الحدث - إبراهيم أبو صفية
ازدادت وتيرة حالات العنف بالمستشفيات الفلسطينية في الآونة الأخيرة، سواء العنف اللفظي أو الجسدي الذي ينتج عنه جملة من الأضرار المادية التي تستهدف المؤسسة الصحية بحد ذاتها، الأمر الذي دفع الرأي العام للوقوف على أسباب هذه الحالات والمطالبة بمعالجتها قبل تحولها لظاهرة تستهدف البنية الصحية في فلسطين.
وحول ذلك، قال مدير عام مستشفى عالية في الخليل وليد زلوم، إن ما حصل قبل أيام (الخميس الماضي) من اعتداء على فني أشعة في المستشفى هو اعتداء مؤسف وهو نوع من سوء التصرف وردة الفعل، مشيرا إلى أن الفيديوهات التي تناقلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي زادت من حدة رد الجماهير، وكان المفروض عدم يتم تداولها.
وأوضح زلوم لـ "الحدث" أنه يجب زيادة وعي المواطن بأن المستشفيات والمؤسسات الصحية هي ملك للجميع، وأن لا تكون مستهدفة تحت أي ظرف، حتى وإن صدرت بعض الأخطاء التي تتم معالجتها. مشيرا، أن جميع موظفي المستشفيات تحت القانون، خاصة بوجود صندوق للشكاوى بهذا الخصوص، وأن كل شكوى تؤخذ بمحمل الجد وتشكل لجان ضد الموظفين المشتكى عليهم وأي إهمال يتم أخذ العقوبة المناسبة.
وبين أنه رغم قلة الإمكانيات إلا أن الطواقم الطبية تعمل لخدمة المواطن الفلسطيني بأقصى قدر ممكن. مضيفا "يمكن أن يكون هناك تقصير ولكنه بالتأكيد غير مقصود"، لافتا إلى أن مستشفى عالية يستقبل يوميا 600 حالة مرضية في قسم الطوارئ ورغم هذا الضغط إلا أن الأطباء يقومون بمهامهم على أكمل وجه.
وشدد زلوم، أن المستشفى لا تتدخل بما يتعلق بالعرف العشائري، وأن القضاء هو المرجع الأساسي للمهن الصحية.
وحول الخطة المطلوبة لمواجهة العنف، قال زلوم إنه يجب العمل على زيادة قوى الأمن وأفراد الشرطة لتأمين سلامة الكوادر الطبية.
في المقابل، قال المواطن مفيد شديد الذي حدث معه الإشكال في مستشفى عالية، إن ابنته تعرضت لألم بيدها اليمنى وكتفها، مما استدعى الذهاب إلى المستشفى، حيث طلب منهم طبيب العظام تصويرها في قسم الأشعة.
وأضاف شديد،أن قسم الأشعة كان شبه مغلق ولا يتواجد أحد بداخله غير فني الأشعة فذهب إليه ليجده يقضي وقته على هاتفه المحمول، وطلب منه تصوير ابنته بالأشعة، وبحسب شديد فإن رد الطبيب على الورقة التي تطالب بتصويرها كان: الساعة الثالثة بعد منتصف الليل هل هناك من يأتي لتصوير كتف ابنته في هذه الساعة!، ومن هنا بدأت مشادة كلامية بينهما تطورت إلى عنف.
وتوالت ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي تعقيبا على هذه الحادثة بالانتقاد للطرفين، وتمثلت في أن فني الأشعة لم يقم بالدور المنوط به والتعامل بلطف مع المرضى وكذلك رد العائلة بالعنف والضرب.
وبدورها، أدانت وزيرة الصحة مي كيلة، الاعتداء على أحد الكوادر الطبية في مستشفى الخليل الحكومي مؤكدة أنه سيتم ملاحقة المعتدين من خلال القانون، لرد اعتبار المواطن الفلسطيني أولا والقطاع الصحي ثانيا، وأن التصدي لمثل هذه الظاهرة يستلزم تدخل الجميع، بما في ذلك المجتمع المحلي.
وفي ذات السياق قال نقيب أطباء فلسطين الدكتور شوقي صبحة، إن هذه الاعتداءات ليست جديدة وتحدث بشكل متكرر، وهي اعتداء على المؤسسة الصحية وعلى المريض.
وأوضح صبحة لـ "الحدث" أنه في عام 2015 حصلت هناك عدة اعتداءات من قبل الاحتلال والمستعربين على مريض وتم خطفه من المستشفى الأهلي، لذلك فإن العنف الداخلي الناتج عن الشجارات أو عن الاحتلال يحتاج إلى حماية المؤسسة والطبيب والكوادر الطبية.
وبين أنه بعد هذه الحادثة أقر مجلس الوزراء الفلسطيني قانونا لحماية هذه المؤسسات ووضع قوة مشتركة أو أمن وطني، وليس فقط شرطي تتمثل وظيفته في متابعة حوادث السير، إلا أن القرار لم ينفذ.
وأشار صبحة إلى أنه قبل أسبوعين حدث اعتداء آخر في مستشفى جنين، وقام محافظ المدينة حينها بوضع قوة وبادرته النقابة والمؤسسات الصحية بالشكر على هذه المبادرة وطالبوا تعميمها، إلا أنها سُحبت، لتحدث حالة اعتداء جديدة في مستشفى عالية بالخليل.
ولفت إلى أن الاحتجاج الذي قامت به نقابة الأطباء أمس الأحد لم يؤثر على المرضى، وهو رسالة موجهة إلى الجميع بعدم حرف البوصلة عن الإجراءات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية والذهاب إلى مشاكل جانبية.
وحول مواجهة حالات العنف، قال صبحة إنه يجب أن يكون هناك قانون رادع والعمل على تأمين المؤسسات الصحية، مشيرا إلى قرار يجب الاقتداء به في السعودية على سبيل المثال والذي يقضي بالسجن عدة سنوات لمن يعتدي على الطواقم الطبية.
وبين أن من يقول بأن الموظف هو سبب أساسي في افتعال المشاكل، عليه تقديم الشكاوى ضد هذا الموظف وعليها سيلقى عقابه. لافتا إلى أنه من المتوقع أن يكون هناك تعامل غير لائق أو سوء فهم من قبل الموظف، ولكن هذا لا يمنح أي أحد الاعتداء ويجب سلك الطرق السليمة ضد هؤلاء الموظفين.
وأردف أن في مجمع فلسطين الطبي في بعض الأوقات يمكث المريض 6 ساعات حتى يتم تأمينه مما يجعل الأهل يغضبون ويفتعلون المشاكل، رغم أن الإشكالية ليست بالموظف وإنما تتمثل في قلة الإمكانيات في المستشفيات.
وفيما يخص التنسيق بين النقابة ووزارة الصحة، أكد صبحة أن هناك مواقف واضحة وإدانة مشتركة لكل ظواهر الاعتداء على الكوادر الطبية.
ومن جانبه، قال مدير عام المستشفيات، د.حمدي النابلسي، إنه يجب أن يكون هناك تعاون بين الطواقم الطبية والمواطنين لتقليل حدة الضغوطات، وأن يكون التعامل بينهما بشكل تكاملي، وأن يتحمل المواطن المسؤولية تجاه أي تقصير وليس اللجوء إلى أفعال غير لائقة.
وأوضح النابلسي لـ "الحدث"، أن لكل مؤسسة مدير وهو رأس الهرم فيها، وبإمكان أي مواطن تعرض للإهمال أو كلام مجحف بحقه أن يطرق باب المدير ويقدم شكواه ويتابعها، وإذا كان الموظف مقصرا بالفعل تتخذ الإجراءات اللازمة ضده. مشيرا، إلى أن نقابة الأطباء والمستشفيات ووزارة الصحة طالبت بإضافة قوى أمنية جديدة لحماية هذه المؤسسات الصحية.
ولفت إلى أن الحل بالعرف العشائري غير كافٍ في مثل هذه القضايا، ويجب أن يأخذ القانون مجراه، وبالأصل منع الاعتداء وليس البحث عن مخرج من المشكلة بعد الوقوع فيها.
يشار، إلى أن أسباب العنف في المستشفيات الحكومية والخاصة تكمن في التسرع وغياب لغة الحوار، والعصبية القبلية وسيطرة الثقافة العشائرية، وكذلك تدنّي الخدمات الصحية والتي تعد من بين أهمّ أسباب العنف، خاصة في ظل عمل الكوادر الصحية في ظروف صعبة وتحت ضغط يومي واكتظاظ كبير، مما يؤدي إلى طول انتظار المريض بالمستشفيات وغياب التواصل بين المرضى ومرافقيهم والكوادر الصحية.
وقفة ضد العنف بالمستشفيات