجموعة

يقول مؤسس ورئيس شركة كنعان ومؤسس جمعية فلسطين للتجارة العادلة ومؤسس ورئيس مركز (CORE) الدكتور ناصر أبو فرحة إن المرشّح الفعلي للجائزة هو شخصه بحد ذاته بناءً على قصة النجاح التي أداراها وقدمها للعالم.

 

وقيمة الجائزة المادية تتراوح بين 5 آلاف إلى 25 ألف دولار كما يقول د.أبو فرحة بحسب تقييم اللجنة التي قدمت إلى مركز كور قبل أيّام، والتي ستقدّم على شكل هبة لتطوير بحث زراعي.

 

الجائزة كما يشرح د.أبو فرحة هي بتمويل من شركة (رادبونزل) الألمانية،  وتتم تحت رعاية المنظمة العالمية للزراعة العضوية.

 

ويؤكد د.سامر جرّار أن (رادبونزل) هي شركة تتاجر بالمنتجات العضوية منذ أربعين عام، ويزيد حجم استثماراتها السنوية حالياً على الـــ200 مليون يورو.

 

فيما يقول د.أبو فرحة إن قيمة الجائزة المادية ليست ذات أهمية بل لها بعد سياسي وزراعي أهم بكثير.

 

فالجائزة كما يوضّح د.جرّار تضع الزراعة العضوية الفلسطينية على الخارطة العالمية بصفتها المنافسة، في حين أن التنمية الزراعية كما يضيف د.جرّار ستصبح بحد ذاتها مقاومة خضراء لإثبات الوجود على الصعيد العالمي.

 

خاصة أن هذه المنتجات التي تصدّر للعالم كما يقول د.ناصر توزّع عالمياً تحت اسم وشعار ومنشأ فلسطيني بالكامل ومن خلال شركة تصدير فلسطينية.

 

وأصبحت هذه المنتجات كما يضيف د. أبو فرحة كالزيت مثلاً تنافس زيوت النخبة الإيطالية المتواجدة بشهرة في السوق العالمي منذ القِدَم.

 

أهمية الجائزة على مستوى مركز (CORE)

يؤكد د.صبيحات إن هذه الجائزة مهمّة جداً للمركز بشكل خاص لعدة أسباب أولها تعزيز ثقة المزارع بالمركز ذلك أن 50% من عمل المركز منصبٌّ على ثقة المزارع بنا كمركز لعلاج المشاكل التي يواجهها بطريقة عضوية.

 

يلزمنا أن يقتنع الناس بشكل أكبر في عملنا، كذلك نريد من وزارة الزراعة أن تؤمن بنا أكثر رغم إيمانها بما نقدمه حالياً.

 

ومشاريعنا التي نقدمها وننفذها بالنقاش مع المزارع فالأرض التي نعمل بها يعطينا إياها المزارع  لنعمل بها وفقا لمبدأ Participatory research approach أو التوجه التشاركي في الأبحاث، أي إشراك المزارع في النقاش ودراسة النتائج وتغير العلاج في معالجة أرضه.

 

أما على الصعيد العالمي فنحن بنظر العالم مركز أبحاث غير حكومي في إحدى دول العالم الثالث، وبالتالي فإننا نطمح للحصول على الثقة من المؤسسات الأوروبية الضخمة التي تعمل في مجالنا.

 

والثقة هنا ليست إلا بهدف إثبات قدرتنا على المستوى العالمي، والحصول على عضوية في الدخول في نظام Consortium أو التحالف البحثي، وهو نظام بحث يكون بشراكة 15- 30 مؤسسة دولية يتشاركون في بحث موحد.

 

ونحن أول مؤسسة فلسطينية تقدّم على الإطلاق للمشاركة في هذا النظام من الأبحاث، ونتيجة الثقة الدولية بما صنعناه في 3 سنوات فقط فقد ترشّحنا لهذه الجائزة، بل ونجحنا في الحصول على الاشتراك في بحث تحالفي من خلال مؤسسة H2020، بعد أن قدّمنا في العام 2016 للاشتراك في 3 أبحاث.

 

وقد تمّت الموافقة على أحد هذه الأبحاث والتي يشاركنا فيها مؤسسة دولية ومؤسسة أفريقية أما باقي المؤسسات هن من داخل أوروبا كمعهد جايمز هالتون البريطاني وجامعة زيورخ وجامعة مدريد، ونشترك في البحث مع 23 مؤسسة دولية، وهو بحث بقيادة بريطانية.

 

والبحث الثاني اجتاز مرحلة التصنيف الاولي والآن هو في مرحلة التقييم وهو بقيادة إيطالية والثالث لا زال قيد الكتابة ولا يشترك معنا فيه أحد من خارج أوروبا.

 

وهذا يعتبر إنجاز على مستوى العالم ومثل هذه الجائزة تعزز من وجود إسم فلسطين في العالم وفي الخارطة السياسية والزراعية فهي المقاومة الخضراء بمعنى الكلمة كما يصفها د. ليث صبيحات.

 

المعايير المشترطة

يقول د.جرّار إن الحصول على نموذج ناجح يترشّح للجائزة قدّم مساحة أرض مرخّصة عضوياً بحجم 65 ألف دونم من الأراضي الزراعية في الضفة الغربية.

 

والمعايير التي تضعها مؤسسة (IFOAM) تعتمد على عدة أسس أولها الإنتاج العضوي بالكامل الذي يخدم البيئة، ثانيها أن يحصل المزارع الذي يعمل في مجال الزراعة العضوية على عائد اقتصادي مجدي وعادل له، وثالثها كل من يعمل في إطار العمل الزراعي العضوي كموظفي المحاسبة والتسويق والباحثين والعمال يجب أن يحصلوا على ما استحقّوه من تعب معنويا وماديا بحيث تتحقق العدالة المجتمعية.

 

نموذج النجاح

يؤكد د.سامر أن المؤسسات الفلسطينية الثلاث المشتركة في الترشُّح للجائزة منفصلة عن بعضها البعض لكن الهدف منها معاً أن تغطي سلسلة الإنتاج فكما يقول إن النموذج يعمل على مبدأ عالمي هو من الحقل إلى المستهلك.

 

الجزء الأول من هذا المبدأ يصفه د.سامر بالمظلة وهي جمعية فلسطين للتجارة العادلة التي يقول فيها رئيسها الحالي بشير حبايبة إنها تضمُّ 1700 مزارع مرخّص عضويا، من جنوب الضفة إلى شمالها.

 

وتقدّم الخدمات للمزارعين من خلال تنظيمهم وتقديم سلعهم لشركة كنعان وتحسين خدماتهم للأرض ومراقبة الإنتاج والتصرّف العضوي.

 

وفي حالة فوز المجموعة بالجائزة فإن حجم التصدير سيتضاعف كما يقول حبايبة، وبالتالي فالإنتاج سيتضاعف فالسوق العالمية كما يقول حبايبة يحتاج لهذا الكم من الإنتاج بل وأضعافه لكن السوق للأفضل فهي تنافسية.

 

ومجرّد الترشح كما يقول حبايبة هو جائزة بحد ذاته، فالعالم يعترف بوجودنا الزراعي وبنجاحنا العملي.

 

أما الجزء الثاني من المبدأ المذكور هو مركز الأبحاث (CORE) الذي يقدم  يدَ العون للمزارع في حل مشاكله وإصلاح أرضه وتطويرها والبحث عن المنتج الأفضل للمزارع.

 

الجزء الثالث من السلسلة هي شركة كنعان فلسطين أو (Canaan Palestine)، وهي التي تقدم السلع للسوق العالمية بعد أن تغلفَه بعبوات مثالية وفقا للطرق الفضلى في التسويق.

 

 لماذا لا ينتمي العالم بأكمله للزارعة العضوية؟

يوضح د. ليث صبيحات بأن المأساة برمتها تقع على كاهل النظام الرأسمالي، فالرواية التراجيدية لإعدام بطل العالم الطاهر (أو الزراعة العضوية) كما يرويها د.صبيحات كانت بعد ما يسمّى بالثورة الخضراء في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وهي الثورة التي لا تمت للخَضَارِ بصلةٍ وهي الأخت الشقيقة للثورة الصناعية، لكن العالم لم ينشغل بها كما انشغل بأختها ربما لأن تأثيرها لم يكن واضحاً في بدايته.

 

ثم ركِب موجة هذه الثورة كبرى شركات التصنيع الزراعي والتي اعتمدت على معالجة الأمراض الزراعية بالكيماويات من ناحية وتصنيع البذور المهجّنة من ناحية أخرى.

 

وقد احتكرت 6 شركات كبرى كلها أمريكية أكثر من 90% من إنتاج البذور والكيماويات، وهنّ شركات مدعومة دولياً لأنهم يدفعون الضرائب لتلك الدول.

 

وقد دخلت تلك الشركات نمط البحث العلمي بل واحتكرت تلك الأبحاث لنفسها وحققت الأرباح على أكتاف المزارعين الذين تبيعهم البذور والكيماويات والأسمدة، وبالتالي فبحسب نظرة د.صبيحات فإن عدداً هائلاً من الناس آمنوا بهذا النمط الزراعي واقتنعوا به لأنه أصبح "أكاديمياً".

 

وأصبح لتلك الشركات مندوبون زراعيون يعرضون بذوراً مهجنة على المزارعين ويقنعون المزارع  بضخامة حجم الإنتاج الزراعي من هذه البذور فالطماطم الطبيعية تقدم إنتاجاً تقريبياً يصل إلى 200 كيلوغرام للدونم في حين أن أختها المهجَّنة تُقدِّم 5 أطنان للدونم.

 

فأصبح المزارعون مقتنعين بالأرباح ليتفاجأوا فيما بعد بأنهم بحاجة لكميّات ضخمة من الكيماويات المعالجة، والمياه والأسمدة.

 

ثم ليكتشف المزارع فيما بعد أن بذور ثماره من المنتج المهجن هي بذور عقيمة ولا تصلح للزراعة في الموسم التالي ليصبح مضطراً لأن يشتري بذوراً جديدة في كل موسم.

 

فأصبح الربح الأكبر لبائع البذور المهجنة والمواد الكيماوية والأسمدة وكذلك لشركات الآلات الزراعية التي صنّعت آلات خاصة لخدمة أعداد هائلة من الدونمات.

 

ثم ليصبح المزارع الأقل ربحاً في خط الإنتاج المسموم ذاك والذي قاد أرضه للهلاك، مقابل أن يُعبّئَ جيوب الرأسماليين الذين لا تهمهم سوى الأموال.

 

ونتائج ما سبق كما قال د.صبيحات أن كمية الإنتاج صارت كبيرة وعدد الأشخاص الذين يعملون في الزراعة قلّ وازدادت أعداد البطالة وبالتالي فإن دولاً تعتمد على الزراعة في اقتصادها كالهند مثلاً صار عدد من هم تحت بند البطالة ضخماً جداً وفي المقابل القدرة الشرائية صارت معدومة بسبب البطالة مما أوقع المزارع في فخّ البيع الرخيص.

 

أما الخسارة الحقيقية فهي البيئة، فهناك كما يقول د.صبيحات 15 سم من سطح الأرض هن من يقدمن الحياة الفعلية لـ 6 مليار نسمة حول الكوكب.

 

وهذه الـ15 سم بحسب ما يقول  د.صبيحات وصلت لحد النزاع الأخير أو بالأحرى أصبحت سُمٌّ فعلي، ذلك أن هذه الطبقة من التربة تمتلك تنوع حيوي من ميكروبات وفطريات وديدان والكثير من هذه المكونات التي تسمح لها بالتجديد ذاتياً.

 

ومع انتشار استخدام الكيماويات فإن هذا التنوع الحيوي قد تسمم لأن ديدان تهوية التربة مثلا قد أعدمت وكذلك الفطريات والميكروبات وأخواتهن.

 

فأصبح التراب عبارة عن سمّ لا يصلح للاستخدام الزراعي وبالتالي فإن الزراعة التي كانت فريسة النظام الرأسمالي، أصبحت بلا حلول إلا من الزراعة العضوية.

 

حجم الأراضي المزروعة عضوياً في العالم

يقول د.صبيحات إن منظمة IFOAM (وهي اختصار للمنظمة العالمية للزراعة العضوية) في إحصائيتها العالمية (التي سترد فيما يلي)، تقول إن عدد تلك الأراضي هو 26.3 مليون هكتار أو ما يساوي 263 مليون دونم.

 

وهو عدد لا يكفي العالم الذي يتجه باتجاه الزراعة العضوية، فالتجارب حول العالم ومنها تجربة في دولة (التشيلي) قامت بها عائلة مكونة من 6 أشخاص يعيشون على ثروات مزرعة من 10 دونمات عضوية ولم يحتاجوا لشيء من خارج تلك المزرعة إلا لأربعة منتجات هي (الملح والقهوة والرز والمعكرونة) وعدم زراعتهم للرز والقهوة كان لأن الأرض هناك لا تنتجها،  أما استيرادهم الملح فلأنه لا يوجد مياه مالحة بجوار المزرعة أما المعكورنة كان لعدم معرفتهم بطريقة صناعته

وبالتالي فإن الفرد تقريباً يحتاج لـ 1.7 دونم من الأراض الزراعية ليقيم عليها ما يكفيه من الزراعة العضوية. 

 

خاتمة

بعيداً عن هامش الصحافة فإننا كمواطنيين فلسطينيين علينا أن نفخر صدقاً وليس قولاً بأن يترشح مركز أبحاث في دولة ثلثا أهلها في الشتات، والعالم يتجاهل مآسيهم ويخرج قضيتهم من واقعها ويعاني سكانها من كل أنواع الاحتلال التي يتصورها ولا يتصورها العقل لمثل هذه الجائزة التي أثبت المختصون الفلسطينييون أنهم وفي ظرف سنوات قليلة قادرون على خدمة الكون بكفاءة، وخدمة قضيتهم بوطنية انطلاقاً من قاعدة العمل الأصلية فلسطين.