الحدث ــ محمد بدر
من المتوقع أن يلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يوم الخميس القادم، خطابا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وينقل موقع ويللا العبري عن مسؤول فلسطيني مقرب من الرئيس عباس، قوله، إن خطاب الرئيس سيكون "مثيراً" وتاريخي.
الإسرائيليون يعتقدون أن خطاب الرئيس عباس سيتضمن هجوما كبيرا على الإدارة الأمريكية وشخص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسيحمل الخطاب كذلك اتهاما كبيرا للولايات المتحدة و"إسرائيل" بـ"اغتيال" مبدأ حل الدولتين وعدم صلاحية اتفاقية أوسلو. لكن المصادر الإسرائيلية تقول إن حديث الرئيس لن ينتقل للفعل، ولن يقوم الرئيس ما من شأنه أن ينهي العلاقة مع "إسرائيل" بشكل قطعي.
في الوقت نفسه، تظهر "إسرائيل" انزعاجها من أي خطوات عقابية قادمة، قد تقوم بها السلطة ضد قطاع غزة. وبحسب موقع ويللا العبري فإن الرئيس عباس اشترط على المصريين تمكين السلطة بشكل كامل في قطاع غزة وتوحيد السلاح والقانون، وإلا فإنه سيتخذ إجراءات أكثر صرامة بحق القطاع، وهو ما سينعكس على شكل انفجار في وجه "إسرائيل" بحسب تقديرها.
وتقدر قيمة الأموال التي يفترض أن تحولها السلطة للقطاع بـ 96 مليون دولار في الشهر، وتستخدم لدفع رواتب 60 ألف موظف في قطاع غزة، والذين يحصلون على نصف رواتبهم منذ عدة أشهر، بالإضافة لدفع تكاليف توليد الكهرباء والوقود والأدوية وأكثر من ذلك.
واعتبر موقع ويللا العبري أن وقف تحويل الأموال إلى قطاع غزة هو بمثابة حكم الإعدام على غزة، وستجد "إسرائيل" نفسها في دائرة النار مرة أخرى، وقد تصل الأمور إلى مواجهة عسكرية شاملة تنتهي بترتيبات معينة، وأوضح الموقع أن المستوى الأمني الإسرائيلي متخوف من هذه الإجراءات وتبعاتها على الأمن الإسرائيلي.
ويشير الموقع العبري إلى اقتراح رائج بين المسؤولين الإسرائيليين، يشتمل رؤية لتحويل الأموال التي تحتاجها غزة من خلال اقتطاعها من عائدات الضرائب المستحقة للسلطة، ولكن الاقتراح يصطدم بإشكاليتين رئيسيتين؛ الأولى: أن يقوم الرئيس عباس برفض أموال الضرائب ككل ووقف رواتب موظفي الضفة؛ ما يعني انفجار الأوضاع في الضفة، والثانية: عدم وجود آلية موثوقة لتحويل الأموال للموظفين بشكل مباشر دون مرورها بـ"خزائن حماس".
ولكن السلاح الآخر والأخطر الذي قد يستخدمه الرئيس عباس ضد "إسرائيل"، إذا قررت اقتطاع إيرادات الضرائب وتحويل نسبة منها لغزة؛ هو وقف التنسيق الأمني. وبحسب الموقع العبري فإن خفض مستوى التنسيق الأمني فترة أزمة البوابات الإلكترونية؛ كاد أن يؤدي لمواجهة طويلة الأمد في الضفة، فكيف الحال إذا تم وقفه نهائيا؟!
وحتى اللحظة يستمر التنسيق الأمني بقوة وفعالية وهو ما لا تريد "إسرائيل" أن تفقده. وقد أوضح تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول "الحرب على الإرهاب" في الشرق الأوسط في عام 2017، أن أجهزة أمن السلطة تعمل بقوة ضد "الإرهاب" وتمكنت من إحباط عدة عمليات ضد أهداف إسرائيلية، وأنها قامت باعتقال أعضاء من حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.
وبالنسبة للإسرائيليين، هذا التنسيق إيجابي. ويشير الموقع العبري إلى حادثة دخول حافلة الجنود من جيش الاحتلال إلى مخيم قلنديا للاجئين، مؤكدا على أن انقاذ الجنود تم بجهود أجهزة الأمن الفلسطينية، وأن هذه الجهود منعت من قتل الجنود. ويخلص الموقع العبري إلى أن التنسيق الأمني ضروري ومهم بالنسبة للسلطة الفلسطينية، ولكن ليس أقل أهمية بالنسبة لـ"إسرائيل".
ويعتبر الإسرائيليون أن مستقبل التنسيق الأمني، والوضع في قطاع غزة، يقع على عاتق الرئيس عباس. ليثبت الرئيس من جديد، أن له قدرة ملحوظة في السيطرة على الأرض، وتأثيره كبير على سير المفاوضات بين مصر وحماس و"إسرائيل" من إنجاز اتفاق للتهدئة.
وكانت مصادر مصرية وفلسطينية قد كشفت لـ"العربي الجديد" عن أن وفد حركة فتح المتواجد في القاهرة هدد بأن السلطة الفلسطينية ستقطع في اللحظة التي يتوصل فيها لاتفاق تهدئة مع الاحتلال، التنسيق الأمني والاتصالات مع "إسرائيل"، والالتزامات المالية عن غزة بشكل كامل وبمقدمتها المرتبات.
وقالت المصادر إن "مسؤولي جهاز الاستخبارات المصري اقترحوا ألا يتم توقيف مسار مفاوضات التهدئة بين فصائل غزة والاحتلال التي تقودها القاهرة، وأن تسير جنبًا إلى جنب مع مشاورات المصالحة، على أن تلتزم القاهرة بأداء دور كبير في إقناع الفصائل بأقرب وجهات نظر إلى فتح والسلطة".
وأكدت المصادر أن "المشاورات انتهت إلى تجميد مفاوضات التهدئة حتى إشعار آخر، وتكثيف مشاورات المصالحة، ومحاولة إيجاد مسارات جديدة من شأنها دفع حماس للموافقة على ما جاء برد فتح على الورقة المصرية للمصالحة، التي تمسكت فيها بسيطرة السلطة على مصادر الدخل من ضرائب ومعابر، والسيطرة الكاملة على أجهزة الأمن، مع إيجاد صيغة تمكن السلطة من السيطرة على سلاح الفصائل".