الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مع السلامة يا تيم!/ بقلم: تحرير بني صخر

2018-03-01 12:29:06 PM
مع السلامة يا تيم!/ بقلم: تحرير بني صخر
الطفل تيم دويكات

 

اليوم لن أحدثك عن الغصة في قلوبنا بعد سماع خبر موتك ولن أحدثك عن دموع  بللت وجنتي زميلتي حقدا وكراهية لواقع أغبر لم يكتب لك فيه أي علاج من مرضك.

ولا أنكر يا صغيري أن للفرحة في داخلنا نصيب بعدما بت ملاكا في الجنة الآن، لكن فراقك قاتل يا تيم...

لا تسألني لماذا أنا، لماذا هذا الوجه البريء؟ ليس لدي أي إجابة تذكر!.

تسعة أشهر ثم تنفست الحياة، لكن القدر لم يحالفك فكنت مستقرا لمرض وراثي نادر يسمى (Mecp2 male)، يصيب جسدك بتشنج حتى 40  مرة في اليوم، أيحق لي أن أسألك كيف قاومت؟ كيف صبر جسدك؟ وأي قوة زرعت في قلب أمك؟

قد يسهل الأمر علينا إن شبهنا مرضك بالأمير الذي قرر الزواج فاختار محبوبته من بين ملايين، ومرضك اختارك لتكون له دون غيرك أنت فقط، فالأطباء يقولون إن عدد المصابين بالمرض 15 حالة في مختلف دول العالم فقط، وأنت الحالة الوحيدة في فلسطين!

لكن أي هذيان هذا، كلنا لنفس الطريق، وموتك راحة لك فأي حياة تلك التي  كنت تحياها، ففي الوقت الذي تستمع فيه أمك لأصوات الأطفال في الشارع يصرخون ويلعبون وقد يقع أحدهم فيبكي أنت كنت تجلس دون حراك وقد يصادف حدوث التشنجات في أي لحظة، لتهرع والدتك إليك تبكي أو تحتضنك خشية عليك، ومن أنا لأقول موتك راحة أو رحمة لأمك أو لك،  اعذرني فالوجع يجعلك تتحدث وتهذي وتتخيل وتحلل وقد تصاب بالجنون الآن إن لم يتملكك.

وجعي من يحدثك يا تيم، ففي يوم ما جاءنا خبر إصابة ابن أختي الصغير بمرض السرطان، شل عقلي بكيت بحرقة كما أمك تماما، هو يشبهك بالبراءة والعنينين وكأنك هو! أما الفارق هنا أننا توجعنا على خطأ طبي وطفلنا حصل على أول جرعة كيماوي بيد أنه لم يكن مصابا بالسرطان.

أتعرف بسماع خبر وفاتك أنتابتني تشجنات عقلية وجسدية وكأنها انتقلت إليّ منك، علّني قلت لك لا ترحل، احتضن الحياة واحتضنا معك للأبد.

أتسمعني يا تيم! إن كنت تسمع، هل أحكي لك حكاية ما قبل النوم، لكنني لا اتقن سرد القصص بشكل جيد، لا يسعني إلا أن أهنئك فأنت لم تشوهك الحياة مطلقا، ولدت نقيا بريئا ورحلت هكذا! شتان بينك وبيننا، اضحك علّ أرواحنا تكنّ وتهدأ.

سأناديك مرة أخيرة هنا، لكن بداية سأقول لك سرا، فرحتي لا توصف حين أناديك باسمك.

تيم أنت الآن قطعة من الجنة، طفل شقي ينتقل من شجرة إلى أخرى يغرد كما العصافير، أنت سعيد الآن تحررت من مرضك فلا تشنجات تؤلمك ولا صرخة طفل في ساحة البيت تجردك وتحملك لقوقعة الأسئلة أولها لما أنا  ومن يعلم نهاية هذه القوقعة والأخير من السؤال فيها.

صغيري سلاما لروحك ولقوة لقلب أمك وكلي يقين أن لنا لقاء أعدك حينها سأحتضنك بقوة وأبكي اشتياقا لك.