ترجمة الحدث- احمد بعلوشة
فيما يلى مادة نشرت في موقع كوارتز انديا حول اعتبار الكلاب نجسة، وكيف كانت علاقة المسلمين بالكلاب.
الكلاب في الإسلام، كما هي في اليهودية ينظر إليها على أنها نجسة. هذه الفكرة انقلبت إلى تقاليد عريقة تنظر إلى أن مجرد مشاهدة كلب أثناء الصلاة يمكن أن يكون له القدرة على إبطال دعاء المسلمين المتدينين.
وكما هو الحال مع العديد من الجوانب الأخرى التي ينظر إليها بشكل خاطئ في التاريخ الإسلامي، فإنَّ معظم المسلمين وغير المسلمين يعتقدون أن الإسلام والكلاب لا يختلطان!
ومع ذلك، هناك رابط غير معروف مختلف حول التفكير في الكلاب في الإسلام، وهو تاريخ طويل من التفاعلات الإيجابية بين الكلاب والمسلمين في بدايات الدين. ووفقاً لعدة روايات موثوقة عن حياته وتعاليمه، فقد صلى النبي محمد بنفسه في وجود الكلاب. العديد من أبناء عمومته ورفاقه أوائل المسلمين كانوا يتعاملون مع الكلاب.
في مسجد النبي في المدينة المنورة، ثاني أقدس موقع في العالم للمسلمين بعد الكعبة، كانت الكلاب موجودة وتعيش إبان حياة النبي محمد واستمرت لقرون بعده أيضاً.
ليس من المستغرب أن أول المسلمين كان لديهم الكثير من الكلاب. معظمهم كانوا يربون قطعان كبيرة من الأغنام والماعز، وساعدتهم الكلاب على إدارة وحماية هذه المواشي، كما منعت الكلاب هروب هذه الحيوانات أو هجوم اللصوص أو الحيوانات المفترسة عليها. وكانت الأغنام والماعز هي مصدر المواد الغذائية الهامة بالنسبة للمسلمين الأوائل، كما كانت تعتبر رأس مال، والكلاب ساعدت على حماية هذه الاستثمارات.
وقبل فترة طويلة من الإسلام، تم تصوير الكلاب في المنحوتات الحجرية في مصر القديمة والعراق بصحبة منحوتات للإنسان. والمسلمون لم يتوقفوا عن استخدام الكلاب حين جاؤوا بعد ذلك.
ومع انتشار الإسلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط، انتقل من كونه دينا للبدو الرحل إلى كونه دينا يتمركز في المدن. وكانت العديد من المدن الكبرى في العالم خلال الفترة بين 700 و1700 ميلادية هي مدن إسلامية.
وكما كان هناك دور للكلاب في الريف، فقد لعبت أيضا دوراً هاماً في المدن حيث قامت بأدوار متعلقة بحماية الممتلكات وتجنب المتسللين، كما قامت بوظيفة أكثر أهمية.. وهي أكل القمامة.
من دمشق وبغداد، إلى القاهرة واسطنبول، دعمت السلطات الحضرية مجموعات الكلاب كمستهلكين للنفايات وللحفاظ على نظافة شوارع المدينة. قام القادة المسلمون ببناء أحواض ري للكلاب، وألقت مجموعة من المساجد الطعام لهم، واستخدمهم الجزارون لتجنب الفئران والحشرات. وكثيراً ما يُعاقب البشر الذين يرتكبون أعمال عنف ضد الكلاب. وكانت المدن الإسلامية أكثر نظافة ومتعة في ظل وجود الكلاب.
كل هذا يعني أنَّ المسلمين في جميع أنحاء العالم كانوا على اتصال يومي ومنتظم مع الكلاب التي عاشت وسطهم. لقد أدركوا مدى فائدة هذه الحيوانات في الحراسة والتنظيف.
وبالنظر إلى هذا التاريخ، فمن أين جاءت فكرة أن الإسلام معاد للكلاب؟ والإجابة هي "المرض".
منذ حوالي مئتي سنة، بدأت الأفكار حول العدوى تتغير. بدأ الناس في الشرق الأوسط وأوروبا وأماكن أخرى بملاحظة وجود علاقة بين تفشي الطاعون والكوليرا والملاريا، والقرب المادي للضحايا من أماكن مثل أكوام القمامة، والبحيرات والمستنقعات. لذلك بدأ مخططو المدن والحكومات في جميع أنحاء العالم باستئصال هذه المصادر من المناطق المزدحمة بالسكان. كما قاموا بدفع القمامة خارج أسوار المدن، وقاموا عن غير قصد بإزالة الكلاب التي أكلت هذه القمامة.
الكلاب كانت تستخدم للحفاظ على الشوارع نظيفة.. ولكن البشر الآن هم من يقومون بهذه المهمة.
وفي غضون بضعة عقود، وفي أوائل القرن التاسع العشر، كانت الكلاب تعتبر غير مجدية اقتصادياً وخطيرة على الصحة العامة. وكانت النتائج.. العديد من حملات القضاء على الكلاب على نطاق واسع، وأصبح هناك عدد أقل بكثير من الكلاب في مدن الشرق الاوسط، وتغيير في الموقف تجاه الحيوان. وأصبحت الكلاب تُرى على أنها خطرة ومعدية ومهلكة.
هذا التغير الأخير في المواقف الإسلامية تجاه الكلاب يفسر وجهة النظر السائدة للحيوان اليوم. في حين تختلف الآراء بطبيعة الحال، والنخبة في العديد من البلدان الإسلامية يتعاملون مع الكلاب بشكل جيد، إلا أن غالبية المسلمين يعتبرون الكلاب قذرة وغير طاهرة، بل وأحياناً يعتبرونها جاذبة للشر. ولذلك فإن تاريخ الكلاب يساء فهمه من قبل المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. معظمهم لا يعرفون وكثير من المرجح أن لا يكون على دراية بأن الكلاب كانت عزيزة على النبي محمد عليه السلام وملايين المسلمين الذين جاؤوا من بعده.