الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إضراب الحرية والكرامة والرأي العام الإسرائيلي/ بقلم: عصمت منصور

2017-05-17 10:14:34 AM
إضراب الحرية والكرامة والرأي العام الإسرائيلي/ بقلم: عصمت منصور
عصمت منصور

 

يدخل إضراب الحرية والكرامة شهره الثاني دون أن ينجح في تحقيق أي اختراق داخل المجتمع والإعلام الإسرائيلي، وما الحملات المسعورة والمتصاعدة التي تشنها مديرية السجون الإسرائيلية إلا تعبيراً عن تحررها من أي ضغط داخلي أو خارجي وشعورها أنَّ عامل الزمن لا يقف ضدها هذه المرة، بل ضد الأسرى المضربين.

 

على أهمية الرأي العام الدولي الداعم لقضايانا العادلة، إلا أنَّ للرأي العام الإسرائيلي خصوصية أخرى تؤهله لأن يكون الأسرع والأكثر قدرة ومباشرة في التأثير على متخذ القرار الأمني والسياسي في إسرائيل، كما أنَّ الدوافع لدى المتضامن الغربي مختلفة وربما نقيضة للدوافع التي لدى الإسرائيلي للتحرك، لأن الأخير لن يتحرك أو يثير الأسئلة سوى عندما تصل الأمور إلى مرحلة تتهدد فيها مصالحه المباشرة، عندها سيتحرك وسيشعر الساسة أنَّ القاعدة تهتز تحت أقدامهم وأن الالتفاف حولهم والاجماع على ما يقومون به أخذ في التآكل، وسيشرعون في عملية البحث عن مخارج مهما كانت هذه المخارج صعبة أو مناقضة لما أعلنوه وصرحوا به سابقا.

 

الرأي العام الإسرائيلي يبدي تجاهلاً ولا مبالاة تجاه إضراب الأسرى حتى بعد هذا الزمن الطويل على انطلاقه، ذلك أنَّ هذا الشارع المعبأ حد التخمة بالخطاب الفاشي والمعادي للأسرى لا يمكن شراؤه أو التأثير عليه من الخارج بالخطابات أو الوعيد الفارغ ولا من منطلقات قيمية وأخلاقية وقانونية يمكن الاحتكام إليها أو مناشدته اعتمادها كمحرك له، بل من خلال إشعاره أنَّ هذه القضية تؤثر على أمنه الشخصي وصورته في العالم، من خلال تصعيد حملات المقاطعة والتضامن وتوسيع دائرتها وتنويع أساليبها.

 

لم يصل التضامن مع إضراب الحرية والكرامة بأشكاله المختلفة إلى هذه المرحلة حتى الآن، وهذا ما يجعل كل إسرائيلي يرى فيه وكأنه حدث بعيد عنه ولا يمس مصالحة وبالتالي إعطاء متخذي القرار مزيداً من الوقت لحل هذه (الأزمة) وكل هذا على حساب صحة وحياة الأسرى المضربين.

 

ما يُلاحظ أنَّ المستوى المتدني للتضامن مع الإضراب لم يصل به إلى مرحلة يمكن للإسرائيلي العادي أو من هو في موقع القرار الأمني والسياسي التفكير بجدية في أثره السلبي اقتصاديا وامنيا وبما له علاقة بسمعة وصورة إسرائيل في العالم، وبدل الخشية نرى أنَّ الإسرائيليين يروِّجون دعايتهم التي تعتبر أنَّ الاضراب شأنٌ داخلي فلسطيني وصراع على السلطة داخل فتح كما أعلن صراحة وزير الأمن الداخلي "جلعاد أردان"، وما يفاقم أثر هذا القصور في التضامن والهجوم الدعائي الإسرائيلي المضاد الذي سكن الشارع والإعلام، غياب أي استراتيجية إعلامية فلسطينية أو عربية موجهة للرأي العام الإسرائيلي مباشرة بلغته ووفق الذهنية والعقلية التي تتحكم في سلوكه.

 

إنَّ هذا الغياب والاستفراد الإسرائيلي بالخطاب الإعلامي الداخلي لم يعد قصوراً وتفاوتاً في القدرات الإعلامية، بل فقدان أداة نضال ورافعة يمكنها أن تسند أي تحرك وأن تتحدى المؤسسة الإسرائيلية وخطابها الأحادي المشبع بالفاشية والكذب.

 

لا يمكن الافتراض أنَّ الرأي العام الإسرائيلي متعطش ولديه توق لسماع رسائلنا (رغم عدالتها) والمهمة لا ننظر إليها على أنها مجرد ترف ورغبة في تحقيق نسب مشاهدة بل تحدي كبير مطروح علينا جميعا، ولا يمكن تسجيل إنجازات حقيقية في هذه المساحة الشاسعة الفارغة قبل أن نتوافق أولاً على أهميتها ومن ثم البدء بالبحث عن أفضل الآليات لملئها وبما يضمن صياغة هذا الخطاب بمهنية وبما يحاكي الإعلام الحديث ووفق استراتيجية وطنية مدروسة تعرف كيف تنفذ إلى الرأي العام المعادي وكسر احتكار الراوية الرسمية الإسرائيلية.