الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لتسقط القوانين العنصرية/ بقلم: سامي سرحان

2018-08-14 03:53:59 PM
لتسقط القوانين العنصرية/ بقلم: سامي سرحان
مظاهرة في الداخل المحتل

 

حراك شعبي لفلسطينيي الداخل وبعض اليهود شهدته تل أبيب خلال الأسبوعين الماضيين فاق كل التوقعات وفاجأ اليمين الإسرائيلي وحتى القيادات العربية في الداخل.

مظاهرتان غير مسبوقتين تجاوز عدد المشاركين في كل منهما عشرات الآلاف بل مئات الآلاف، مسجلة صحوة شعبية في وجه بروز شبح العنصرية والفاشية والنازية التي مثلها قانون القومية والذي أقره الكنيست الاسرائيلي، ومفاده أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي وليست دولة مواطنيها، مسقطا بذلك حق الأقلية العربية التي تمثل نحو 20% من مواطني إسرائيل في الوجود على أرض وطنهم التاريخي فلسطين منذ آلاف السنين.

ويترافق سن هذا القانون مع ظهور شبح التوتر العنصري من جديد في الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة دونالد ترامب؛ حيث سجلت حالات احتكاك عنصري بين ذوي البشرة البيضاء والأقليات الأخرى من المواطنين الأمريكيين من أصول أمريكية لاتينية وإفريقية وأصول إسلامية، وتجاوز عدد هذه الاحتكاكات خلال عام واحد خمسة آلاف حالة، وهي في تزايد طالما ظل ترامب وإدارته يغذيان النهج العنصري الاستعلائي في الولايات المتحدة تجاه المسلمين والأفارقة الأمريكان والأمريكان اللاتين من خلال تصريحاته والقوانين يسنها المشرع الأمريكي بإيحاء من البيت الأبيض .

ولا ندري إن كان بنيامين نتنياهو وأركان حكومته اليمينية يتماهون في سياساتهم العنصرية مع عنصرية ترامب وصهيونيته، مع أن ترامب ومستشاريه يرون في نتنياهو وحكومته قدوة لهم في ممارساتهم العنصرية تجاه من هو غير أمريكي أبيض أو يهودي متصهين وفاشي.

إن التحرك الجماهيري العربي غير المسبوق في الداخل كما يقول منظمو التحرك؛ ليس سوى بداية لتحرك الجماهير العربية الذي لن يتوقف حتى إسقاط قانون القومية مهما طالت المعركة.

 ويعول أبناء شعبنا في الداخل في تحركهم على وحدة صفهم أولا ومشاركة اليهود الديمقراطيين ثانيا وتوسيع هذه المشاركة لاحقا.

وفي سياق وحدة الموقف من قانون القومية  لوحظ اختلاف الشعارات التي رفعت في المسيرتين،  ففي مظاهرة السبت الأول شعار المساواة للطائفة الدرزية الفلسطينية في الحقوق والواجبات في دولة إسرائيل؛ رفعت المظاهرة الثانية التي نظمتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية شعار نعم للمساواة وليسقط قانون القومية، جامعة بذلك الشعارين ليتمسك كل أبناء الشعب الفلسطيني في الكيان الإسرائيلي.

إن التحرك الجماهيري لأبناء شعبنا في الداخل كما يؤكد منظمو الفعاليتين؛ هو فاتحة لمعركة قد تطول لإسقاط  قانون القومية الذي يقول بأن إسرائيل هي الدولة القومية لليهود ويغيب نحو 20% من سكان البلاد العرب، وهو يتساوق مع ما يسمى صفقة القرن وما يجري في المحيط العربي من هرولة باتجاه التطبيع مع إسرائيل التي كشفت عن وجهها العنصري، وباتجاه التحالف باعتبارها دولة صديقة وليست عدوا للشعب العربي والفلسطيني منه على وجه الخصوص، وبالتالي ليس صدفة أن تجرؤ حكومة نتنياهو على سن هذا القانون في هذا الوقت بالذات.

إن معركة فلسطينيي الداخل والخارج والشتات مصيرية مع هذا القانون الذي يتنكر لوجود الأقلية العربية في بلدها الأصلي وموطن آبائها وأجدادها منذ خمسة آلاف سنة، ويتنكر لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والتخلص من الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين وعاصمتها القدس الشرقية، كما يتنكر لحق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات لوطنهم وممتلكاتهم وفق قرارات الشرعية الدولية.

إن حكومة اليمين الإسرائيلي فتحت الرواية التوراتية وجعلتها منهجا لسياساتها العنصرية تجاه شعب فلسطين، ورواية نتنياهو التوراتية لن تصمد أمام حقيقة أن شعب فلسطين موجود على هذه الأرض قبل أن تزول التوراة، وهو ما يجب أن تدركه أيضا الإدارة الأمريكية المتصهينة.

وإذا كان الواقع العربي الرسمي المتخاذل والمتواطئ هو أحد الأسباب التي شجعت حكومة نتنياهو على سن هذا القانون العنصري وعشرات القوانين السابقة له؛ فإن أملنا أولا بوحدة الموقف الفلسطيني في الداخل وفي أراضي السلطة الوطنية والقدس والشتات الرافض والمقاوم للقانون العنصري.

وثانيا أملنا في جماهير أمتنا العربية بعيدا عن حكامها وحساباتهم وعداواتهم التي لا تخدم غير الأهداف الأمريكية والإسرائيلية.

وثالثا، أملنا في جماهير الأمة الإسلامية الذين يرون القدس تتهود بمباركة أمريكية وفلسطين تمحى من الخارطة السياسية وهم لا يشعرون.

ورابعا، أملنا في الشعوب المحبة للسلام والمساواة الرافضة للعنصرية والصهيونية ولسياسات اليمين الصهيوني وعلى رأسه نتنياهو وليبرمان.

وخامسا، أملنا في تحرك اليهود الذين يدّعون الديمقراطية للوقوف في وجه حكومتهم العنصرية التي قد تؤدي سياساتها بجموع اليهود في العالم وتصفهم بالفاشية والنازية والعنصرية.

إن قانون القومية ليس ببعيد عن القوانين والسياسات النازية وقوانين الفصل العنصري التي ألقيت في مزبلة التاريخ، ونجد اليوم إدارة ترامب وإدارة نتنياهو تنبش في الزبالة لإحياء الفاشية والنازية والعنصرية.