الخميس  03 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة الحدث | ماذا سيخسر الشباب المقدسي؟

2017-08-04 07:12:42 AM
ترجمة الحدث | ماذا سيخسر الشباب المقدسي؟
شباب القدس (أرشيفية- تصوير الحدث 2017)

 

ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة

 

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا تحليليا للأحداث الأخيرة في الأقصى، شارحة فيه الأوضاع والظروف النفسية للشباب المقدسي.

 

وفيما يلي نص المقال مترجما:

 

كان قرار السلطات الإسرائيلية بإزالة أجهزة الكشف عن المعادن في المسجد الأقصى بالقدس صحيحاً. ومع ذلك، سيكون من الحكمة الاعتراف بالظروف الكامنة التي دفعت الشباب الفلسطينيين إلى المخاطرة بحياتهم، من خلال احتجاجات غير عنيفة في الغالب، ومن خلال الصلاة في الشوارع بالقرب من المسجد الأقصى وفي جميع أنحاء القدس الشرقية.

 

إن الظروف النفسية الاجتماعية السامة المستمرة، وانعدام الأمل في عملية سلام مستدافة يوفران خلفية لفهم الغضب والاحتجاجات الأخيرة للشبان الذين يعيشون في القدس الشرقية. وهذه الظروف قابلة للاحتراق وستظل توفر أرضية لأي صراع في المستقبل يتعلق بالسيادة الفلسطينية على المسجد الأقصى.

 

الشباب الفلسطينيون في القدس الشرقية هم "مجموعة غير مرئية" يتجاهلها الإسرائيليون والبلدية التي تسيطر عليها إسرايئل. ولكن حياتهم مليئة بالإهانة والحرمان من الفرص. أما المسجد الأٌقصى فهو يمثل الكثير بالنسبة لحياتهم الشخصية وهويتهم الجماعية التي يحافظون من خلالها على انتمائهم.

 

وبحسب مصطفى أبو صوي أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة القدس، فإن "المسجد جزء لا يتجزأ من العقيدة الدينية لكل الفلسطينيين، ورمز وطني للسيادة الفلسطينية"، وهو ما يفسر لماذا انضم الفلسطينيون المسيحيون للاحتجاجات (وهي ظاهرة لم يتم الحديث عنها كثيراً في وسائل الإعلام الأجنبية).

 

إنَّ قدرة الفلسطينيين، ولا سيما شباب القدس الشرقية على الشعور بحس قوي من السيطرة في هذا المجال هو أمر حاسم فيما يتعلق بإحساسهم بالحرية، وهذه "السيادة" المصغرة هي بمثالة رادع لانتفاضة عنيفة أخرى، وعندما يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى فإن الاحتجاجات لن تكون مدعومة بالتجاوزات القومية فحسب، بل من خلال الغضب الديني أيضاً.

 

ويقول وارين سبيلبرغ كاتب المقال " وكجزء من دراسة دعمتها منظمة اليونيسيف، قابلت أنا وزملائي من جامعة القدس أكثر من 60 شاباً فلسطينياً بين الأعوام 2010-2015. وبصفتي باحثاً يهودياً أمريكياً له علاقات قوية مع اسرائيل، كنت محظوظاً للسماح لي بالوصول إلى هذه المجموعة. لكنني شعرت بخيبة أمل شديدة مع الظروف المقلقة في حياتهم".

 

ولا يُقدم لسكان القدس الشرقية سوى القليل من الخدمات في مجال التعليم والعمل والترفيه. فمدارسهم مكتظة للغاية (50 طالب في الفصل الدراسي) وتعاني من اختلال اداري ويهيمن عليها جو من العنف المدرسي. أكثر من 50% من الذكور المراقين يتسربون في الوقت الذي يصلون فيه الصف العاشر. وهناك عدد قليل من الوظائف في اقتصاد القدس الشرقية المكتئب، وذلك بسبب القيود البلدية الإسرائيلية على البناء. البيوت أيضا مكتظة، مما يزيد من التوتر داخل الأسر. العديد من الآباء غائبون عن المنزل لأن عليهم أن يعملوا في وظيفتين أو أكثر لإسناد الأسرة. وقد اختار آخرون العمل خارج فلسطين، والبعض الآخر في السجن.

 

كان واضحاً من أبحاثنا أننا نفقد الجيل الحالي من الشباب الفلسطيني. لقد تخلى عن أي اعتقاد بأنَّ المفاوضات سوف تؤدي إلى حل الدولتين. ولكن فقط السلام العادل الذي يعالج احتياجات التمكين السياسي على كلا الجانبين سوف يوفر لهم الأمل.

 

حياة المجتمع صعبة ومخيفة، حيث في البلدة القديمة وفي أحياء الحوض المقدس، يتم ايقاف الشبان يوميا، وتطلب منهم قوات الأمن الإسرائيلية هوياتهم الشخصية. وقد تم اعتقال العديد من الطلاب من عينة دراستنا، وشهد معظمهم أعمال عنف ضد شبان آخرين من قبل قوات الأمن الإسرائيلية.

 

يعاني الكثير من الفلسطينيين في القدس الشرقية من ظروف نفسية خطيرة مقل القلق والاكتئاب. آخرون يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة والأرق والكوابيس والمخاوف الشديدة، وخاصة أولئك الذين تعرضوا أو شهدوا أحداث عنف.

ويهيمن على مجتمعاتهم أيضا العنف العشائري المرتبط بالعقاقير والجريمة في كل من البلدة القديمة ومخيم شعفاط "شيكاغو الصغير". كما استخدم العديد من الشبان الذين التقينا بهم المخدرات، والتي قال عنها "هذه هي الطريقة التي تجعلني أنا والآخرين ننسى ما يحدث هنا، فليس لدينا حياة ولا مستقبل".

 

كما يعاني الشباب المقدسيون الشرقيون من فقدان الهوية. فهم معزولون عن الاتصال المستمر مع الضفة الغربية، وبعضهم يجد العزاء في دينه الإسلامي باعتباره المصدر الأكثر وضوحاً لهويتهم ورمزهم الدائم.

 

تقريباً كل شاب قابلته وصف المسجد الأقصى في مركز أفكاره وآماله. وأي خطر على وصولهم له هو بمثابة إبادة لنفسيتهم. والمحاولات الأخيرة والمستمرة التي يقوم بها الأصوليون اليهود لتحدي السيادة الفلسطينية على منطقة المسجد الأقصى تشكل هذا الخطر.

 

ولا يرى شباب القدس الشرقية أي مستقبل أمامهم، ومع تلاشي الآمال في إقامة دولة أو أي شكل من أشكال الحكم الذاتي السياسي، فإنهم لا يملكون ما يخسرونه. ليس فقط لأنهم لا يرون أي ضوء في نهاية النفق، وإنما لأنهم لا يرون النفق أصلا، ولا يرون أفقاً على الإطلاق.

 

يجب اتخاذ خطوات لتحسين حياة المواطنين في القدس الشرقية. وكانت اسرائيل قد ضمت القدس الشرقية عام 1967، ومع وجود هذه السلطة يجب أن تكون مسؤوليتها عن توفير المزيد من المعلمين والمدارس وبناء الحدائق وتطوير البنية التحتية وبرامج التدريب المهني وتوفير بيئة أكثر أماناً للشباب في القدس. كما هناك حاجة إلى التدخل لمساعدة الأطفال والأسر التي تعاني من صدمات نفسية. كما أن إقامة روابط قوية مع المؤسسات السياسية والثقافية في الضفة الغربية ستكون مفيدة أيضاً.

 

وفي حال الفشل في هذه التدخلات، يمكننا أن نتوقع تصعيداً في الإحباط والعنف المحتمل من جانب شباب القدس الشرقية. ومن المرجح أن يشكل الانتهاك الحقيقي أو المتصور من إسرائيل حافزا لجميع أفكار الإحباط التي تسبب الانفجار، وهذه المرة لن يكون من الممكن تخفيف حدة التصعيد.