السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فجأة سحب أعضاء "الوفد اللبناني" أسلحتهم وأعدموا أخطر خلية للمقاومة في غزة

2018-07-28 03:27:43 PM
فجأة سحب أعضاء

الحدث ـــ محمد بدر

قراءة في كتاب "الموساد.. تاريخ المخابرات الإسرائيلية"...

يكشف كتاب للخبير الأمني ميخائيل بار زوهار والصحفي نسيم ميشعال في كتابهم "الموساد.. تاريخ المخابرات الإسرائيلية" عن "عملية الحرباء" والتي تم فيها اغتيال قادة الجبهة الشعبية في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، وتدور أحداث العملية الشهيرة في أواخر صيف عام 1971. حين ضربت عاصفة عنيفة ساحل البحر الأبيض المتوسط، وغمرت أمواج عاتية شواطئ غزة، فلازم الصيادون الفلسطينيون المحليون الشاطئ بحكمة، إذا أن هذا اليوم ليس مناسبا لتحدّي البحر الغدار.

وفي ظل هذه العاصفة البحرية، رأى الصيادون باستغراب قاربا متداعيا يخرج من بين الأمواج الهادرة ويستقر على الرمال الرطبة، وقفز منه مجموعة من العرب بملابسهم وكفّياتهم المجعدة والمبتلة، وأظهرت وجوههم غير الحليقة تعبا ناجما عن رحلة طويلة في البحر.

لكن، لم يكن لديهم وقت للاستراحة، فقد كانوا يحاولون النجاة بأرواحهم، إذ خرج من البحر زورق إسرائيلي كان يلاحقهم بأقصى سرعة، حاملا على متنه جنودا بالزي العسكري الكامل، ومع اقترابه من الشاطئ، قفز الجنود في المياه الضحلة، وأطلقوا النار على العرب الذين فروا هاربين.

حينها ركض بعض شبان غزة كانوا يلعبون على الشاطئ، وقادوهم إلى بستان آمن في الجوار، وفقد الجنود الإسرائيليون أثرهم، لكنهم واصلوا تفتيش الشاطئ.

وبحسب الكتاب، ففي وقت متأخر من تلك الليلة، تسلل شاب فلسطيني يحمل كلاشينكوف إلى البستان للاستطلاع، فوجد الهاربين مجتمعين في زاوية بعيدة. سألهم: "من أنتم يا إخوان؟". أتاه الجواب من أحدهم: "نحن أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. أتينا من مخيم صور للاجئين في لبنان". قال الشاب: "مرحبا بكم".

"هل تعرف قائدنا أبا سيف؟ فقد أرسلنا للقاء قادة الجبهة الشعبية في بيت لاهيا.. لدينا المال والسلاح، ونريد تنسيق العمليات".

قال لهم الشاب: "سأساعدكم".

وفي الصباح التالي قام عدد من المسلحين باصطحاب القادمين الجدد إلى منزل منعزل في مخيم جباليا للاجئين، وتم اقتيادهم إلى غرفة كبيرة، ودعوا للجلوس إلى طاولة.، وفي هذه الأثناء، دخل قادة الجبهة الشعبية؛ الذي كان "الوفد اللبناني" المزعوم، يأمل أن يجتمع بهم، وتبادلوا التحيات الحارة مع إخوانهم "اللبنانيين"، وجلسوا أمامهم.

سأل رجل أصلع ممتلئ الجسم يضع كوفية حمراء على كتفيه، وهو على ما يبدو قائد المجموعة "اللبنانية": "هل يمكننا أن نبدأ؟ هل الجميع هنا؟". "الجميع هنا". عندها، رفع "اللبناني" يده ونظر إلى ساعته؛ كانت هذه إشارة متفقا عليها مسبقا.

فجأة سحب أعضاء الوفد اللبناني مسدساتهم، وأطلقوا النار، وفي أقل من دقيقة، أردوا المجتمعين في بيت لاهيا قتلى، وهرب اللبنانيون من المنزل، ثم شقوا طريقهم عبر أزقة مخيم جباليا المتعرجة، وشوارع غزة المزدحمة، وسرعان ما عبروا إلى الأراضي الإسرائيلية.

 في ذلك المساء أبلغ النقيب مئير داغان، قائد وحدة الكومانوس السرية ريمون التابعة للجيش الإسرائيلي أرييل شارون، بنجاح عملية الحرباء، فقد تم قتل قادة الجبهة الشعبية في بيت لاهيا، والتي تعتبر مجموعة خطرة.

كان مئير داغان (المسؤول الأسبق للموساد) لم يبلغ حينها من العمر 26 عاما، وقاد عملية التمويه ككل، فقد انطلقت مجموعة الكوماندس التي اجتمعت بقيادة الجبهة الشعبية، من ميناء أشدود، وكان هو نفسه من أمّن للمجموعة طريق الهروب بعد تنفيذها عملية الإعدام.

ملاحظات عابرة

المصادر الأمنية الإسرائيلية ترجع تاريخ تأسيس المستعربين كحالة منظمة للانتفاضة الأولى عام 1987، ولكن الكشف عن هكذا عمليات، يظهر أن ظاهرة المستعربين ليست مرتبطة بالتاريخ المذكور بالمصادر الإسرائيلية، وإنما هي فكرة تقوم على خداع الآخر والتمويه وفي مرحلة تالية تنفيذ القتل المجرد بدون أي حسابات أخرى أخلاقية او قانونية.

رغم محاولة الكاتبين إظهار الكوماندس الإسرائيلي بقيادة داغان على أنه تشكيل لا يخطئ هدفه، وفي حين حاول الكاتبان إغراق العملية بهذه الدرامية العالية، إلا أن هذه الرواية هي اعتراف حقيقي من قبلهم بأن أجهزة الأمن الإسرائيلي؛ أجهزة قتل وتفعل المستحيل من أجل تنفيذ القتل، وعندما يتم تنفيذ عملية إعدام كاملة متكاملة بحق مجموعة من الأشخاص، فإن هذا يعني أننا أمام مجزرة لم تميز بين شخص وشخص من بين الجالسين، ولا تميز بين مستوى فعل شخص وشخص، ويعني أكثر أن القانون الإسرائيلي والأخلاق الإسرائيلية لا تتجاوز رصاص المسدس.

وعندما سأل داغان عن جزئية الأخلاق والقانون في هذه العمليات، قال : "لا أخلاق في الحرب على الإرهاب". ليعترف بأن عملياتهم لاأخلاقية، والأهم فإن من يعترف أن عملياته غير أخلاقية فهو بشكل أو بآخر يصفها بالإرهابية.

داغان الذي حاول الكتاب أن يصوره على أنه أسطورة الأمن والمخابرات، فشل فشلا ذريعا في الوصول للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط فترة احتجازه لدى المقاومة في غزة، وقد أقرّ بهذا الأمر بشكل علني.