الجمعة  11 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة الحدث | الدول العربية تخشى من انتفاضة فلسطينية قد تشعل ربيعا عربيا جديدا

2017-08-01 04:30:25 PM
ترجمة الحدث | الدول العربية تخشى من انتفاضة فلسطينية قد تشعل ربيعا عربيا جديدا
مواجهات (ارشيف الحدث)

 

الحدث- ترجمة أحمد بعلوشة

 

نشرت صحيفة هآرتس تقرير حول تخوفات الدول العربية من أن تقود فلسطين ربيع عربي جديد وفيما يلي الترجمة: 

 

في بيان مُحيِّر صدر نهاية الأسبوع الماضي، اعتبرت المحكمة الملكية السعودية المحادثات التي أجراها الملك سلمان مع بعض زعماء العالم قد خلقت نقطة تحول أدت إلى إعادة فتح المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين.

 

البيان لم يكشف من الذي اتصل به الملك أو ابنه محمد، غير أنه من المحتمل أن يكون هناك حوار قد جرى مع المسؤولين الإسرائيليين -ربما لم يكن مباشرة- من خلال مقربين من ولي العهد لديهم علاقات مع القيادة الإسرائيلية.

 

المسجد الأقصى كما هو معروف للمسلمين مكان مقدس، ولكن حل العاصفة التي استمرت حوله لمدة أسبوعين هو حل سياسي، وتحاول خلاله الأطراف الحصول على حصة أو رصيد في الوصول لحل للأزمة.

 

وعلى ما يبدو، كان صراع السلطة على السيادة والسيطرة بين الأوقاف الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وهو صراع تركز على الحفاظ على الوضع الراهن، وهو أمر نشأ عن القرارات السياسية وليس الدينية.

 

ومن ثم فإن التركيز على الأزمة يأتي على محورين، الأول هو منع الأزمة العالمية والاضطرار إلى وصولها للأمم المتحدة. وكان لذلك أن يؤدي إلى فقدان الأنظمة العربية السيطرة على تطورات الأزمة وتهديد العلاقات الحساسة بينها وبين الجمهور.

 

فالاحتجاجات الجماهيرية التي تنشأ عادة عن المشاعر الدينية يمكن أن تتطور بسرعة إلى احتجاجات ضد السياسات الداخلية، وربطها بانعدام حرية التعبير والصعوبات الاقتصادية وانعدام الديمقراطية.

 

الابتكار في القضية الراهنة هو أن إسرائيل ليست الوحيدة التي تخشى الانتفاضة الفلسطينية. وقد عبر العديد من القادة العرب عن انزعاجهم، لأنَّ الانتفاضات وكما ثبت خلال الربيع العربي خلال وقت سابق من هذا العقد، هي مرض خطير ومعدي، ولم تعد الانتفاضة الفلسطينية مجرد انعكاس محلي للنضال الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي. ويمكن لتحشيد هذا التضامن الضخخم أن يضع الأنظمة العربية في مواجهة عنيفة مع شعوبها.

 

نشأت حركة الاحتجاج المصرية "كفاية" في عام 2004 من أجل محاربة السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين والاحتلال الأمريكي للعراق والمطالبة بالاصلاحات في مصر. بينما قدرة المسجد الأقصى على تعبئة الجماهير والتهديد الذي يشكله أكبر بكثير، وليس فقط لأنه يتعلق بجميع الدول الإسلامية. وهذه الإمكانية تمنع الأنظمة الإسلامية من إبطال أي مظاهرات قد تنشأ عنها، لسبب الهالة المقدسة التي حولها.

 

ولكن ليس هناك قداسة من دون السياسة، وما يبدو كموقع مسلم عالمي، هو أيضا مبني على النزاعات الداخلية بين الدول العربية والإسلامية، وذلك يذكرنا بالخلال اليهودي فيما يتعلق بالسيطرة والصلاة في الحائط الغربي.

 

ليست جميع الدول المسلمة متساوية فيما يتعلق بالحق في حماية المسجد الأقصى. وفي النهاية هناك إيران، وهي دولة مسلمة شيعية تقدس المسجد الأقصى، وتساهم في تصريحات متشددة ضد إسرائيل. لكن الدول العربية السنية لا ترى أن إيران لديها الحق في التحدث عن هذه المسألة. ولكن حتى في الدول الإسلامية السنية، فإن أفغانستان أو ماليزيا ليس لهما مكانة مصر أو الأردن، وتركيا وقطر ليستا السعودية، وهذا ليس لأن هذه الدول أقل إسلاماً، ولكن لأن الجدل سياسي ولا يسمح إلا لأعضاء "النادي" المعروفين باللعب في هذه الساحة.

 

النادي لديه تسلسل هرمي صارم. فمثلا، الممثل الوحيد للأماكن المقدسة الإسلامية في فلسطين وفقاً لقرار الجامعة العربية هي منظمة التحرير الفلسطينية. لكن ياسر عرفات نفسه الذي تولى ذراع الجامعة للحصول على تمثيل هذه المقدسات.. تقاسم المسؤولية مع الدول العربية الأخرى حين كان مستقبل المسجد الأقصى قيد المناقشة.

 

ويتابع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطى عرفات في هذا الموضوع. وقد يرفض طلباً للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ولكنه لن يرفض طلباً للسعودية.

 

إنَّ حق الدول العربية في الحديث عن القضية الفلسطينية بشكل عام، والمسجد الأقصى بشكل خاص، يعتمد بشكل أساسي على مكانتها في الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، يمكن لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان أن يلعن إسرائيل بقدر ما يحلو له، وأن يدعو المسلمين في العالم للقدوم إلى المسجد الأقصى لإثبات انتمائهم له، واتهام إسرائيل برغبتها في تولي المواقع المقدسة. ولكن من الناحية العملية، فإنَّ وزنه ووضعه في التأثير على السلطة الفلسطينية أو الزعماء الدينيين في الضفة الغربية -ناهيك عن إسرائيل- هو لا شيء مقارنة بالدول المقربة في هذا الشأن.

 

اتصالات تركيا مع حماس، وانحيازها مع قطر في الأزمة مع السعودية، وخروجها عن مصر وعلاقتها مع إيران، تترك أردوغان بميكروفون في يده بلا صوت سياسي حقيقي. وكان أردوغان قد زار المملكة السعودية هذا الأسبوع للحفاظ على علاقته مع الملك سلمان وعرض الوساطة بين السعودية وقطر.. ولكنه لم يحقق نجاحاً كبيراً في ذلك.

 

مؤخراً بدأت تركيا بالفعل بالظهور كدولة غير صديقة للمملكة السعودية. وقد عزز أردوغان مؤخراً خطابه ضد أوروبا، وتحديداً ألمانيا، وصحيفة يومية مؤيدة للحكومة قالت إن ألمانيا ميركل أسوأ من ألمانيا هتلر فيما يتعلق بالكراهية والقمع.

 

كما يواصل أردوغان مواجهة ترمب، على الرغم من أن علاقاته مع روسيا تقترب من صفقة لشراء صواريخ s400 التي ستفجر عاصفة في الناتو.

 

تركيا لديها وضع استراتيجي هام يلعبه أردوغان، ولكن في هذه اللعبة هو يدخل في جدار عربي متين.

 

مصر تتخذ موقفاً انفصاليا، لا ينعكس فقط على ابقائها بعيدة عن حادث المسجد الأقصى، بل أيضا في جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق الاستقرار في الحدود مع غزة على حساب السلطة الفلسطينية، وذلك من خلال دعمه الساحق لمافس عباس المر، محمد دحلان. والاتفاقات التي وقعها قادة المخابرات المصرية مع حماس لفتح معبر رفح الحدودي وإنشاء محطة لتوليد الكهرباء تمولها الإمارات العربية المتحدة، وكل ذلك أدى إلى إبعاد الرئيس المصري عن القدرة على الضغط أو التأثير على عباس. والآن، بات السيسي أكثر اهتماماً بعملية المصالحة في ليبيا لحماية الحدود الغربية لمصر من انتشار الإرهاب.

 

وليس من المستغرب أن تظل شوارع مصر صامتة أثناء صلاة الفجر في المسجد الأقصى، وأن وسائل الإعلام المصرية تتعامل مع قضايا أخرى مشتعلة.

 

ويجري السيسي محادثات تنسيق وإحاطة خاصة مع العاهل الأردني الملك عبد الله وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وإسرائيل. وهذا على النقيض من الرئيس السابق حسني مبارك الذي اعتاد في أحداث مماثلة على جذب الأطراف إلى القاهرة لإملاء حلول مصرية.

 

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تلقى صفعة من نتنياهو الذي احتفل بإطلاق سراح حارس الأمن الإسرائيلي من عمان.

 

الأردن من خلال الوقف هي المسؤولة عن مجمع المسجد الأقصى، وبموجب اتفاق سلام مع إسرائيل، يجب استشارته بشأن أي مسألة تتعلق بالوضع الراهن في الموقع. ولذلك فإن مسؤوليتها لا تقتصر على الحفاظ على حرية العبادة في الأقصى. ويُنظر إلى الأردن على أنه مسؤول أمام العالم الإسلامي، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية أخذت دور الممثل الوحيد للمواقع المقدسة. لذلك فإن أي حادث غير منتظم في الموقع المقدس يمكن أن يهز من وضع الملك في مملكته الخاصة ومع الدول الإسلامية الأخرى.

 

تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إسرائيل الأسبوع الماضي ليست واضحة تماماً. أعلن الأردن أنه لم يتم التوصل إلى أية اتفاق، وأن إطلاق سراح حارس الأمن الإسرائيلي زيف الذي أطلق النار على اثنين من المواطنين الأردنيين وقتلهما، نابع من التزامه بالبروتوكولات الدولية المتعلقة بالموظفين الدبلوماسيين. لكن صمادر أردنية قالت إن "السرعة التي تم فيها الإفراج، بالتزامن مع إزالة أجهزة الكشف عن المعادن على مداخل الحرم القدسي، هي إشارة إلى التوصل إلى اتفاق، ومن المرجع أن تحتوي على التزامات إسرائيلية إضافية لم يتم نشرها".

 

إذا كانت إسرائيل قد قدمت مثل هذه الالتزامات، فإنها لا تتعلق بالضرورة بالمسجد الأقصى، بل بالتعاون العسكري والاستخباراتي بين الدولتين، أو ربما الشفاعة الإسرائيلية والوساطة عند ترمب لزيادة المساعدات الأمريكية للأردن.

 

ومن بين الأسئلة التي ما زالت تبحث عن إجابات هو السبب في عدم اندلاع انتفاضة واسعة النطاق، على عكس تقديرات وتوقعات مسؤولي الدفاع الإسرائيليين لأكثر من عامين. فجميع المكونات التي أشعلت الانتفاضة الثانية عام 2000 موجودة في الأحداث الحالية بالمسجد الأقصى، والتي تتمثل بخرق في موقع مقدس واستيلاء إسرائيلي على ترتيبات دخول الموقع وعدم وجود عملية سلام.

 

من الممكن إدراج الاختلافات التي لا حصر لها بين الخلفية والظروف والسلوك السياسي والعسكري الإسرائيلي الفلسطيني بين عامي 2000 و2017. ولكن يبدو أن الفرق الأساسي هو أن الانتفاضة الثانية كانت تنبع من نجاح الانفتاضة الأولى -التي قادت إلى توقيع اتفاق أوسلو-.

 

النتائج المأساوية للانتفاضة الثانية -من المنظورين الإنساني والاستراتيجي- أصبحت محفورة بعمق الذاكرة الفلسطينية الجماعية. ومن الصعب أن نتصور متى سينتهي أثر هذه الصدمة. وربما تكون الصدمة ما زالت فعالة في فلسطين حتى الآن، ولكن من الأفضل عدم وضع الأمور على المحك.