الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اعتقال حماس لقادة "الصابرين" في غزة.. إشارات لصفقة مع المخابرات المصرية أم أزمة مع إيران؟

2019-03-03 07:17:29 AM
اعتقال حماس لقادة
هشام سالم

 

خاص الحدث ــ محمد بدر

عام 2014 كان الظهور المنظم الأول لـ"حركة صابرين" في قطاع غزة، في وقت كان فيه الاستقطاب الطائفي يضرب المنطقة العربية تنظيرا وتأطيرا للمعارك العسكرية والحروب السياسية. وكان واضحا أن الحركة متأثرة بإيران وحزب الله سياسيا وبدرجة أقل مذهبيا، وذلك من خلال تعريفها لذاتها، وحتى من خلال التصميم الفني لشعارها الذي يعتبر نسخة أخرى عن شعار حزب الله، وهو ما أثار جدلا واسعا حول الحركة وولادتها. وكان بيّناً من أول بيان للحركة وحتى آخر بيان، انسجامها تماما مع الموقف الإيراني في القضايا كافة، حتى تلك ذات العلاقة بالشؤون الإقليمية.

وتفيد مصادر "الحدث" أن الحركة تلقت دعما ماليا كبيرا من إيران، وهو ما اعتبرته بعض الحركات الفلسطينية وخاصة حركة الجهاد الإسلامي لعبا إيرانيا على وتر الانشقاقات داخل الفصائل الفلسطينية، خاصة وأن عددا كبير من كوادر الحركة كانوا من المنتمين لحركة الجهاد الإسلامي.

وتشير مصادرنا أن مؤسس حركة الصابرين هشام سالم، كان قائدا في الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي حتى عام 2005، وقد لعب دورا مهما في مقاومة الاحتلال، وأدرج الاحتلال اسمه على قوائم الاغتيال بسبب علاقته المباشرة بعدد من العمليات الفدائية قبل أن يتم فصله من حركة الجهاد، بعد اجتماع جمعه بقيادات من الحركة، بسبب خلافات فكرية وإدارية.

وأكدت المصادر أن سالم استطاع استقطاب أعداد من المنتمين لحركة الجهاد الإسلامي، بحجة أن الحركة لم تبد موقفا واضحا من الأزمة السورية وظل موقفها حياديا خلال الأزمة. وتسبب الدعم الإيراني المتزايد للحركة في تلك الفترة، بأزمة بين حركة الجهاد وإيران، وكان ردّ إيران، أن الجمهورية الإسلامية مستعدة لدعم كل من يريد أن يقاوم الاحتلال، وأنها معنية كذلك بوحدة الفصائل الفلسطينية ولا تسعى لعكس ذلك.

رفض عودة المنشقين إلى صفوف الجهاد

في السنة ونصف الأخيرة، عانت حركة الصابرين من أزمة داخلية أدت لطلب عدد من عناصرها وكوادرها العودة لحركة الجهاد. وقالت مصادر خاصة لـ"الحدث" إن حركة الجهاد أبدت موافقتها على عودة عدد كبير من كوادر وعناصر الحركة، ولكنها رفضت عودة سالم وبعض قيادات الحركة (صابرين) لصفوف الجهاد، وأن إيران حاولت تسوية الخلاف بين الطرفين وظلّ موقف الجهاد ثابتا في قضية رفض عودة بعض الأشخاص لصفوفها.

فساد مالي

وعن تفاصيل الأزمة التي عانت منها الصابرين، قال أحد كوادرها السابقين لـ"الحدث"، إن "الأزمة بالأساس تتعلق بالفساد المالي الذي مارسه بعض قيادات الحركة، والمبالغ الكبيرة التي كان يصرفها هؤلاء بحجة الإجراءات الأمنية كشراء السيارات الجديدة في فترات متقاربة، بالإضافة للمصاريف الشخصية بحجة التفرغ للعمل التنظيمي والسياسي، حتى أصبحت الحركة بالنسبة لبعضهم عبارة عن صراف آلي"، على حد تعبيره.

استدراج واعتقال هشام سالم

يوم الثلاثاء الماضي، اعتقلت أجهزة حماس الأمنية مؤسس حركة الصابرين هشام سالم وعدد من قيادات الحركة. وعلى عكس ما أشيع بأن الاعتقال تم بعد مداهمة منزل سالم، فإن مصادر من عائلة سالم قالت لـ"الحدث" إن "أمن حماس استدعى سالم على قضية مختلفة، وتم استدراجه، ومن ثم اعتقاله والتحقيق معه على قضايا تخص حركة صابرين، وذلك بعد أن اتخذت حماس قرارا بحلّها بذريعة أن عناصرها يعتنقون المذهب الشيعي".

وأكدت المصادر المقربة من سالم أنه لا يوجد أي بوادر لإمكانية الإفراج عنه، ولا معلومات في هذا الشأن، معللةً عدم وجود تضامن شعبي قوي معه رغم تاريخه الطويل في المقاومة الفلسطينية، بسبب الخوف من حركة حماس وأجهزتها الأمنية، وانعدام الحريات وخاصة حرية التعبير في قطاع غزة.

حل حركة الصابرين

وأشارت بعض المصادر المقربة من حركة الصابرين إلى ارتباط وثيق بين الإفراج عن عناصر كوماندوز القسام الأربعة من السجون المصرية وبين قرار حماس حلّ حركة الصابرين واعتقال قياداتها، مؤكدة على أن إجراءات حماس الأخيرة بحق الحركة تؤكد على وجود صفقة سرية بين المخابرات المصرية وحماس بهذا الخصوص، وذلك بهدف تقليص النفوذ الإيراني في غزة.

في المقابل، نفت مصادر مسؤولة من حركة حماس لـ"الحدث" وجود أي شروط مصرية بخصوص الإفراج عن عناصر القسام الأربعة، وأوضحت المصادر أن الإفراج عن عناصر القسام كان متفقا عليه مع المصريين منذ شهر رمضان الماضي، وأن لا علاقة تربط اعتقال قيادات الصابرين بعودة المختطفين الأربعة.

وقال مصدر مطلع في قطاع غزة لـ"الحدث" إن إيران رفعت الغطاء عن الصابرين في الأشهر الأخيرة، وهو ما سهل على حماس ملاحقة قادتها دون الوقوع في أزمات مع إيران، التي تعتبر من أهم داعمي حماس في المرحلة الحالية، ولكنه لم يستبعد أن تتوسط إيران لدى حماس للإفراج عنهم.

وأشار مصدر أمني في قطاع غزة لـ"الحدث" أن اعتقال قيادة حركة الصابرين جاء على خلفية محاولتهم "خرق" الإجماع الفصائلي في قطاع غزة في موضوع الردّ على انتهاكات الاحتلال، مشيرا إلى أنهم كانوا يخططون لإطلاق صواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، ولم يستبعد المصدر أن يكون هناك علاقة بين رفع إيران الغطاء عن الحركة واعتقال حماس لقيادتها دون تحذيرهم مسبقا من "التفرد" في الرد على الانتهاكات الإسرائيلية.