الجمعة  04 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث | موظفو القطاع العام يرفضون بشدة الخصومات التي فرضتها الحكومة على رواتبهم

(تبرعات الموظفين القسرية)

2018-01-11 10:02:37 AM
متابعة الحدث | موظفو القطاع العام يرفضون بشدة الخصومات التي فرضتها الحكومة على رواتبهم
احتجاج ضد خصومات الرواتب (ارشيف الحدث)

 

تتم خلافًا للقانون وانتهاكًا للدستور ودون شفافية وتعدّ شكلاً جديدًا من أشكال الفساد

 

خاص الحدث                                                      

أجمع موظفو القطاع العام على رفضهم للحسومات التي أقدمت عليها الحكومة الفلسطينية من رواتبهم بنسبة معينة تحت بند التبرع لصالح جهات أعلنت عنها الحكومة بشكل واضح، وإن كان الموظفون يرفضون مثل هذه الإجراءات التي باتت تعتاد عليها الحكومة، وتفرضها قسرًا على موظفيها، فإنهم يرفضون الطريقة والأسلوب وليس المبدأ، مؤكدين عدم قانونية مثل هذا الإجراء الذي نصبت فيه الحكومة نفسها وليًّا عليهم، ويرون أنه مثلما اتخذت الحكومة قرارًا بهذا الشأن كان عليها التحلي بجرأة كافية لتعلن وبشفافية عن ما جمعته من تبرع قسري، وأين أنفقته وكيف والآلية التي اتبعتها لضمان وصول الأموال المحسومة من رواتب الموظفين للجهات التي جمعت من أجلها واستهدفتهم.

 

وإن كانت الآراء والمواقف قد توافقت على عدم قانونية مثل هذا الإجراء الحكومي، فإنهم يؤكدون أنَّ الحكومة لا تملك صلاحية التبرع باسم موظيفها أو نيابة عنهم، وكان حريًّ بها أن تفتح باب التبرع لمن يرغب وضمن صندوق معلن عنه رسميًّا، ورقم حساب بنكي معين، تشرف عليه هيئة تتمتع بقدر عالٍ من الشفافية، وتشمل التبرعات كافة الفئات والشرائح الاجتماعية والقطاعات المختلفة، بحيث لا تقتصر على موظفي الحكومة.

 

وبعملية افتراضية، فإنْ كانت نسبة الخصم التي حددتها الحكومة لا تتجاوز 1%، فإنّ قيمة ما جمعته من مجموع الموظفين في القطاع العام 8 ملايين شيكل، باعتبار أنَّ إجمالي قيمة الرواتب الشهرية يقدر بحوالي 800 مليون شيكل، ولكن تبين المؤشرات الفعلية أنَّ قيمة ما تم خصمه من راتب الموظف يتراوح ما بين (180 شيكلاً – 260 شيكلاً) وفي هذه الحالية؛ فإنّ قيمة ما جمعته الحكومة من 90 ألف موظف مدني وعسكري يقدر ما بين         ( 16,200,000 مليون شيكل – 23,400,000 مليون شيكل.)

 

وأثناء مقابلاتنا مع موظفين، هناك من رفض الكشف عن اسمه ومسماه الوظيفي خوفًا من ملاحقته والاقتصاص منه لمعارضته الموقف الحكومي، وهناك من قبل البوح باسمه وصفته الوظيفية؛ لأنه لا يخشى لومة لائم، في رأيه.

 

موظفو القطاع العام يرفضون الأسلوب ويطعنون في شفافية وقانونية الإجراء

وعليه؛ فإنّ أحد موظفي وزارة العمل يقول :"لا أقبل بما أقدمت عليه الحكومة من حسم 180 شيكلاً من راتبي عن شهر تشرين الثاني 2017، لأن هذا الإجراء يفتقد للشفافية، وبالتالي؛ لا نعرف إنْ كانت هذه الأموال قد ذهبت فعلاً لصالح الجهة المنوي التبرع لها، أم أنها ذهبت مكافآت، وبدلات، واجتماعات، وورش عمل، وضيافة، واعتقد أنَّ هذا الأمر غير قانوني؛ لأن الخصم من الراتب جاء دون أي مسوغ قانوني".

 

والأمر نفسه بالنسبة للموظف (ح. س) - قانوني في القطاع العام، والذي خصمت الحكومة من راتبه حوالي 200 شيكل، حينما قال: "الخصم من راتب الموظف من قبل الحكومة إجراء يحتاج إلى تفويض مسبق من الموظف، وهذا لم يحدث، ولذلك فهو إجراء غير قانوني، أما الشفافية في آلية التبرع فلا تمنح غطاء قانونيًّا للإجراء، وإن كان إعلان الحكومة عن آلية التبرع والمستفيدين منه، مهم في إطار الشفافية، لكن هذا لا يعطي غطاء؛ لأنه بالأصل الإجراء غير قانوني، ومن باب الشفافية ولمصلحة الحكومة أن تعلن عن آلية توزيع التبرعات والأبواب التي صُرفت فيها؛ حتى لا تتهم بالفساد، فالحديث عن أهمية الشفافية في التوزيع مثل السؤال عن الخشوع في الصلاة التي تمت دون وضوء".

 

خصم غير إرادي يتنافى مع مفهوم التبرع والتطوع 

كمال هماش - مدير عام في منظمة التحرير الفلسطينية الذي خصم من راتبه أكثر من 200 شيكل، تحلى بالجرأة الكافية التي جعلته يتميز عن غيره من الموظفين حينما قال: "لا أوافق على الخصم غير الإرادي الذي يتنافى مع مفهوم التبرع والتطوع، وإذا أرادت الحكومة أن تتبرع فلتتبرع من جيوب أعضائها، وليس من حقها تشريع عملية تبرع هي في جوهرها يجب أن تكون اختيارية، ودون تدخل في إدارة التبرعات كعمل اجتماعي، والمسألة لا تتعلق بقضية التبرع بقدر ما لها علاقة في سوء إدارة الفكرة، كما أنَّ غياب أجهزة المراقبة المجتمعية والمستقلة على هذه العملية يدخلها في متاهة التساؤل، والأولى هو فتح  ملفات الكسب غير المشروع واسترجاع الممتلكات العامة التي تمت خصخصتها".

 

موافقة خطية من الموظف

ولا يقل إبراهيم أبو علي الصرفندي - موظف في وزارة النقل والمواصلات الذي خصم من راتبه حوالي 180 شيكلاً جرأة من هماش، حينما أعلن بملء فمه، وقال: "أرفض أي خصومات دون أخذ موافقة خطية من الموظف ومقدار الخصم، وأرى أنه لزامًا على الحكومة أن تعلن عن القيمة الإجمالية التي جمعته من الموظفين وعن كيفية وآلية انفاقها ولمن؟؟ أي أن تكون هناك شفافية في عملية الخصم والتبرع؛ حتى تحظى الحكومة على الأقل بثقة المتبرعين قسرًا لحملتها".

 

خصومات مثيرة للتساؤلات وتفتح مجالاً للتقولات

بينما ركز يوسف الحوت – الموظف الحكومي، على توضيح مفهوم التبرع، وقال: "إنّ المفهوم العام للتبرع أنه اختياري وانتقائي غالبًا، وقرار نابع من صاحب المال بكامل إرادته دون ضغط أو بوجه الحياء. وكل ما يتنافى مع هذه النظرية، أعتقد أنه غير قانوني.. وأيضًا البعد الديني على اعتبار أنها صدقة،  فالأصل أن تكون إرادية".

 

وطعن الحوت، في شفافية التبرع حينما قال: "أما موضوع النزاهة فلا يوجد أي ممثل عن الموظفين كالنقابات أو الاتحادات تتابع وجهة صرف هذه الخصومات؛ ما يثير التساؤلات ويفتح مجالاً للتقولات، حتى إننا لم نسمع أيّ شكر من الجهات الموجهة لها هذه الأموال، ورغم أنني لا أمانع من الخصم من راتبي، ولكن رأفة بالزملاء ذوي الرواتب المنخفضة، لذلك أدعو إلى تحديد الفئات المخصوم من رواتبهم واستشارتهم مسبقًا".

 

الشفافية تقتضي استشارة الموظف قبل إجراء أيّ حسم من راتبه

ويقول (ص ع) موظف حكومي في هيئة غير وزارية، والذي يخشى إحالته على التقاعد المبكر إن كشف عن اسمه: "الشفافية تقتضي أن تتم استشارة الموظف قبل إجراء أي حسم من راتبه لأي غرض كان، لأن هذا التبرع من الحكومة نيابة عن الموظفين فتح شهية عدة قطاعات أن تقوم بذات الأمر، إذ يقترح القطاع الخاص لنصرة القدس مثلاً حسم شيكل عن كل فاتورة لصالح صندوق القدس، ويستكثرون على حالهم المساهمة في صندوق المسؤولية المجتمعية".

 

ويقترح (ص ع) على الحكومة "أن تأخذ بعين الاعتبار رغبتنا في الأمر خصوصًا أنَّ بعض الموظفين يساهمون في منافذ أخرى كما يرون ذلك مناسبا، فهناك من يساهم لصالح صندوق مركز خالد الحسن لعلاج السرطان، وهناك من دفع لمخيمات سوريا ولبنان من منافذ أخرى، وهناك من يتبرع للقدس أيضًا من منافذ آخرين، بالتالي الحسم من الراتب يجب أن يكون بالتشاور، ليس مع جموع الموظفين، بل مع عينات عشوائية، وليس كبار الموظفين فقط".

 

التبرع من الحكومة والموظف مجرد "مستغفل"

ومثله مثل غالبية موظفي القطاع الحكومي، يرفض موظف في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الذي خصم من راتبه أكثر من 200 شيكل الكشف عن اسمه، لكنه يقول: "أنا لا أرضى التبرع باسمي دون استشارتي مسبقًا كون هذا الأمر خارجًا عن إرادتي وموافقتي، وما يتم هو تبرع من قبل الحكومة، وأنا مجرد "مستغفل" يتم التبرع بمالي فقط لصالحها، كما أنني لا أثق بطبيعة الصرف ووجهته؛ لكوني لا أبلغ بمصير "تبرعي" إن جاز لي الكلام".

 

أخلاقية القرار ومهنيته ومدى انسجامه مع الممارسات والمعايير المثلى في إدارة المال العام

وهو الأمر الذي يؤكده الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم حينما قال: "مشكلتي مع أخلاقية القرار ومهنيته ومدى انسجامه مع الممارسات والمعايير المثلى في إدارة المال العام".

 

ويرى أنَّ هذا حق شخصي، ويقول: "إنْ أرادت الحكومة أن تخصم من الموظفين يجب أن يكون هذا الخصم بتوكيل رسمي وبتوقيع من أي موظف، أو على الاقل أن تسمح وتتيح المجال للاعتراض قبل الخصم، وبالتالي تتلقى الاعتراضات من الأشخاص وبسرية، لأنه في النهاية هذا عمل تطوعي، وليس إلزاميًّا إلا إذا صدر بقانون".

 

ويطعن في شفافية الإجراء عندما قال: "هل ذهبت هذه الأموال لمستحقيها؟ وهل صرفت للغرض الذي أنشئت من أجله؟ في الحقيقة لا أحد يعلم، فلا توجد هناك معلومات، ولا متابعات، ويفترض إذا تم هذا يلحقه ويتبعه بيان رسمي بخصوص المبلغ الذي تم جمعه، وأين صرف ولو بعد حين، ولذلك هذا من باب الشفافية وإتاحة المجال للمساءلة".

 

تجذر انعدام الثقة وتتسع ما بين الموظف والحكومة

ويحذر د. عبد الكريم من امتناع الحكومة عن النشر والإفصاح،  وقال: "إن خطورة ذلك تكمن في تجذر عدم الثقة وتتسع ما بين الموظف والسلطة، أو أي متطوع ومتبرع لاحقًا، لذلك من الأجدى برأيي ان يتم النشر والافصاح عن اين تم الصرف وتخصيص هذه الأموال، وكيف تمت إدارتها، ومن الذي استفاد منها، هذا يساعد على بناء جسور ثقة، حتى لو طلبت الحكومة لاحقًا مساعدات وأقدمت على الخصم على الأقل ألا يكون عند الموظفين حالة تذمر واسعة".

 

ويجدد د. عبد الكريم، تأكيده بهذا الصدد أنّ هذا حق فردي، ويقول: "ما أجزمه بأن هذا الخصم فوق القانون، ولو كان صدر عن الرئيس أبو مازن مرسوم بقانون بهذا الخصوص لكان ربما على الأقل كسب جزءًا من القانونية والشرعية، لكن أن يتم الخصم من الحكومة ومن وزارة المالية، فهي ليست جهاز تشريع؛ ولذلك أظن أنَّ  قانونيته فيها شك".

 

قانونيته مستمدة لعدم اعتراض جهات برلمانية أو سياسية على هذه الخصومات

وعلى نقيض من الموظفين والقانونيين والنقابيين يرى قيس عبد الكريم (ابو ليلى) – عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أنَّ الإجراء الحكومي بخصم جزء من الرواتب لصالح اللاجئين الفلسطينيين في سوريا أو لصالح القدس أو قطاع غزة أو مخيمات لبنان قانوني وتكرر ذلك أكثر من مرة، ويقول: "إن قانونيته مستمدة من أنه ليس هناك في القانون ما يحول دون إقدام الحكومة على مثل هذه الخطوات، ولم يسبق لأية جهة برلمانية أو سياسية أن اعترضت على مثل هذه الخصومات".

 

أما فيما يتعلق بالشفافية فيؤكد أبو ليلى أنه موضوع آخر، ويرجح كما يقول: "إن هذه الأموال بعد جمعها تذهب إلى الجهة المفترضة أن تكون مخصصة لها، ولكن كيف تنفق، وكيف تحدد أولويات صرفها؟ فهذه مسائل أعتقد أنَّ درجة الشفافية فيها ليست بالمستوى المطلوب". لذلك فإنه يطالب الحكومة أن تعلن للملأ وللرأي العام عن المبالغ التي جمعتها وآلية وأوجه إنفاقها لهذه المبالغ، ولكن هذا لم يحصل.

 

انعدام الشفافية في التبرع والإنفاق

بينما يفترض الكاتب الصحافي هاني المصري - مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات، استعدادية الغالبية العظمى من الموظفين وعدم معارضتها التبرعات التي تقدم عليها الحكومة من موظفيها، ولكنه يشدد على أنَّ الأهم في ذلك توفير الشفافية حول أين ذهبت، وكيف أنفقت واستخدمت، ووظفت هذه المبالغ، ويعتقد جازمًا أنَّ الموظفين في غالبيتهم العظمى موافقون.

 

وقال: "كان على الحكومة مشاورة الموظفين بالقرار، بحيث لا تتخذ نيابة عنهم، ولا توجد أي شبهات حول عدم قانونية القرار، ولكن كان يمكن للحكومة سؤال الموظف إن كان موافقًا على التبرع أم لا؟ وألا تتصرف نيابة عنه، وضرورة معرفة أين أنفقت، وفي أي طريق لضمان الشفافية، والمساءلة والمراقبة مثل أي عملية مالية".

 

لا يعتقد المصري، وجود قانون يسمح للحكومة بالاستقطاع من رواتب الموظفين للتبرع لصالح أي جهة كانت، دون اللجؤ للموظف، لكنه يرى أنه يمكن معالجة ذلك بسؤال الموظف نفسه عبر مؤسساتهم ووزاراتهم. ومن يعارض فهذا حقه.

 

إجراء الحكومة اعتداء على القانون

ويعد النقابي محمود زيادة – الأمين العام لاتحاد النقابات المستقلة في فلسطين هذا الإجراء الحكومي اعتداء على القانون، وقال: "فهناك جهة تمارس صلاحيات لم يمنحها إياها القانون، وفي الجانب الأخلاقي بتقديري فيه تجاوز للأخلاق؛ لأنه من الأخلاق استشارة صاحب الشأن فيما إذا كان يريد التبرع أم لا؟. فالتبرع حسب الثقافة العامة موجود، لكن أن تعد الحكومة موظفي القطاع العام في جيبتها، فهذا ليس بالقانون، ولا حتى بالمونة، ولا ينفع تقديم حجج لتبرير الاعتداء على الحق. وكان يمكن أن يقدم اقتراح للتداول، وترك الأمور لحرية أصحاب الشأن في التقرير، وغير ذلك؛ فإن هذا الإجراء لا يعبر عن علاقات عمل، وإنما علاقات أخرى "العبد وما ملكت يده لسيده".

 

وقال: "إنّ أحقية الموظفين في معرفة إجمالي ما تم جمعه من رواتبهم، وكيف ومتى ولمن انفقت، أمر مفروغ منه ضمن الحق بالمعرفة، فهذه أموال الناس ولا نعرف كيف يمكن اعتبار ما تم خصمه بالتبرع، ولأن الأمر بالأساس غير قانوني فإنّ التبعات اللاحقة متوقع أن تندرج في نفس السياق".

 

تعريض القيمة والمعنى للتبرع لانتهاكات صارخة

وحذر زيادة من أنَّ من شأن مثل هذه الإجراءات تعريض القيمة والمعنى للتبرع لانتهاكات صارخة، "فالكل يشعر أنه يجب أن يقوم بهذه المساهمة في التبرع طواعية ما يعزز مبدأ التكافل والتضامن، والذي بالأصل يجب أن يكون هناك قانون قائمًا على أساس التكافل والتضامن، ويجب أن توضع معايير متفق عليها، لجهة إعادة توزيع الدخل والثروة والإمكانيات المتاحة وتقاسم الأعباء".

 

ويستدرك زيادة قائلاً: "ليس هناك مشكلة في المبدأ، ولكن يجب أن يستند إلى قانون ومعايير، فيجب أن تكون هناك مساهمات أيضًا من غير الموظفين في القطاعات الأخرى، كموظفي القطاع الخاص والأغنياء والشركات، والمنظمات المجتمعية والأهلية".

 

ويرفض النقابي زيادة، أن تتم الأمور وفق إرادة جهة ما تتجاهل فيه إرادات الآخرين، وقال: "في تقديري توجد لهذه الخطوة إهانة بالخصم من الراتب دون الاهتمام بموافقة أو رفض صاحب الراتب. وهذا يعزز نزعات تسلطية على حقوق الناس وكراماتهم".

 

الإجراء انتهاك دستوري وغير قانوني

ويرى الدكتور عصام عابدين -  مستشار قانوني في مؤسسة الحق، بأنّ هذا الإجراء غير دستوري وغير قانوني في نفس الوقت، وقال: "لأن القانون الأساسي واضح في هذا الموضوع، يمنع فرض ضرائب أو رسوم إلا من خلال قانون، ويجب أن يكون للخصم قانون معين، حسب المادة 88 من القانون الأساسي واضحة، تقول "لا تفرض ضرائب ولا رسوم إلا بقانون"، وبالتالي هذا الإجراء يعد ليس انتهاكًا للقانون فحسب، وإنما هو أيضًا انتهاك دستوري، ولا يوجد له أي أساس قانوني، وبالتالي الأمر لا يتعلق بمشاورة الموظفين في اقتطاع جزء أو نسبة من رواتبهم، وإنما الأساس الذي عملت عليه الحكومة هو أساس غير قانوني".

 

وفي مثل هذه الحالة طالب عابدين، الحكومة بالكف عن اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين بحجة التبرع أو مساعدة أيٍّ كان، وحث أي متضرر اللجوء لمحكمة العدل العليا للحصول على قرارات قضائية بهذا الشأن، حيث يمكن مقاضاة الحكومة في هذا الجانب أمام القضاء المختص، وهي محكمة العدل العليا.

 

ويرى عابدين، أنه حتى لو احتكمت الحكومة لمرسوم رئاسي أو قرار بقانون أو غيره من قرارات حكومية فهذه التشريعات هي أقل في الرتبة القانونية من قانون، وعندما ينص الدستور أن هذه الإجراءات لا تتم إلا بقانون يجب وفق ذلك، فالمرسوم والقرار هو أقل من القانون حسب تدرج القاعدة القانونية.

 

ويرفض عابدين، التحدث عن شفافية الإجراء؛ لأنه بالأساس غير قانون ولا دستوري وقال: "لا يمكن القول بشفافيتها؛ لأن العملية أصلاً كلها تتم خارج إطار القانون فكيف يمكن الحكم على شفافية أمر يتم أساسًا خارج نطاق القانون، وهذه ليست المرة الأولى التي تعملها الحكومة سواء في الإجراءات العقابية عندما خصمت من آلاف الموظفين أو غيرها، فهذه الإجراءات كلها تتم خارج المنظومة القانونية وتتعارض مع القانون الأساسي، وبالتالي الإشكالية تكمن في قيام سلطة تنفيذية بمهام التشريع والتنفيذ في آن واحد دون أي رقابة من السلطة التشريعية أو دون وجودها، وبالتالي عندما تتركز السلطات في يد سلطة واحدة النتائج تقفز عن كل المشروعية".

 

ويرى عابدين، أنَّ أبسط ما يمكن من الشفافية أن تقدم الحكومة على الإعلان عن ما جمعته "إن أردنا القفز عن القوانين وهذا ليس مقبولاً، وأن يتم فتح حساب معين لهذا الموضوع من خلال حساب الخزينة أو إنشاء صندوق معين تشرف عليه رقابة معينة أو بإشراف المحاسب العام، وبالتالي يخضع لكل العملية الرقابية، وبالتالي هذا الأمر أولاً أنه يتم خلافًا للقانون الأساسي ودون شفافية، وبالنتيجة فإنه يشكل شكلاً جديدًا من أشكال الفساد.