السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الدجاج الفاسد في غزة...تَربُّح على حساب المواطنين

2014-06-24 00:00:00
الدجاج الفاسد في غزة...تَربُّح على حساب المواطنين
صورة ارشيفية

غزة- حامد جاد 

أثارت قضية الدجاج الفاسد حالة من الاستياء الشديد في صفوف مواطني قطاع غزة، الذين قاطع جلهم الأعظم محال بيع الدجاج المقطع ومطاعم الشاورما إثر شعورهم بالاشمئزاز تجاه هذه المحال، حتى وإن كانت بعيدة كل البعد عن هذه القضية التي أثبتت التحقيقات فيها تورط مجموعة مؤلفة من ثلاثة أشخاص بشكل مباشر، ضمت مزارعاً لديه مزرعة لتربية الدواجن، ومالك مذبح لتقطيع الدجاج، وتاجراً كان يعتزم تسويق كمية كبيرة من لحوم الدجاج شبه النافق، والذي تم ذبحه داخل المزرعة التي يمتلكها أحد المتورطين في هذه القضية الجنائية.     

واعتقلت شرطة غزة المتورطين الثلاثة في هذه القضية التي تم التعامل معها كقضية جنائية، عقب ساعات معدودة من محاولتهم بيع لحوم الدجاج الفاسد في سوق غزة، دون وازع من ضميرهم الذي غيبه جشعهم ورغبتهم في التربح على حساب صحة أبناء شعبهم.    

وحول تفاصيل هذه القضية التي باتت مثار حديث أهالي غزة منذ وقوعها يوم الأربعاء قبل الماضي، والذي شهد في حينه ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة، ما أدى لنفوق مئات الآلاف من الدجاج، التقت الحدث مع عدد من المواطنين وذوي العلاقة في الكشف عن خيوط هذه الجريمة.

وقال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، حاتم عويضة، في سياق استعراضه للتفاصيل المتعلقة بمحاولة تسويق الكمية المذكورة من الدجاج الفاسد: «هناك عدد من مربي الدواجن قاموا على الفور بإتلاف الدجاج النافق في مزارعهم، أما البعض الآخر من ضعاف النفوس أمثال المجموعة المذكورة، حاولوا تسويق هذه الكمية، لتبدأ خيوط هذه الجريمة الجنائية من المزرعة ثم المسلخ ثم التاجر الرئيسي الذي كان يعتزم تسويق الكمية إلى تجار ومسوقين فرعيين».

وأضاف: «الجهات المعنية لديها الخبرة الكافية في متابعة مثل هذه الحالات، فمنذ الساعات الأولى من أجواء الطقس الحارة في ذلك اليوم قامت طواقم وزارة الزراعة بجولة في مزارع تربية الدجاج، ومع ساعات ما بعد الظهر بدأت أعداد كبيرة من الدجاج تنفق. وفي صباح اليوم التالي، الخميس، قامت تلك الطواقم بجولة على الأسواق ومذابح الدجاج، حيث اكتشفت في أحد هذه المذابح كمية كبيرة من الدجاج الفاسد المتميز بلونه الداكن من آثار احتباس الدماء».   

وبين عويضة أن مباحث التموين تعاملت مع هذه القضية كقضية جنائية، وقامت على الفور باعتقال كافة المتورطين فيها وباشرت بالتحقيق معهم كمقترفي جريمة جنائية، حيث لم يتم التعامل معهم وفق ما يتم التعامل به مع تجار اللحوم والمجمدات التي تتعرض للتلف داخل الثلاجات بسبب انقطاع التيار الكهربائي،   

فهؤلاء يحرر بحقهم مخالفة، حسب ما تثبته التحقيقات والفحوصات المتعلقة بالتعرف على نسبة التلف، وتزيد درجة العقوبة إن كانت هناك محاولة لبيع اللحوم الفاسدة. 

وأوضح أن موجة الحر التي ضربت القطاع الأربعاء قبل الماضي أثرت سلباً على مختلف مزارع تربية الدجاج، وأدت في اليوم ذاته إلى نفوق مئات الآلاف من الدجاج، حيث قام الغالبية العظمى من مربي الدواجن بإتلاف وحرق الدجاج النافق في مزارعهم بإشراف من قبل وزارة الزراعة، في حين أن أحد أصحاب المزارع الكبيرة التي تضررت من موجة الحر حاول التواطؤ مع أحد أصحاب المذابح وتاجر لتسويق كمية كبيرة من الدجاج النافق، بعد أن تم نقل هذه الكمية من الدجاج النافق وشبه النافق إلى المذبح لذبحها وتقطيعها، تمهيداً لبيعها سواء بشكل مباشر للمواطنيين، أو لمطاعم بيع الشاورما.

ونوه إلى أن وزارته، وبالتعاون مع وزارة الزراعة ومباحث التموين، اكتشفوا محاولة لتسويق كمية تقدر بنحو 2700 كيلو غرام من الدجاج النافق، تم ذبحه في أحد المذابح في غزة قبل أن يتم بيعه، حسب ما كانت تخطط لذلك المجموعة المؤلفة من صاحب المزرعة والتاجر وصاحب المذبح. 

وبين أن غالبية أصحاب مزارع تربية الدواجن يبلغون وزارة الزراعة عن خسارتهم على الفور، وهناك تعاون تام من قبل المواطنين والتجار أنفسهم في الإبلاغ عن أية مخالفة يكتشفونها، سواء لدى موزعي اللحوم أو أصحاب المذابح، لافتاً إلى أنه تم اعتقال ثلاثة متورطين في القضية المذكورة، وهم صاحب مزرعة دواجن قام بذبح أعداد كبيرة من الدجاج النافق أو على وشك النفوق داخل مزرعته، وأحد أصحاب المذابح الذي قام بنقل هذه الكمية إلى مذبحه وقام بتقطيعها وتجهيزها للبيع، وتاجر تعاقد مع الاثنين على شراء هذه الكمية لبيعها لتجار وموزعين فرعيين. 

وقال عويضة: «علاقتنا وطيدة مع المستهلك، حيث نعمل على مراقبة الأسعار ومنع الاحتكار ومتابعة جودة وصلاحية السلع التي تدخل سوق غزة، أياً كان مصدرها، سواء المحلية أو الواردة عبر المعبر، وبالتالي فإن هناك تعاون وثيق بين مختلف الوزارات ذات العلاقة في متابعة الأمن الغذائي ومراقبة الأسواق والسلع وحماية المستهلك، لذا، فنحن في وزارة الاقتصاد نعمل مع كل وزارة على مراقبة سلع بعينها، حسب طبيعة عمل الوزارة، فإن كانت هناك قضية تتعلق بالأدوية فإننا نعمل مع وزارة الصحة على متابعتها، وإن كانت القضية تتعلق بالمنتجات الحيوانية والنباتية، فتتم المتابعة مع وزارة الزراعة».

وأشار عويضة إلى أن وزارته تعمل على تتبع دخول منتجات القطاع الحيواني من اللحوم الحمراء أو البيضاء إلى سوق غزة، ومراقبة الكميات المتوافرة ومدى ملاءمتها لتلبية احتياجات السوق، مشيراً في هذا السياق إلى أن عملية مراقبة جودة المنتجات الحيوانية تبدأ منذ لحظة دخولها عبر المعبر، بداية من كمية بيض الفقس، مروراً بتربيتها في المزارع، ووصولاً إلى بيعها في الأسواق.

وشدد عويضة في هذا السياق على ضرورة أن تمنح واردات سوق غزة من المجمدات والألبان أولوية الدخول عبر المعبر وتجنب تأخير إدخالها، لما يشكله هذا الأمر من خطورة تهدد صلاحية هذه المواد الغذائية في حال تعرضها لفترة طويلة لحرارة الشمس، في ظل معبر غير مزود بتجهيزات تكفل الحفاظ على سلامة هذه المواد خاصة في فصل الصيف، حيث يفتقر المعبر لمساحات مسقوفة لحفظ البضائع خلال فترة انتظارها، قبل أن تتم عملية تحميلها ونقلها في الشاحنات.

ونوه إلى أن كميات كبيرة من المجمدات تتعرض للتلف نتيجة انتظارها تحت حرارة الشمس في معبر كرم أبو سالم، خاصة الكمية التي تكون في واجهة صناديق اللحوم المجمدة، فهذه الكميات عندما تتعرض لحرارة الشمس، ومن ثم تنقل مرة أخرى إلى الثلاجات، تكون عرضة للتلف، لذا تقوم مباحث التموين ودائرة حماية المستهلك بفحص عينات من هذه الأصناف الغذائية، وإن تبين أن هناك مخالفات تتعلق بفساد هذه المواد أو اقتراب موعد انتهاء صلاحيتها، بحيث تكون الفترة المتبقية للصلاحية أقل من ثلث المدة، يتم إتلافها.

من جهته وصف عبد الباسط السوافيري، أحد أبرز أصحاب مزارع تربية الدواجن، الأشخاص المتورطين في قضية الدجاج الفاسد بمجموعة من فاقدي الضمير الذين لم يتورعوا عن إطعام أبناء شعبهم دجاجاً ميتاً.

ولفت إلى أن موجة الحر الأخيرة التي وصلت فيها درجة الحرارة داخل مزارع الدجاح إلى 48 درجة بحسب وزارة الزراعة، أدت إلى القضاء على 4700 دجاجة من أصل 5 آلاف دجاجة مكتملة النضج في مزرعته، مبيناً أنه قام بنفسه بإتلاف الدجاج النافق والتقط صوراً عبر هاتفه لتوثيق مجريات عملية إتلاف الكمية النافقة في مكب للنفايات، وإطلاع وزارة الزراعة على مجريات عملية الإتلاف.

وبين أن خسارته بلغت 70 ألف شيكل، مشيراً إلى أن موجة الحر تسببت في ذلك اليوم بنفوق ما يزيد عن 500 ألف دجاجة، وما تم إنقاذه يقدر بعدد ضئيل، من خلال قيام مربي الدواجن برش الماء في مزارعهم بالمياه في محاولة لتلطيف درجة الحرارة، فيما قدرت وزارة الزراعة خسائر مزارع تربية الدواجن بملايين الشواكل إثر موجة الحر.

وأثارت هذه القضية حالة من الاستياء الشديد في صفوف مواطني قطاع غزة، الذين طالبوا بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التربح على حساب صحة وحياة المواطنين، حيث أكد المواطن عبد الرازق إسماعيل، 50 عاماً، والذي كان يتسوق الدجاج المقطع من صاحب المذبح المتهم ببيع الدجاج الفاسد، أنه بمجرد معرفته بتفاصيل هذه القضية امتنع كلياً عن شراء الدجاج المقطع من مختلف المذابح، ولجأ إلى شراء اللحوم الحمراء والدجاج الحي الذي يتم ذبحه أمام ناظريه.

وقال إسماعيل: «منذ أن تم كشف هذه الجريمة منعت أبنائي عن شراء الشاورما، رغم التأكيد على عدم وصول الدجاج الفاسد إلى مطاعم الشاورما، ولكن بالنسبة لي شعرت بالتقزز وخشيت من إمكانية تسرب بعض الكميات من الدجاج الفاسد إلى هذه المطاعم، حيث أصبح الأمر بالنسبة لي حالة نفسية ترفض تقبل كافة وجبات الدجاج الجاهز».

وطالب إسماعيل بإنزال أشد العقوبة على كل المتورطين بهذه القضية، ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه النيل من صحة المواطنين، متسائلاً بقوله: «كيف سولت لهم أنفسهم التلاعب بأرواح البشر وسلامتهم مقابل مبلغ من المال كان بإمكانهم أن يحصلوا عليه بتجارة شريفة؟ فمهنتهم تحقق لهم المكاسب، ولكنهم أرادوا أن يصيبوا الثراء على حساب حياة الناس!» 

وكانت الشرطة كشفت عن ضبط تاجر يقوم ببيع لحوم دجاج فاسدة على مطاعم في غزة، فيما تم ضبط 2500 كيلو غرام منها في مذبح تابع له، مشيرة إلى أن مباحث التموين في مدينة غزة، وبالتعاون مع دائرة الطب الوقائي التابعة لوزارة الصحة، ضبطت كمية من الدجاج الفاسد في أحد مذابح الدواجن في المدينة، وتم، حسبما أعلن في حينه مدير مباحث التموين، جهاد حمادة، استدعاء أطباء مختصين من وزارة الصحة والاقتصاد الوطني ووزارة الزراعة لفحص هذه الكمية، حيث تبين أن كمية الدجاج فاسدة، وأنها ذُبحت وهي تعاني من إعياء شديد وشارفت على الموت، وكان جزء منها ميتاً، وجزء آخر قد أُصيب بحمى شديدة نتيجة موجة الحر الشديدة الأخيرة.

وأشار حمادة إلى أن التاجر قام بشراء هذه الكمية بسعر رخيص جداً، وهو يعرف أنها ذُبحت بطريقة غير صحيحة، ووضعها في الثلاجات وقام بعدها بتقطيعها وتوزيعها على بعض المطاعم.

 

وكانت موجة حر شديدة قد ضربت فلسطين في التاريخ المذكور، ما أدى لارتفاع درجة الحرارة بشكل ملحوظ  لتصبح أعلى من معدلها السنوي العام بنحو 8 درجات مئوية، ما ألحق خسارة فادحة لدى العديد من مزارع تربية الدواجن، حيث قدرت وزارة الزراعة الخسارة بملايين الشواكل.