الحدث- ترجمة أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية مقالاً يتحدث عن آلية ايقاف احتكار جوجل وفيسبوك. وترجمته "الحدث".
في نهاية يونيو الماضي، غرَّم الاتحاد الأوروبي شركة غوغل بغرامة قدرها 2.4 مليار يورو لتلاعبه بنتائج بحث الإنترنت فيما يتعلق بأولوية الخدمات المنافسة.
تمتلك غوغل حصة أكثر من 90% من سوق عمليات البحث حول العالم، كما يستخدم 89% من هؤلاء المستخدمين موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ويشير الاقتصاديون إلى "تأثير الشبكة": في أسواق المنتجات التقليدية، يكون اختيار أحد المستهلكين لإطارة سيارة مثلاً، لا يؤثر بالضرورة على خيارات المستهلكين الآخرين، وبالتالي تكون المنافسة الموجودة ضامنة أن المستهلكين سيحصلون على افضل منتج بأقل سعر ممكن.
ولكن على وسائل الاعلام الاجتماعية، حين يفضل أحد المشتركين موقع فيسبوك على موقع ماي سبيس، فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر على تفضيلات المستخدمين الآخرين. وبذلك هم يريدون أن يكونوا أصدقاء على نفس الشبكات الاجتماعية التي يتواجد فيها أصدقائهم، فأسواق كهذه تميل بطبيعتها إلى الاحتكار.
تايخيًّا، كان هناك نوعان من التدخل الحكومي للحد من المخاطر الضمنية في السلطة الاحتكارية، أولها تنظيم الأسعار، فعندما قامت شركات القطارات ببناء قدر كبير من محطاتها في الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر. أنشأت الحكومة الأمريكية لجنة للتجارة بين الولايات وعملت على تحديد سقف الأسعار (ولكن العلاج كان أسوأ من المرض، وصار عبارة عن قصة أخرى).
النوع الثاني من التدخل الحكومي، هو تنظيم مكافحة الاحتكار. فعندما كانت شركة ستاندرد أويل في العشرينات من القرن العشرين تسيطر على 90% من إجمالي إنتاج النفط في الولايات المتحدة، تم تفتيت الشركة إلى أكثر من 30 شركة صغيرة، وبالمثل تم تفكيك شركة AT&T بعد 70 عاماً.
ولكن سياسة مكافحة الاحتكار التقليدية لديها مشكلة مع شبكة الانترنت، حيث لا يستطيع المستهلك الاستفادة من المنافسة بين المواقع الضخمة.
وما لا يدركه العديد من المستخدمين، هو أنهم يدفعون ثمن هذه الخدمات في شكل معلومات قيمة، حتى أولئك الذين يفهمون تكلفة الاستخدام، فإنه ليس لديهم خيار حقيقي لهم في اختيار ما يظهر لهم على الشبكات، حيث لا يوجد محرك بحث رئيسي لا يحفظ عمليات البحث السابقة. ولا يوجد شبكة اجتماعية كبيرة لا تحافظ على تفضيلاتنا.
هذه هي تكلفة استخدام هذه التقنيات. كما أن غياب المنافسة يعني غياب الإمكانيات، وهو في نهاية المطاف يعني غياب الحرية أيضاً.
ما الذي يمكن فعله حيال هذه المشكلة؟ هل يجب إعادة تخصيص حقوق الملكية من خلال التشريع من أجل خلق المزيد من الحوافز للمنافسة؟
إنها ليست فكرة جيدة، فقانون براءات الاختراع على سبيل المثال يمنح حقوق الاختراع للشركة التي يعمل بها عالم الاختراع، من أجل تحفيز الشركات على الاستثمار في البحث والتطوير.
وبالمثل في الاتصالات الخلوية، حكمت معظم البلدان أن رقم الهاتف ينتمي للعميل وليس إلى مشغل الهاتف المحمول. وإعادة تعريف حقوق الملكية تجعل من السهل على العملات التنقل بين الشركات، وتحفيز المنافسة بينها وتقليل الأسعار أيضاً.
ونفس الشيء يمكن القيام به في وسائل الاعلام الاجتماعية. كل ما يجب القيام به هو إعادة تخصيص ملكية الاتصالات الرقمية، وبذلك يستطيع المستخدم امتلاك الرسوم البيانية الاجتماعية الخاصة به، والتي تتيح له الفرصة التنقل بها إلى أي منافس آخر.
إذا تمكنا من البقاء على اتصل مع أصدقائنا على فيسبوك من خلال شبكة اجتماعية اخرى فإن ذلك يعني نشوء شبكات جديدة يمكن لها أن تجذب عملاء فيسبوك الحاليين وبذلك الحفاظ على فوائد المنافسة.
اليوم فيسبوك يتحكم بالوصول إلى الرسم البياني الاجتماعي لعملائها ويحتفظ بحق اغلاقه لأي مطور يشكل مخاطر تنافسية، وبالتالي عدد قليل جداً من المطورين يعملون على الاستثمار بجدية في خلق البدائل، مما يحول دون حتى احتمالية المنافسة.
لا شك أن غوغل وفيسبوك سوف يلقيان نفوذهما الاحتكاري الواسع في قتل الفكرة قبل ولادتها، وإذا لم يتم تقييد احتكارهما من خلال المنافسة، فسيتم تقييده من خلال التنظيم، وتظهر التجربة إن الأمر سيكون أسوأ ليس فقط بالنسبة للمستهلكين، بل بالنسبة لغوغل وفيسبوك أيضاً.