الحدث- محمد غفري
قبل أن تحبس السماء أنفاسها بانتهاء فصل الشتاء، يتجدد الموعد السنوي للمزارعين الفلسطينيين في قطاع غزة مع طائرات الاحتلال الإسرائيلي، التي لا تحلق عادة إلا لتحرق قلوبهم، قبل أن تحرق كل شيء آخر فوق اليابسة المحاصرة.
أمس الأحد، شرعت طائرات زراعية إسرائيلية، برش مبيدات كيميائية على الأراضي الفلسطينية الزراعية الممتدة على طول حدود قطاع غزة الشرقية.
انتقام من المزارعين
المزارع جبر أبو رجيلة (59 عاما)، يقول إن الاحتلال الإسرائيلي شرع برش الحدود بالمبيدات الكيميائية منذ انتهاء العدوان الأخير على القطاع عام 2014، دون أي مبرر لهذا الفعل.
وأضاف المزارع الغزي لـ"الحدث" وهو أب يعيل 14 فرداً، أن الاحتلال يتذرع برشه للمبيدات بذرائع أمنية لكشف عيون أنفاق المقاومة، وهي ذريعة واهية، لأن الجرافات تمتد عادة إلى هذا العمق ولا تكتشف أية أنفاق، وبالتالي ما تقوم به الطائرات هو انتقام من المزارعين ليس إلا.
وأكد على ذلك، بأن الاحتلال قبل بدء رش المبيدات يحرق إطار سيارة على حدود القطاع من أجل التأكد أن اتجاه الرياح سيقود المبيدات ناحية أراضي القطاع على عمق قد يصل إلى كيلو متراً.
10 ألاف دولار خسائر سنوية
وفي التفاصيل، أوضح أبو رجيلة، أن هذه المبيدات تتسبب بتلف المحصول الزراعي خلال فترة تمتد من يوم إلى عشرة أيام حسب نوعه، حيث تتسبب بحرق المزروعات الورقية خلال يوم، ومحاصيل القمح خلال عشرة أيام، وتصبح بالتالي غير صالحة للاستخدام.
وحول خسائره الشخصية على وجه التحديد، أفاد أبو رجيلة أن رش المبيدات يتسبب بقتل محاصيله الزراعية التي تمتد على مساحة 25 دونماً من السبانخ والبقدونس في كل عام.
وأكد أن خسائره السنوية تصل إلى 10 ألاف دولار، وهو ما تسبب بتكدس الديون عليه لسنوات طويلة، ويحرم العائلة من مصدر دخلها الوحيد.
تركيبة المبيدات مجهولة
مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة الفلسطينية نزار الوحيدي أوضح، أن "تلك المبيدات تتسبب بتلف المحاصيل الزراعية وتُلحق الضرر بالحقول والتربة".
وذكر الوحيدي في تصريح صحفي لوكالة الأناضول التركية، أن تركيبة تلك المبيدات مجهولة لدى وزارة الزراعة. لافتًا إلى غياب الإمكانيات اللازمة التي تمكّن الوزارة من دراسة تلك التركيبة.
وأكّد الوحيدي أن "إسرائيل لا يحق لها أن ترش الأراضي الزراعية والحقول الفلسطينية بالمبيدات مهما كانت تركيبتها".
وبحسب جمعية "چيشاه-مسلك" الإسرائيلية، فإن إسرائيل تهدف من عمليات الرش إلى "إزالة الأعشاب بهدف تسهيل عملية مراقبة الحدود".
وسبق أن قالت وزارة الزراعة الفلسطينية، في بيان لها، إن "رش مبيدات الأعشاب في المناطق الحدودية، أدى خلال العامين الماضيين إلى خسائر فادحة في القطاع الزراعي، دون تحديد رقم بعينه".
ويغطي القطاع الزراعي وفق إحصائيات الوزارة حوالي 11% من نسبة القوى العاملة في قطاع غزة، أي ما يقارب 44 ألف عامل.