الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"استشهد بس في نفس".. الجريح محمد بانتظار العودة للحياة

2018-12-12 02:45:12 PM
الشاب الجريح محمد البرغوثي (الحدث: إيهاب عاروري)

 

الحدث- محمد غفري

"الإصابة غيرت كل حياتي، أنا لا أجرؤ على الاقتراب من الأشياء التي أحبها.. الكشافة وكرة القدم"

مضى نحو عام على إصابة محمد البرغوثي من قرية عابود غرب رام الله برصاصة متفجرة أطلقها أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر على رأسه يوم الرابع من كانون الثاني 2018، وبانتظار ما تبقى من عظام الرأس الجريح لإغلاقه، يحاول محمد استرداد عافيته النفسية والاجتماعية، ودفن ذكريات أخرى لونها الاحتلال بلون الدم.

يقول محمد، إنه ذهب في بداية العام مع أقاربه إلى قرية دير نظام لتشييع جثمان صديقه الشهيد مصعب التميمي.

"كانت الجنازة مؤثرة، كنت أتذكر خلال الجنازة مصعب صديقي منذ الصغر، حيث لعبنا في نفس الحارة ولدينا العديد من الذكريات، لكنه تمنى الشهادة ونالها" هكذا وصف محمد مشاعره خلال حمله لنعش صديقه.

بعد انتهاء الجنازة اقتحمت قوات الاحتلال قرية دير نظام، فاندلعت مواجهات مع الشبان الغاضبين، وكان في مقدمتهم الشاب محمد البرغوثي.

يتابع محمد في حواره مع "الحدث"، "أنا كنت في المقدمة فأطلق أحد الجنود رصاصة على رأسي من مسافة قريبة، ولم أتذكر بعدها أي شيء".

في هذه الأثناء تواجد عفيف البرغوثي في جنازة الشهيد مصعب عندما استمع عبر مكبر الصوت أن أحد الشبان قد أصيب.

"دكتور من نفس القرية كان قد عاين الشاب المصاب وأقر أنه استشهد، وبعد لحظات علمت بأن المصاب هو ابني" من هنا يتابع عفيف البرغوثي تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم.

وأضاف لـ"الحدث"، أنهم ذهبوا إلى المستشفى الاستشاري خلف الجريح، وبدأ المتواجدون بتعزيته على استشهاد نجله محمد.

لكن المفاجأة كانت، عندما أعلن أحد الأطباء أن هناك نفسا ويحتاج الجريح إلى المزيد من الدماء لإنقاذ حياته، وبعد محاولات عدة تم انعاشه.  

يقول والده "الرصاصة فجرت رأسه وقامت بشق مسافة 8 سم من الجمجمة".

أجريت عملية انعاش لمحمد في نفس اليوم، وتمسك الأهل ببضع أمل ليبقى على قيد الحياة بالرغم من إبلاغ الأطباء لهم بأن الأمل ضئيل.

وبعد أسبوع أجريت له العملية الأولى، وواصل المكوث في المستشفى حتى غادرها بعد شهر، ومن المستشفى سافر إلى تركيا كي يتم تأهيل جسده.

حتى اليوم ما زال محمد بانتظار إجراء عملية جراحية ثانية له، يقول والده "نحن بانتظار العملية الثانية وهي زراعة الجمجمة التي ستأتي خصيصاً من فرنسا حتى يتم تغطية الجزء المكشوف من الرأس، ومن المحتل أن تصل في أي لحظة قبل نهاية العام".

لا يعاني محمد من أي أوجاع جسدية، لكن وقع الإصابة ما زالت جاثماً عليه نفسياً واجتماعياً، فقد تأخر فصل دراسي في الجامعة، وانقطع عن فرقة الكشافة، ولم يعد يمارس كرة القدم، ولا حتى العمل مع والده أيام العطل.

قال لـ"الحدث": "لم أعد نشيطا بالمرة، فلا أجرؤ على الاقتراب من الأشياء، أنا قبل الإصابة كنت نشيطا في كافة المجالات، أي اشي.. كل أشي".

اليوم محمد في عمر العشرين يكمل دراسة إدارة الأعمال في جامعة بيرزيت، ويتمسك برغبته القوية على التحدي والعيش كي ينهي دراسته الجامعية ويتابع حياته "رغم أن الإصابة غيرت حياتي" على حد تعبيره.