السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وزير الدولة للشؤون الخارجية البحريني يكشف لـ "الحدث" كواليس استئناف المفاوضات

2013-12-24 00:00:00
وزير الدولة للشؤون الخارجية البحريني يكشف لـ
صورة ارشيفية

أبو مازن طلب اجتماع الجامعة العربية لمناقشة المقترح الأمريكي لكن كيري لم يرسل له شيئاً وعقدنا الاجتماع بلا جديد

حاوره في القاهرة- بهاء عياد

كشف وزير الدولة للشؤون الخارجية البحريني غانم البوعينين في حوار خاص مع “الحدث” أن الاجتماع الوزاري الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية الذي جاء بناء على طلب فلسطين، لم يناقش الأمر الذي دعي لأجل انعقاده وهو الاتفاق الإطاري الذي وعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بطرحه على القيادة الفلسطينية، وأكد أنه من المقرر أن تعقد الجامعة العربية إجتماعاً آخر لمناقشة الطرح الأمريكي فور وصوله للجانب الفلسطيني، وحذر الوزير البحريني من خطورة دعم بعض الدول العربية لحركة حماس كحكومة بديلة أو حكومة أمر واقع مؤكداً أن هذا النهج يصب في مصلحة إسرائيل ويُكرس الانقسام الفلسطيني، واعتبر أن مواقف حركة حماس من التطورات في مصر يزيد عزلتها، وفيما يلي نص الحوار.

س: كيف ترى نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير، وجهود استئناف المفاوضات في إطار خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري؟

في اجتماع عمان في 17 يوليو الماضي ملأنا جون كيري أملاً بأن السلام بات قاب قوسين أو أدنى، وأكد أنه حينما تستأنف مباحثات السلام ستكون كل القضايا مطروحة، مثل اللاجئين والحدود والأمن والمياه محل نقاش وحل، وتحدث عن مشروع اقتصادي ضخم سيكون أحد مقومات قيام الدولة الفلسطينية، ووضعنا في جو تفاؤل انعكس على موقف الأخوة الفلسطينيين وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكننا فوجئنا خلال سير المفاوضات أن رئيس فريق المفاوضين الدكتور صائب عريقات قدم استقالته أكثر من مرة، فكان هناك أيضاً عدم وضوح لأننا نريد أن نسمع ما هو الموقف الأمريكي لأن الأمريكيين لهم دور كبير جدا وقدرة على الضغط على الجانب الإسرائيلي. “كيري” أيضا خلال زيارته الأخيرة تكلم عن وجود عسكري إسرائيلي في الغور وهذا مشروع خطير على الأراضي الفلسطينية لأنه بمثابة استقلال منقوص، يمكن فقط أن نقبل بوجود قوات دولية لفترة محددة لطمأنة الجانب الإسرائيلي، لكن لا يمكن أن نقبل ببقاء قوات الاحتلال على أراضي الدولة الفلسطينية ثم نقول إن هذه دولة مستقلة، خاصة أن هذا الوجود سوف يتبعه امتيازات أخرى بمعنى بقاء الاحتلال.

س: ماذا عن الاجتماع الوزاري العربي الأخير الذي حضره السيد الرئيس محمود عباس (السبت 21 ديسمبر الجاري)؟

الرئيس عباس قال إن الجانب الأمريكي كان سيعرض عليه (framework) أو اتفاق إطاري يبين وجهة نظر الأمريكان في المشروع ككل، وكان من المفترض أن يكون اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد وصول هذا المقترح الأمريكي لكي نناقشه، ولكن الأمريكان تأخروا في إرسال الاتفاق الإطاري للجانب الفلسطيني، ولذلك لم يخرج اجتماعنا بجديد، و “أبو مازن” كان يعتقد أن المقترح الأمريكي سيصل للقيادة الفلسطينية قبل هذا الاجتماع وأنه سينقل لنا هذا المقترح لمناقشته، ولكن ذلك لم يحدث، وانعقد الاجتماع فقط لأنه تمت جدولته دون أن يناقش الأمر الذي دعي لانعقاده. 

س: المفاوض الإسرائيلي ومنذ العام 2000 يحاول تحويل مسار المفاوضات، من مفاوضات سلام سياسي إلى مفاوضات سلام اقتصادي، هل هذا ما لمستموه أيضا في خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يركز كثيراً على  الجانب الاقتصادي في خطته؟

صحيح أن هناك جانباً اقتصادياً في خطة جون كيري لكنه قال منذ اجتماعنا في عمان إنه سيتم بحث كل نقاط الخلاف، وفي خطة جون كيري أبعاد أمنية وسياسية وهي التي عليها خلاف أكثر من الجوانب الاقتصادية. 

طالما يعمل الجانب الإسرائيلي بأسلوب “الورقة التي تكسب بها إلعب بها” فهم ذاهبون لـ “كيري” بكل الأوراق التي في يدهم وخاصة الأوراق الرابحة وعلى رأسها الورقة الاقتصادية، لكن المطلوب من الجانب الفلسطيني والجانب العربي الإصرار على النقاط الأساسية في حل المشكلة، لأن القضية ليست قضية اقتصادية، وليست قضية حصار غزة، هناك قضايا أكبر مثل قضايا اللاجئين الذين يعانون في الأردن وسوريا والعراق. كما أوضح الرئيس عباس أن هناك تصوراً لحل مشكلة اللاجئين إما بقاء اللاجئ في مكانه إذا ارتضى وارتضت الدولة المضيفة، أو انتقاله إلى فلسطين وهي بلده وهذا حقه، أو ذهاب اللاجئ إلى دولة ثالثة، وفي هذه الحالة يتطلب أيضا قبول دول اللجوء لهؤلاء، أو عودتهم إلى الأراضي الإسرائيلية نفسها وخاصة من له أقارب عرب من فلسطيني الـ 48 الذين يتواجدون حالياً خارج “إسرائيل”. الخلاصة أن القضية ليست قضية اقتصاد، وجون كيري قال في عمان إنه يعطي أولوية لحل قضية اللاجئين بما يضمن الحفاظ على كرامة هؤلاء. وبالإضافة لكل ذلك نحن نريد أن نعرف حدود إسرائيل، التي لا أحد يعرف حتى الآن أين حدودها، وهي الدولة الوحيدة التي حدودها مفتوحة، فضلا عن قضايا الأمن والمياه.

س: علاقة الخليج بدولة فلسطين علاقة قوية، هل هناك تصور لمملكة البحرين لحل قضية الانقسام الداخلي الفلسطيني؟

هناك إجماع عربي على تفويض مصر كوسيط لحل قضية الانقسام الفلسطيني بحكم دورها وثقلها الإقليمي والعربي وبحكم انخراطها في القضية منذ أربعينيات القرن الماضي، وكل هذه العوامل جعلت العرب يفوضون مصر للقيام بدور الوسيط لتحقيق المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية والرئيس المصري عدلي منصور قال لنا بالأمس إن مصر مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم اللازم لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وأعتقد أنه عندما تبرز ملامح الحل النهائي للقضية الفلسطينية سيكون في ذلك فرصة مواتية لتحقيق المصالحة.

س: تصميم بعض الدول العربية مثل قطر ومصر في عهد الرئيس المعزول مرسي على دعم حركة حماس كسلطة وحكومة في غزة، هل هذا ينتقص من هيبة ورمزية السلطة الفلسطينية وتمثيلها للشعب الفلسطيني كحكومة موحدة؟

دعم غزة له مستويين، الأول هو دعم الشعب الفلسطيني من أهالي القطاع، وهذا لا خلاف عليه، والسلطة الفلسطينية نفسها ترحب به وتساعد عليه، أما دعم حماس كحكومة بديلة أو حكومة أمر واقع بالإضافة للحكومة الفلسطينية في رام الله، أعتقد أن ذلك يكرس الانقسام، وأي دعم لحماس كسلطة بديلة أو دولة أخرى وليست كجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المرتقبة، فإن هذا لا يضر الفلسطينيين فقط بل يضر العرب جميعا، وهذا يعطي فرصة للإسرائيليين للطعن في شرعية الحكومة والسلطة الفلسطينية ويؤثر سلبياً على أي مفاوضات لأن الاسرائيليين سيقولون بكل بساطة «من يمثل الشعب الفلسطيني؟».

س: هل تعاطي حركة حماس مع التطورات العربية مثل رفضها لعزل «مرسي» وعدم التفاتها بالأساس للهم الفلسطيني، يؤثر على الدعم العربي للقضية الفلسطينية نتيجة الخلط الذي يحدث أحيانا بين «حماس» وبين «فلسطين»؟

الدعم العربي للقضية الفلسطينية لن يتغير، لكن التأثير الإعلامي واضح، هناك العديد من الوسائل الإعلامية التي تقوم بالخلط والتعميم بين حماس والقضية الفلسطينية، لكن حماس يجب عليها أن تنخرط في المشروع العربي وليس أي مشروع آخر سواء إقليمي أو غيره. والمنطق والعقل والتاريخ وقل ما شئت يقول لأهل غزة ظهركم هو مصر وواجهتكم هي مصر على العالم كله، ومخطئ من يفرط لأسباب ضيقة ومحدودة جداً بالعلاقة الاستراتيجية مع مصر وخيار الغزيين الصحيح هو العلاقة السليمة والصحية مع مصر، غير ذلك لن يكون الأمر إلا بمثابة انتحار وهو أشبه ما يكون بذلك فعلا، غزة بحرها منتهك ومحاصر من الإسرائيليين وشمالها وشرقها كذلك، فقط حدودها مع مصر، وليست متصلة مع الضفة، والجانب العربي الوحيد المتصلة به هو مصر. ولا أعتقد أن المنطق يبيح لأي من كان أن يسيء علاقته بمصر، أياً كان هذا المبرر. مصر أرفع من قضية مهاترات جانبية وأكبر من أي تدخل في خصام مع أخوة عرب لها، ولكنها تريد في المقابل من حركة حماس أن يحسنوا الجوار ويتفهموا مقتضيات أمنها القومي، خاصة عندما يكون أمن مصر القومي مهدداً من هذا الاتجاه بالذات.

س: ما مصلحة حماس في الانعزال الحالي عن مصر والبقاء كجزء من المشروع السياسي للإخوان المسلمين، وتأثيره على القضية الفلسطينية؟

الموضوع يرتبط بتعلق حماس أكثر بمصالحها الضيقة دون وضع الأولوية للمصلحة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، لكن من مصلحة حركة حماس ومن مصلحة الشعب الفلسطيني أن تكون السياسة العليا لحركة حماس مع مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وليس مع مصالح الحركة الحزبية الضيقة، ولا شك أن مصلحة فلسطين هي في الانفتاح على مصر والتعاون معها، وحماس لن تجد أقرب لها من مصر حتى لو بحكم الجغرافيا فهي غير متصلة أرضيا مع دولة عربية أخرى غير مصر. ووجدانياً الشعب المصري أول من سير القوافل الطبية والمساعدات إلى القطاع في كل لحظات الضيق دون استئذان أحد، وأول أطباء خرجوا لنجدة غزة كانوا من مصر، ولا تحدثني عن محاولة كسر الحصار من البحر، كلنا نعلم أنها كانت محاولات من رئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان» لزيادة شعبيته الداخلية ونفوذ بلاده ومشروعها الإقليمي في العالم العربي. وانفتاح حركة حماس على مصر كفيل بتذليل كافة العقبات وتخفيف وطأة الإجراءات الأمنية المصرية عبر التنسيق الأمني المتبادل والتعاون كما كانت تفعل حماس في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.

س: أشرت إلى ما سميته بالمشروع العربي، ما هو وكيف ترى الربيع العربي الآن؟

في كل عمل بشري إذا لم يكن له فوائد مرجوة ورؤية وفكر فلا قيمة له، بمعنى لنسأل ماذا كان يريد من صنعوا الربيع العربي، أولاً قضية بناء الدولة كانت مطلباً أساسياً، لبناء المشروع العربي، وكان يجب أن يفضي ما يسمى الربيع العربي إلى بناء الدولة وليس هدمها كما يحدث في ليبيا وسوريا، وكان يجب أن يزيد التقارب العربي وليس الخلاف كما حدث بين مصر وبعض دول الخليج في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. ولا يجوز للدول العربية بعد كل ما قامت به من ثورات، وما تمتلكه من ثروات مادية وبشرية أن تظل خلف الأمم. في الماضي كنا نبحث عن رضا الشرق والغرب والقوى العظمى، والآن صرنا نبحث عن رضا القوى الصغرى الإقليمية. ومصر مرشحة إلى أن تكون قوة إقليمية بدعم عربي مساند لها، والدول التي بادرت لدعم خارطة الطريق ليست أقل من أن تنسق مواقفها وأدوارها والبناء على ما تحقق.

س: التجارب أثبتت أن التضامن العربي « لحظي»، كيف نحوله لتعاون مؤسسي بين الدول العربية، وهل يمكن البناء على الجامعة العربية التي أصبحت عضواً ضامراً في النظام العربي؟

حال جامعة الدول العربية هو انعكاس طبيعي لحال الأمة العربية، ولا يمكنها أن تضرب العصا وتخرج باتحاد عربي، فقط بالإمكان الاستفادة من جامعة الدول العربية كمؤسسة قائمة لها إرث إداري وفني وتكنوقراطي وكفاءات، لكن المهم وجود إرادة الدول وقبولها بالتنازل عن جزء من سيادتها لصالح كيان فوق قومي له سلطة على الدول.

س: هل تحفظت قطر على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة الذي أعلن دعم أحداث 30 يونيو؟

قطر لم تتحفظ على البند الخاص بدعم خيارات الشعب المصري في بيان القمة الخليجية، وعندما نتحدث عن مشروع عربي، فهي أحد مكونات هذا المشروع، ونتمنى وجود مزيد من التقارب بين مصر وقطر، وأن يكون هناك مبادرات من جانب بعض الدول لتقريب وجهات النظر، والخلاف بين البلدين مرتبط بمسألة معينة ولفترة معينة وليس خلافاً عميقاً. وعلى أي حال، مخطئ من يستغني عن مصر، ومخطئ من يعتبر أن الأمن العربي يمكن أن يتجزأ. ليس هناك دولة عربية قدمت للقضايا العربية والقضية الفلسطينية ما قدمته مصر، فهي التي خسرت من اقتصادها وخطط التنمية وقدمت من دماء رجالها الكثير، والدم المصري هو أكثر دم أسيل في سبيل فلسطين، ثم تأتي بعض الدول ممن تسمي نفسها إسلامية، وتزايد على مصر، وهي لا تخرج من أموالها «مليماً» لخدمة أي قضية إسلامية، فعندما طلب دعم القدس في أحدد قمم التعاون الاسلامي لم تبادر إيران بدفع مليم رغم أنها تدعي رغبتها في قيادة الأمة الإسلامية، والأزمة السورية فضحت دورها وكشفت حقيقة حزب الله، الخلاصة أن من يعتبر أنه يمكنه الاستغناء عن مصر فهو مخطئ، وخيار العرب هو مصر وخيار مصر هو العرب