الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مهدية حماد.. قتلها مرضى جنود الاحتلال أما ابنها زكريا فصار صحفياً

2018-12-25 08:45:36 AM
مهدية حماد.. قتلها مرضى جنود الاحتلال أما ابنها زكريا فصار صحفياً
الشهيدة مهدية حماد

 

الحدث- محمد غفري

"إنْ ماتَت الأُم فِدا وطنٍ.. ما أحلى عيشَ الأيتام"، بهذا البيت من الشعر بدأ الشاب زكريا حماد (22 عاماً) الاستعداد لإحياء الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد والدته مهدية حماد، التي قتلها جنود الاحتلال الإسرائيلي قبل ثلاثة أعوام في بلدة سلواد شرق رام الله.

وبالرغم من جريمة إعدام والدته، وسجنه مدة 18 شهراً في سجون الاحتلال؛ إلا أن زكريا بدا أكثر قوة وهو يتحدث عن تفاصيل يوم 25 كانون أول 2015.

يقول زكريا، إن هدنة تم الاتفاق عليها في ذلك اليوم بين الاحتلال وأهالي سلواد، تقضي بتسليم الاحتلال لجثامين اثنين من شهداء البلدة المحتجزين.

حاولت الاستسلام.. ولكن!

نتيجة لهدوء المواجهات في البلدة، قررت السيدة مهدية حماد قيادة السيارة لزيارة شقيقتها، وبالرغم من محاولة زكريا منعها من الزيارة إلا أنها أصرت على ذلك، فالبرد قارس وعليها أن تأخذ الحطب إلى شقيقتها.

في إحدى حارات البلدة تفاجأت حماد بجنود الاحتلال، حاولت الاستدارة والرجوع إلى الخلف، إلا أن رصاص الجنود كان الأسرع.

يروي زكريا نقلاً عن شهود العيان، أن والدته تفاجأت بالجنود وعلى بعد مسافة منهم قررت الاستدارة، وعندما تم إطلاق أول رصاصة تجاهها رفعت يديها للاستسلام، ومع ذلك واصل الجنود إطلاق الرصاص حتى استشهدت.

في ذلك الوقت كان زكريا يتواجد في البلدة عندما استمع إلى خبر إطلاق الجنود الرصاص تجاه امرأة كبيرة في السن تقود سيارة تحمل نفس مواصفات السيارة التي تقودها والدته.

هنا فقد أعصابه وذهب إلى الموقع، وراقب المشهد عن قرب. إلا أن الجنود أخذوا المرأة المصابة، والسيارة التي كانت تقودها، ومن ثم أطلقوا الرصاص تجاه الحاضرين حتى يبتعدوا.

"كان لدينا أمل أنها على قيد الحياة وأنها مصابة فقط، حتى تم تأكيد خبر الاستشهاد من وزارة الصحة، فكانت صدمة كبيرة علينا"، هكذا يصف زكريا لحظة الإعلان عن استشهاد والدته.

بعد ساعات جرى تسليم جثمان الشهيدة مهدية حماد إلى الجانب الفلسطيني، وبالرغم من تنغيص الاحتلال على إجراءات نقلها من مجمع فلسطين الطبي إلى بلدة سلواد؛ إلا أن جنازة مهيبة حملتها في اليوم الثاني إلى المثوى الأخير.

اعتراف الاحتلال بإعدام حماد

يقول زكريا إن ضابط مخابرات الاحتلال الكابتن يوسف (اسم مستعار) حاول الضغط عليهم للاعتراف أنها كانت تنوي تنفيذ عملية دهس للجنود.

نتيجة لعدم تماشي الأهل مع ضغوطات الاحتلال، أصدر جيش الاحتلال بعد أيام بيانا يعترف فيه بإعدام الشهيدة مهدية حماد بـ "الخطأ"، نتيجة لحالة نفسية وتوتر عصبي يمر به الجنود الذين تعرضوا لمحاولة دهس في وقت سابق!

اعتقال زكريا

عقب استشهاد والدته، اتصل ضابط مخابرات الاحتلال بأحد أصدقاء زكريا نجل الشهيدة حماد، وأبلغه أن الجيش يراقبهم في كل شيء، وأن عليهم الحذر، وسرد عليه بعض التفاصيل والشواهد عن مراقبته لهم.

"دير بالك على زكريا، لأنه حالياً دمو فاير بلاش يضيع حالو" هذا ما أبلغه ضابط مخابرات الاحتلال لأحد أصدقاء زكريا.

وفي إحدى الليالي حضر العشرات من جنود الاحتلال إلى منزل الشهيدة، وقاموا بتكسير الممتلكات والاعتداء على عائلتها، قبل اعتقال نجلها الأكبر زكريا.

شاء حكم الاحتلال أن تمر ذكرى الأربعين على استشهاد والدة زكريا وهو في السجن، إضافة إلى ما تبقى من فترة حكمه البالغة 18 شهراً.

صورة للشاب زكريا من داخل السجن

محاكم مزيفة وإخفاء الأدلة

بالرغم من اعتراف جيش الاحتلال أن الشهيدة حماد قتلت بالخطأ، إلا أن محاكم الاحتلال لم تلتفت إلى القضية التي رفعتها العائلة ضد الجنود.

هنا يؤكد زكريا حماد، أن المحامية قامت برفع شكوى لدى محاكم الاحتلال ضد الجنود، وللمطالبة باسترداد السيارة، وهو ما لم يحصل، مشيراً إلى أن الاحتلال يحاول إخفاء الأدلة عندما لا يسلمهم السيارة.

ماذا تركت الشهيدة حماد؟

هنا يجيب نجلها الأكبر زكريا "أمي كانت كل إشي، كانت معبية حياتنا، كانت عامود الدار، وبدونها فش ولا إشي".

رحلت الشهيد حماد عن عمر يناهز (39 عاماً)، تركت خلفها زكريا الأكبر وابنتين وطفلها يحيى بعمر الزهور (11 شهراً).

تربى يحيى الصغير في منزل عمه وبرعاية من شقيقتيه وصار عمره اليوم أربعة سنوات، وبسبب رصاص الاحتلال وأمراض جنوده النفسية كبرت أحلام (17 عاماً)  وملك (14 عاماً) قبل الآوان، فهما من يتولى شؤون المنزل بعد رحيل والدتهما.

الطفل يحيى نجل الشهيدة مهدية حماد 

زكريا الصحفي

لطالما حلم زكريا أن يدرس الإعلام، إلا أن استشهاد والدته شكل علامة فارقة في حياته، وزاد من إصراره على العمل الصحفي.

يدرس زكريا هذه الأيام الإعلام في جامعة بيرزيت، ويتجول في كاميرته يوثق انتهاكات الاحتلال خلال المواجهات التي تجري في بلدته سلواد، أو عند مدخل مدينة البيرة الشمالي (حاجز DCO).

هنا يختم زكريا مع "الحدث"، أنه يحلم بإنتاج عمل صحفي حول والدته، على سبيل المثال فيلماً يفضح الجريمة.

 

زكريا أثناء تغطية المواجهات