السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فتح وحماس... سباق الحواجز/ بقلم: نبيل عمرو

2017-10-10 09:55:12 AM
فتح وحماس... سباق الحواجز/ بقلم: نبيل عمرو
د. نبيل عمرو

 

أكثر ما لفت النظر في أمر المصالحة، هو الاحتفال المبالغ فيه الذي يعبر عن الرغبات والأمنيات، ونحن الفلسطينيين لنا تراث كبير في قلب معادلة الاحتفال، فبدل أن نحتفل بالنتائج، نحتفل بالمقدمات، وغالبًا -إن لم يكن دائمًا- نُصاب بخيبة أمل مضاعفة حين يقع الفشل.

 

الاحتفال والمغالاة في المطالب والرهانات دائمًا تجسد عبئًا إضافيًّا يعاني منه ليس من يجري المحادثات، وإنما من يطبق الاستحقاقات على الأرض.

 

الجمهور بطبعه له مقاييس مختلفة عن مقاييس السلطة وأهل السياسة والقرار، الجمهور بعد معاناة عشر سنوات من الموت السريع والبطيء، والجوع والعري والعطش، والمرض والحبس بين حاجزين، لا يهمه كثيرًا أجندات السياسيين وخصوصًا تلك الجمل الفخمة التي تعد شرب الماء المالح واجبًا مقدسًا للحفاظ على الثوابت، هذا الجمهور مع تمسكه بوطنيته الأصيلة تنتابه حيرة من استحالة تحقيق طلباته المتواضعة، فلم يعد يطلب الكثير، وحتى أقل القليل الذي يحتاجه بدا مستحيلاً، حتى أنه يكتم في صدره سؤالاً، هل تحرير القدس يتطلب الموت جوعًا وعطشًا؟ وكم من الزمن يتطلبه ذلك؟.

 

في القاهرة ستجري محادثات جديدة يتنصل الجميع من اعتبارها حلقة متصلة بالحلقات المئة التي سبقتها، فما هو يا ترى جدول أعمال الحلقة الجديدة، لندع الموضوع السياسي جانبًا؛ فهو الأسهل، خصوصًا بعد الوثيقة الجديدة التي أصدرتها حماس، كتعبير أولي عن استعداد للمرونة، ولننظر الى الأمور التي يراها مدعو التناول الاستراتيجي للأمور كتفاصيل، ونبدأ بقدرة الطرفين على قطع المسافة نحو الهدف في سباق الحواجز ..

 

الحاجز الأول ... البطالة. سواء على صعيد العمال الذين تضاءل عددهم في إسرائيل، أو الموظفين الذين تضخم عددهم في زمن الانقسام، أم العمالة التي توفرها المشاريع التنموية التي لم يعد لها وجود في غزة.

 

كيف سيتم تجاوز هذا الحاجز وحكاية أن العالم سيتكفل بذلك تبدو غير موضوعية وغير مقنعة.

 

الحاجز الثاني... الانسجام الإداري. لقد أوجد الانقسام حالة شديدة الاضطراب على صعيد المؤسسات الحكومية، فهل بضغطة زر تصبح الوزارات في غزة متطابقة تمامًا في الخطط والعمل والالتزام مع نظرائها في رام الله، هذا سؤال الإجابة عنه لن تكون شافية لمجرد إظهار الإرادة.

 

الحاجز الثالث ... السلاح. وهذا لا يزال مؤجلاً بفعل استحالة حله أو حتى مجرد الحديث فيه، والمعضلات لا تلغى بالتجاهل والتأجيل، ففي وقت ما وفي حالتنا قد يكون قريبًا، فلا بد من معالجة الامر، وإلا فما يؤجل غالبًا قد يفجر كل ما سبقه.

هذه بعض الحواجز وليس كلها، وأشك في أن الذاهبين إلى القاهرة يحملون ملفات دقيقة تتجاوز تشخيص الحالة لمصلحة وضع الحلول.

 

 وحاجز لم أرغب في وضعه مع ما تقدم  نظرًا لخصوصيته، هو الحاجز الإسرائيلي، وهنا لا حيلة للسلطة في رام الله ولا لنظيرتها في غزة على تجاوزه بالتفاهمات والاتفاقات، ويبدو أن الطرفين يعولان على الجهد المصري في تجاوزه، غير أنَّ أحدًا في الكون بما في ذلك مصر وحتى الولايات المتحدة يضمن إسرائيل، وكيفية معالجتها للعلاقة التفصيلية مع الضفة وغزة ومع فتح وحماس بالذات.

 

حين نقول كلامًا كهذا يتضايق المحتفلون، وربما أو غالبًا ما يتهمون القائل بمعاداة المصالحة والوحدة، ولقد آن الأوان بعد عشر سنوات من الاحتفالات الساذجة والحل والترحال في العديد من العواصم أن نعالج مسألة الانقسام بمعالجة القضايا التي أفرزها، وأهمها ما يخص حياة المواطن، وبالنسبة لي سأصدق إنّ مصالحة تمت، ومعالجة اكتملت، حين يقول لنا الغزيون: إن الأمور تغيرت للأفضل، وهذا هو المقياس الذي نأمل أن نرى مقدماته ومساراته المقنعة في قادم الأيام.