الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وليد سيف: يوسف زيدان يستهدف تجريد مصر من هويتها العربية الإسلامية

2017-05-24 08:22:50 PM
وليد سيف: يوسف زيدان يستهدف تجريد مصر من هويتها العربية الإسلامية

كتب وليد سيف رداً على ما يحاول الروائي المصري يوسف زيدان ترويجه من خلال تصريحاته المتكررة في الفترة الأخيرة، وتستهدف في جلها الرواية التاريخية لمصر وفلسطين معا، باتجاه تجريد مصر من هويتها  العربية الإسلامية، وهذا ما جاء في مقال سيف:

 

ما الذي يريده يوسف زيدان بهذه التصريحات التي ما يفتأ يخرج علينا بها من حين إلى آخر؟ فلا القدس قدسنا ولا الأقصى أقصانا الذي أسري بنبينا إليه، فلا سبب للتعلق الروحي به وتعبئة الناس لتحريره.

 

ثم إن صلاح الدين من أحقر الشخصيات في تاريخ الإنسانية!! فلا معنى لأن يتمثل في الوجدان الجمعي الإسلامي بطلاً محرراً للقدس وملهماً لتحريره من جديد! وقل مثل ذلك في ابطال عين جَالُوت في فلسطين الذين كسروا شوكة التتار وأوقفوا المد المغولي البربري، وإن استدعاء ذلك التاريخ في الأعمال الفنية مثل فيلم واإسلاماه ليحرض على العنف!! فما الذي يريده زيدان حقاً من هذا كله؟

 

إما طلب الشهرة الذي أشار إليه البعض، ولا أراه مقنعاً، لأن هذا من قبيل الصيت السيء لا الشهرة التي تسمو بصاحبها، بل إن من شأنها أن تذهب برصيد الرجل الأدبي الذي عرف به وذاع صيته.

 

وإما أنه يتطلع إلى جائزة نوبل كما صورت له أوهامه، وهو يقدم بين يديها باسترضاء الغرب والصهيونية، كما تحدث البعض فلربما كان في هذا بعض الحقيقة.

 

ولقد تغري الجائزة من لا يستحقها إطلاقاً بعد أن تبين أن الاعتبارات السياسية تتدخل في معايير الانتقاء أحياناً. وهو ما تحدث به بعض المهتمين في الشرق والغرب. على أن الأهم في نظري أن زيدان يصدر هذه المواقف عن عقيدة سياسية تشي بها روايته الركيكة بناءً واسلوباً واخطاء واضحة في ترتيب وقائع تاريخ البعثة النبوية وهي رواية النبطي.

 

كذلك يكشفها شريط مسجل له يتحدث فيه عن كلام له مع رأس النظام لتجريد القضية الفلسطينية من معانيها وارتباطاتها الروحية والدينية التي تمثل مصدراً رئيساً للتعبئة الشعبية ضد العدو الصهيوني في مصر بخلاف التوجهات الرسمية.

 

وفِي ذلك الشريط يصرح زيدان أن تحرير العقول من مثل تلك الأفكار المستقرة في وعيهم يقضي التدرج حتى لا تؤدي الصدمات السريعة إلى ردود فعل معاكسة.

 

والحال أن العقيدة السياسية لزيدان تعارض انتماء مصر إلى محيطها العربي الإسلامي وهويتها العربية الاسلامية وترى بدلاً من ذلك أنها تنتمي إلى حوض الحضارة المتوسطي الذي يصل مصر بأوروبا عبر المتوسط.

 

وهو بذلك امتداد لفكر سلامة موسى وطه حسين إلى حد ما ولويس عوض. وعليه فهو يرى أن الفتح العربي الإسلامي لمصر كان بلاءً عليها إذ قوض حضارتها العريقة وألحقها بثقافة الأعراب المتخلفة. وهذا هو جوهر الرسالة المتخفية في رواية النبطي حيث لا يفضي زواج المصرية بالعربي إلا إلى العقم! ويتجاهل أن الحضارة المصرية كانت قد تفككت ابتداءً من الألفية السابقة على الميلاد وانها لم تخلف لنا آثاراً فكرية وفلسفية وأدبية، على مثال الحضارة الإغريقية التي ما زالت ممتدة إلى وقتنا الحاضر.

 

فهل ما زال زيدان متواصلاً مع الحضارة المصرية القديمة باللغة والفكر والأدب؟ فكيف ينسب الانسان نفسه الى هوية قديمة منقطعة لا يتحدث لغتها ولا يؤسس على منجزها الفكري والفلسفي والثقافي الغائب؟ وهل الهوية إلا الثقافة الممتدة المتواصلة النامية عبر التاريخ؟

 

أما الانتماء السلالي والعرقي فوهم كبير. والمصريون جميعاً على كل حال من أصول سلالية واحدة مختلطة وأن اختلفوا في الدين والعقائد. أما الطعن في الرموز الاسلامية الكبرى فيندرج في هذا التيار الذي يريد ان يفصل الهوية المصرية عن مرجعها العربي الإسلامي لصالح المشروع الصهيوني.

 

فإذا استدعينا صلاح الدين، استدعينا معه حطين وتحرير الجزء الأعظم من فلسطين وفِي مقدمته القدس ودحر المد الصليبي إلى الأبد. وكذلك الحال مع عين جَالُوت. وبدلاً من تعبئة الناس بهذه الأمثولات السامية فلنعمل على تعبئتهم ضدها وتفريغ الوجدان الجمعي منها.

 

وبدلاً من تعرية واقع الطغيان والتفريط والاستبداد القائم دعونا نشيطن ابطال الماضي حتى لا يفتضح الحاضر البئيس بضده الملهم. وهكذا يتباكى زيدان على مصائر الأسرة الفاطمية الحاكمة التي فرطت بفلسطين وبيت المقدس وساست الناس بالسوط والعصا والمظالم ويتجاهل طغاة الحاضر وجرائمهم وفسادهم وسجونهم التي شملت عامة الخلق لا أسرة حاكمة يتغافل زيدان انها كانت طارئة على مصر وان صلاح الدين قد جاءها مع عمه مبعوثاً من نور الدين زنكي استجابةً لطلب من حكامها لحمايتها من التهديدات الفرنجية الصليبية المباشرة.

 

وبالفعل خاض صلاح الدين معارك في دمياط والإسكندرية ومواقع أخرى من مصر ضد الغزو الصليبي قبل أن يصبح سلطان مصر ويوحد مصر والشام لينطلق بعد ذلك لمواجهة الفرنجة في معارك التحرير العظمى المعروفة.

 

الرابط الرئيس بين هذه التواريخ، هو دور مصر التاريخي في فلسطين! وهو ما يريد أن يمحوه من الوجدان المصري. ولكن هيهات. فرد المصريين الأحرار على هذه التخريصات أعظم من ردي هذا وليس في وسع أحد أن يجرد مصر من هويتها العربية الاسلامية مهما يجتهد ويحاول ان يعبيء التاريخ في زجاجة يلقي بها في البحر !