الحدث ــ لينا خطاب
في مقابلة مع إحدى المستوطنات في مكان تنفيذ العملية المزدوجة على مفترق "مستوطنة أرائيل " المقامة على أراضي سلفيت صباح اليوم الأحد، قالت إنها لا تدري إن كانت ستستمر في العيش في المنطقة بعد هذه العملية، وأوضحت أن المنفذ كان يتنقل في المنطقة مثل " رامبو" ، ولتبدأ بعض الصفحات الإعلامية، بإسقاط نفس الإستعارة في موادها الإعلامية على المقاوم الذي نفذ العملية. في الحقيقة؛ ما بين رامبوا و الفدائي الفلسطيني عدد من المفارقات الجوهرية تسقط هذه الإستعارة عن المقاوم الفلسطيني .
فـ"رامبو" كشخصية قتالية جاءت من الرواية الأمريكية التي تفتخر بإرثها الإستعماري، تحت ذريعة تخليص الشعوب من "الإرهاب" ونشر الديمقراطية، ورامبو الذي أرادت له الولايات المتحدة أن يكون بطلا عالميا يقاتل في كل الجبهات ولا يهزم، لا بد من التأكيد على حقيقته كمقاتل في صفوف دولة استعمارية احتلت فيتنام وقتلت شعبها ونهبت ثرواتها.
تكمن المفارقة الأخرى في صورة الفدائي وصورة رامبو من حيث التكوين و الشكل، وبالقياس على عملية اليوم فإن ما قام به الفدائي هو تمثيل لكل مقاوم فلسطيني كسر هيبة أكبر منظومة أمنية في المنطقة، وبالرغم من ضعف الإمكانيات المادية والعسكرية والخبرة الميدانية، فقد انطلق في عمليته بسكين و ليس مثل رامبو الذي تدرب في المعسكرات الأمريكية وتلقى الخبرة الكافية فيها وبحوزته أحدث الأسلحة، واستطاع الفدائي أن يغنم سلاح الجندي الإستعماري الإسرائيلي ومن ثم سيارة أحد المستوطنين لينسحب فيها أمام أعين الجنود و المستوطنين، وخلال مطاردته في السيارة كان قد نفذ عملية ثانية وثالثة. لم يكن مقاوم اليوم مسنودا بجيش كامل المعدات، بل تنقل بولائه لفلسطين وفقط.
المشكلة، أن الإعلام الفلسطيني لم يستطع حتى الآن من تكوين صورة للفدائي الفلسطيني في عصرنا الحديث ، ليقوم ويسقط عليه صورا متعددة ليس لها علاقة وارتباط لا في المضمون ولا بالشكل بالمقاوم الفلسطيني، ولكن ولا بد من الإشارة أن الفسطيني خلق في فترة التسعينيات شخصية اعتبارية ألا وهي " مشعل "؛ الشاب الفلسطيني البسيط ماديا الزاخر بالعنفوان، الذي من أجل أن يقاوم الاحتلال باع أساور زوجته واشترى سلاحا، ليصبح كل فدائي فلسطيني هو " مشعل".