السبت  05 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع 91 | هل نحتاج لحزب سياسي جديد؟

2017-08-22 03:42:29 PM
ع 91 | هل نحتاج لحزب سياسي جديد؟
مسيرة سلمية (ارشيف الحدث)

 

الحدث- محمد غفري

في الوقت الذي تشير فيه غالبية استطلاعات الرأي إلى ضعف ثقة الشارع الفلسطيني بفصائل العمل الوطني القائمة على الساحة منذ سنوات، وما يرافق ذلك من شعور بالفراغ التنظيمي كما ظهر في الهبَّة الشعبية، وهو ما انعكس جليًّا خلال أحداث المسجد الأقصى الأخيرة، عندما هبَّ الشارع المقدسي للرباط دون غطاء تنظيمي، وحقق من تلقاء نفسه نصرًا تاريخيًّا، بدأت تظهر على الساحة في الآونة الأخيرة محاولات لتشكيل أحزاب سياسية جديدة، البعض منها قد تشكَّل بالفعل.

 

الوزير السابق في الحكومة الفلسطينية المحامي شوقي العيسة، وبعدما أثار الجدل بإعلانه الصريح مؤخرًا أنّ سبب استقالته من الحكومة هو الفساد، أعلن يوم الثلاثاء 15 آب الجاري، عن إطلاق حركة وطنية سياسية فلسطينية جديدة، تحمل اسم "حركة الاستقلال الفلسطيني" (حقي).

 

يأتي تشكيل الفصيل الجديد، بالتزامن مع محاولات أخرى مشابهة، ومع تسريبات طفت على السطح حول عمليات باءت بالفشل لشقِّ صفوف حركة حماس عبر تشكيل تنظيم جديد لها في الضفة الغربية.

 

تراجع الأحزاب مبرر للحزب الجديد

محاضر الدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت غسان الخطيب، ومن خلال مشاركته في دراسات استطلاعات الرأي العام في مركز القدس للإعلام والاتصال منذ نحو 25 عامًا، أكد أنَّ الدراسات الحالية تشير إلى أنَّ نسبة تأييد وتفاعل الجمهور -وبشكل خاص فئة الشباب- مع الفصائل القائمة في تراجع.

 

وأضاف الخطيب لـ"الحدث"، أنَّ دراسات الرأي العام تكشف أنّ نسبة من يختار خيار "لا أثق بأحد" من الأحزاب القائمة هو في ازدياد، حتى وصل أحيانًا إلى 35% من الجمهور.

 

وأوضح الخطيب، أنّه عندما يُسأل الجمهور في استطلاعات الرأي: بمن تثق أكثر في الأحزاب القائمة؟ تكون الإجابة المرتفعة "لا أحد"، وبالتالي؛ يرى الخطيب أنَّ هناك نوعًا من الفراغ السياسي.

 

ويبدو أنَّ هناك قطاعًا غير قليل من الجمهور غير مقتنع بالقائم من الأحزاب والتنظيمات، وبالتالي؛ ربما هناك متسع لمبادرات جديدة، بحسب ما ذكر غسان الخطيب مؤلف كتاب "الفكر السياسي الفلسطيني والمفاوضات".

 

ويتفق المحلل السياسي هاني المصري مع الخطيب، في وجود مأزق فلسطيني شامل على حدِّ تعبيره، وهذا المأزق ناجم عن تراجع الحركة الوطنية، وعدم تجددها، وعدم تغييرها، وعدم إصلاحها، وعدم فسح المجال للأجيال الجديدة أن تكون داخلها، وهذا تسبب بمأزق على كلِّ المستويات.

 

لذلك؛ وبحسب ما يرى المصري، فإننا بحاجة لحلٍّ لهذا المأزق، وهذا الحل لا يبدأ بتشكيل الأحزاب الجديدة، وإنما البداية الأفضل للحلّ تكون "بتشخيص المرض، ووضع العلاج له"، ثمَّ يأتي تشكيل الحزب الجديد لمن أراد ذلك.

ولكنّ الخطيب يعارض المصري في أنَّ الحلَّ للوضع الراهن يكون بمزيج من الأمرين، موضّحًا "لا شكّ أنّ هناك حاجة لتطوير وإصلاح وإعادة النظر في أداء الأحزاب القائمة؛ حتى تستطيع أن تحصل على حصة أكبر من الجمهور، ولكن إلى أن تقوم بذلك، سوف يبقى هناك متسع لمبادرات جديدة".

 

المطلوب من الحزب الجديد

وفي السياق الذي لا يرفض فيه المصري والخطيب فكرة تأسيس حزب جديد، باستثناء آلية العمل على ذلك، لا بدَّ من الإجابة على التساؤل: حول ما هو المطلوب من الحزب الجديد؟

 

يقول المصري: إنّ لدينا تخمة في الأحزاب السياسية، وإذا لم يكن لدى الحزب الجديد طرح جديد، ونموذج جديد، لن تكون هناك إضافة على الحالي.

 

أما إذا كان لدى الحزب الجديد طرح جديد، فأهلاً وسهلاً، ومن حقِّ أيِّ مجموعة أن تقوم بتشكيل حزب، كما أكد مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية هاني المصري.

 

وأوضح المصري، أنّ مِن متطلبات إنشاء حزب سياسي جديد، أن يكون ضمن برنامج هذا الحزب الكفاح ضد الاحتلال، وهو ما يميّز أيّ فصيل أو عمل سياسي لدينا، وإذا لم يكن ضمن برنامجه مقاومة الاحتلال لا يمكن أن يكون له شأن لدى الشعب الفلسطيني، والتاريخ يثبت ذلك؛ لأنَّ بعض الفصائل تأسست منذ سنوات طويلة، ولا تشكِّل سوى 1% من الشعب الفلسطيني.

 

ولخَّص الكاتب السياسي هاني المصري رأيه لـ"الحدث" بالتأكيد أننا بحاجة لحركة جديدة، وكذلك إعادة بناء الحركة الوطنية الحالية، ولكن حتى تكون هذه التشكيلات خطة للأمام، يجب أن يكون لها فكر جديد، ورؤية جديدة، واستراتيجيات جديدة، وممارسة جديدة، وهذا هو الشرط.

 

الانخراط في الشارع

وفي غضون ذلك، يرى رئيس المكتب الإعلامي الحكومي الأسبق غسان الخطيب، أنَّ أحد مشاكل الأحزاب القائمة أنَّ تفاعلها مع الجمهور -وبشكل خاص فئة الشباب- ضئيل، وذلك من حيث تلبيتها للمتطلبات الحياتية اليومية، وتفاعلها معهم في الاحتياجات المتغيرة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

 

والسبب في ذلك، بحسب الخطيب، أنّ الأحزاب مستغرقة في الملفات السياسية الكبرى، مثل: عملية السلام والمصالحة والمقاومة، وكلُّ هذه العناوين سليمة ومهمة، ولكنها لا تغني عن الحاجة للانخراط في الهموم اليومية للشارع.

 

وبالتالي؛ فإنَّ المطلوب من أيِّ حزب جديد، هو الانخراط في الشارع، وتلبية رغبات الشارع، والتفاعل مع الهموم اليومية للجمهور، وبالتأكيد ليس على حساب الملفات الكبيرة، ولكن إضافة إليها.

 

حركة "حقي" نموذجًا جديدًا

وحتى تتضح معالم الحزب السياسي الجديد "حقي"، ويتمّ الإعلان الرسمي عن تشكيله، وما هو برنامجه السياسي، أو حتى تشكيل أحزاب سياسية أخرى مشابهة، فقد أكد المحامي شوقي العيسة، ضرورة ردّ الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، وموقعها ونفوذها؛ لتتحمل مسؤولياتها بقيادة مؤهلة لتمثيل شعبنا الفلسطيني.

 

وشدد المحامي العيسة في بيان التأسيس لحركة الاستقلال الفلسطيني "حقي" الذي نشره على "الفيس بوك"، على أنَّ هذه الحركة لا تحتاج إلى ترخيص أو تسجيل من الجهات المختصة، فهي كفتح والشعبية تعدُّ منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين.

 

وأضاف، في تصريح خاص لـ"الحدث"، أنَّه يتمّ العمل الآن تجهيز الوثائق والبرنامج السياسي والنظام الداخلي للحركة، للإعلان عنها قريبًا.

 

وقال: إنَّ الحركة ستضم العديد من الشخصيات من الداخل والخارج، قائلاً: "من المبكِّر الإفصاح عن أسماء الهيئة القيادية للحركة".

 

وحول مصادر دعم الحركة، قال: "نرفض أيّ مال غير فلسطيني، نعتمد على الاشتراكات والتبرعات الداخلية للفلسطينيين فقط".