الحدث- عامر بعلوشة
ربما ليس هناك مبالغة حين نقول بأن الإنترنت في قطاع غزة أصبح الملاذ الأخير لمعظم سكانه، فهو الطريق الذي طالما هرب فيه الغزيون من واقعهم المرير، محاولين في ذلك أن يُمضوا ما استطاعوا من أوقاتهم المظلمة، بمعزل عن كدر الحياة والواقع.
ساء أهل القطاع في الآونة الأخيرة انقطاع الإنترنت بشكل متقطع عنهم، معتبرين في ذلك ضرباً وانتهاكاً يُضاف إلى سلسلة الإنتهاكات التي تُمارس بحقهم، بدءاً من قطع الكهرباء، وإنتهاءً بإغلاق المعابر ومنع التحويلات المرضية، وضجّت في هذا الخصوص عبر مواقع التواصل الآراء الغاضبة والرافضة لهذه الخطوة، فيما اعتبر البعض ذلك انتهاكاً صارخاً لأقل حقوق الإنسان، كما جاء على لسان الكاتب والمفكر "عبدالله أبو شرخ" عبر صفحته على فيس بوك، حيث قال: "قطع الانترنت عن قطاع غزة هو انتهاك آخر وكبير لأقل حقوق الإنسان، فمتى ينظر الحاكمون للمواطن ومعاناته، لقد شبعنا ذلاً ومرار".
في هذا الإطار تواصلت الحدث مع المهندس "زياد الشيخ ديب" مدير عام الأشغال في وزارة الإتصالات الفلسيطينة، وفي سؤاله عن المشكلة قال: "كما نعلم جميعاً أن قطاع غزة يمرّ بأزمة كهرباء خانقة، هذه الأزمة بدورها أثّرت على سير عمل المقاسم في الشركة بشكل عام، نظراً لحاجة هذه المقاسم للكهرباء بشكل دائم، والبحث عن سبل بديلة لها من مولّدات وبطاريات، وأضاف: "أزمة مقسم الشيخ رضوان تحديداً كانت مجرد عطل فني بتعطّل المولد الكهربائي الخاص بالمقسم، وقامت الشركة على الفور بتوفير مولّد آخر له، نظراً لعدم كفاية البطاريات لتوفير الطاقة اللازمة، لأن الكهرباء لا تأتي أكثر من أربع ساعات فقط على مناطق القطاع" وأشار الشيخ ديب إلى أن الوزارة قد عملت مع كافة الشركات خطة موارد كاملة، تأخذ بعين الإعتبار كافة الأعطال الحاصلة، للحيلولة دون ازديادها وتفاقمها، وللحرص على تقديم أفضل ما يمكن للمواطن الفلسطيني.
وأكّد الشيخ ديب لمراسل الحدث بأن هذه الأزمة ليس لها أيّ أبعاد سياسية، كما روّج لها البعض، وهي مشكلة فنية بالطراز الأول.
ونوّه إلى أن الوزارة تطمئن كافة المواطنين بأن المشكلة هي حدث عرضيّ ولن تكون منظّمة كغيرها، وأن كافة الشائعات التي تروّج إلى انتشار المشكلة ليس لها أساس من الصحة، وإنما هي مشاكل فنية تواجهها الخدمة نظراً لقطع الكهرباء.
وِأشار الشيخ ديب إلى الدور الإسرائيلي في التضييق على الشركات المقدمة للخدمة، بعرقلة دخول المولدات الكهربائية والأدوات الخاصة بها، وأن الوزارة تتابع وتنسق مع كافة الشركات المزودة للخدمة، مع تأكيده على عدم وجود أي بعد سياسي للمشكلة، كأزمة الكهرباء وغيرها.
وحول ذلك الأمر استطلعت الحدث آراء بعض النشطاء والمواطنين الفلسطينيين، حيث قال الناشط "شكري أبو عون" لمراسلنا حين السؤال عن موقفه من قطع الإنترنت: " أعتقد أن أهل غزة اعتادوا الظلم، ولن يكون قطع الانترنت زيادة عن قطع الكهرباء وغيرها، وأضاف: " حينما تم قطع الكهرباء قبل سنوات، استاء الجميع وغضب، ولكن سرعان ما تعوّدوا وأصبح الأمر روتينياً بالنسبة لهم، وهكذا تماماً حصل في كافة المشكلات التي واجهها القطاع".
وأشار أبو عون إلى أن كل مشكلة كان الشعب يرفضها أولاً، ولكن سرعان ما يتأقلم سريعاً معها، وتصبح جزءاً من حياته، معتقداً في ذلك أن قطع الإنترنت لن يكون زيادة عن قطع الكهرباء والماء والحصار المفروض منذ سنوات على سكان القطاع.
وفي نفس السياق قال الناشط وفنان الراب "محمد لافي" للحدث: "أتمنى ألا تكون أزمة الإنترنت قصة حقيقية مقبلة، وعقبة جديدة سيواجهها القطاع"، وأضاف: "ولكنني بصراحة أصبحت في عامي الرابع والعشرين، وأنا أتلقى كل يوم مشكلة وقصة جديدة، فلن تكون مشكلة الانترنت بشئ جديد على معاناتنا، وأشار متهدّجاً: "نحن كأننا زيادة على هذا الكوكب، وكأننا لم نوجد هنا سوى لندفع ضريبة شئ، لم نقم به، ولا ذنب لنا به"