الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإضراب يعيد توجيه البوصلة بقلم : نهاد أبو غوش

2017-04-29 09:58:53 PM
الإضراب يعيد توجيه البوصلة
بقلم : نهاد أبو غوش

وسط ظروف الانقسام، والأزمات التي تعصف بالحركة الوطنية وبرامجها وأدائها، يكاد الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لا تجمع على شيء الآن مثلما تجمع على مكانة الشهداء والأسرى.

 

ففي جنازة اي شهيد يتقاطر الآلاف من كل حدب وصوب للمشاركة، دون دعوات ودون أي تحضيرات وحافلات مجهزة، بينما تجد القوى والفصائل الوطنية صعوبة بالغة في حشد ألف مشارك لأي فعالية عامة.

 

والأسرى كذلك يتمتعون بمكانة سامية في وجدان الناس، تمنحهم موقعا اعتباريا يسمو على الخلافات وفذلكات الحوار، وحسابات المحاصصة، وهذا ليس غريبا على من ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل الوطن، كما لم يكن غريبا أن تصدر عن الأسرى بالتحديد أهم وثيقة برنامجية وهي التي شكلت القاعدة الأساس لكل الحوارات الوطنية اللاحقة، ولاتفاقات المصالحة.

 

يمكن للأسرى إذن أن يشكلوا رافعة مهمة للحركة الوطنية الفلسطينية التي تصرف جزءا كبيرا من طاقتها وزخمها في الصراع الداخلي بدل أن تستثمر هذه الطاقات في مواجهة الاحتلال وبرامجه، ولطالما كان محور إسناد الحركة الأسيرة، والنضال من أجل حرية الأسرى محورا رئيسا من محاور العمل الوطني، فإن إضراب الأسرى كفيل بإعادة توجيه البوصلة، ومن ثم إعادة ترتيب أولويات العمل الوطني على قاعدة توسيع مساحات العمل المشترك، وتغليب التناقض مع الاحتلال على كل ما عداه من تناقضات.

 

يملك الأسرى من الإرادة والعزيمة والتجربة ما يؤهلهم لخوض إضراب ناجح، صحيح أن اهداف الإضراب معيشية ومطلبية تتركز غالبا حول ظروف الاعتقال، لكن الإضراب في جوهره وطني وسياسي، فهو يذكر العالم أن في السجن من قضوا أكثر من ثلاثين عاما على الرغم من توقيع اتفاقيات سلام، وأن في الأسر أكثر من 300 طفل، ومئات المعتقلين الإداريين، ووزراء ونواب وقادة من الصف الأول، ومرضى يتهددهم الموت بسبب الإهمال الطبي.

 

ويمثل الإضراب فرصة كبيرة لإعادة تذكير العالم بما يعانيه الشعب الفلسطيني، وكشف الممارسات العنصرية للاحتلال، واستخفاف إسرائيل بكل القوانين والمواثيق الدولية، ولذلك فهو يمثل فرصة سانحة لاستقطاب أوسع حملات التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني، وبالنتيجة يمثل فرصة جدية لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية التي تراجعت مكانتها بسبب أزمات الإقليم وبسبب الانقسام.

 

لا يمكن تعليق كل مطالبنا وأهدافنا على هذا الإضراب بالطبع، لكنه يمكن أن يشكل رافعة جدية لاستنهاض الحركة الجماهيرية ضد الاحتلال والاستيطان، وأن يضع حدا لحالة التدهور، وليس من قبيل المبالغة ولا الإنشاء أن نردد دائما أن حرية الأسرى جزء لا يتجزأ من حرية الشعب والوطن.