الحدث- عامر بعلوشة
ضجّ الرأي العام والشارع الغزّي بشكل كبير، بعد وقوع حادث جديد وأول من نوعه، يتمثّل بقيام شخص بتفجير نفسه في قوة تابعة لقوات الضبط الميداني التابعة للقسام، المُناط بها حفظ الحدود الفلسطينية المصرية، عند اقترابهم من السياج الفاصل مع دولة مصر في مدينة رفح الحدودية.
في الفترة الأخيرة شهدت العديد من حالات تسلل عناصر من غزة إلى القتال في سيناء، وهذا ما تم الإتفاق على محاربته خلال تفاهمات مصر وحماس الأخيرة.
وقالت المصادر الصحفية بأنه قد ترتب على هذا التفجير مقتل المنفّذ و أحد أفراد قوة الضبط الميداني وهو الشهيد نضال الجعفري، وإصابة 7 آخرين.
ومن جهتها أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحماس عن الحادثة، وأكدت على أن ذلك تم خلال محاولة عناصر الضبط الميداني منع المتسللين من الدخول للجانب المصري.
تحذيرات سابقة
في السياق ذاته يُذكر بقيام العديد من الكتّاب والمحللين بالتحذير من مثل هذه الحوادث، نظراً لطبيعة الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تمرّ بها غزة، معلّلين بذلك على توافر كامل البيئة الخصبة والمناسبة لبزوغ مثل هذه الأفكار المتطرفة، والتي تنادي بأسلوب الدماء والأشلاء، وأن السكوت عن منابع الفكر المتطرف والتي منها ما هو معلوم في غزة يدفع في نفس الإتجاه.
هذا ما تترجم على لسان الكاتب أحمد جودة، الذي أوضح بأن كل عوامل التطرف موجودة بغزة، ولكنها خامدة، و انخمادها لا يعني أنها لا تشكل خطراً.
وأضاف جودة لـ "الحدث" بأن من مصادر تلك الأفكار أيضاً بعض الجامعات والمواد التعليمية في القطاع، التي تصدّر للطلاب بداية التشدد والطريق، وهذه يجب أن تكون أول يجب التعامل معه، على حد قوله.
ولم يختلف مع جودة الكثير من الكتّاب في غزة، الذين منذ وقت وهم يتوقعون وقوع حوادث مشابهة من هذا النوع، على غرار ما جرى بالعراق وسوريا وغيرها.
هل هذا بداية لمرحلة جديدة في غزة ؟
هذا ما أجاب عنه الكاتب والمفكر الفلسطيني عبد الله أبو شرخ، حيث قال:" أعتقد أن من السابق لأوانة الاعتقاد بأننا قد دخلنا مرحلة جديدة"
وأضاف أبو شرخ في حديث خاص مع "الحدث": "ذلك لأن أهل غزة بشكل عام يرفضون التطرف، كما يرفضون الإنزلاق لحمام دم".
وفي الحديث عن طرق المواجهة، أشار أبو شرخ بأن الحلول الأمنية وحدها لا تكفي لتقليص حجم النشاط لهذه الجماعات.
وأوضح بأنه يجب مقاومة الفكر المنحرف والضال بفكر آخر مستنير و"هذا ما هو دور كل الكتاب والمثقفين في غزة".
وفي التعليق على مدى تأثير هذه الحادثة على الثقة المصرية بحماس والتزامها بمواجهة الإرهاب، قال أبو شرخ: "على الأرجع أن الحادثة سوف تزيد من ثقة الجانب المصري بجديّة حماس وأجهزها في مقاومة الإرهاب".
وتابع: " ويبدو أننا نشاهد الثمار الأولى لفاعلية المنطقة الأمنية.. واضح أن جماعة الإرهاب يشعرون بضيق شديد"
وفي السياق ذاته كتب الكاتب الصحفي سعيد الطويل، الذي نادى بضرورة أن يكون هناك تفعيل لعملية توعوية شاملة، وبالأخص لجيل الشباب واليافعين، الذين يذهبون ضحية هذه الأفكار الإرهابية.
وأكّد الطويل خلال حديثه مع "الحدث" بأن هناك العديد من الأطراف تسعى لمثل هذه الحالة وازديادها، وأولها العدو الإسرائيلي، وأن هناك من يموّل هذه الجماعات ويقدم لها كل المستلزمات لهذا الهدف.
ونادى بضرورة أن يكون هناك تركيز أمني وثقافي حول هذا الموضوع الذي بدأ يدق أبواب الخطر.
الجميع في خندق مواجهة الإرهاب
هذا ما تترجم أولاً من خلال بيان أصدرته عائلة الشخص الذي قام بتفجير نفسه، حيث استنكرت العائلة في بيانها الجريمة التي قام بها إبنها، وأكدت على أنها تقدم كامل التعازي لأهل الشهيد، وتعلن برائتها التامة عن الفعل ومن ارتكبه، ودعت أبناء شعبنا إلى ضرورة محاربة مثل هذه التوجّهات، والحيلولة دون بروزها كظاهرة في غزة.
وفي الإجابة عن إمكانية أن يلجأ بعض من يختلفون مع حماس إلى هذه التيارات المتطرّفة كما حصل في تجارب بعض البلدان العربية، قال الناشط والفنان اسماعيل البزم، خلال مقابلة مع (الحدث): "جميعنا يُمكن أن نختلف مع حركة حماس، ولكن حين الحديث عن إرهاب وفكر متطرف، فوراً سيكون كل الشارع الفلسطيني في مواجهة هذا الإرهاب".
وأضاف البزم: " شعبنا الفلسطيني وأهلنا في غزة هم أبناء أصل، ولا يمكن أن يتخلون عن أبناء جلدتهم أمام في مثل هذه الحالات".
وتابع بأنه من الأهمية النظر إلى مسببات ظهور ذلك والوقوف على حلّها بشكل فوّري.
وأوضح البزم بضرورة حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يمرّ بها أهل القطاع، فهي بالطبع أحد العوامل المهمّة التي تدفع نحو التطرّف.