السبت  05 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث" | المبادرة الاقتصادية الصينية.. هل تُنعش واقع غزة المتدهور؟

2017-10-10 01:02:18 PM
متابعة
ميناء غزة (ارشيف الحدث)

 

غزة- محاسن أُصرف

 

كانت السنوات العشر الماضية في قطاع غزة، بما شهدته من انغلاق للأفق السياسي، سببًا في مُعايشة أهله حالة الأزمة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، فلم يجدوا سبيلًا لتعويض خساراتهم بسبب الحروب والاعتداءات التي مُورست ضدهم ما أدى إلى انهيار تام في القطاعات الصناعية والتجارية كافة، وظهر أثره الأسوأ في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

 

اليوم يبدو الحال مختلفًا -كما يُخبر مختصون ومراقبون للشأن الاقتصادي- ويعزون ذلك إلى الانفراجة الكبيرة التي شهدها القطاع مؤخرًا على المستوى السياسي باللجوء إلى تفاهمات جدية بشأن مُصالحة الأطراف المتصارعة "فتح وحماس"، يقول أحدهم: "إنّ هذا التحول الجذري والاتجاه من حماس إلى اتخاذ خطوات عملية نحو المُصالحة التامة، سينعكس على الواقع الاقتصادي بإيجاد مشاريع حيوية تُحقق حالة الإنعاش للاقتصاد وتعمل أولًا على تحسين واقع الحياة الإنسانية والمعيشية للسكان هناك"، فيما يكشف "منيب المصري" رئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة في أول زيارة له لقطاع غزة بعد التوافق على حلّ حماس اللجنة الإدارية وقبولها بإفساح المجال لحكومة الوفاق الوطني للقيام بدورها؛ عن مبادرة "طريق الحرير"، وهي مبادرة صينية اقتصادية وسياسية سيتم العمل على تنفيذها سريعًا في قطاع غزة لتُعيد إنعاشه عبر مشاريع ضخمة في مختلف القطاعات الحيوية كإنشاء محطات مياه وتحلية، بالإضافة إلى مدن زراعية وصناعية بالإضافة مشاريع البنية التحتية، وقال: "إنّ هذه المشاريع ستفتح المجال واسعًا أمام الاستثمار والتشغيل المحلي للعمالة، بالإضافة إلى تشجيع التصدير وإدخال العملات الأجنبية التي تُسهم في تحسين الدخل القومي".

 

تفاصيل المبادرة

ثمّة دراسات اقتصادية سابقة تُشير إلى أنّ المبادرة الصينية المُلقبة بـ"طريق الحرير" عبارة عن شبكة طرق مترابطة طولها 10 آلاف كيلو متر، وكان يسلكها التجار قديمًا لتسويق بضائعهم بين الصين وأوروبا إلا أنها توقفت مطلع التسعينيات ولم تعد تُؤدي دورها كخطٍّ ملاحي حتى عام 2013 حين عزم الرئيس الصيني إلى إعلان خطة طموحة بإعادة تشغيل الطريق الواصل بين الصين وأوروبا عبر طريق الحرير البحري، بالإضافة إلى تشغيل الفرع البري بـ 6 ممرات، ما جعلها تجد قبولًا، بل وإجماعًا دوليًا كانت فلسطين من ضمنه.

 

وبحسب "المصري" فإنّ انضمام فلسطين وتأييدها لهذه المبادرة سينعكس إيجابيًا على تحسين الواقع الاقتصادي للسكان والسلطة معًا، وأضاف أنّ المبادرة الأخيرة بالمصالحة وقرب إنهاء الانقسام الفلسطيني من شأنه أن يُعزز نجاحها في تطوير الاقتصاد الفلسطيني ككل، واقتصاد قطاع غزة على وجه التحديد، وذلك من خلال تنفيذ مشاريع الإعمار وإحداث تنمية اقتصادية شاملة هناك، لافتًا إلى أن وجود حالة من الإجماع الدولي لتمويل مشاريع ضخمة في القطاع خاصة بعد إتمام المصالحة بهدف التخفيف من واقع الأزمة الذي حلّ بسكان القطاع وأنهكهم اقتصاديًّا مدّة سنوات الحصار العشر الماضية، وقال: "سيتم ضخ مئات ملايين الدولارات في مشاريع الإعمار المتوقفة، وكذلك في مشاريع تهيئة البنية التحتية للقطاع والمرافق الصحية والخدماتية، بالإضافة إلى المدن الصناعية والزراعية".

 

إحداث تنمية اقتصادية شاملة

ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يتم تنفيذ المبادرة خلال فترة تتراوح بين 3-5 أشهر إذا ما سارت عجلة المصالحة على وتيرة السريان، ولم توقفها عقبات جديدة، مؤكدين أن ذلك سيُشجع الدول المانحة على ضخ أموالها لخزينة السلطة لتنفيذ مشاريعها، وقالوا في سياق مقابلات منفصلة مع "الحدث": إنّ تنفيذ "المبادرة الصينية الاقتصادية والسياسية" سيُحدث تنمية اقتصادية فلسطينية شاملة خاصة في ظل استثمار الثروات الفلسطينية في قطاع غزة.

 

وبدوره يقول" د. ماهر الطبّاع" الخبير في الشأن الاقتصادي:" إنّ السير بخطوات إيجابية على صعيد المصالحة بين فتح وحماس من شأنه أن يُنهي تخوفات المانحين بضخ أموالهم إلى القطاع"، لافتًا إلى إمكانية إحداث تنمية شاملة للاقتصاد الفلسطيني من خلال المشاريع الاستثمارية التي سيتم تنفيذها في القطاع سواء من رجال الأعمال الفلسطينيين في الداخل أو الخارج، وتابع بالقول: "نأمل أن يحدث ذلك في غضون الأشهر القليلة القادمة".

 

وفي السياق ذاته أكد "د. معين رجب" أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة على أهمية تنفيذ المشاريع الحيوية في القطاع وقال لـ"الحدث": إنّ ذلك سيُنعش الأسواق، وسيعمل على تحسين جودة الحياة للسكان بحصولهم على السلع والخدمات التي حرموا منها على مدار سنوات الحصار"، وشدد "رجب" على ضرورة فتح قنوات اتصال اقتصادية مع الدول المساندة للقضية الفلسطينية لما يُسهم في تنمية الاقتصاد الكلي وإنهاء عقباته التي تتعلق بالتمويل وقلة الخبرات أحيانًا.

 

وتُشير تقديرات إعلامية إلى أنّ الدول المانحة بمجرد تحقيق المصالحة واقعًا لن تتردد في تأكيد التزامها بالتعهدات المالية التي قطعتها على نفسها في مؤتمر شرم الشيخ بمصر بعد حرب 2014 لتسريع عملية إعادة الإعمار وإتمام عمليات الإنعاش للقطاعات الاقتصادية التي تضررت وخسرت ملايين الدولارات سواء القطاعات الصناعية أو الإنتاجية.

 

قريبًا.. مشاريع حيوية باستثمارات صينية

وفي سياقٍ متصل كشفت "عبير عودة" وزيرة الاقتصاد أثناء زيارتها لقطاع غزة مع وفد حكومة الوفاق مطلع أكتوبر الحالي أن هناك العديد من الخطط لتطوير قطاعات واعدة في المحافظات الجنوبية منها القطاعات الصناعية، وما يتعلق بصناعة التمور والأثاث المنزلي وذلك وفقًا لمشروع ابتدأته الوزارة قبل ستة أشهر تقريبًا لتحديث وتطوير قطاع الصناعة في المحافظات الجنوبية، تستهدف حوالي 25 مصنعًا، بالإضافة إلى إيجاد مشاريع أُخرى مع بداية العام القادم 2018 لتطوير القطاعات الحيوية ما يُحقق إنعاشه أولًا وخفض معدلات الفقر والبطالة وصولًا إلى إنشاء المدن الصناعية تحت مظلة وزارة الاقتصاد الفلسطيني وتطويرها وإشغالها بنسبة 100% ما يُحدث حالة من التنمية الشاملة والمستدامة في الاقتصاد الفلسطيني.

 

ولم تكشف "عودة" عن القيمة المالية للمشاريع التي سيتم تنفيذها خلال الأشهر القادمة ومطلع العام 2018 إلا أنها قالت لـ"الحدث": ستكون مناصفة أو أكثر قليلًا مع الضفة الغربية لصالح المشاريع في غزة، وفي ما يتعلق بالمبادرة الصينية الاقتصادية، أكدت "عودة" أنها تسير وفق خطا ثابتة، وأن وزارتها بحثت نهاية سبتمبر الماضي مشاريع مشتركة مع وفد اقتصادي من الصين ليتم تطبيقها ضمن مبادرة "طريق الحرير" أهمها مشاريع إنشاء سكة حديد تربط كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة مناطق صناعية، بالإضافة إلى تعزيز وتطوير علاقات التعاون بين القطاع الخاص الفلسطيني ونظيره الصيني وجذب استثمارات صينية إلى فلسطين، مؤكدة أن ذلك يحتاج إلى المزيد من الجهود لاستعادة العلاقات التاريخية بين البلدين ودعم الصين للاقتصاد الفلسطيني من خلال إقامة منطقة صناعية جديدة تحمل اسم الصين في فلسطين، كما دعت رجال الأعمال الصينيين إلى زيارة فلسطين والاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة فيها والاستفادة من الامتيازات الاستثمارية التي تمنحها الحكومة الفلسطينية للمستثمرين والتي تمكن من إقامة شركات تجارية بين رجال الاعمال في كلا الجانبين، تسهم في تحسين الاقتصاد الفلسطيني وتعود بالنفع على المستثمر، وكشفت "عودة" عن اجتماع أولي للجنة الفلسطينية الصينية المشتركة في أوائل نوفمبر المقبل لبحث العديد من القضايا الحيوية كـ (التجارة، الصناعة، والمدن الصناعية، وتشجيع الاستثمار، والطاقة، والمساعدات الفنية).

 

وكانت وزارة الاقتصاد الوطني عملت على تطوير وتحسين البيئة التشريعية الناظمة للاقتصاد الوطني بما يُحقق عمليات الجذب للاستثمارات العربية والدولية التي يُمكن أن تؤثر إيجابًا في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، فيما أكد "منيب المصري" أن الحكومة الفلسطينية ستعمل بُعيد استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بفعل المصالحة التامة والشاملة على الترتيب لعقد مؤتمر اقتصادي دولي، نهاية العام الجاري، من أجل جذب المستثمرين الفلسطينيين في الداخل والخارج، والمستثمرين العرب والأجانب للقيام بمشاريع حيوية في القطاع تُحسن الواقع المعيشي والإنساني هناك.