الثلاثاء  22 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قضايا الشرق الأوسط تطغى على مؤتمر ميونيخ 2018.. ونتنياهو الخاسر الأكبر

* كتب: جاسم محمد

2018-02-17 01:04:53 PM
قضايا الشرق الأوسط تطغى على مؤتمر ميونيخ 2018.. ونتنياهو الخاسر الأكبر

الحدث - ملفات مميزة

يعد مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي يعقد سنويًّا جنوب ألمانيا، أكبر تجمع لصانعي القرار ومسؤولي أجهزة الأمن والاستخبارات في العالم.  وتكمن أهمية مؤتمر ميونيخ، كونه منصة واسعة لعقد اجتماعات غير رسمية، ويعطي الحركة لعقد جلسات داخل أروقته، وهذا يعني أن أطرافًا متقاطعة دوليًا أو إقليميًا يمكنها أن تجد فرصتها بالجلوس والنقاش حول بعض القضايا الهامة. لافتة "حافة الهاوية ـ والعودة؟" التي رفعها رئيس مؤتمر ميونيخ، "فولفجانج إيشينجر" هي إشارة للتهديد الخطير والمتنامي، الذي يثيره الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، وكذلك إلى التنافس المتزايد بين السعودية وإيران، فضلاً عن التوترات المتصاعدة باستمرار بين الناتو والاتحاد الأوروبي متمسكا بحل الدولتين وفق القوانين والمواثيق الدولية، ويرى في القدس عاصمة للدولتين.

 

 وقد تكون المحادثات، التي تعقد على هامش المؤتمر أكثر أهمية من الخطب، وربما تقوم بحلحلة بعض القضايا، كشف مؤتمر ميونيخ بوجود على الأقل ثمان ملفات للنقاش من جملة قضايا: أبرزها قضية الشرق الأوسط وسوريا والعراق.

 

مؤتمر ميونيخ نظرة متشائمة للأمن الدولي ـ الشرق الأوسط

 

يحمل مؤتمر ميونيخ لعام 2018، هذا العام، تحت مقولة متشائمة، لذا يمكن القول إن مؤتمر ميونيخ، يدق جرس الإنذار للتنبيه إلى أزمات دولية غير ثانوية، هي صراعات دولية، تهدد االنظام السياسي الدولي.

 

أبرز هذه التهديدات هي: كوريا الشمالية، والخلافات بين واشنطن وموسكو، وصراع الشرق الأوسط: القضية الفلسطينية، وملف سوريا، والتهديدات الأيرانية لدول المنطقة والأمن الدولي، وأمن أوروبا وملف أوكرانيا.

 

قضية الشرق الأوسط برزت هذا العام، في أعقاب الضجة التي أحدثها ترمب بقرار مشروع نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس.

 

 أما حضور نتنياهو إلى هذا المؤتمر، ربما أثار جدلا داخل مؤتمر ميونيخ، والسؤال هو: لماذ حضر نتنياهو هذا العام إلى مؤتمر ميونيخ؟ وكيف استقبلت ميونيخ حضوره؟

 

حضور نتنياهو هذا العام إلى المؤتمر، جاء وسط جملة اتهامات من الفساد والرشوة وأزمات داخلية تعصف بحكومته، وحضوره يمكن أن يكون محاولة لإبعاد الأنظار عن أزمات داخلية.

 

 وفي هذا الإطار، احتشد محتجون إسرائيليون في تل أبيب يوم 16 فبراير2018 لدعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للاستقالة بعدما أوصت الشرطة بتوجيه الاتهام له بالرشوة في قضيتي فساد.

 

نتنياهو يستجدي مواقف أوروبية في مؤتمر ميونيخ

 

دول الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية، استقبلت نتنياهو ببرود في مؤتمر ميونيخ، إشارة إلى مصادر إعلامية تحدثت إلى "شبكة رؤية الإخبارية" من داخل المؤتمر، وهي تعلل أسباب ذلك، ارتباط موقفها من قضية مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والذي تميز بالرفض على مستوى الدول وعلى مستوى الاتحاد والمفوضية الأوروبية.

 

 حضور نتنياهو، جاء محاولة منه لتغيير الموقف الأوروبي حول اعتبار القدس عاصمة الدولتين، والذي أصبح في حكم المستحيل.

 

حضور نتنياهو داخل أروقة ميونيخ لم يكن بعيدا عن ما يجري على الأرض، في جنوب سوريا، ما حدث قبل أيام هو أكثر من مواجهة، أي ما بعد إسقاط الطائرة الإسرائيلية المقاتلة شمال فلسطين المحتلة يوم 10 فبراير 2018.

 

هذه التطورات تدفع العديد من المراقبين بوصفها نذر حرب إقليمية ودولية على الأراضي السورية، تتقاطع فيها مصالح قوى دولية.

 

ورغم التصعيد على الحدود الإسرائيلية السورية بعد إسقاط الطائرة، فإن الحادث جاء على وقع تصعيد الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع كل من سوريا ولبنان.

 

ويصف المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أليكس فيشمان تصاعد التوتر عند الحدود الإسرائيلية السورية بـالحرب الخفية.

 

"لا توجد لدينا استراتيجية فاعلة في الشرق الأوسط"

 

وبالعودة إلى مؤتمر ميونيخ، أشار رئيس مؤتمر ميونيخ، فولفجانج إيشينجر - في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية- إلى أن "الاتحاد الأوروبي يمثل 500 مليون شخص، وبالنسبة لكثير من الدول يعتبر شريكا تجاريا مهما، ولكنه لا يملك سياسة خارجية فاعلة.

 

حديث " فولفجانج إيشينجر" إشارة ضمنية إلى علاقات الاتحاد الأوروبي مع تل أبيب. وأضاف " فولفجانج إيشينجر"، قائلا: "لا توجد لدينا استراتيجية فاعلة في الشرق الأوسط"، وهي إشارة إلى القضية الفلسطينية وملف سوريا، وهو لا يعتقد انفراجا قريبا للأزمة.

 

وربما تصريح غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة جاء ليؤكد ذلك بقوله: "إن الأحداث الأخيرة تظهر مدى خطورة وتفاقم الوضع السوري وما يخص إسرائيل ولبنان، محذرا من كارثة كبيرة على وشك الوقوع.

 

ونحن نعلم أن أي شرارة يمكن أن تؤدي إلى ذلك، ولا يسعنا المراهنة على استحالة الصراع.. نحتاج في مجلس الأمن لرؤية مشتركة للوضع في الشرق الأوسط".

 

أكد مسئولون في حكومة تل أبيب، أن سلطات الاحتلال تجري اتصالات تهدف لموافقة وزير الخارجية سامح شكري على عقد لقاء مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ. والتقى نتنياهو أيضا، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، وأكد أمامه أن إسرائيل ستبقي على احتلالها للجولان السوري المحتل للأبد.

 

التقارير الإعلامية أوضحت أن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، عرض رؤيته لكيفية العمل على تسوية القضية الفلسطينية وحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لإنهاء النزاعات المسلحة التي تشهدها المنطقة في كل من سوريا وليبيا واليمن.

 

ما يحاول نتنياهو أن يفعله في مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2018، هو تسويق سياساته المرفوضة خاصة من قبل دول أوروبا بخصوص كسب مواقف لصالح نقل سفارات أوروبية إلى مدينة القدس، بعد أن فشل في تحقيق ذلك خلال شهر نوفمبر 2017، في زيارته بروكسل، ولقائه مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، التي أكدت أن الاتحاد الأوروبي متمسك بحل الدولتين وفق القوانين والمواثيق الدولية، ويرى القدس عاصمة للدولتين، الموقف الأوروبي لم يتغير أيضا داخل أروقة مؤتمر ميونخ للأمن.

 

يبقى مؤتمر ميونيخ منصة لأطراف دولية وإقليمية، للجلوس والنقاش، بشكل غير رسمي، لتداول مجمل القضايا الدولية، وتكمن أهمية مؤتمر ميونيخ لهذا العام، في التنبيه إلى مخاطر التهديدات الدولية والإقليمية على النظام السياسي الدولي وتصاعد الصراعات، منها منطقة الشرق الأوسط، رغم ما حققته هذه الأطراف في مكافحة تنظيم داعش عسكريا على الأرض. الخطر الذي يهدد العالم، هو أبعد من ذلك.

 

*باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات*

 

المصدر: رؤية