الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حماس تعترف تارة بشرعية الرئيس وفي أخرى تنفيها.. ما سر هذا التناقض؟

2018-12-27 11:31:37 AM
حماس تعترف تارة بشرعية الرئيس وفي أخرى تنفيها.. ما سر هذا التناقض؟
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ"حماس" اسماعيل هنية (أرشيفية)

الحدث- ريم ابو لبن

قد لا تفر بعض المصطلحات من أمام أذن السامع أو حتى القارئ الفلسطيني وتحديداً لما يصرح به قادة حركة "حماس"، حين يرفضون تارة شرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومته، وتارة يدعونه للجلوس معهم على طاولة واحدة لوضع استراتيجية وطنية تحدد المسار السياسي وأجندات العمل الوطني للمرحلة القادمة وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وهذا ما صرح به رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في ذكرى انطلاقة الحركة الـ 31.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان قد أعلن السبت الماضي أن المحكمة الدستورية قضت بحل المجلس التشريعي فيما دعا لانتخابات تشريعية خلال الستة شهور القادمة، وأكد بدوره الالتزام بالقرار.

وبعد الإعلان، حركة "حماس" أبدت رفضها للقرار معتبرة بأن "لا شرعية لما تسمى المحكمة الدستورية" وهذا ما صرح به النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي في غزة أحمد بحر خلال مؤتمر عقد اليوم للحديث عن قرار الرئيس عباس بحل المجلس.

فيما اعتبر بحر بأن قرار حل المجلس قرار باطل باعتباره صدر عن جهة منتهية الصلاحية الدستورية والشرعية، وهي الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وقال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني لـ"الحدث"، إن بحر قام بتوظيف القانون وأكد على أن قرارت المحكمة الدستورية غير شرعية وهذا صحيح، ولا وجود للمغالطات القانونية هنا".

إذا وبحسب التصريحات السابقة والصادرة عن حركة "حماس"، فقد يتبادر لأذهاننا أحد الأسئلة التي تدور حول موقف "حركة" حماس من "شرعية" الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومفاده لماذا تعتبر حركة "حماس" بأن الرئيس عباس قد انتهت ولايته وأن ما يصدر عنه من قرارات تصفها بـ "غير الشرعية" وفي الوقت ذاته تدعوه للجلوس وإجراء انتخابات؟ كيف يجلسون مع قيادي "غير شرعي"؟

"تناقض بفعل أوسلو"

"هناك تناقض لدى حركة حماس في طرح المصطلحات وبشكل أكبر من تناقضها بالمواقف السياسية، لاسيما وأن حماس لديها هذا التناقض في المواقف تحديداً وبفعل أوسلو. وظلوا يناقشون اتفاقية أوسلو من باب هل هي حرام أم حلال؟ وهل المشاركة في السلطة حرام أم حلال؟ وهل الاتفاق مع إسرائيل حرام أم حلال؟". هذا ما أوضحه لـ"الحدث" المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض.

فيما أوضح المحلل عوض أن المصطلحات الإعلامية والسياسية الفلسطينية هي بشكل عام "غير متجانسة"، وهذا يدلل بحد وصفه على عدم وجود رؤى واضحة ومتكاملة أو استراتيجية واحدة ينطلق منها الجميع، غير أن اختلاف المصطلحات يشير إلى اختلاف المرجعيات بحسب ما أوضح عوض.

في ذات السياق، قال: "اللغة السياسية الفلسطينية غير منسجمة وبها بعض الإساءات، فمثلاً هل نقول حكم ذاتي محدود أم نقول السلطة الوطنية الفلسطينية؟ هل نقول جدار الفصل العنصري أم الضم والتوسع؟".

"الرئيس غير شرعي في السلطة"

وفي معرض الرد حول تضارب الدعوة للجلوس رغم تصريحات صادرة عن الحركة تؤكد بأن الرئيس عباس "غير شرعي"، قال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني لـ"الحدث": "من يتبى هذه الرؤية عليه أن يميز ما بين حركة فتح ومنظمة التحرير وبين السلطة الفلسطينية، لاسيما وأن الرئيس غير شرعي في السلطة، ولكنه بالمقابل رئيس حركة فتح".

واستكمل حديثه: "وعليه فإن الجلوس معه كرئيس سلطة غير شرعي، ولكن هذه المسألة ضمن توجهات سياسية وليست قانونية".

وبالحديث عن سبب التناقض في المواقف لدى الحركة وهل لأيديولوجيتها الدينية علاقة بذلك؛ قال الدجني: "حماس لا يمكن أن نقاربها بالحركات الدينية.. وبالمطلق وهي بعيدة كل البعد عن هذا التوصيف".

وأضاف: "هي حركة سياسية وقد عرفت عن نفسها في وثيقتها على أنها حركة تحرر وطني ذات مرجعية إسلامية فقط، ولا يمكن أن نقول عنها حركة دينية ثيوقراطية".

واستكمل حديثه: "حماس دخلت السلطة وربما لها أهدافها المتعلقة بتعديل المسار من الداخل ولكنها اصطدمت بواقع أصعب".

وعن أوسلو، قال: "لم يعد اتفاقا سياسيا وإسرائيل نصبت لنا الفخ ووقعنا به، وبالتالي أصبح عضوياً ولا نستطيع تجاوزه بالمطلق".

"التناقض في حماس بنيوي"

التذبذب والتناقض في تصريحات حركة "حماس" أساسه "بنيوي" على حد تعبير المحلل عوض، موضحا بأن هذا الأساس يستند إلى كيف تنظر الحركة لذاتها وكيف تُعرف عن نفسها، وبالمقابل هل تستند في مواقفها وتصريحاتها على المرجعية الدينية أم تغلب المرجعية السياسية القائمة على المصالح؟.

وقال المحلل عوض: "التذبذب بشأن اعتماد الشرعية أم المصلحة في اتخاذ المواقف هو من يخلق ذاك التناقض لدى حماس وفي طرح المصطلحات وكذلك المواقف، وقد تبدو غير مفهومة أيضا".

وأضاف: "تناقض حماس مرتبط باعتبار ذاتها هل لديها مرجعية دينية أم هي حزب سياسي؟ وهل هي حزب ثورة أم حزب دولة؟، وهل تتسم بالثورية؟ حماس تريد الأمرين، فهي تريد جلب الشرعية من فتح وكذلك السلطة، وهذا أمر لا يجوز، فإن أرادت المشاركة في السلطة فعليها أن لا تحصل على الشرعية فقط وإنما تقدم ما يثبت بأنها شريك".

واستكمل حديثه: "باعتقادي على حركة حماس الخروج من فكرة الحزب الذي يصدر الفتاوى وأن لا تتعامل مع الأمور كحلال أو حرام، لاسيما وأن السياسة تعتمد على المصالح، فمن تريد أن تُغلب هنا؟.

أما عن تناقض التصريحات الداخلية لدى قادة "حماس" أوضح عوض بأن التناقض في التصريحات الداخلية لحركة "حماس" موجود ولكن بشكل قليل.

وفي معرض التساؤل أيضا، قال عوض: "حماس تقول بأن الرئيس غير شرعي فلماذا تريد إجراء مصالحة أو أن تدخل في الحكومة؟".

في ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني: "لدينا إشكالية في بنية النظام السياسي، منذ بداية عام 2003، ولم يتكيف النظام واللون السياسي مع كلا من عرفات وعباس. وبعد ذلك انتقل النظام السياسي إلى معضلة جديدة ومرهونة باختلاف الأحزاب والأيدلوجيات في عام 2006، ووقعت أحداث مؤسفة، ومن ثم غيب دور المجلس التشريعي".

"تستخدم القانون تارة، والتوافق تارة أخرى.."

أما عن التناقض الذي طال تصريحات "حماس"، قال المحلل الدجني لـ"الحدث: "حماس تستخدم القانون تارة، وتستخدم التوافق تارة أخرى... ولا أحد بريء من ذلك".­­­

ولتوضيح ذات النقطة، طرح أحد الأمثلة، وقال: "وفق القانوني الأساسي الرئيس عباس وبعد 9 يناير لعام 2009 لم يعد رئيسا، وتم التوافق، وتغليب التوافق، وعليه مُنح الرئيس شرعية توافقية في مؤتمرات الحوار في القاهرة وأعلن ذلك موسى أبو مرزوق".

واستكمل حديثه: "وبعد ذلك يُسحب هذا التفويض، ثم يعاد، ثم يُسحب، ثم يعاد. هذا يعني بأن القانون مُعطل ويوظف وبأن التوافق يُستخدم، وأن السلطة تستمد شرعيتها بتوظيف المصالحة، ولكن الأصل بأننا سلطة تحت احتلال وأن العامل الإسرائيلي هو الفاعل الرئيسي في كل شيء حتى في إدخال الأموال والهدنة في غزة، وحتى في الضفة الغربية".

وعليه، فقد أكد بقوله أنه لم يحسم اعتبار القانون هو المحدد ومنذ البداية، ومنذ أن فازت "حماس" بانتخابات المجلس التشريعي، لم يوظف القانون بشكله السليم، غير أن "حماس" لم تتمسك بالقانون كمحدد قبل الانقسام الداخلي الفلسطيني أو بعده، حيث لم ترسخ مفهوم التشريعي في اتفاق "الشاطئ" وفضلت التوافق وحسن النية.

أضاف: "حماس تارة تقول سيادة الرئيس وتارة تقول سحبت منه الشرعية، لا يوجد تغليب للقانون".

فيما أشار بقوله إلى أن جميع الأحزاب توظف القانون لخدمة أهدافها السياسية، غير أن الصراع سياسي بالدرجة الأولى.

وقال: "حركة فتح أيضا لا تغلب القانون، فهي أحيانا تقول المجلس التشريعي باطل وفي ذات الوقت يجلس النواب من كتلة فتح في رام الله مع النواب الآخرين ومن كتل برلمانية أخرى، بما يسمى هيئة العمل البرلماني، ويتم مناقشة مختلف القضايا".

فيما أشار بأنه عند الحديث عن القانون فإن الرئيس محمود عباس وعلى حد قوله قد أنهى ولايته، غير أن تشكيل المحكمة الدستورية غير قانوني، لاسيما وأن القضاة أدوا اليمين الدستوري بغياب رئيس المجلس التشريعي، غير أن عليهم أن لا ينتموا إلى أي حزب أو أيدلوجية سياسية، حتى إن وزير العدل علي أبو دياك لم يؤدي اليمين الدستوري ولم يكن ضمن حكومة التوافق الوطني.

قال الدجني: "استنادا لما سبق فإن مخرجات المحكمة باطلة".

أضاف: "لا أحد في الشارع يقول بأننا نريد تشريعه إلى الأبد، وعلى العكس نطالب بتجديد الشرعيات كافة، ونريد انتخابات رئاسية ومجلسا تشريعيا وآخر مركزي وبلديات ونقابات وكل شيء له علاقة بالديمقراطية".

فهل يكون النقاش في قضية التشريعي من المدخل القانوني أم السياسي، خاصة وأن الصراع في الأساس سياسيا؟