الحدث – رائد ابوبكر
في الآونة الأخيرة، كثرت التحذيرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية من قدوم زلزال مدمر بالتزامن مع حدوث خسوف القرن القمري الدموي وذلك يوم الجمعة القادم في السابع والعشرين من الشهر الجاري، فهناك منجمون أطلقوا على أنفسهم "خبراء في الفلك" بثوا مقاطع فيديو لهم أكدوا من خلالها على حدوث الزلزال وقت الخسوف؛ لأن القمر والمريخ سيؤثران على عامل جاذبية الأرض كما يتوقعون، ومنهم من توقع غرق التجمعات السكانية القريبة من البحر بسبب المد والجزر جراء خسوف القمر.
هذه التخمينات والتوقعات والتحذيرات التي نشرت بكثافة، دون ذكر الأسباب العلمية المقنعة، دبت الرعب في قلوب المواطنين الذين تساءلوا، ماذا سنفعل؟ وهل سيحصل فعلا الزلزال بالتزامن مع خسوف القمر الأطول منذ قرن؟
"الحدث" أجاب على هذا التساؤل، وطرحت سؤالا آخر، ما علاقة خسوف القرن بحدوث الزلزال والكوارث الطبيعية كما يشاع؟ جاءت الإجابة على لسان خبراء في علم الفلك والزلازل الذين أكدوا أن لا علاقة هذا بهذا، وكل ما يشاع غير صحيح، وخاصة أن كل هذه الأمور لا تستند إلى دراسات علمية.
البروفيسور الدبيك يستبعد
البروفيسور جلال الدبيك خبير الزلازل ومدير مركز علوم الأرض والزلازل في جامعة النجاح قال في حديث خاص للحدث "بعض الدراسات والمدارس تقول لحد ما له تأثير محدود على اتزان الأرض، لكن من ناحية الزلازل ليس له علاقة، واستبعد أن يتزامن حدوث الزلازل مع خسوف القمر"، وأكد على قوله من علماء متخصصين في الجيوفيزياء الذين استبعدوا جدا أن يكون له علاقة، مشيرا إلى وجود عدد قليل جدا من العلماء يقولون أنه يؤثر بشكل طفيف لكن لا يؤدي إلى زلزال، ويمكن أن يؤدي هذا التأثير إلى إثارة أو تحفيز الأرض، وتأثيرها هذا يكون محدود جدا، لكن لا يمكن إدخاله أن الخسوف عامل رئيسي لحدوث الزلازل، وأوضح أن هذا التوقع جاء من عدد قليل جدا من العلماء والخبراء، أي أن الخسوف عامل مؤثر لا يخرج عن إطار العامل الحافز أو الثانوي، بينما كثير من العملاء لا يتوافقون مع هذا الرأي ولم يتبنوه.
الزلزال علم احتمالي وليس يقين
وأكد البروفيسور الدبيك أن الزلزال حاصل، مستبعدا أن يكون خسوف القمر هو السبب، بل لأن فلسطين مهيئة لحدوثه بسبب أمور أبرزها طبيعة المنطقة وتاريخها الزلزالي، وتساءل "متى سيحدث؟" ليجيب "لا أحد يعلم بالزمن إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يستطيع أي كائن على وجه الأرض أن يتوقع أو يخمن، ربما يحدث بعد ساعة أو بعد يوم أو يومين وربما بعد أسبوع أو شهر أو بعد سنة وربما عشر سنوات"، مؤكدا على أن علم الزلزال احتمالي وليس يقين.
لا ربط علمي بين الخسوف والزلازل
من جانبه، عضو كرسي اليونسكو لعلوم الفضاء والفلك داود الطروة، وخلال لقاء مع "الحدث"، توافق مع البروفيسور جلال الدبيك، وشدد على عدم وجود أي علاقة ما بين خسوف القمر وحدوث الزلزال، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي ربط علمي بين الخسوف والزلازل؛ لأن الأخيرة ظاهرة في باطن الأرض، بينما الخسوف ظاهرة في السماء، كما أكد على أنه لا أحد يستطيع، مهما كان هذا الشخص، أن يبرهن ويتوقع متى سيحدث الزلزال، رغم أن فلسطين تقع في منطقة زلزالية نشطة منذ سنوات عديدة.
وأوضح أن خسوف القمر سيكون تأثيره فقط على المد والجزر، وهذا أمر حاصل ومعروف علميا، وسيشعر بذلك أهالي قطاع غزة بحركة الموج غير الاعتيادية بحيث سيكون أكبر من المعتاد وهذا أمر طبيعي لا خوف منه، مؤكدا أن الخسوف لن يؤثر على الأرض نتيجة الجاذبية، ولن يؤثر أيضا على صحة الإنسان، عكس كسوف الشمس، فالقمر يبعد عن الأرض ما يقارب 400 ألف كيلومتر، مشيرا إلى أن الخسوف ظاهرة فلكية جميلة وممتعة ستعبر كل مركز الأرض.
فلسطين على موعد مع ظاهرتين فلكيتين
وأشار الطروة إلى أن فلسطين على موعد يوم الجمعة القادم مع ظاهرتين فلكيتين، وتتمثل في خسوف كلي للقمر، ويمكن مشاهدة الظاهرتين بالعين المجردة بكافة مراحله ومن كافة المدن الفلسطينية دون الحاجة لاستخدام معدات الرصد الفلكي، بالإضافة إلى أن كوكب المريخ سيكون في أقرب نقطة من الأرض، وسيتم رصد الظاهرتين بشكل أساسي في منطقة تل القمر إلى الشرق من بيت لحم، حيث سيجتمع عشرات هواة الفلك لرصده عبر تليسكوبات فلكية.
وأوضح أن الخسوف القادم هو الأطول خلال القرن الحالي، حيث سيستمر الخسوف بكافة مراحله مدة 6 ساعات و14 دقيقة، في حين يستمر الخسوف الكلي لمدة ساعة و43 دقيقة، معللا طول مدة الخسوف، بأن القمر سيكون في أبعد نقطة عن الأرض، والأرض تكون في أبعد نقطة عن الشمس في نفس الوقت.
وأضاف أن الخسوف من الظواهر الفلكية الطبيعية، وتحدث عندما يدخل القمر، أثناء دورانه، ظل الأرض، ولا تحدث هذه الظاهرة إلا عندما يكون القمر في طور الاكتمال أو البدر، حيث تكون الأرض على خط واحد بين الشمس والقمر، مشيرا إلى أن الخسوف، إما أن يكون جزئيا حيث يدخل جزء من قرص القمر داخل ظل الأرض، وإما كليا عندما يدخل قرص القمر بكامله داخل ظل الأرض، حتى أنه يصل إلى مرحلة شبه اختفاء القمر في السماء.
وتابع يقول إن القمر أثناء الخسوف سيكتسي باللون الأحمر النحاسي، وهذا الاحمرار سينتج عن ضوء الشمس الذي يتشتت في الغلاف الغازي الأرضي، حيث يمتص الغلاف الغازي الأرضي جميع أشعة الطيف الشمسي باستثناء الطيف الأحمر صاحب أطول موجة من أمواج الطيف الشمسي، فيكمل طريقه من أطراف الكرة الأرضية باتجاه القمر فيظهر بلون أحمر نحاسي ولولا هذه الظاهرة لاختفى القمر أثناء الخسوف.
وعن مراحل الخسوف أشار الطروة أن شبه الظل سيبدأ عند الساعة 8:15 من مساء الجمعة والخسوف الجزئي عند الساعة 9:24، أما المرحلة المهمة سيبدأ الخسوف الكلي عند الساعة 10:30 مساء، عند وقوع كامل قرص القمر في ظل الأرض ويأخذ القمر بالاكتساء باللون الأحمر النحاسي، وساعة ذروة الخسوف سيكون عند الساعة 11:22 وينتهي الخسوف الكلي عند الساعة 12:13 من فجر يوم السبت، وتنتهي لمرحلة بكافة مراحله عند الساعة 2:29 فجرا حيث يخرج القمر من منطقة شبه ظل الأرض.