السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عكاشة وعقل وجهان لعملة واحدة مع الفارق

بقلم: أحمد زكارنة

2014-11-29 10:48:19 AM
عكاشة وعقل وجهان لعملة واحدة مع الفارق
صورة ارشيفية

ثمة جدل فلسطيني واسع رافق أبرز حدثين هذا الأسبوع، وكأننا في حالة أشغال شاقة لعقولنا حتى إشعار آخر، الأول يخص استضافة تلفزيون فلسطين للمدعو "توفيق عكاشة"، والثاني خبر رحيل الشاعر اللبناني "سعيل عقل"، إذ عُرف الشخصان بعدائهما المفرط للفلسطينين، مع ضرورة تسجيل ملاحظة الفارق الشاسع بين الأول والثاني من حيث القيمة الفكرية والثقافية، وحتى الإعلامية.

أما الأول المدعو "توفيق عكاشة"، فكل أوراقه الثبوتية الإعلامية تؤكد أنه ليس أمامه من خيار آخر إلا تطبيق مقولة "خالف تُعرف" كي يثبت حضوره شبه المعدوم تماماً بين نجوم الإعلام المصري والعربي، فكان أن هاجم بكل ما يملك من وقاحة شعبنا الفلسطيني بصفة عامة، وجزءاً منه "وإن اختلفنا معه" بصفة خاصة، حد وصوله المطالبة من الجيش المصري المساهمة في قصف أهلنا في قطاع غزة، وبالتالي لا يمكن أن يقبل الشارع الفلسطيني بأي حال من الأحوال، استضافة مثل هذا الغوغائي المُدعي للإعلام. والشعب هنا لا يهذي وإنما يمارس حقه في الاعتراض.

الشعب لا يهذي، لأن العذر القائل بأن هذا البرنامج إنما هو من إنتاج "قناة عودة" ويبث بشكل مشترك عبر "شاشتي عودة وفلسطين"، إنما هو عذر أقبح من ذنب، إذ يعني ذلك أن قلعة التلفزيون الرسمي لا تراجع ما تقدمه وسيلة إعلام حزبي، أو لنقل وسيلة إعلام خاص. وهذه كارثة بكل المقاييس.

الشعب لا يُهذي، لأن محاولة أحد المسؤولين التبرؤ عن فعلة ظهور هذا الشخص على الشاشة الوطنية الرسمية، هي أيضاً مصيبة أخرى تعني فيما تعني أن مسؤولينا ليسوا بمسؤولين عن شيء سوى ذاك المنصب الذي حصدوه وظيفياً وليس مهنياً.

الشعب لا يُهذي لأن محاولة الزميلة مذيعة البرنامج تبرير استضافة هذا الشخص بالقول على صفحتها الشخصية: إن استضافة المدعو "عكاشة" لم يكن من اختيارها، هو تبرير غير مقنع لا للمتابع ولا لأصغر إعلامي يعي ماهية المهنية التي تؤكد، تحديداً في حالة العاملين في المؤسسة الرسمية، الفارق الشاسع بين أن تكون موظفاً أو أن تكون صحفياً. والأخيرة هذه تعني فيما تعني أن لك رأيك المفترض إن لم يكن الأول فلا يجب أن يكن الأخير في مثل هكذا استضافات، وبالتالي فإن هذا التبرير تنطبق عليه المقولة الشهيرة "أجا يكحلها عماها" لأنه تبرير يسيء بدلاً من أن يبرئ.

الشعب لا يُهذي وهو يتابع أحد الزملاء المحترمين إيجاد المبررات التي لا يؤمن بها هو نفسه، حسب انتقاده وسحبه بعد دقائق من صفحته الشخصية، فقط لأنه لربما ليس معني بتخريب علاقاته السياسية، فهذه مع شديد الاحترام هزت وتهز الصورة المهنية التي يجب أن يكون عليها الصحفي والإعلامي أمام جمهوره، لأن الإعلامي موقف لا موظف.

أما الحدث الثاني الخاص بالشاعر الراحل "سعيد عقل" صاحب، "سيفٌ فليُشهر" وغيرها مما غني لفلسطين، والذي رحل عن عمر يناهز الـ102 عاماً عاش لربما أكثر من نصفها في عداء معلن مع الشعب الفلسطيني بشكل دفعه هو بتناقضاته الثقافية والسياسية، ليخلق مساحة خلاف بينه وبين شريحة واسعة من الشعوب العربية التي تؤمن بالحق العربي الفلسطيني، وليس فقط بينه وبين الشعب الفلسطيني، وحينما نقول بينه وبين شريحة من الشعب العربي، إنما هذا يعني أن القضية هنا ليست مجرد قضية محلية تخص الفلسطينيين، وإنما هي قضية عربية ودينية تخص كافة العرب، مسلمين ومسحيين، وعليه فردة فعل العامة هي ردة فعل طبيعية إلى حد بعيد، علماً أنني لا أبررها أخلاقياً، خاصة مع شخص رحل عن دنيانا، مع ضرورة تسجيلنا لما أضافه "عقل" فكرياً وأدبياً للمشهد الثقافي العربي، وهو ما يجعلنا نتساءل، أكان من الممكن استضافة "سعيد عقل" على شاشة تلفزيون فلسطين وهو بهذه القامة الفكرية والثقافية العالية رغم مواقفه السياسية، كي نستضيف شخصاً كـ"عكاشة" وهو من هو إعلامياً، مع الفارق الشاسع بين الثرى والرثيا؟ سؤال أظن، وبعض الظن إثم، أن لا أحد في الشعب الفلسطيني ينتظر إجابته، وإنما يكفي أن يطرح ليؤكد أن عكاشة وعقل وجهان لعملة واحدة مع الفارق، فارحمونا يا أصحاب الفوارق.