الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ماذا يريد ترامب من الفلسطينيين؟/ بقلم: نبيل عمرو

2017-05-10 09:39:55 AM
ماذا يريد ترامب من الفلسطينيين؟/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

مبتدأو السياسة ومحترفوها، يجمعون على ان الاستقبال الذي حظي به الرئيس عباس في البيت الأبيض، كان استثنائيا، على الأقل بالقياس للتوقعات المسبقة التي شككت أول الامر بإمكانية اللقاء، وشككت كذلك بولادة موقف امريكي جديد، ينطوي على تراجع عن المواقف المألوفة ولو كلامياً.

 

 المحللون السياسيون الذين يضعون حتى اطباق المائدة تحت المجهر، لا يستخفون بالصلة بين المظهر والجوهر، ذلك ان الحفاوة بالضيف هي مقدمة لاظهار الاهتمام به، والاستعداد للتعامل معه في أمور كثيرة.

 

وحين طرح السيد ترمب مقولته حول استطاعته تحويل المستحيل الى ممكن بشأن القضية الفلسطينية، فمن البديهي ان يحسن استقبال صاحبها واحد الأطراف الأساسية فيها، وبما أنه شمّر عن ساعديه لادخال يده في عش الدبابير، دون ان يكترث باللسعات التي اورمت يد كل من سبقوه، فبديهي ان يحتفي بكل زعماء الشرق الاسط الذين يأمل ان يساعدوه في تحقيق المعجزة وإنجاز الحل . فهكذا يعمل رجال "البيزنيس" اذا ما احبوا اختصار الطريق وبلوغ النهايات بأسرع وقت ممكن.

 

بعد أيّام من اللقاء الزاهر في البيت الأبيض، تصبح الحفاوة على أهميتها شأناً من شؤون الماضي، لتسلط أضواء كاشفة على ما سيليها من أفعال.

 

ومن خلال تجربة عمرها اكثر من ثلث قرن مع الإدارات الامريكية، تكرس تقليد بقوة القانون على مستوى قمم الإدارات الامريكية المتعاقبة، وهي ان أي رئيس يصل البيت الأبيض، فأول ما يتحدث به في شأن السياسة الخارجية هو الوصول الى حل للصراع في الشرق الأوسط، ورفع الظلم التاريخي والأخلاقي والسياسي الواقع على الفلسطينيين.

 

وشهد ثلث القرن الماضي تسابقا بين الرؤساء، في اظهار الالتزام بالعدالة والسعي لتحقيقها، حتى أن جائزة نوبل للسلام منحت لمرتين كما لو أنها جائزة للفشل في صنعه او لمجرد التفكير فيه.

 

ماذا يريد ترمب من الفلسطينيين تحديدا؟ انه باختصار يريد توقيعهم على الحل النهائي المستهدف لقضيتهم، والمسألة هنا تتصل بالقدرات وليس بالوعود، وهذا يجعلنا نناقش بصوت مرتفع، إمكانيات الرجل وقدراته على مد الحفاوة لرئيس الفلسطينيين الى حقوق الفلسطينيين، والقدرات في هذا الشأن لا تتحدد بمحصلة إمكانيات الدولة العظمى ، ولكن بقدرة صانعي القرار الشرق اوسطي فيها على الإفلات من القبضة الصهيونية، ذات الأصابع المتمكنة من داخل الصالون الخاص لأي رئيس الى كل زاوية من زوايا مؤسسات صنع القرار في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي.

 

الامر بحاجة الى دراسة للماضي بكل ما حدث فيه، وامريكا كانت المقاول الوحيد لمشروع السلام الفلسطيني الإسرائيلي، ومن اجل أن لا يعمينا القديم عن رؤية الجديد، فلا مناص من التدقيق في أهلية الرئيس الاشكالي ترمب، ليس في ادخال يده في عش الدبابير، ولا حتى في إخراجها منه بلسعات قليلة، وانما وكما وعد، بإلغاء العش واحلال بديل ونقيض له هو باللغة الدارجة "السلام النهائي" .

 

الفلسطينيون ورئيسهم بالذات، لا يملكون الا التعامل مع ترمب كيفما كان، فهو صاحب القدرات الخارقة في امر الحاق الأذى بهم لو أراد، وهذه مسألة لا جدال عليها، فحتى حماس التي تقدم نفسها وجها آخر لسلطة عباس، سعت اليه، وحاولت خطب وده بتغيير الأرض السياسية التي وقفت عليها طيلة عقود، وبدل ان تحظى ولو بطبطة على الظهر، اضعفت نفسها، واضعفت عباس، واضعفت القضية الوطنية، حين فهم من بين سطور رسالتها، أن اتركوا عباس جانبا واعتمدونا، نحن استثمار اجدى واعلى ربحا.

 

الامريكيون يراقبون ما يجري في حياتنا ويعرفون عن خبايانا اكثر مما نعرف نحن، لهذا فبين أيديهم دائما باب للهرب حين لا يحالفهم النجاح فيما وعدوا به، باب الهرب هذا وبكل اسف فلسطيني بنسبة مئة بالمئة، هو الانقسام الذي اجاد نتنياهو استثماره في انكاره شراكة عباس في الحل، وقد يجيد ترمب استثماره حين يخفق في بناء برج السلام على غرار برج ترمب في نيويورك.