الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص الحدث| تركيا وأشخاص مدججون بالسلاح قادمون من سوريا يمررون صفقة القرن بشكل مرعب!

2018-10-01 05:39:17 AM
خاص الحدث| تركيا وأشخاص مدججون بالسلاح قادمون من سوريا يمررون صفقة القرن بشكل مرعب!
تركيا وأشخاص مدججون بالسلاح قادمون من سوريا يمررون صفقة القرن بشكل مرعب

خاص الحدث ــ محمد بدر

في 11 سبتمبر الماضي، كشف وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن خطة طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في عدة دول بالشرق الأوسط. وقال كاتس، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في "تويتر": "أرحب بمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا أنه "من الجيد أن تختفي قضية اللاجئين الفلسطينيين من العالم"، لكن كاتس لم يفصح عن المبادرة أكثر.

وتبع تصريح وزير الاستخبارات الإسرائيلية تقارير أفادت بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتجه مع بداية شهر أكتوبر لإعلان خطوات تهدف لإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.

وأكدت التقارير أن الإدارة الأمريكية ستعتبر أن اللاجئين الفلسطينيين يبلغ عددهم نصف مليون لاجئ فقط، وليس 5 ملايين كما تقول منظمة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ، في إشارة إلى الاعتراف فقط بالأشخاص الذين هجرتهم العصابات الصهيونية من قراهم ومدنهم عام 1948.

بالتزامن مع هذه التصريحات وما سبقها من تصريحات، تفيد المعلومات في مخيمات اللجوء الفلسطينية في لبنان عن ارتفاع نسبة بيع البيوت والهجرة لخارج لبنان. وحسب آخر الإحصائيات، فإن عدد البيوت المعروضة للبيع في مخيم عين الحلوة خلال الأسبوعين الماضيين قد وصل إلى 53 بيتا. وتعالت أصوات النشطاء والمتابعين لقضية اللاجئين الفلسطينية تحذيرا بسبب تزايد ظاهرة بيع البيوت في المخيمات الفلسطينية، خاصة مخيم عين الحلوة، المقام على بعد 3 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا.

تتبعنا في الحدث هذه الظاهرة. ووفقا لمصدر من سكان المخيم وباحث في الظاهرة  ــ رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات تتعلق بأمنه الشخصي ــ  فإن ظاهرة الهجرة من المخيمات في لبنان موجودة من فترة طويلة، وليست وليدة هذه الفترة، ولكنها منتشرة بنسبة أكبر في مخيم عين الحلوة نتيجة الأحداث الأمنية وعمليات الإغتيال التي يعيشها المخيم كل فترة وأخرى، وكذلك تشديد إجراءات الجيش اللبناني والمخابرات على حواجز المخيم وتفتيش المارة عند الدخول والخروج، ووضع بوابات حديدية على كل حاجز، إضافة إلى وضع بوابات إلكترونية لمدة أسبوعين قبل إزالتها نتيجة ضغط سياسي وشعبي، الأمر الذي أثار غضب اللاجئين وكانت ردة فعل البعض تنفيذ مسيرات احتجاجية غاضبة للمطالبة بتخفيف الإجراءات ومعاملة اللاجئين معاملة لائقة، والبعض الآخر كانت ردة فعله بيع بيته والسكن خارج المخيم، ولكن الهجرة موجودة في كل المخيمات، بسبب انعدام الحقوق الإنسانية أو المدنية.

وعن الأيادي الخفية التي تسعى لتفريغ المخيم من اللاجئين، قال المصدر: "بعض المسلحين في المخيم يتعمدون افتعال النزاعات والاشتباكات باستمرار، من أجل إفراغ المخيم من سكانه.. هؤلاء المسلحون يمتلكون إمكانيات عسكرية كبيرة، والغريب أنهم يملكون الأموال والسيارات الفارهة؛ ما يؤسس لفرضية أنهم مأجورون وتمولهم جهات من خارج المخيم، والغريب أكثر أن جزءا منهم من خارج المخيم وقدموا للمخيم من سوريا بسلاحهم وبعضهم تم تسليحه في لبنان، ويدفعون أمولا طائلة من أجل شراء البيوت في المخيم، في محاولة منهم لتشجيع ظاهرة بيع البيوت".

ويشير المصدر إلى أن هناك عمليات منظمة لبيع لبيوت تجري في المخيم، تتمثل ببيع أحياء بأكملها. وعن هذه الظاهرة، يقول المصدر: " فجأة يظهر عشرات المسلحين في حي معين في المخيم، ثم يحولونه لمربع أمني لهم، وهذا أمر مخالف لقوانين الدولة اللبنانية والقوة الأمنية.. بعد أن يستقر هؤلاء المسلحون في المخيم يبدأون بتنفيذ عمليات اغتيال في صفوف القوة الأمنية، وتندلع اشتباكات عنيفة بين الطرفين تستمر أحيانا لأشهر وتخلف دمارا كبيرا في الممتلكات وخسائر في الأرواح.. بعد ذلك تقوم القوة الأمنية ـ التي تشرف عليها حركة فتح ـ بالأساس بشراء البيوت في الحي من السكان، ويهاجر سكان الحي لخارج المخيم، وهذا الأمر حدث في حي الطيرة، وحاليا يتم التحضير لنفس السيناريو في حي الرأس الأحمر بسبب وجود مربع أمني لشخص مطلوب للدولة اللبنانية".

وخلال حورانا مع المصدر، عاد بنا في أصل الظاهرة (الهجرة)، بسياق تاريخي: "مخيم عين الحلوة الذي تبلغ مساحته كيلو متر مربع، يعيش أوضاعا اقتصادية صعبة مثل باقي المخيمات في لبنان، ولكنه يعاني أكثر من مشاكل أمنية منذ عشرات السنوات، نتيجة خلافات فصائلية بدأت في التسعينات بين حركة فتح وحركة حماس، ثم بين حركة فتح وتنظيم جند الشام وغيره من التنظيمات، آخرها بين حركة فتح والقوة الأمنية من جهة ومجموعة بلال بدر المطلوب للدولة اللبنانية من جهة أخرى، ويعيش المخيم هزة أمنية بشكل متكرر، لكثرة المربعات الأمنية فيه لأشخاص خارجين عن القانون ومطلوبين للدولة اللبنانية بتهم مختلفة كالقتل وزعزعة أمن جوار المخيم، وتهديد الجيش اللبناني، أيضا لارتباطهم بأشخاص متهمين بالإرهاب من سوريا والعراق ودول أخرى. كل هذه الأمور دفعت عددا من أبناء المخيم إلى الخروج منه، هربا من الموت برصاص طائش خلال الاشتباكات، وهربا ممن يدعون الحرص على توجيه البندقية نحو فلسطين فقط، وهم أكثر من يفتعل الأحداث الأمنية في المخيم".

وحول الهجرة إلى الدول الأوروبية، يقول المصدر إن عددا من السماسرة يسهلون عملية الهجرة من لبنان إلى الدول الأوروبية، حيث أصبحت تكلفة الهجرة للفرد الواحد ثمانية آلاف دولار بعدما كانت 11 ألف دولار، والسفر جوا وليس بحرا، وهذه التسهيلات تهدف لتشجيع اللاجئين على الهجرة من مخيماتهم نحو دول أخرى، كما ويرشي بعض السماسرة عناصر أمن المطار اللبناني من أجل تسهيل خروج المهاجرين بدون التدقيق جيدا بأوراقهم وهو ما أفاد به عدد من الشبان الذين هاجروا مؤخرا.

ويؤكد المصدر ظهور عدد كبير من الغرباء داخل المخيم، بين الفينة والأخرى، وغالبيتهم ليسوا من الفلسطينيين، يتجهون للأحياء التي يريدون السيطرة عليها، ويبدأون بشراء البيوت من أهلها بمبالغ كبير دون جدال في السعر أو حتى سؤال عن أصل المشتري، وبعد تنفيذ عملية البيع والشراء يتبين للبائعين أن هؤلاء الأشخاص هدفهم اغتيال كوادر وقيادات فلسطينية داخل المخيم وارتكاب جرائم من أنواع مختلفة.

ويشير المصدر إلى أن عملية تفريغ الأحياء داخل المخيم بدأت فعليا عام 2017، حين شهد المخيم أقوى معركتين في حي الطيرة، واحدة في شهر نيسان وأخرى في شهر آب، مع الإشارة إلى أن هذا الحي كان يسيطر عليه شخص يدعى بلال بدر وهو مطلوب للدولة اللبنانية ومتهم بالانتماء لتنظيم داعش، وكان يقيم بدر مربعا أمنيا داخل حي الطيرة، وتحت إمرته مجموعة كبيرة من المسلحين والأسلحة. في شهر نيسان أطلق عناصره النار على القوة الأمنية المشتركة والتي تضم جميع الفصائل الفلسطينية، وقتلوا عددا من عناصرها، ما دفع الفصائل لاتخاذ قرار الحسم العسكري داخل حي الطيرة لإنهاء مربع بدر الأمني، ونفذت عملية الحسم على مرحلتين؛ في شهري نيسان وآب، حتى أنهت القوة الأمنية وحركة فتح مربع بدر الأمني وسيطرت على الحي، بعد تدمير الحي بأكمله، وعمدت بعد ذلك حركة فتح والقوة الأمنية إلى شراء البيوت من أصحابها للخروج من الحي والمخيم كله والسكن خارجه، وذلك للسيطرة على الحي.

وختم المصدر حديثه مع الحدث، بالقول: "السيناريو الذي طُبق في حي الطيرة، يحضر مثيله هذه الفترة لحي الرأس الأحمر، هذا الحي يقيم فيه المطلوب بلال العرقوب وأولاده المتهمين بقتل عناصر من فتح، وخوف الأهالي من تكرار ما حصل في حي الطيرة، دفع بعضهم إلى بيع بيوتهم والهرب من المخيم قبل حصول أي مواجهة داخل الحي.. هؤلاء الأشخاص المدعومون من جهة مجهولة، هدفهم الرئيسي تفريغ المخيم من أهله وتدميره، عملية التهجير هذه، والمعارك التي تحدث الآن داخل المخيم، دون اتخاذ المسؤولين حلول لوضع حدا لهذه الأزمة، تعني أن صفقة القرن تمرر بشكل سريع وبطريقة ناعمة".

روهام (20عاما)، طالبة جامعية، من سكان المخيم، قالت للحدث: " للأسف، المخيم أصبح مكانا خطيرا بسبب النزاعات المستشرية فيه، خاصة تلك المسلحة.. لا يكاد يخلو يوم من الاشتباكات المسلحة ولا يكاد يخلو أسبوع من عملية قتل، البعض أصبح مستعدا لبيع منزله بأبخس ثمن من أجل الخروج من المخيم لأماكن قد تضمن له عيشا أقل خطورة.. يضاف للوضع الأمني الوضع الاقتصادي المتردي؛ التجار في "سوق الخضار" في المخيم يشكون من عدم وجود حركة شراء، و"سوق الخضار"  ليس سوقا خاصا بالخضار، بل سوق يوفر كل احتياجات المخيم؛ أساسيات وكماليات، ومن خلاله يمكن قياس القوة الشرائية في المخيم، وبالتالي التعرف على تردي أو ازدهار الوضع الاقتصادي في المخيم".

وتضيف روهام: "تهديدات الأونروا بتقليص خدماتها الطبية والتعليمية، تأخذ الناس للأسوء، وتدفعهم بطريقة أو بأخرى للخروج من المخيم، ولا يخفى على أحد أن البعض يعتقد أن التوطين في الخارج هو البديل عن معيشة سيئة وتزداد سوءا؛ خاصة وأن من هاجر وتوطن في بلدان الخارج أصبح نموذجا مغريا لمن ما زال يسكن المخيم.. هذه الأزمة تتحمل مسؤوليتها الجهات الرسمية والفصائلية، ويجب الاعتناء بهذه القضية وبحياة اللاجئين حتى لا يتم تفريغ حق العودة من مضمونه من خلال تفريغ المخيمات من سكانها.. هذه قضية تستحق الوقوف عندها".

وتؤكد روهام أن الشباب هم أكثر الفئات التي تهاجر من المخيم؛ خاصة من لديهم أقارب في الخارج يستطيعون تسهيل أمور الهجرة وترتيباتها لهم، بالإضافة لوجود "سماسرة هجرة" يسهلون عمليات الهجرة مقابل مردود مالي، ويقومون بإغراء الشباب من أجل الهجرة، من خلال استحضار نماذج لشباب هاجروا وتحسنت أوضاعهم في الخارج، مستغلين الظروف السيئة التي يعيشها ويعايشها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، بالإضافة  للتسهيلات التي تقدمها الدول المضيفة.

وتكشف روهام أن تركيا من الدول التي تسهل الهجرة من المخيم، وتقدّم تسهيلات كبيرة في موضوع توطين اللاجئين الفلسطينيين وتمليكهم عقارات فيها، مشيرة إلى أن السماسرة يستدعون تركيا بشكل مستمر في تنظيرهم، وهو ما لمسته بشكل شخصي من خلال تجربة مع أقارب لها وأصدقاء لعائلتها، ودائما ما يشير السماسرة لتركيا كبلد مسلم ومتعاطف مع الفلسطينيين واقتصاده قوي، وتكشف التسهيلات التي تقدمها تركيا في هذا الإطار؛ استسهالا كبيرا في نظرتها لحقوق الشعب الفلسطيني، إن لم تكن مشاركة فعلية في ظاهرة بيع البيوت تفريغ المخيمات، بحسب روهام.

بدوره، قال الكاتب الفلسطيني المقيم في لبنان هيثم أبو الغزلان، في حديث للحدث، إن الظروف الاقتصادية والأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات اللبنانية؛ خاصة في مخيم عين الحلوة، هي من أهم الأسباب التي تدفع اللاجئون لبيع بيوتهم في المخيم، مؤكدا على أن حرمان اللاجئ الفلسطيني من الكثير من الحقوق يؤثر على واقعه في المخيم، بالإضافة للأزمة المالية التي تمرّ بها الفصائل الفلسطينية والتي أدت إلى تقليص الفصائل لمساعدتها للمخيم إلى جانب تهديدات الأونروا بتقليص الدعم كذلك.

واعتبر أبو الغزلان أن ظاهرة بيع المنازل خطيرة جدا، وأنها  تندرج أيضا في إطار المؤامرة لتصفية قضية اللاجئين وتحييد قضيتهم؛ خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل معها كعقدة في طريق التسويات السياسية التي يحاول الاحتلال تمريرها. وشدد أبو الغزلان على أن تذويب أعداد اللاجئين وتفكيك القضية ككل يتم من خلال تشتيتهم وتشجيع هجرتهم، موضحا بأن الإدراة الأمريكية ودولة الاحتلال معنيتان بهذه الظاهرة وتشجعانها بطرق خفية وجلية أحيانا؛ لتمرير صفقة القرن. داعيا المستوى الرسمي والفصائلي الفلسطيني وكذلك الشعبي، للاهتمام بالظاهرة والتوعية من مخاطرها ومحاولة توفير ظروف أفضل للاجئين الفلسطينيين على كافة الأصعد والمستويات.