الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التضخم في فلسطين: مهمة السيطرة الشاقة

2014-06-21 00:00:00
التضخم في فلسطين: مهمة السيطرة الشاقة
صورة ارشيفية
 
 
 
 
التضخم في فلسطين: مهمة السيطرة الشاقة
 
الحدث- جميل عليان (1:30 م)
 
في بلد تسيطر إسرائيل على منافذه ومعابره، يمكن النظر إلى موضوع ارتفاع أو انخفاض نسبة التضخم من زاوية محددة لا فقط تعتمد على معدل التحكم بالأسعار في السوق الإسرائيلي إنما على أي حركة تحددها أسعار العملات.
 
واحتساب هذه النسبة، قد يكون هذه المرة غير تقليدي، فوجهات النظر  في تفسير حالة السوق كثيرة.
 
وذكر التقرير الأخير الصادر عن سلطة النقد الفلسطينية أن معدل التضخم في فلسطين، الذي بلغ 2.2% خلال الربع الأول من العام 2014، يعتبر أعلى من مثيلاته، سواء المتحققة في الربع المناظر من العام 2013، البالغة 1.7%، أو في الربع الرابع من العام 2013، الذي وصل فيه معدل التضخم إلى 2.0%.
 
وحول مسببات التضخم، أشار التقرير إلى أن التضخم في فلسطين مستورد إلى حد كبير، ويظهر اعتمادا كبيراً على الأسعار العالمية، وعلى أسعار الغذاء والوقود بشكل خاص.
ويعتمد المنهج المستخدم في تحليل التضخم والتنبؤ به على متغيرين هما: تكاليف الواردات، الذي يأخذ بعين الاعتبار التضخم وأسعار الصرف في البلدان الشريكة تجارياً لفلسطين (إسرائيل بشكل خاص)، ومؤشر أسعار الغذاء العالمي، إذ يحتل الغذاء الوزن الأكبر في سلة المستهلك الفلسطيني.
وقال كريستوف دينوولد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة" يتفق الصندوق مع التحليل الوارد في تقرير التضخم الصادر عن سلطة النقد الفلسطينية".
واضاف في مقابلة خاصه " نرى أيضا أن التضخم في الضفة الغربية وغزة يعتمد في معظمه على التضخم الإسرائيلي، نظرا للروابط التجارية الوثيقة والعملة المشتركة"
 
وتبين الأرقام أن  حجم واردات الفلسطينيين من المنتجات الإسرائيلية نحو 3.5 مليارات دولار أميركي سنوياً فيما يقدر حجم واردات الفلسطينيين من منتجات المستوطنات بنحو 500 مليون دولار أميركي سنوياً.
 
 وقال دينوولد "لما كانت الضفة الغربية وغزة تستورد كثيرا من سلعها الأساسية من إسرائيل، فإن أسعار هذه السلع في إسرائيل والتي تتأثر بدورها بالأسعار العالمية (تمثل عاملا أساسيا في تحديد الأسعار في الضفة الغربية وغزة.) وأظهر تقرير سلطة النقد أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات الخفيفة، وأسعار المشروبات الروحية والتبغ، وأسعار خدمات السكن كان لها دور رئيسي في وصول معدل التضخم إلى هذا المستوى خلال الربع الأول من العام 2014.
 
كما أشار التقرير إلى أن مستويات الأسعار في فلسطين أعلى من مستوياتها عالميا، سواء كانت السلع مستوردة أم محلية. وفي بعض الأحيان تصل أسعار بعض السلع إلى أكثر من ثلاثة أضعاف السعر العالمي، كاللحم البقري الذي وصل سعره في فلسطين إلى حوالي 48 شيقلا للكيلوغرام خلال الربع الأول من العام 2014، مقارنة مع نحو 15 شيقلا السعر العالمي.
أما بالنسبة للتوقعات المستقبلية، فأشارت التنبؤات إلى أن أسعار المستهلك في فلسطين سترتفع خلال الربع الثاني من العام 2014 إلى نحو 2.5%، في حين سيبلغ معدل التضخم المتنبأ به بالمتوسط خلال العام 2014 حوالي 2.2%، وحوالي 1.8% في العام 2015
 
وتمثل معدلات التضخم المتنبأ بها خلال العام 2014 مقارنة مع 2013 انعكاسا للتغيرات المتوقعة على تكاليف الواردات والتي من المنتظر أن ترتفع بحوالي 0.8% خلال العام 2014، وبنحو 2.9% خلال العام 2015.
 
وقال المسؤول الاول في الصندوق الدولي "تستخدم الضفة الغربية وغزة العملة الإسرائيلية، وهو ما يعني أن السلطة الفلسطينية ليس لها سياسة نقدية مستقلة تستطيع  خلالها السيطرة على التضخم، إنما يتحدد التضخم في الأساس، كما أشرنا آنفا، حسب الظروف في إسرائيل.
 
واضاف" نظرا لمستوى الدخل المنخفض نسبيا في الضفة الغربية وغزة، قامت السلطة الفلسطينية بدعم أسعار الوقود لحماية المستهلكين.
وقال دينوولد أن صندوق النقد الدولي يرى أن هذا الدعم ينبغي تخفيضه لانه لا يوجه توجيها دقيقا نحو هدف تخفيف العبء عن
الفقراء.(...) وعوضا عن هذا الدعم، ينبغي تنفيذ إجراءات تعويضية أخرى، مثل التوسع في التحويلات النقدية الموجهة.
لكنه أشار "أننا لا نرى التضخم مشكلة كبيرة أمام صناع السياسات الفلسطينيين في محسوباً الوقت الراهن. فمعدل التضخم في الضفة الغربية وغزة كان ١.٩% في إبريل/نيسان ٢٠١٤ على أساس التغير من عام إلى آخر، وهو أدنى بكثير من التضخم في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا )التي بلغ متوسط التضخم فيها  ٩.٥% في إبريل/نيسان٢٠١٤.
  
وقال دينوولد " أنه أقل من متوسطات التضخم الاطول اجلا في الضفة الغربية وغزة. وقد زاد انخفاض التضخم إلى حوالي ١% في شهر مايو/أيار".
لكن بالنسبة للدكتور نافذ ابو بكر  الخبير الاقتصادي والمدرس في كلية الاقتصاد بجامعة النجاح الوطنية، فان احتساب نسبة التضخم، لا يأخذ الجانب الوردي هذا.
وقال ابو بكر لصحيفة "الحدث" ان هناك عدة اسباب تجعل من فلسطين تعاني من اي حركة بسيطة في الاسعار، دون النظر الي وجهة نظر اخرى، مشيرا في الوقت نفسه ان ارتباط الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي والعالمي".
 
واوضح" الفروقات بالنسبة للفلسطيني كبيرة حتى لو كان التغير في الاسعار بسيط(..) كل ذلك مرتبط بقسيمة الراتب، لكن بالنسبة للإسرائيلي هناك من يعوضه عند حدوث اي فرق".
واشار ابو بكر الى ان هناك مجموعة من الاسباب تجعل احتساب قيمة التضخم مركبة بشكل مقلق في الاراضي الفلسطينية، مبينا ان اصحاب الدخلين المحدود والثابت حساسين لهذه الفروق عند حصول اي ارتفاع بسيط في الاسعار.
 
وقال ابو بكر ان ثبات قيمة الدخل لسنوات طويلة لا يأخذ بعين الاعتبار غلاء الاسعار، في الوقت الذي تتأثر فيه الاسعار باي ارتفاع في الضرائب سواء على الصعيد المحلي او الاسرائيلي او العالمي.
 
وتفيد ارقام ان حجم الاقتصاد الاسرائيلي يبلغ نحو ٢٧٤ مليار دولار، فيما يبلغ حجم الاقتصاد الاسرائيلي نحو ٦ مليار دولار.
 
وقال ابو بكر ان هذا يفسر ايضا معدل دخل المواطن في اسرائيل الذي يصل الى ٣٢ الف دولار سنويا، فيما يقابله معدل دخل الفلسطيني ١٦٧٠ دولار.
واشار ابو بكر الى ان تعدد العملات التي يتداولها الفلسطينيون يؤثر بشكل كبير على قدرة الفرد الشرائية في حالة تغير اسعار صرف العملات، و"هذا ما يجعل من التضخم مشكلة مستعصية ويجعل من الاراضي الفلسطينية بلد مولد ومستورد للتضخم".