الحدث- ريم أبو لبن
"وبعد مرور 8 أشهر على حملي قال لي رب العمل: قانونياً لا يحق لك الحصول على إجازة أمومة.. وفصلني فصلا تعسفي". هذا ما قالته إحدى السيدات لـ"الحدث" وقد رفضت ذكر أسمها في التقرير، إلا أن قصتها تعتبر نموذجاً للعديد من الحكايات التي تروى بعد مضي سنوات من العمل وينتهي المطاف بأصحابها وأصحاب الأجور المنخفضة بفصل "تعسفي" غير مبرر.
قالت: "لم يمنحني إجازة أمومة، وقام بفصلي دون أي تنبيه أو إشعار مسبق أو إنذارات سابقة، وقد تفاجأت من قرار الفصل المباشر لاسيما وأن رب العمل أبلغني بأنه يتعامل مع الموظفين وفقاً لما جاء في قانون العمل، وبعد الحمل تفاجأت بعدم تطبيق القانون وعدم منحي الإجازات التي أستحقها".
يذكر أن الفتاة كانت تعمل بمنصب مساعد إداري لدى إحدى المؤسسات التابعة للقطاع الخاص، حيث عملت فيها لمدة سنوات قصيرة بعقد "مثبت" بشكل "شفوي"، وقد رفض رب العمل توقيع عقد قانوني لها يشمل المتعاقدين بحسب ما أوضحت لـ"الحدث".
"بعد 6 أشهر من العمل أعلمت رب عملي بوجود حمل، وكنت أمارس عملي حينها بشكل طبيعي. وفي الشهر الثامن كان رب العمل يوجه لي تساؤلات كثيرة مفادها: ماذا سنفعل بإجازة الأمومة؟ قانونياً ليس لديك إجازة.. ستكون على حسابك".
وعن حجة الفصل، قالت لـ "الحدث": " قال لي عملك لا يعجبني.."
واستكملت موضحة تلك العبارة: "قالها، على الرغم من الكفاءة التي أتمتع بها، غير أنني كنت اجتهد وأساهم بشكل كبير في تحقيق عوائد وأرباح للمؤسسة، وفي المقابل لم أكن أحصل على راتب مرتفع".
أضافت: "عندما قام بفصلي أكد التزامه بدفع كافة المستحقات الخاصة بي وفقا للقانون، ولكنه فيما بعد لم يعترف بحقوقي العمالية والمالية".
فيما أوضحت الفتاة بأنها قد حصلت على إشعار بالفصل بتاريخ محدد، وعمدت على تقديم شكوى لوزارة العمل في شهر سبتمبر الماضي، فيما عمد رب العمل على إرسال قرار الفصل للوزارة بعد ذاك التاريخ بعدة أيام وقبل موعد الولادة.
في ذات السياق، قالت: "توجهت لوزارة العمل كجهة ضاغطة لتحصيل حقوقي، وعندما تحدثوا مع رب العمل حول حقوقي العمالية أبلغهم بأنني قدمت استقالتي ولم أطرد بشكل تعسفي وعليه عرض عليّ الحصول على راتب شهر كامل فقط".
أضافت: "تعرضت للظلم، ولم يتجاوب رب العمل مع مطالب وزارة العمل فتوجهت للمحكمة.. والآن القضية بالمحكمة".
لم تكن هذه القضية وحدها التي رصفت داخل أروقة المحاكم الفلسطينية والتي تعلن تعنت "المدير" وضعف " العامل" وعدم منحه حقه الطبيعي وفقاً للقانون.
سمية (25) عاماً هي الأخرى لجأت للقانون كي تحصّل حقوقها العمالية، فهي أيضا كانت تعمل لمدة سنتين لدى شركة معروفة تتبع للقطاع الخاص، فيما عمد مديرها المباشر على طردها دون سابق إنذار فقط لأنها تخطت حدود الطبيعة وأقدمت على دخول "قفص الزوجية".
قالت لـ"الحدث": "بعد عودتي من شهر العسل، تفاجأت بحصولي على إنذار دون أي سابق إنذار، وتكدست الأشغال كبداية لفصلي من العمل".
أضافت: "وبعد مرور شهر أعلمني رب العمل بأنه سبب فصلي من العمل هو زواجي... أمر لا يعقل، حتى أنه طلب مني بعد عودتي إجراء فحص للحمل حتى يتم التأكد بأنني لست حاملا".
واستكملت حديثها مستذكرة ما قاله لها رب العمل قبل الفصل: "أنتِ تزوجتي شو بدك تعملي بينا.."
فيما أوضحت سمية لـ"الحدث" أن الشركة الخاصة التي كانت تعمل بها لم تقدم لها حقوقها كاملة لاعتبارها قد فصلت بشكل "طبيعي" وليس بشكل "تعسفي"، فيما حصلت بدورها على بعض حقوقها ولكن بعد مماطلات وعناء طويل.
وزارة العمل: لم يصلنا إشعار إعادة هيكلة
"نحن في وزارة العمل لم يصلنا أي إشعار من قبل المؤسسة بإعادة الهيكلية لديها". هذا ما أكدته عزيزة غنيم، وهي مديرة دائرة النزاعات الجماعية في وزارة العمل، موضحةً بذلك وبحسب أقوال المؤسسة التي تعمل بها الموظفة (المفصولة) بأن سبب الفصل هو إعادة هيكلة المؤسسة (ماليا وفنيا).
قالت: "بحسب ما أوضحت المؤسسة فإنه تم فصل الموظفة بناءً على إعادة هيكلة (أسباب مالية وفنية) ولكنه لم يصلنا أي إشعار بذلك، وما حصلنا عليه كتب بدون (ترويسة) أو أي عناوين".
أضافت: "إن أرادت الموظفة استدعاء الوزارة للشهادة فستكون شهادتنا قوية ولصالحها، وسنشهد بأنه لم يصلنا أي إشعار بإعادة الهيلكة الخاص بالمؤسسة التي قامت بفعل الفصل".
وعن تقديم الشكوى...
قالت غنيم: "لقد قامت الفتاة هي وزميلة أخرى لها بتقديم شكوى ضد صاحب العمل، حتى نقوم بمتابعتها كمفوضين عنها، وعليه قمنا بتحصيل معلومات عن الموظفة وعن رب العمل وما لديها من إجازات وهل تم فصلها بشكل تعسفي أو شبه تعسفي، أو من باب إعادة هيكلة المؤسسة". هذا ما أكدته لـ"الحدث".
أضافت: "قمت باستلام الشكوى وتم تحويلها لمديرية رام الله لمتابعتها ميدانية، حيث توجه موظفو الوزارة للمؤسسة وتم إبلاغه بأنه تم إرسال إشعار إعادة الهيكلة وعليه تم الفصل، ولكن بالمقابل لم يصلنا هذا الإشعار، وبحسب ما ادعت الموظفة تم فصلها من خلال اجتماع عقد لدى مجلس المؤسسة".
واستكملت حديثها: "أما بما يخص حصولها على إجازة الأمومة وبحسب ما أوضحت المؤسسة فهي ليست حقا لها وبعد استشارتهم لأحد المحامين، حيث تم إبلاغها بأن تقوم بمراجعة المؤسسة للحصول على مستحقاتها".
قالت: "نحن في وزارة العمل نأخذ بالطرد شبه التعسفي، أما الطرد التعسفي فهو يحتاج لبعض الإثباتات وهذا من اختصاص القضاء".
أما عن رفض رب العمل منح الموظفة حقوقها، قالت غنيم: "رفضوا منحها حقوقها لاعتباره فصلاً طبيعاً وليس تعسفياً وعليه ستحصل الموظفة على راتب شهر كامل مقابل عملها لمدة عام، كما لم يتم الاعتراف بإجازة الأمومة والطرد التعسفي وبدل الإشعار".
فيما أوضحت غنيم في نهاية حديثها بأن عقد العمل يتسم بصفة العقد حتى لو كان شفهيا أو ضمنيا.
ما جاء به قانون العمل...
"قانونيا هو طرد تعسفي، والمادة 103 من قانون العمل تؤكد هذا الأمر". هذا ما أكده لـ"الحدث" المحامي النظامي ماجد الخطيب.
بالنظر إلى مواد قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لعام 2000م، نجد بأن المادة (103) من ذات القانون جاء بها وبنص واضح وصريح ما يلي: "للمرأة العاملة التي أمضت في العمل قبل كل ولادة مدة مائة وثمانين يوما الحق في إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع، مدفوعة الأجر منها ستة أسابيع على الأقل بعد الولادة".
كما جاء فيها أيضا: "لا يجوز فصل المرأة العاملة بسبب الإجازة المذكورة أعلاه، إلا إذا ثبت أنها عملت في وظيفة أخرى خلالها".
فيما أوضح الخطيب أن قانون العمل الفلسطيني حدد أسباب الفصل من العمل وعلى سبيل الحصر وليس بحسب أهواء رب العمل، غير أن المادة (40) من قانون العمل توضح هذا الأمر.
وجاء فيها: "لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد دون إشعار مع حقه في مطالبة العامل بكافة الحقوق الأخرى عند ارتكابه أيا من المخالفات التالية:
انتحاله شخصية غير شخصيته أو تقديمه شهادات أو وثائق مزورة لصاحب العمل.
ارتكابه خطأ نتيجة إهمال مؤكد نشأت عنه خسارة جسيمة لصاحب العمل شريطة أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال 48 ساعة من وقت علمه بوقوعه.
تكراره مخالفة النظام الداخلي للمنشأة المصادق عليه من وزارة العمل أو التعليمات المكتوبة الخاصة بسلامة العمل وصحة العمال رغم إنذاره بها حسب الأصول.
تغيبه دون عذر مقبول أكثر من سبعة أيام متتالية، أو أكثر من خمسة عشر يوما متقطعة خلال السنة الواحدة، على أن يكون قد أنذر كتابيا بعد غياب ثلاثة أيام في الحالة الأولى أو عشرة أيام في الحالة الثانية.
عدم وفاء العامل بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل رغم إنذاره حسب الأصول.
إفشاء الأسرار الخاصة بالعمل التي من شأنها أن تسبب الضرر الجسيم.
إدانته بحكم نهائي في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق العامة.
وجوده أثناء العمل في حالة سكر أو متأثرا بما تعاطاه من مادة مخدرة يعاقب عليها القانون.
الاعتداء بالضرب أو التحقير على صاحب العمل أو على من يمثله أو على رئيسه المباشر.
أما بخصوص عقد العمل، قال المحامي الخطيب: "لا يشترط عقد العمل أن يكون كتابيا، ويجوز أن يكون شفهياً أيضا، وهو الأفضل بالنسبة للموظف حتى يثبت عمله ومن خلال الشهود، وما ينظم العلاقة ما بين العامل ورب العمل هو قانون العمل، وعقد العمل يحدد فقط طبيعة العمل والأجرة".
المادة (24) من الفصل الأول من قانون العمل تؤكد بصريح العبارة على أن عقد العمل الفردي هو اتفاق كتابي أو شفهي صريح أو ضمني يبرم بين صاحب عمل وعامل ولمدة محددة أو غير محددة، أو لإنجاز عمل معين يلتزم بموجبه العامل بأداء عمل لمصلحة صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه، ويلتزم فيه صاحب العمل بدفع الأجر المتفق عليه للعامل.
وفيما يخص اعتبار الموظف مثبتا رسميا بعمله ولديه حقوق عمالية؛ قال الخطيب: "مدة التجربة في قانون العمل 3 أشهر، وبعد ذلك يعتبر الموظف مثبتاً إذا استمر بالعمل".
المادة (29) من قانون العمل توضح ذاك الأمر، وتنص على ما يلي: "يجوز أن يبدأ عقد العمل لفترة تجربة مدتها ثلاثة أشهر ولا يجوز تكرارها لأكثر من مرة واحدة عند نفس صاحب العمل".
لم يكن الفصل "التعسفي" قد نال من بعض موظفي القطاع الخاص فقط، بل قد يجلس موظفو الحكومة في المجلس ذاته وبمواجهة مع رب العمل الذي يقوم بفعل "الفصل"، ولكن الأمر قد يختلف قانونياً لا سميا وأن موظف القطاع الخاص يخضع لقانون العمل الفلسطيني، بينما الموظف الحكومي فهو يتبع لقانون الخدمة المدنية، وبالتالي فإن القانون يختلف ولكن الظلم واحد في النهاية والقضاء هو الحكم الفصل في تلك الحكايات.